خاص لـ "وطن": بالفيديو..الخليل: باحث كندي يجد حلولا لظاهرة "المطر الأسود"

11.01.2016 01:01 PM

الخليل – وطن – آلاء عواودة: رائحة دخان أسود لا تفارق المكان وجدران اتشحت بالسواد وطفولة احتضنها الدخان والتربة السوداء التي أبى الزرع أن ينبت فيها هذا حال المناطق الغربية الجنوبية من محافظة الخليل نتيجة ظاهرة حرق النفايات الالكترونية "الخردة".

الظاهرة المنتشرة خاصة في بلدتي بيت عوا ودير سامت، وبلدة إذنا، تشكل خطرًا بيئيًا، وتلحق الضرر بالتربية والهواء والماء والحيوان، وكذلك الحال بالنسبة للإنسان وفق مراقبين.

يقول المواطن مجدي مسالمة، (42 عامًا) لـوطن إن أغلب المنطقة تضررت بفعل هذه الظاهرة، وهي كارثة بيئية، وهذا العمل مشين جدا، لا يقبله أحد عانينا طويلًا من هذه المشكلة.

وتقول مديرة جمعية التطوير والنهضة في دير سامت، سارة العواودة: تضررت عدة أراضي بسبب حرق الخردة، فقمنا بمساعدة باحث كندي لفتت انتباهه هذه الظاهرة خلال وجوده في فلسطين، بإحصاء عدد الأراضي المتضررة.

وسعيا لإيجا حل لمشكلة "الخردة" ومخاطرها على الأرض والشجر والبشر، أجرى الباحث الكندي جون ميكل ديفس، (29 عامًا) عندما جاء إلى فلسطين منذ أربعة أعوام، في بعثة من جامعة "ميجل الكندية"، أبحاثًا لتكون استكمالًا لرسالة الماجستير تخصص "جغرافيا - علم اجتماع".

وكان من ضمن دراسة ديفس إجراء أبحاث حول ظاهرة جمع مياه الأمطار على أسطح المنازل، وأثناء بحثه وجد أن المواطنين في المناطق الجنوبية الغربية بمحافظة الخليل، لا يجمعون المياه في فصل الشتاء.

يقول ديفس لـوطن: عندما بحثت عن الأسباب التي تحول دون ذلك، وجدت أن سببها ظاهرة حرق النفايات الإلكترونية فقررت إجراء أبحاث حولها، وأثرها على البيئة والإنسان، وكيفية وضع حلول علاجية لظاهرة تطيح بالبيئة وتعتبر من أشرس أعدائها، وتؤثر تأثيرا قويا على طبقة الأوزون.

ويبين: درست في بلدة بيت عوا لقرابة العام، ما يسمى بالمطر الأسود الناتج عن حرق الخردة بشكل عام. مشيرًا إلى أن الخردة تأتي عن طريق تجار يستقدمونها من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 للتجارة فيها، وتعتبر دخلا رئيسيا لدى البعض هنا.

ويتابع ديفس: من خلال دراستي لم أهمّش الجانب الاقتصادي بل ركزت على هذا الجانب الحيوي وفوائده المرجوة، ولهذا لا نستطيع منع هذه الظاهرة لذا عملت من خلال أبحاثي على تعديلها من خلال مشاريع التطوير الاجتماعي والتنمية المجتمعية من مصادر سواء داخلية أو خارجية، من أجل تحسين الجوانب الإيجابية في هذا الموضوع، وأهمها الدخل والتقليل من الجوانب السلبية والمتمثلة في التلوث.

ويضيف:من النتائج التي توصلت لها من خلال دراستي، هو المشروع التجريبي لتنظيف مواقع حرق الخردة، واستطعت بمساعدة مساعدي، حفر حفرة محاطة بكيس بلاستيكي آمن لمنع تسرب الملوثة بمواد الحرق إلى باقي التربة، ويتم تغطيتها بعد التخلص من التربة الملوثة بنفس الكيس البلاستيكي وطمرها بالتراب، لذا يصبح المكان آمنًا وخاصة على الأطفال الذين يأتون بعد عملية الحرق يفتشون عن بقايا أسلاك في أماكن الحرق.

ويتابع ديفس:ومن ضمن المشروع أيضا أن تقوم معامل الخردة بالعمل عن طريق آلات مثالية تؤمن الجانب الصحي، وهي آلة الفرم وتقوم بفرم النفايات الإلكترونية التالفة بدلا من حرقها، وهنا نكون قد عززنا من الفوائد الاقتصادية وقللنا من الأخطار البيئية.

وعن المخاطر الصحية المترتبة على ظاهرة حرق الخردة، يقول: من خلال دراستي لمراجع سابقة بخصوص ظاهرة حرق الخردة الموجودة أيضا في عدة بلدان منها غانا والصين التي يوجد فيها نسبة عالية ممن يعملون في مجال حرق الخردة، اكتشفت أن الأشخاص الذين يعيشون على مقربة من المكان يعانون من أمراض تنفسية، وفشل كلوي، وأمراض السرطان، بالإضافة إلى أنه يقلل من حدة الذكاء لدى الأطفال.

ويتابع: تتضافر التأثيرات السلبية لحرق النفايات الإلكترونية وخاصة في فصل الشتاء، حيث تجر السيول التربة الملوثة إلى أماكن مختلفة، ما يزيد نسبة التلوث التي تنتقل إلى مساحات واسعة، ناهيك عن تغير مياه الأمطار واتخاذها اللون أسود، وهذا يقلل من نسبة حصول السكان على فرصة جمع المياه في فصل الشتاء لأغراض متعددة في حياتهم اليومية.

ورافق ديفس خلال إجرائه هذه الدراسة، سليمان سويطي، (23 عامًا)، الذي عمل طوال فترة تواجد جون في بلدة بيت عوا، كمترجم له ومساعد في هذا البحث.

ويقول سويطي، لـوطن: بحكم وجودي في هذه المنطقة فأنا أعلم بشكل جيد الأماكن التي يتم فيها حرق هذه النفايات، ووجود معامل الخردة، وكوني حاصل على شهادة تمريض، فأنا أدرك الجوانب الصحية التي تترتب على هذه الظاهرة السلبية، وتعلمت من جون كيفية إجراء مقابلات ما ساعدني من أجل إقناع أرباب الأعمال العزوف عن الحرق المباشر للخردة، مضيفًا "وقمنا بتجميع العديد من الصور التي تظهر كيفية حرقها والأراضي التي أتلفت جراء الحرق فيها".

بدوره، يقول رئيس بلدية الياسيرية، عاطف العواودة، لـوطن:هنالك مساعي من أجل التخلص من هذه الظاهرة في منطقة دير سامت وبيت عوا، ونأمل أن نتخلص منها بشكل فعلي، وهنالك مشاريع سيبدأ العمل بها قريبا من أجل إكمال استصلاح الأراضي التي أصابها الضرر بفعل عمليات الحرق في مناطق مختلفة.

تصميم وتطوير