أبو صالح وحريبات .. رفيقا الأسر والحرية، اعتُقلا معاً وأُفرج عنهما معاً بعد 22 عاماً في سجون الاحتلال
وطن: "من لم يُجرب الاعتقال بعد السابع من أكتوبر الماضي، لم يُجرب الاعتقال أبداً"، بهذه الكلمات بدأ الأسير المحرر محمود أبو صالح من مدينة دورا في الخليل، حديثه لبرنامج "وطن وحرية".
اثنان وعشرون عاماً كاملة قضاها أبو صالح قيد الاعتقال في سجون الاحتلال، لم تكن بحدة وقسوة الأشهر العشرة الأخيرة من تجربته الاعتقالية، التي انتهت يوم الحادي والثلاثين من تموز الماضي، عندما أفرجت سلطات الاحتلال، عن المعتقلين الرفيقين محمود أبو صالح، وراتب حريبات، من دورا في الخليل، بعد انتهاء مدة محكوميتهما البالغة 22 عاما.
هجمة إسرائيلية شرسة على الحركة الأسيرة منذ السابع من أكتوبر الماضي
يتحدث أبو صالح بمرارة كبيرة عن أوضاع الأسرى في السجون، والهجمة الإسرائيلية الشرسة على الحركة الأسيرة منذ السابع من أكتوبر الماضي، ويقول في حديثه لبرنامج "وطن وحرية"، ويقدمه الزميل عبد الفتاح دولة، ويبث عبر شبكة وطن الإعلامية، إنه يجد صعوبة في نقل صور المعاناة والتعسف بحق الأسرى وبإيصال صوت الأسرى، الذي صادره الاحتلال كما صادر حريتهم، في ظلمات السجون وأقبية التحقيق.
"تجويعٌ وتعطيشٌ وحرمانٌ من العلاج، ومن أبسط مقومات الحياة الانسانية للأسرى داخل السجون، وتنكيلٌ متواصلٌ وتعذيب جسدي ونفسي وجنسي"، بهذه الكلمات يصف أبو صالح حال الأسرى، ويقول إن الأسرى كانوا يدّخرون الطعام القليل الذي يُقدم لهم على مدار ساعات النهار، بضع لُقيمات من الأرز الرديء وكِسرات من الخبز القاسي، لتناولها مساءً علّها تسد بعضاً من جوعهم.
الاحتلال يسعى لتحطيم الحركة الأسيرة وكسر إرادتها
والأخطر من التعطيش والتجويع والتعذيب، كما يوضح أبو صالح، هو تعمد الاحتلال سحب مُنجزات الحركة الأسيرة بالكامل منذ السابع من أكتوبر الماضي، والنقل التعسفي للأسرى، بهدف تحطيم جسم الحركة الأسيرة وكسر إرادتها، وفي مواجهة ذلك يقول أبو صالح إن الأسرى تقاسموا طعامهم وحصتهم من التنكيل، وتقاسموا المصير بوحدتهم وصمودهم أمام طُغيان السجان.
تعرية الأسرى والنوم على أسرة حديدية.. من فصول المعاناة الصعبة
وعن بعض الأحداث وفصول المعاناة الصعبة على كثرتها، يقول أبو صالح إن سُلطات الاحتلال فرضت عليهم عقاباً قاسياً عند أداء صلاة الجُمعة بشكل جماعي ذات يوم داخل أحد الأقسام في سجن النقب الصحراوي، وأجبرتهم على النوم على أسرة حديدية لـ17 يوماً متتالية، بعد أن سحبت فرشات نومهم، وحدث أيضاً أن تمت تعرية الأسرى بالكامل عند نقلهم من سجن عوفر إلى سجن النقب، ويشدد على أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى تتجاوز حدود الوصف.
وحتى اليوم الأخير لاعتقال الأسيرين أبو صالح وحريبات، تعمد الاحتلال المماطلة بالإفراج عنهما، واحتجزهما لساعات، واشترط الإفراج عنهما بإنهاء أي مظاهر لاستقبالهما في بلدة دورا جنوب الخليل.
أبو صالح وحريبات "ثُنائية فريدة"
رفيق أبو صالح وابن بلدته راتب حريبات، وجمعتهما علاقة ثُنائية فريدة قبل الاعتقال أيام الشباب، واعتقلا معاً وحُكما بالسجن لـ22 عاماً، وأُفرج عنهما معاً يقول إن الثُنائية لم تُكسر رغم محاولات الاحتلال، بل تعززت على مدار سنوات السجن الطويلة.
وعن واقع الأسرى في السجون بعد السابع من اكتوبر الماضي، يشارك حريبات رفيقه أبو صالح ذات التجربة، ويقول: لا توجد مُفردات تصف حجم الألم والمعاناة التي يعيشُها السرى، خاصة مع اتباع أساليب جديدة للتنكيل بالأسرى، لم يسبق وأن جربتها الحركة الأسيرة الفلسطينية، ورُبما لم يخبرها أي أسير سياسي في سجون العالم.
ولم يفترق الرفيقان أبو صالح وحريبات على مدار 22 عاماً داخل السجون، إلّا أن حريبات رافق الأسرى المرضى فيما تُسمى عيادة سجن الرملة لنحو عشر سنوات، قدم خلالها ما استطاع من رعاية للأسرى المرضى، وهو ما يتحدث عنه رفيقه أبو صالح باعتزاز، ويتحدث أيضاً عن عطاء رفيقه اللامحدود.
الحريةُ واستعادة الأمل بالمستقبل
وعن الإحساس بالحرية والانعتاق من السجن، يتحدث حريبات بمشاعر فيّاضة، ويقول إنه ورفيقه أبو صالح حظيا باستقبال شعبي دافئ، ويؤكد أن وجودهما في كنف عائلتيهما منحهما الدفء والطمأنينة من جهة، والراحة والأمان واستعادة الامل بالمستقبل من جهة أخرى، رغم مشاعرهما المُختلطة بين الفرح بالحرية، والحزن والأسى على رفاق الأسر، داخل السجون.
وفي ختام حديثه يوجه حريبات رسالة لأحرار العالم وأصحاب الضمائر الحية، للتضامن مع الأسرى وإسنادهم كما يجب، لوضع حد لممارسات الاحتلال العقابية بحقهم، وبما يرتقي لمستوى الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الأسرى داخل السجون.