الكاهن الفلسطيني وصنم الدولة..بقلم:خالد بركات
قبل الدخول في متن هذه المقالة القصيرة نسأل: ما هو الصنم وما هي عبادة الأصنام؟ هل حقا كانت العرب تصنعها قبل فجر الإسلام وتعبدها وتكسوها ثم تأكلها وتلعنها حين تجوع؟ وحين لا يلبي الإله مراد السائل؟ وهل كانت الأصنام هي واسطة الوهم والنقل بين أسئلة البداهة والعقل وقوى الغيب وما بعد الطبيعة؟ علاقة الأرض مع السماء؟ المسافة بين التمني والهبل؟
اقترن مفهوم الدولة الفلسطينية لدى شرائح واسعة من الفلسطينيين مع قيم نبيلة كـ"الحرية" و"التحرر" و"التحرير"، و تماهى المفهوم مع معنى "الوطن" و"فلسطين". وعلى يد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ولاحقا سلطة أوسلو، صارت الدولة الفلسطينية صنما جاهزا للعبادة والقداسة، حلا سحريا ووحيدا للصراع التاريخي ولكل "مشاكلنا". أما في قاموس الدكتور صائب عريقات فإن الدولة هي "حق تقرير المصير" الذي ينتظرنا هناك، في خريف نيويوك!
ولأن العدو الصهيوني واظب على رفض الدولة الفلسطينية، واعتبرها خارج عملية السلام مع العرب، تمسك بها الشعب الفلسطيني بأسنانه ويديه، وكان هذا هو الحال حتى العام 1993 حين أقدمت قيادة م. ت. ف على جريمتها وخطيئتها بتوقيع اتفاقية أوسلو الخيانية. وجاء هذا "الاتفاق" أو ما سمي أعلان المبادئ، في لحظة تاريخية فارقة عرف العدو كيف يوظفها بالكامل لمصلحته. لذلك، كان شارون يقود معسكر رفض الدولة الفلسطينية، قبل أوسلو، ثم أصبح واحدا من الذين يدافعون عنها بل ويعتبرها "ضرورة ومصلحة إسرائيلية أولا"!
أدرك المسؤول الفلسطيني التقليدي قوة ومفعول هذه الكلمة السحرية (الدولة) وأثرها المباشر على بسطاء الناس من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية. طبعا، فمن يكره أن يصير لنا نحن الفلسطينيين دولة كاملة الأوصاف والمعاني والسيادة؟ ولكن حين يسأل الشعب الفلسطيني عن أرضه ووطنه وأين سيقيم دولته، يأخذوه – افتراضيا – إلى الأمم المتحدة ويقولون له صار لك مقعد "مراقب" في الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد نصبح أعضاء في الأسرة الدولية ونفك الحصار... ألا تشكرنا؟
يرد الواقع المادي علينا بجردة من الحقائق الباردة التي فرضها العدو، وساعده في ذلك مسؤول فقد الصلاحية والشرعية. هذا الواقع وهو يمد لسانه على شكل مستوطنات وجدران وحواجز وسجون، يقول لنا: أيها الفلسطينييون، لا يمكنكم إقامة دولة في الضفة والقطاع والقدس الشرقية. الواقع يصرخ ويقول هذا الكلام وليس الكاتب. لكن الكاهن الذي أدمن المفاوضات والوهم وخداع البشر، ظل يترجى ويتمنى، ولا يرىد أن يرى هذه الوقائع والحقائق الصارخة، كي لا تدل على فشله، فواصل إعادة إنتاج هزيمته وترتيب صلاته في رام الله، واليوم في غزة، وهو يفعل ذلك على وقع "الاستحقاق" ويصوغ استراتيجيته وفقا للمتطلبات المجتمع الدولي وأمنيات ليلة القدر!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء