الإدارة الأمريكية والصهيونية المتعصبة

13.07.2019 03:00 PM

ترجمه خاصة لوطن – ترجمة الاء راضي

كتب: كامل حواش

منذ عقود وحتى يومنا هذا كان الفلسطينيون يبحثون عن "وسيط سلام صادق" لإنهاء معاناتهم من خلال اتفاق سلام تفاوضي مع "إسرائيل"، ومع ذلك نرى صورة السفير الأمريكي لدى "إسرائيل" ديفيد فريدمان مبتهجاً وهو يتسلل إلى نفق في حي سلوان بالقدس الفلسطينية يحمل مطرقة ثقيلة للانضمام إلى حفل إقامه مستوطنين لفتح النفق، وهذا ما كشف بأن الفريق الأمريكي هو طرف غير صادق ولا يصلح لأن يكون وسيط، وفي الواقع  أظهرت الصورة فريقاً خائنين ومنتهكي للقانون الدولي الذي يضعون السلام على  مسافة أبعد أكثر في المستقبل.

هل موقف فريدمان والممثل الخاص للرئيس ترامب للمفاوضات الدولية من المفترض أن يمثل موقف الشعب الأمريكي؟ لقد عادت مخاوفي الخاصة من الفريق الأمريكي، والذي يضم أيضاً صهر ترامب وكبير مستشاري الشرق الأوسط، عندما رأيت هذه الصورة.

وقد راودتني الشكوك حول موقف الفلسطينيين وهل ما زالوا يتوقعون أي موقف عادل من تلك المجموعة من الصهاينة المتعصبين، في الواقع ليس لدي أي شك الآن أنه عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني، فإن السادة غرينبلات وفريدمان وكوشنر ينظرون إليهم كأقل الناس وبلا حقوق، ويرون فلسطين التاريخية كأرض لليهود فقط، وإذا تمكنوا من إيجاد طريقة لإزالة جميع الفلسطينيين فإنهم لن يترددوا على فعل ذلك، وتشير تسريبات "صفقة القرن" إلى أن هذا الموقف يتردد على أذهانهم.

لم يكن لدى فريق ترامب تجربة سياسية أو دبلوماسية، فمهمته هي إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنهم فشلوا في ذلك، مع اصرارهم على أن الادارة الامريكية يمكن أن تعمل فقط في حال وجود تغيير في القيادة في كلا الجانبين أو فتح نافذة للسلام من قبل الطرفين، ومع ذلك فقد أظهرت هذه الإدارة أنها تقوم على إغلاق النوافذ التي يصعب إعادة فتحها من قبل أي إدارة مستقبلية.

نقل السفارة الأمريكية

على سبيل المثال الإجراء الأول الذي اتخذوه، ففي كانوا الأول 2017  اعلن ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ثم تم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة ليتزامن مع احتفالات ما يسمى "يوم استقلال إسرائيل" وهو يوم نكبة الشعب الفلسطيني في 14 أيار 2018 بينما أقر الكونغرس قانون سفارة القدس في عام 1995 للاعتراف بالقدس كـ"عاصمة" غير مقسمة لإسرائيل ولنقل السفارة، وقاوم الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون هذه الخطوة من خلال التوقيع على تنازل كل ستة أشهر ويؤجل باستمرار اتخاذ أي إجراء، واتبع ترامب هذا التقليد عندما طرحت القضية لأول مرة خلال فترة رئاسته  ولكن بعد ذلك وقّع على أمر تنفيذي لتنفيذ القانون في المرة الثانية من طرح السؤال.

كانت الحجة أن هذه كانت إرادة الكونغرس وأنه كان ينفذها ببساطة، وكان هذا موقف غير صادق وكانت التسوية السياسية للصراع واضحة، وكان غير صادق في الادعاء بأنه سيساعد على إحلال السلام، لم يفعل ولن، ويتعلق الخداع أيضاً بالادعاء بأنه بينما كان يعترف بالقدس كعاصمة للشعب اليهودي غير المقسمة، فإن حدود القدس سيتم تحديدها من خلال المفاوضات، "القدس الشرقية" محتلة بشكل غير شرعي لأنها جزء من الأرض التي احتلتها "إسرائيل" في عام 1967 وتأييد الأنفاق تحت سلوان من خلال مطرقة حملها سفير الولايات المتحدة هي تأكيد لمطالب "إسرائيل" للمدينة بأكملها.

ادعى السفير فريدمان أن تصرفه لا ينبغي اعتباره خطوة سياسية، ومع ذلك  فإن الصورة التي التقطت إلى جانب صورة له وهي تحمل ملصقاً لمعبد يهودي بدلاً من مسجد قبة الصخرة تظهر الخيانة.

تمتد خيانة فريدمان إلى ادعائه بوجود "احتلال مزعوم" بدلاً من احتلال حقيقي، يعتقد المتسولون أن أي شخص يعرف الضفة الغربية والوجود العسكري ونقاط التفتيش والمستوطنين، وطالب هذا الدبلوماسي المخادع وزارة الخارجية الأمريكية بالتوقف عن استخدام كلمة "محتلة" عند الإشارة إلى الضفة الغربية وبعد المقاومة وافقت وزارة الخارجية على مطلبه، وعندما يتعلق الأمر بدولة فلسطينية  كان فريدمان رافضاً وسأل ما هي الدولة؟ صرح فريدمان مؤخراً بأن "إسرائيل" لها "حق" في ضم أجزاء من الضفة الغربية، هذا أيضاً موقف مخادع، لأن احتلال الضفة الغربية غير قانوني والمستوطنات جرائم حرب بموجب القانون الدولي.

تمتد خيانة الأمانة إلى جاريد كوشنر الذي ادعى أن الفلسطينيين غير قادرين على حكم أنفسهم، لقد ادعى مؤخراً أن سياسة الولايات المتحدة بشأن الصراع  والتي عملت على حل الدولتين واعتبرت مستوطنات الضفة الغربية غير شرعية كانت "حديث قديم" ولم يرغب في سماعها، في الواقع  كانت عائلته قد مولت مستوطنات إسرائيلية غير قانونية.

واصل مهندس ورشة "السلام من أجل الازدهار" ، التي عقدت مؤخراً في المنامة، حديثه المخادع عندما ادعى أن خطته يمكن أن تحول فلسطين إلى سنغافورة، وادعى أيضا أن استثمار 50 مليار دولار كان كل ما هو مطلوب لتحقيق ذلك، بينما لا تعترف خطته لمرة واحدة بتأثير احتلال "إسرائيل" لغزة والضفة الغربية، وعلى أن الفلسطينيون قادرون على تنمية اقتصادهم إذا انتهى الاحتلال وكان لديهم سيطرة على أراضيهم وحدودهم ومواردهم الطبيعية وأمنهم.

كان كل من كوشنر وغرينبلات مخادعين في ادعائاتهم بأن التخويف من قبل القيادة الفلسطينية هو الذي أدى إلى مقاطعة معظم رجال الأعمال الفلسطينيين لورشته الفاشلة، فهم قاطعوه لأنهم فهموا الحيلة لتشجيعهم على نسيان الحقوق الفلسطينية مقابل تحقيق مكاسب شخصية، و كانت رسالتهم له بصوت عال وواضح  "فلسطين ليست للبيع".

ادعى غرينبلات بشكل مدهش أنه لم يعثر على أي شيء ينتقد "إسرائيل" لأنه "يتخطى الحدود"، أي شخص موضوعي ينتقد الاحتلال البالغ من العمر 52 عام، وبناء المستوطنات غير القانونية، والحصار على غزة، وإطلاق النار حتى الموت على مئات المدنيين الذين يحتجون على جدار الفصل على غزة والقائمة تطول.

كما ادعى غرينبلات زوراً أن رد الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان غير متزامن مع شعبه في موضوع الرفض لورشة المنامة الأمريكية وخطة السلام المقبلة، عندما أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخراً أن ثلاثة أرباع الفلسطينيين يريدون من عباس أن يرفض الخطة بنسبة 4% فقط مع ممن قالوا إنه ينبغي عليه قبوله.

الحقيقة هي أن الفريق الأمريكي مخادع إلى أقصى الحدود، وفي جوهر هذه الخيانة هو رفض الاعتراف بأن ما يدفع جهودهم ليس المصالح الأمريكية، ولا سيما المصالح الإسرائيلية، مما يدفعهم هو إيمانهم المتعصب بالصهيونية، إنهم مدفوعون بشكل فردي وجماعي لتحقيق الأهداف الصهيونية الأساسية المتمثلة في إقامة وطن لليهود في فلسطين وهم على استعداد لاستخدام مواقفهم الرسمية للقيام بذلك.

وإذا كنت في شك، اسأل نفسك هذه الأسئلة:

كيف يصب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل فقط في مصلحة أمريكا، عندما يكون الإجماع العالمي على أنها عاصمة مشتركة وأن القدس الشرقية محتلة؟ كيف من مصلحة أمريكا إغلاق القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية التي خدمت الفلسطينيين؟

كيف من مصلحة أمريكا إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية؟

كيف من مصلحة أمريكا إلغاء حق عودة الفلسطينيين للاجئين الفلسطينيين والعمل بلا كلل لإلغاء وضعهم المعترف به دولياً؟

كيف من مصلحة أمريكا الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة بشكل غير قانوني؟

كيف من مصلحة أمريكا إنهاء تمويل مستشفيات القدس الشرقية؟

الجواب الصادق هو أن أياً مما سبق لا يخدم مصلحة الولايات المتحدة بل الصهيونية، وقبل أن أتهم باستخدام الصهيونية في مقابل اليهود من المهم تذكير القراء بأن الصهاينة ليسوا جميعاً يهوداً وليس كل اليهود صهاينة، إن المسيحيين الصهاينة، بمن فيهم نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، مذنبون بنفس القدر من خيانة الأمانة التي تم تصويرها عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية على أنها صهيونية يهودية.

هناك حاجة ماسة إلى وسيط أمين للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لإصلاح الأضرار الناجمة عن هذه الإدارة غير الصادقة.

المصدر: Middle East Monitor

تصميم وتطوير