الإفلات من العقاب سمح بانتهاك الحريات والاعتداء على الصحفيات خلال المسيرات

05.07.2021 06:49 PM

الهيئة المستقلة لـوطن: يوجد تعذيب وإساءة معاملة واعتقالات تعسفية في الضفة وغزة دون مساءلة

منتدى مناهضة العنف ضد المرأة لـوطن: ندعو كل امرأة تعرضت للابتزاز أو التهديد التقدم بشكوى للدفاع عنها

وطن: أكد حقوقيون أن الإفلات الطويل من العقاب في فلسطين أدّى إلى المشهد الأخير من انتهاكات حقوق الإنسان في المظاهرات المنددة بمقتل الناشط نزار بنات، والاعتداء على الصحفيات خلال تغطيتهن تلك المظاهرات في رام الله.

وناقشت حلقة جديدة من برنامج "عدل" الذي يقدمه الزميل أنس الكسواني وتنتجه شبكة وطن الإعلامية بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، واقع الحريات في الضفة الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان ومدى التزام فلسطين بالاتفاقيات الدولية، حيث استضافت الباحث عمّار جاموس، في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، ومديرة مركز الدراسات النسوية في القدس، سامة عويضة.

وقد شهدت حقوق الفلسطينيين الإنسانية تراجعاً خطيراً في الآونة الأخيرة بعد إلغاء الانتخابات والمشاكل الإدارية في السلطة خاصة بعد مقتل الناشط نزار بنات وانتهاك الصحافيات وخصوصيتهنّ في الحراك المنددّ بمقتل بنات.

وتؤكد كافة المؤسسات الحقوقية دولية ومحلية، منها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، تراجع  في الحريات في الضفة الغربية، كذلك المفوضية السامية والمقرّر الخاص بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، مايكل لينك "الذي أكد في آخر تقاريره تراجع الحقوق بشكل خطير نتيجة انتهاكات الاحتلال والسلطة على حدّ سواء والتي وصلت بالأخيرة حدّ قتل الناشط بنات، وما تبعه من انتهاك وعنف ضد الصحفيات بالذات" وفق جاموس.

وأوضح جاموس أن دول العالم المدافعة عن حقوق الإنسان تمنح "حماية خاصة للمدافعات عن حقوق الإنسان لتعرضهنّ لنمط من الانتهاكات بسبب فقدانهنّ للحماية ولحقوقهنّ، هذا ما وجدناه في الحراك الأخير من انتهاك لخصوصيتهنّ أيضاً".

وقال: رغم أن السلطة الفلسطينية ملتزمة باتفاقيات دولية عدة خاصة بحقوق الإنسان تمنحها المبرر الأخلاقي لمقاومة الاحتلال، لكنها تمارس "اعتقالات على خلفية آراء سياسية، وحرية الرأي والتعبير ومضايقات وانتهاكات للخصوصيات والقتل خارج القانون كما حدث مع بنات. إضافة إلى غياب التشريعات المساوية بين الرجل والمرأة، ومراكمة سنوات من الإفلات من العقاب مما يفقد الشعور بالأمن والرفاه".

وأضاف "هناك حالة مثبتة وواضحة في جميع تقارير المنظمات عن حالة انفلات للسلطات المرتكبة للانتهاكات. لا تتم المساءلة. هناك تعذيب وإساءة معاملة واعتقالات تعسفية، وهي جرائم بموجب القانون الفلسطيني أولاً ثم الاتفاقيات الدولية"، حسب جاموس.

وتابع: كذلك استخدام القانون والقضاء في الانتهاكات هي مسألة هامّة. مثل قانون العقوبات الشامل لنصوص لا تصلح أن تكون جنائية كما في قدح المقامات العليا، أو الذمّ الواقع على السلطة العامة لأنها غير واضحة. وفي حالة القضاء، هناك اعتقالات على حرية الرأي تتمّ بأمر من محاكم الصلح والنيابة العامة المسؤولة بذات الوقت عن مساءلة عناصر الأمن المنتهكة لحقوق الإنسان".

وطالب السلطة بالالتزام بالمواثيق الدولية للحفاظ على الشعور بالأمن على الأقل. وإن فقدنا اقتصادنا أو نظامنا السياسي يجب الحفاظ على منظومتنا القانونية قوية لخلق تعاطف مع قضيتنا دولياً". "يجب المساءلة الشفافة لإعادة الثقة والتعامل مع الشكاوي. هناك شكاوي تقدمها ناشطات نسويات تُنسى في أدراج المكاتب ولا يُنظر إليها"، وفق جاموس.

وعن الاعتداءات التي طالت الصحفيات في المظاهرات، قالت عويضة: "النساء الفلسطينيات هنّ أداة مباشرة وغير مباشرة مستخدمة في الصراعات السياسية. عندما طالبنا بقانون حماية الأسرة عام 2020، خرجت جهات سياسية مطالبة بإبطال القانون باعتباره كفراً. بينما مطلوب من جهات سياسية أخرى (السلطة) إقرار القانون وتوضيحه للناس بما لا يتعارض مع الثوابت الدينية وغيرها. بالنهاية تؤجل السلطة القانون لأجل مجهول، فأصبحت حقوقنا وقود بين طرفين متجاوبين مع بعضهما".

وأضافت: تعاني النساء من عدم إقرار أي قانون يخصهنّ منذ قدوم السلطة الفلسطينية في التسعينيات، وتم تأجيل إصدار كافّة القوانين عند تعطل المجلس التشريعي إثر الانقسام خاصة قانونيّ الأحوال الشخصية، وقانون حماية الأسرة.

في هذه الحالة المتردية، كان من السهل، حديثاً، انتهاك وجود الصحفيات في الميدان دوناً عن الصحفيين وسرقة هواتفهنّ وتهديدهنّ وابتزازهنّ، "واستخدمت السلطة ضدهنّ خطاباً شعبياً يغذيه الشارع محاوِلةً ترهيب المجتمع، وهذا الطرف يحاول الابتعاد عن الدفاع عن حقوق المرأة حتى لا يلاموا على دفاعهم لحقوق المستضعفات" وفق عويضة.

تقول: "الصحفيات تكلّمن بشكل واضح عن استهدافهنّ. هناك ثقافة مجتمعية جاهزة للوم الفتيات وتعنيفهنّ. من طرفنا حاولنا لسنوات تغيير النظرة الدونية للمرأة وما زلنا نناضل".

وأعلن منتدى مناهضة العنف ضد المرأة استقباله لشكاوي الصحفيات المهددّات. وسوف تعمل المراكز التابعة للمنتدى على قضاياهنّ القانونية بتقديم شكاوي، وتقديم دعم نفسي واجتماعي لهنّ. وعمّم أسماء المنظمات النسوية في كافة المحافظات مع أرقام هواتف لاستقبال الشكاوي. "ندعو كل امرأة تعرضت للابتزاز أو التهديد التقدم بشكوى للدفاع عنها".

وبيّنت عويضة أن "السلطة لم تنشر اتفاقيتها الموقعة مع لجنة "سيداو" في الجريدة الرسمية، ولم توائمها مع القوانين المحلية. يجب مساءلتها في قراراتها المتخذة غير المنفذّة"، "نحن أصبحنا في مرمى التشويه. الناشطات النسويات أصبحن سيداويات وهو تحريض منتشر عبر فيسبوك بصفحة عنوانها "الحراك الجماهيري لمناهضة سيداو". ولقبوا كل سيدة بألقاب نابية. تقدمنا بشكاوي للنائب العام، وشكوى خاصة ضد هذا التحريض دون تحرك".

وقالت: "نحن نؤمن بتنوع الأفكار والآراء في مجتمعنا، لكن ثقافتنا يصنعها الإعلام بخطابه المتقدم والمحافظ، والمناهج المنّمطة للمرأة"، وتتساءل عن الجهة القانونية المحاكمة لناشري ثقافة التحريض.  "السلطة وقعت الاتفاقية وقدّمت تقريرها للجنة بشكل مهم. مسؤوليتها نشرها والرد على جميع الادعاءات المشككة في مضمونها".

وأكدت عويضة أن "المساءلة مهمة وتحتاج لقوانين عادلة ومراجعة قوانينا المتوارثة، والأهم نشر الوعي وهو مسؤولية عدّة أطراف فاعلة".

تصميم وتطوير