منع الاحتلال من المشاركة في البطولات الرياضية لم يحمِ الفلسطينيين من التمييز ضدهم

30.01.2019 12:03 PM

وطن- كتب كامل حواش

تم تجريد ماليزيا من حق تنظيم بطولة السباحة بعد رفضها مشاركة إسرائيل فيها. هل يعتبر هذا  القرار بالتجريد عادل، وهل يتم التعامل مع إسرائيل بالمعايير نفسها؟.

من المقرر افتتاح بطولة العالم للسباحة في ماليزيا في 29 تموز، ومع ذلك قررت الدولة المضيفة حظر الرياضيين الإسرائيليين من المشاركة في التنافس على أراضيها، ويعود موقف ماليزيا إلى دعمها منذ القدم للشعب الفلسطيني الذي يكافح للحصول على حقوقه، فماليزيا لا تسمح بدخول حملة جواز السفر الإسرائيلي إلى أراضيها.

وتحت ضغط متواصل من إسرائيل ومؤيديها في جميع أنحاء العالم، قررت اللجنة البارالمبية الدولية (IPC) تجريد ماليزيا، ذو الغالبية  المسلمة، من حقها في عقد البطولة على أراضيها وتبحث الآن عن مدينة مضيفة أخرى.

وقال رئيس اللجنة البارالمبية الدولية أندرو بارسونز دفاعاً عن القرار: "عندما يستثني البلد المضييف لرياضيين من دولة معينة لأسباب سياسية فلا يوجد أمامنا بديل سوى البحث عن بلد مضيف اَخر ". وأضاف "يجب أن تكون جميع بطولات العالم مفتوحة لجميع الرياضيين والأمم المؤهلة للتنافس بأمان ومن غير تمييز".

وأوضح وزير الشباب والرياضة في ماليزيا سيد صادق "إن كانت استضافة فعالية رياضية دولية أكثر أهمية من دعم أشقائنا الفلسطينيين الذين يتعرضون للقتل والتشويه والتعذيب على يد نظام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن ماليزيا تكون قد خسرت ضميرها وبوصلتها الأخلاقية".

بدى رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد غير مبالٍ بما حدث قائلاً  "إن كانوا يريدون إلغاء البطولة في أراضينا فليفعلوا ذلك،  أجد أن العالم يتبع إسرائيل، لا أفهم هذا الموقف مع أن العالم لديه السلطة الأقوى ولكن لا يزال يستمع إلى إسرائيل ... لكننا لن نفعل ذلك مطلقاً"، وأضاف: "نحن نتمسك بمبادئنا بأن إسرائيل هي دولة إجرامية وتقوم بانتهاك القوانين الدولية بوجود صمت دولي".

وأوضح مهاتير أوجه تشابه بين قراره ومواقف الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية التي لم تسمح لأجانب معينين بالدخول إلى بلدانهم. وقال "هذا أمر طبيعي ولدينا أسبابنا. فهؤلاء الأشخاص (الرياضيين الإسرائيليين) لا يطلبون اللجوء، وهم ليسوا في حالة من الخوف أو الألم أو يعيشون وضعاً صعب، وهم قادمون من بلد لا يطيع القوانين الدولية لذا علينا أن نحافظ على مبادئنا".

وقد سارع وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إلى الدفاع عن قرار اللجنة البارالمبية الدولية موضحاً أن " قرار اللجنة كان على حق تماماً. كنا فخورين باستضافة الفريق الإسرائيلي هنا في لندن عام 2012 إلى جانب العديد من الدول الأخرى التي لديها خلافات عميقة مع إسرائيل، لذا القدرة على جمع الدول معاً هو جزء من سحر الألعاب الأولمبية والألعاب البارالمبية للمعاقين فلا يمكن استثناء الرياضيين الإسرائيليين منها وحظر المنافسة عليهم". ويضيف "من الصواب أن نؤيد قرار اللجنة البارالمبية وأي شخص عقلاني سيكون ضد أي شكل من أشكال التمييز وسيؤيد قرار اللجنة البارالمبية الدولية، لا سيما أولئك الذين يجادلون بأن الرياضة والسياسة يجب ألا يتداخلان. ومع ذلك، لا بد  للأخلاق أن تحكم بالنسبة للبلدان المحتلة التي يتم ارتكاب الجرائم فيها ضد المدنيين الضعفاء والتمييز ضدهم".

يجب أن تخضع إسرائيل للمساءلة عن جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، ويجب أن تواجه نفس المقاطعة الرياضية كما فعلت جنوب أفريقيا حتى قامت بتغيير مسارها وقضت على الفصل العنصري وبدأت رحلة القضاء على التمييز.

وبعيداً عن كونها دولة تمارس أشكال تمييز ضد الفلسطينيين، بل أنها تدخلها في قوانينها، فلا يقتصر الأمر على قمع الفلسطينيين تحت الاحتلال والحصار على أساس يومي، بل أن الاحتلال مارس ذلك لمدة 70 عام.

وقد سنّت اسرائيل أكثر من 60 قانون يميز ضد الفلسطينيين بشكل واضح وصريح، وكانت سياساتها هي موضوع نقاش لتقرير أعد بتكليف من وكالة الأمم المتحدة لصالح لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب اسيا ( الإسكوا)، التي وجدت أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري ضد الفلسطينيين. وقد أزيل هذا التقرير من موقع الإسكوا تحت ضغط من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

إذا كان هناك أي شك حول سياسات إسرائيل العنصرية، فإن إقرار قانون دولة الأمة اليهودية ينبغي أن يزيل أي شك نحو سياستها التمييزية. إن حق تقرير المصير في إسرائيل مخصص لليهود فقط، وينزع عن اللغة العربية صفة اللغة الرسمية ويعطي الحق في "العودة" إلى إسرائيل لليهود وليس للاجئين الفلسطينيين.

لا تعترف إسرائيل برخص البناء لمنازل الفلسطينيين فتقوم بهدمها وطرد عائلاتهم بصورة دائمة. بينما تسمح لـما تسمى "لجان القبول" بتحديد ما إذا كانت أسرة غير يهودية تستطيع الانتقال إلى بلدة أو قرية يهودية، وتقوم اسرائيل ببناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل غير قانوني لليهود فقط.

كما تطبق اسرائيل القانون المدني على الإسرائيليين والقانون العسكري على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال. وتنفق على تعليم الأطفال الفلسطينيين حملة الجنسية الإسرائيلية أقل مما تنفقه على الأطفال الإسرائيليين اليهود، وقد افتتحت مؤخراً طريقاً يعزل بين المركبات الفلسطينية والإسرائيلية.

لا يوجد روح رياضية تجاه الفلسطينيين

بما أن الجدل يدور حول الرياضة وهناك أدلة كثيرة على التمييز والتدخل في الرياضة الفلسطينية، سواء كان ذلك من خلال حرية الحركة أو قدرة فلسطين على استضافة فرق الزيارة، يجب على العالم أن يتذكر الأطفال الأربعة الذين استشهدوا على شاطئ غزة في عام 2014 أثناء لعبهم كرة القدم. لربما كان نجم كرة قدم في المستقبل لكننا لن نعرف ذلك أبداً.

يجب أن يتذكروا أيضاً محمد خليل، لاعب كرة القدم الفلسطيني الذي أصيب في ركبته بنيران القناصة، منهية آماله في مستقبله كلاعب كرة قدم.  وفي عام 2014، أُصيب اللاعبان جوهر ناصر جوهر الذي يبلغ 19 عاماً وآدم عبد الرؤوف حلبية 17 عاماً، بعد إطلاق  النار عليهما من قبل  الجنود الإسرائيليون عندما كانوا في طريق عودتهم من دورة تدريبية في ملعب فيصل الحسيني في بلدة الرام وسط الضفة الغربية.

وفي غزة تم تشكيل فريق من لاعبي كرة القدم جميعهم مبتورو الأطراف، الأمر الذي يعطي أملاً وخطوة إيجابية يمكن أن تقدم للفلسطينيين المصابين بصدمات نفسية. وعلى أولئك الذين يعترضون على حظر الإسرائيلين من المشاركة الرياضية يجب أن يفكروا في هذه القصص والحالات، فقد جعلتهم إسرائيل من لاعبين بارالمبيين بدلاً من لاعبيين أولمبيين قسراً.

قد يشعر أولمبياد المعاقين الإسرائيليين بالحزن على عدم المشاركة في الألعاب البارلمبية الماليزية، إلا أن خيبة أملهم لم تكن دائمة مثل الفلسطينيين في غزة أو الضفة الغربية الذين فقدوا أطرافهم بسبب الممارسات الإسرائيلية.

إن رسالة العالم الموجهة لإسرائيل العنصرية هي: "لن نسمح بالتمييز ضدك، لكننا لن نحاسبك على التمييز ضد المواطنين غير اليهود أو الفلسطينيين. سنسمح باستمرار هذا التمييز ضدهم لكن سنعترض على أي تمييز ضدك". وهذه رسالة خطيرة للغاية، لن تؤدي إلا لتشجيع إسرائيل على قمع وقتل الفلسطينيين وتشويههم متى شاءوا.

 

المصدر: TRT World
ترجمة: الاء راضي

تصميم وتطوير