"أصوات "نشاز" داخل المؤسسة الرسمية تتحدث عن ضرب الزوجات لتأديبهن"

مركز المرأة للإرشاد القانوني لـوطن: ثلث الفلسطينيات المتزوجات تعرضن لأشكال مختلفة من العنف، ويجب إقرار قانون حماية الأسرة

23.03.2021 06:00 PM

- المجتمع يتجه أكثر نحو التطرف والتشدد في القضايا الاجتماعية

- جهات ذات مصالح تحاول افراغ القانون من مضمونه  والمشكلة الأكبر مع مجلس القضاء الشرعي

رام الله – وطن: قالت المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي رندة سنيورة إنه "بات صعبا علينا تحديد كم مسودة طرحت لقانون حماية الأسرة من العنف في فلسطين، خصوصا خلال الاعوام الثلاثة الماضية، مردفة: منذ 2004 كان هناك مبادرة من مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، بالشراكة مع المؤسسات والاتحادات النسوية والمؤسسات الحقوقية، حيث وضعنا مسودة تختلف تماما عما يناقش الآن داخل أروقة الحكومة، حيث كانت مسودة القانون توفر الحماية بشكل أكبر وأشمل للضحايا".

وتابعت خلال حلقة ينتجها مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي ضمن حملة إعلامية للمناصرة والضغط لاقرار قانون حماية الاسرة من العنف وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية: تدرجت المسودات على مدار السنوات الماضية، لكن دون جدوى، حيث لم يقر القانون لغاية هذه اللحظة.

وأكدت أن "اقرار القانون حاجة مجتمعية كبيرة وملحة، في ظل وجود قوانين عفى عنها الزمن موروثة من الحقبات السابقة ولم تعد تصلح لحماية النساء وقضايا العنف المنتشرة في مجتمعنا، كما نحتاج الى اقرار قانون حماية الأسرة من العنف بصورة ملحة بسبب ارتفاع حالات العنف الأسري".

وأضافت: وفقا للمسح الوطني لعام 2019، ارتفعت معدلات العنف الأسري وخصوصا ما تتعرض له الزوجات، حيث وصلت مستويات العنف بحقهن الى 29 في المئة، ما يعني أن ثلث النساء الفلسطينيات المتزوجات تعرضن لشكل من أشكال العنف الأسري، لذلك العنف موجود ويتصاعد، ومترسخ في مجتمعنا، ولا نستطيع أن نغطي رأسنا في التراب وندعي عدم وجوده.

وتابعت: في المقابل قانون العقوبات الأردني المعمول به في الضفة يعود لعام 1960، والقانون المعمول به في قطاع غزة يعود الى عام 1938، وهو قانون فلسطيني مصري، ما يعكس أن الكثير من القضايا التي تهمنا غير مغطاه في هذه التشريعات، ما يتطلب معالجة قانونية تتواءم مع التزامات دولة فلسطين بانضمامها الى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

وأكدت أن أسباب عدم إقرار القانون لغاية اللحظة، يعود الى غياب الارادة السياسية، قائلة: صانعو القرار هم من يفترض بهم الريادة في اتخاذ القرارات الجريئة، لأن تغيير مفاهيم مجتمعية يتطلب وقتا ومسارا طويلا، ومسؤولية الدولة تتمثل في تغيير المفاهيم المجتمعية السائدة أو السلوك المجتمعي الذي يعزز دونية أي من الجنسين على الآخر، وبالتالي دور صناع القرار والمسؤولين بالتعاون مع المجتمع المدني، أن يتقدموا خطوة الى الأمام باتجاه تغيير المفاهيم المجتمعية السلبية.

وتابعت: هناك أصوات "نشاز" داخل المؤسسة الرسمية تتحدث عن ضرب الزوجات لتأديبهن كما جاء على لسان قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس للشؤون الدينية محمود الهباش، مردفة: الناس ستعتبر تلك التصريحات صادرة عن مرجعية دينية وستمارس العنف بحق النساء، على عكس التعاليم الدينية التي تؤكد على سماحة الدين الاسلامي، وعلى أهمية بناء العلاقة الزوجية على المحبة والأمن الانساني والمودة، والمفاهيم التي تؤسس لعلاقة زوجية متينة، وبالتالي، هذه أصوات "نشاز" ولكنها داخل المؤسسة الرسمية الفلسطينية.

وأضافت: الارادة السياسية لاقرار قانون حماية الأسرة من العنف غائبة، للأسف أُصدر أكثر من 400 قرار بقانون، وعندما تصل الأمور الى قانون العقوبات او قانون حماية الاسرة من العنف لا نجد أي تحرك أو قرارات بقوانين لإنصاف النساء.

وأكدت أن "هناك مصالح لأطراف سياسية معينة تتستر بغطاء الدين، تريد فرض نفسها واستخدام قضايا النساء للوصول الى أغراض سياسية، وللأسف النساء دائما الحلقة الأضعف التي تستخدم من أجل تعزيز مكانة سياسية".

وتابعت: تهميش قضايا النساء طريقة من أجل حصد الأصوات الانتخابية، وللأسف الفصيلين الاساسيين فتح وحماس يحاولان كسب الاصوات الانتخابية المقبلة، ولذلك تكثر المزاودات على المؤسسات النسوية بادعاء الحفاظ على الدين والعادات، هي مصالح سياسية مغلفة بالتمسك بالدين وصون الشريعة، لكن الحقيقة مخالفة تماما.

وأضافت: لماذا يكتفون بالادعاء أن بعض نصوص مسودة القانون تتعارض مع الشريعة، ولا يظهروا أيا من هذه البنود للرأي العام، مشددة أن قانون حماية الاسرة هدفه صون العلاقات الأسرية وحماية المواطنين من العنف.

وقالت سنيورة: انا غير متفائلة بأن تقوم الحكومة الآن بتنسيب القانون للرئيس.. الاهتمام المجتمعي والدولي منصب نحو اجراء الانتخابات، وربما يكون حظنا أفضل باتجاه مشاركة أعلى للنساء في تقلد مناصب في التشريعي المقبل، وحث الاحزاب على وضع القانون كأولوية للإقرار في المجلس التشريعي القادم.

من جهتها، قالت عضوة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية هيثم عرار إن أسباب عدم اقرار قانون حماية الأسرة من العنف لغاية اللحظة يعود الى أسباب متعددة، من بينها اتجاه المجتمع أكثر نحو التطرف والتشدد في القضايا الاجتماعية بسبب الفكر الخارجي الدخيل على المجتمع الفلسطيني وخصوصا الفكر الداعشي القادم من بعض المجتمعات العربية التي تقوم على استخدام العنف في القضايا الاجتماعية، والتفكير الدوني بحق النساء، وهذا ما يقف عائقا أمام اقرار القانون.

وتابعت: القضية الأخرى تتمثل في أصحاب المصالح، وبعضها جهات رسمية، فخلال عملنا سواء مع الحكومة أو المجتمع المدني، هناك بعض أصحاب المصالح الذين يستخدموا الدين بشكل خاص للحفاظ على مكاسب والاستمرار في الاستيلاء عليها، وشيطنة الحركة النسوية، بادعاء أن المؤسسات النسوية تجلب الأفكار الغربية.

وأكدت أن قضية اقرار قانون حماية الأسرة من العنف،  تتطلب قرارا حاسما من أصحاب القرار والمسؤولين وتحديدا من الرئيس محمود عباس أو المجلس التشريعي القادم، الذي من المفترض أن يملك رؤية اجتماعية واضحة.

وأوضحت أن هناك 4 ركائز اساسية نطالب فيها داخل مسودة قانون حناية الأسرة من العنف، وهي الحماية والوقاية والعقوبة الرادعة والارشاد والتأهيل، لضمان الحد من ظاهرة العنف الأسري في المجتمع.

وتابعت: كوني في اللجنة الفنية التي تتابع النقاش حول مواد مسودة القانون، أستطيع أن أقول بأن هناك محاولات لافراغ القانون من مضمونه، مشيرة أن اللجنة الفنية تم تشكيلها من مؤسسات حكومية ومؤسسات نسوية ومنتدى مناهضة العنف، مردفة: هناك جهات ذات مصالح تحاول افراغ القانون من مضمونه خصوصا في طبيعة العلاقة ما بين الزوج والزوجة، وهنا الخلاف الأساسي.

وردا على سؤال، هل الجهات المعطلة تتمثل في القضاء الشرعي، قالت عرار: المشكلة الأكبر لدينا مع مجلس القضاء الشرعي، لغاية اللحظة من غير المسموح أن نناقش القانون مع رجال دين متنورين سواء مسيحيين أو مسلمين.

وشددت أن تصريح الهباش الأخير الذي اعتبر مسودة قانون حماية الأسرة من العنف تتعارض مع الشريعة الإسلامية، بأنه حجر عثرة أمام القانون، مردفة: جميع الجهات بما فيها الحكومة صاغت المسودة من ناحية حقوق وأمن شخصي بغض النظر عن دين المواطن أو لونه أو أي اعتبارات أخرى، وعندما تتهم مسودة القانون بأنها تتناقض مع الشريعة الاسلامية أو أي شريعة أخرى، يجب على مدعي ذلك أن يضعوا المبررات وتوضيحها للرأي العام.

ودعت عرار الى ضرورة الاستماع لآراء شخصيات دينية وازنة، خصوصا وأن هناك الكثير من رجال الدين المسلمين والمسيحيين لهم رؤية متقدمة في مسودة القانون، لأن القانون يعزز السلم الأهلي ويحافظ على العلاقات الأسرية، ويعزز القيم الواردة في الدين الاسلامي والمسيحي على أساس التعامل بأخلاق حميدة.

وتابعت: لدينا فرصة محدودة لإصدار القرار بقانون حاليا، ووضعه على اجندة المجلس التشريعي المقبل.

ودعت عرار الحكومة للقيام بآخر واجباتها تجاه النساء ورفع القانون للرئيس من أجل اقراره، رغم أن المسودة الحالية لا تلبي كافة المطالب النسوية العادلة.

وقالت: في حال عدم اقرار القانون سنستمر في نضالنا وضغطنا رغم وجود سد مانع اتجاه القوانين الاجتماعية الكبرى.

تصميم وتطوير