ما كشفه نتنياهو عن ايران ليس مجهولاً للعالم.. فهل الهدف هو الحرب معها ؟

06.05.2018 05:03 PM

ترجمة خاصة- وطن: يبدأ الكاتب تقريره بتوجيه شكر لجهاز "الموساد" على ما زعم انه انجاز تجسسي، ويجب التصفيق لرئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، على مؤتمره الصحفي. ويضيف بأن الإسرائيليين لم يتفاجؤوا بأن ايران لم تقل الحقيقة حول مخططها لانتاج قنابل نووية، ولم يأت نتنياهو بشيء جديد بهذا الخصوص، لكن المهم في الامر انه من الضرورة لعب الحرب الدعائية بطريقة فعالة ومناسبة كونها تلعب دورا كبيرا في تحديد نتائج الحروب.

ويضيف، لسنا الوحيدين الذين أدركنا كذب الإيرانيين. فقد افترضت إدارة أوباما انهم يكذبون. كما ان قادة أوروبا وروسيا والصين، أدركوا جميعا ان الإيرانيين كاذبون، بقولهم ان برنامجهم النووي ذو طبيعة سلمية. وهذه مشكلتهم حيث انهم جميعا لم يعرفوا حقيقة ما الذي كان يبنيه الإيرانيون في منشأة "فوردو" النووية. ولو كانوا على معرفة بذلك، ربما لم يواجهوا كل تلك المتاعب للتوصل إلى اتفاق، او ربما لم يتعبوا أنفسهم في الوصول الى اتفاق من هذا القبيل.

ولهذا، اختارت القوى الدولية ان تتظاهر بأنها تصدق أكاذيب وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف. ففحصوا البدائل المتوفرة، ووصلوا إلى خلاصة مفادها ان الاتفاق هو "أقل الشرور".

قام الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية بزيارة الى البيت الأبيض مؤخرا، لإجراء جولة عاجلة من المحادثات مع الرئيس الأمريكي.

وفي حقيقة الامر، كان ثلاثتهم (أي إيمانويل ماكرون، وأنجيلا ميركل، ودونالد ترمب)، يعرفون مسبقا ما حصلت عليه إسرائيل من الأرشيف الإيراني. وعلى الرغم من ذلك، تمسك كل طرف بموقفه: الأوروبيون مع الاتفاق النووي، اما ترمب فضد الاتفاق. وبحلول تاريخ 12 أيار 2018، من المرجح أن يتخذ ترمب قرارا بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. وسيكون الجميع بانتظار رد الفعل الإيراني في اليوم التالي للانسحاب الأمريكي من الاتفاق.

وعندما أنهى نتنياهو عرضه باللغة الإنجليزية، ثم أنهى تلخيصه باللغة العبرية، توقع الجميع أن يتوجه الى مواطني إسرائيل، لإبلاغهم بخططه حيال التهديد الإيراني الذي عرضه. فلم يعرف أحد: هل سيواصل نتنياهو تهديداته حتى النهاية، ويدخل في حرب مع ايران؟
ويضيف، من حق الإسرائيليين أن يعرفوا الى اين تتجه الأمور "قبل ان يقوموا بشراء حزم الانترنت لعطلهم الصيفية في تركيا".

كما ان كأس العالم على وشك الانطلاق، بعد نحو شهر ونصف من الآن، في روسيا. وحيث ان منتخب إسرائيل لم يتأهل الى كاس العالم، لكن لإسرائيل طريقة خاصة للمشاركة في كاس العالم. فخلال العام 1982 والعام 2006، دخلت إسرائيل في حرب خلال كأس العالم، ضد لبنان وضد غزة. ومن المحتمل جدا أننا نتجه إلى حرب ثالثة مع كاس العالم الوشيكة.

كما ان إسرائيل لم تنصرف عن توجيه الضربات المحددة، حيث قامت بالإغارة على قاعدتين تابعتين للجيش السوري، تستخدمهما القوات الإيرانية أيضاً، خلال الأسبوع الماضي، واحدة بالقرب من مدينة حلب، والاخرى بالقرب من مدينة حماة. وكما حدث في الضربة السابقة، في القاعدة الجوية "تي فور" في شمال سوريا، تحدثت التقارير عن مقتل عسكريين إيرانيين.

وفي الوقت الذي لم تعلن إسرائيل انها تتحمل مسؤولية الهجوم، فإن مصدرا مجهول الهوية قال "لصحيفة نيويورك تايمز" إن أكثر من (200) صاروخ إيراني، بعيد المدى، قد تم تدميرها في الهجوم. ويضيف، "يجب ان نكون سعداء حيال هذا الخبر، فنحن نفضل رؤية الصواريخ الإيرانية تنفجر على الأراضي السورية، بدلا من ان تنفجر على الأراضي الإسرائيلية".

ولكن، يبقى السؤال: هل تقوم إسرائيل بمطارة إيران واستدراجها بالفعل؟
بعد كل ضربة، وجه نتنياهو، او وزير الجيش، أفيغدور ليبرمان، تهديدات علنية بان إسرائيل لن تسمح لإيران بتأسيس وجود عسكري في سوريا. وإذا هوجمت تل أبيب، فستتعرض طهران للهجوم أيضا.

وفوق هذا المؤشرات، لم يترك خطاب نتنياهو مجالا للشك: حيث تصعد إسرائيل مطالبها من إيران. ففي البداية، كان الخط الأحمر الإسرائيلي عبارة عن "شحنات أسلحة متطورة إلى حزب الله في لبنان". ثم تحول الخط الأحمر الإسرائيلي إلى "خط احمر جغرافي"، وهو ان إسرائيل لن تسمح للميليشيات المدعومة من إيران بالوصول الى الحدود الإسرائيلية.

يبدو ان الإيرانيين لا يعتزمون منح اية فرصة على الإطلاق لإيران للبقاء في سوريا، وانه يجب عليها اخذ التحذيرات الإسرائيلية على محمل الجد وسحب قواتها من سوريا. وليس هناك أية فرصة على الإطلاق لقبول اعتذار إيران عن أكاذيبها السابقة، وأنها قد تتخلى عن مشروعها النووي برمته.

هذه "تخيلات" غير قابلة للتحقيق. ولا يجب ان يكون لدينا أي سوء فهم حيال أمور حساسة من هذا النوع. فالوجود العسكري الإيراني في دولة متاخمة لإسرائيل مشكلة كبيرة، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات إسرائيلية بكل الطرق الممكنة، دبلوماسيا، وسريا، وعسكريا، طالما أننا نعرف ما نريد تحقيقه، وكيفية تحقيقه، وبأي ثمن.

وقبل ان نغني "هيا يا ليبرمان، لنذهب إلى طهران"، علينا أن نفكر فيما نتحدث عنه: فإيران، من خلال حزب الله وجيش الأسد والميليشيات التابعة لها، قادرة على إطلاق عشرات الآلاف من الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، من لبنان وسوريا. وبينما تمتلك إسرائيل القدرة العسكرية على التعامل مع هذا التهديد، الا ان حلولها جزئية. فالثمن الذي قد ندفعه في حالات الوفاة والأضرار في الممتلكات والاقتصاد المشلول لأسابيع عديدة سيكون ثمنا ثقيلا، وربما أثقل من الحروب السابقة.

اما الثمن الذي سيدفعه المدنيون على الجانب الآخر، فسيكون أكثر ثقلاً.
ولكن، هل ستختفي إيران؟ هذا غير محتمل.

تتطلع إسرائيل ان تبقى أمور الضربات تحت سيطرتها، وبالطريقة التي تقررها هي. ولسوء الحظ، لا يمكن لطرف واحد التحكم في هذا النوع من النزاعات. حيث يمكن لقذيفة دقيقة ادخال جميع الأطراف في حرب شاملة. وكلنا نذكر كلمات زعيم حزب الله، حسن نصر الله، عندما أعرب عن أسفه عندما أدت عملية خطف جنديين إسرائيليين إلى حرب لبنان الثانية. وكلنا نتذكر قذيفة المدفعية التي أصابت كفر قانا، في العام 1996، مما أدى إلى القضاء على إنجازات عملية عناقيد الغضب.

وفي مثال آخر، اغتيل القائد الكبير في حزب الله، جهاد مغنية، في سوريا، في شهر 12 عام 2014، مع (5) من ضباط حزب الله الآخرين. وانتقم الحزب بإطلاق (7) سبعة صواريخ كورنت على قافلة للواء "جيفعاتي"، مما أسفر عن مقتل جنديين. وقد احتوى الجيش ذلك الحدث، غير انه من المؤكد انه لو قتل (10) جنود، لما كان لدى إسرائيل خيار آخر سوى شن حرب جديدة على لبنان.

وفي بعض الأحيان، نجد ان الحرب أمر لا مفر منه في حالة وجود تهديد وجودي. لكن أحد الدروس التي تعلمناها من حروب الماضي، هو أن اللعب بالنار أمر خطير. وذا قرر نتنياهو استفزاز إيران، يجب عليه أولا أن يوضح المخاطر والهدف والثمن، بالنسبة للجمهور الإسرائيلي. حيث لا يجب على الإسرائيليين الدخول الى التيار بشعور من الثقة واليقين بان كل شيء سيكون على ما يرام، ثم يأتيهم الطوفان.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير