خلال برنامج " عدالة "

ممثلو مؤسسات مدنية : المجتمع المدني يتأثر ببيئته وهناك مجتمع مدني أصيل ما زال يدافع عن قيمه ، ونواجه خطاب كراهية ضد المؤسسات النسوية

27.10.2021 04:00 PM

د. عبد الرحمن التميمي : المجتمع المدني يتأثر ببيئته وهناك مجتمع مدني أصيل ما زال يدافع عن قيمه

أمال خريشة: نتعرض لضغوط كبيرة ونواجه خطاب كراهية ضد المؤسسات النسوية

وطن للانباء : في حلقة جديدة قدمها الائتلاف الفلسطيني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "عدالة"، عبر شبكة وطن الاعلامية، ناقشت دور المجتمع المدني الفلسطيني في ظل الانقسام وغياب المجلس التشريعي، وما شهدته الساحة الفلسطينية على مدار أكثر من 15 عاما، من تراجع للحياة الديمقراطية، حيث مئات القرارات بقوانين، وحل المجلس التشريعي، وتأجيل الانتخابات العامة، والتعدي على الحقوق والحريات العامة والفردية؛ ودور المجتمع المدني من كل ما يحدث.

في هذا السياق، قالت، آمال خريشة، المديرة العامة لجمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، إنه ومنذ توقيع اوسلو حتى اليوم حدثت تغييرات كثيرة، وأصبح هناك تغير بنيوي وهيكلي داخل المجتمع المدني، فالمجتمع المدني قبل "أوسلو"، تكون من حركات الاجتماعية، ولجان عمل تطوعي، ولجان مرأة، وأطر جماهيرية نسوية، وكان للنقابات دور أساسي في تعزيز صمود الناس.  وهناك اعداد هائلة من الناشطين والناشطات بعد "أوسلو"، انتقلوا للعمل في أجهزة السلطة الفلسطينية.

وتابعت "هناك ضغوط من قبل السلطة الفلسطينية على المجتمع المدني، وهو بحاجة إلى بيئة ومناخ ديمقراطي للتأثير على السياسات وطبيعة الدولة، وهوية السلطة، لذلك عملياً خضنا نضالاً طويلاً من أجل أن يقر قانون الجمعيات الاهلية، وما زالت السلطة التنفيذية تتغول على المجتمع المدني وتحاول اجراء تعديلات تناقض القانون الاسياسي للحد من دور المجتمع المدني، ولا زال المجتمع المدني هو الصوت المعبر عن أهداف وطموحات الناس خاصة في المناطق المهمشة".

وأوضحت أن من مصلحة المجتمع المدني، أن تأخذ النساء حقوقهن ويمارسنها على الارض، سواء في المشاركة السياسية أو في الحماية والأمن، وهذا مبرر وجود المجتمع المدني، لكن هذا المجتمع واسع ويضم نقابات مهنية ومؤسسات مسجلة وفق قانون الجمعيات الأهلية ولجان وحراكات.

وأضافت "حتى وإن ابتعد المجتمع المدني عن العمل السياسي لا يستطيع ذلك، لان المجتمع المدني هو الذي يتصدى للهجوم المستمر من السلطة التنفيذية وتغولها على المجتمع المدني، لأنه ليس من صالحها الديمقراطية، وللأسف النظام الحالي في الضفة الغربية، في قطاع غزة إلى حدٍ ما هو نظام شمولي، وبالتالي هناك فكفكة من خلال هذا النظام للدفاع عن مصالحه، وفكفكة للأحزاب السياسية، ولمنظمة التحرير، ولكل البنى الاجتماعية، بدليل رفض هذه الأنظمة اجراء الانتخابات، وضخ دماء جديدة للنظام السياسي".

وأوضحت أن "مجتمعنا الان وصل إلى حالة الاغتيال السياسي وسحل المتظاهرين سلمياً، وقمع المتظاهرين من الشباب والكهول، وهذه الصورة تؤشر إلى طبيعة المشهد السياسي بما يتعلق بالنظامين الموجودين في غزة والضفة، ولكن رغم ذلك يوجد شراكة مع الحكومة لتطوير البنى التحتية التي تدعم صمود الناس.

هناك مبادرة للمجتمع المدني لبلورة مشروع قرار لمجلس الوزراء يحدد مبادئ وأسس العلاقة بين الحكومة والمجتمع المدني، وهناك صعوبات كثيرة في قطاع غزة كحركات نسوية، حيث هناك خطابات كراهية وتعدي على الحركة النسوية، وهناك ضغط وماكينة اعلامية متواصلة ضد المؤسسات النسوية، وقدما شكاوى ولم تتحرك في المحاكم.

من جانبه، قال د. عبد الرحمن التميمي، مدير جمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين، إن المجتمع المدني الفلسطيني، هو ابن بيئته، فما قبل قدوم السلطة الفلسطينية، كان هناك بيئة مختلفة تماماً عما بعد قدوم السلطة، حيث قبلها كان هناك مواجهة مباشرة مع الاحتلال وتعدياته وسياساته، ولذلك كان له دور كبير قبل السلطة.

وأضاف "كانت النقابات هي التي تنظم الحياة المهنية، وحتى حياتهم النضالية، لأنه لا يوجد سلطة مركزية تتولى هذه الأمور، وبالتالي المجتمع كان ينظم نفسه وطنياً ومهنياً وثقافياً، حيث الجامعات التي كانت تهيء الطلاب للمواجهة مع الاحتلال، وبعد قدوم السلطة تغيرت الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وحتى في تعامل العالم معنا، وللأسف نحن روجنا وكأنه أصبح لدينا دولة، ولكن في حقيقة الأمر ليس لدينا دولة ولا ظروف تخلق علاقة طبيعية بين المجتمع المدني والسلطة المركزية، لذلك طرأت تغيرات جوهرية، ليست فقط على المجتمع المدني، بل على بنية المجتمع الفلسطيني بشكل عام، وانعكست على المجتمع المدني بسلبياتها وايجابياتها".

وتابع "نحن لا نحتكم للقانون رغم وجوده، وبالتالي السلطتين في غزة والضفة، لا ينطبق عليهن الصفة الرسمية أو الدولة، وبتلك المعطيات فمن الطبيعي أن يحصل هناك "تميع" في المجتمع، لأنه لا يوجد ناظم مركزي، ولأن هذا الناظم المركزي الذي كان قبل مجيئ السلطة هو اخلاقيات وقيم التنظيمات السياسية التي كانت، وهذه القيم والتقاليد فقدت، ولكن الدولة اليوم شكلية ولا يوجد لديها تقاليد ولا آلية لحكم الناس، وبالتالي سيكون هناك اجتهادات لحكم الناس، وهذا يؤدي إلى أخطاء، وبالتالي فإن الانقسام جاء نتيجة عدم وجود تقاليد في كيف نتفق وكيف نختلف، وهذا كله يؤثر على المجتمع المدني الذي يعتبر أحد مكونات المجتمع، وانقسم الى عدة اقسام، فهناك مجتمع مدني اصيل لديه قيم، وبقي يدافع عن هذه القيم بغض النظر عن السلطة الموجودة في الضفة الغربية أو غزة، وهناك مجتمع مدني موالي ويأخذ أوامره من السلطة في غزة والضفة، والسلطة منزعجة من المجتمع المدني الذي يناضل من أجل هذه القيم ".

وطالب بضرورة ترتيب أولويات المجتمع المدني، وترتيب البيئة، ويجب أن يبقى المجتمع المدني يدق الناقوس حيث أن الفاصل في العلاقات الاجتماعية بين كل مكونات المجتمع الفلسطيني الأهلي والحكومي والخاص والنقابات وغيرها، هو القانون.

وأضاف "يجب أن يستمر المجتمع المدني بدق ناقوس أننا ما زلنا في حالة البحث عن التحرر، وكل أوهام الوجود الآن عبارة عن وهم، رغم وجود السلطة الفلسطينية، لكن هذا لا ينسينا أننا ما زلنا تحت الاحتلال".

وقال محمد الجمل، رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون في رفح، إن الانقسام الفلسطيني أحد أبرز التحديات التي واجهها المجتمع المدني، وهو الذي خلق تغيير جذري في في بنية المجتمع المدني الفلسطيني في قطاع غزة، والمطلوب من المجتمع المدني أن يكون مؤثراً أكثر مما يتأثر، لكنه أصبح يتأثر أكثر مما يؤثر.

وتابع "عمليات القمع، وانتهاك القوانين والحريات أدت إلى الحد من قدرة مؤسسات المجتمع المدني على إحداث التغيير، سواء في انهاء الانقسام، والمجمتع المدني الفلسطيني يتراجع في قطاع غزة عاماً بعد عام، بسبب تراجع الدعم والتمويل، ومشاكل الترخيص، بالاضافة إلى التحزب السياسي في بعض التنظيمات التي تفرض رؤيتها وايدولوجيتها على المؤسسات المدنية، بالاضافة إلى حالة الاحباط العام التي تسود قطاع غزة بسبب الفقر والبطالة".

وأضاف أن "تاريخ مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين كان قويا، لأنه كان قائدا خلال الانتفاضة الأولى، ونحن الان لا نريد أن نكتشف أنفسنا، وإذا أردنا أن نحدث التغيير يجب أن نعيد اكتشاف أنفسنا ويجب أن نخرج من بوتقة الشكوى والضعف والوهن، ونستطيع أن نفرض قوتنا وارادتنا واجندتنا على السلطة في غزة والضفة، لكن يجب أن نتخلى عن انقسامنا الداخلي، وتنظيم حملات ضغط ومناصرة فاعلة بشكل موحد في غزة والضفة، من أجل مجتمع مدني قوي ومؤثر".

تصميم وتطوير