الهيئة المستقلة: النيابة العامة مختصة بالتحقيق حتى لو شكّلت اللجان

حقوقيون وقانونيون لوطن: لا أساس قانوني للجان التحقيق وهي شكلية "للتنفيس"

19.09.2022 07:10 PM

وطن: قال الباحث القانوني في الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان معن ادعيس، إنّ الأساس القانوني الحاكم للجان التحقيق بالعموم غير موجود، مضيفًا "لدينا نص في القانون الأساسي يعطي صلاحية تشكيل لجان التحقيق لمعرفة ما الذي حدث حول قضية ما للمجلس التشريعي؛ إذ يقوم بالمساءلة لأي مسؤول، ويتخذ قراراته إما بسحب الثقة عن الحكومة أو غيره من القرارات الخاصة بالمساءلة، ولجان التحقيق لا أساس قانوني لها".

واوضح خلال حديثه لبرنامج "عدل" الذي تقدّمه وطن بالشراكة مع الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" إنّ وجود لجان التحقيق لا يغني عن قيام الجهة الرئيسة المنوطة بالذلك، سواء في القانون الأساسي أو الإجراءات لاحقًا، والمتمثلة بالنيابة العامة.

وأضاف ادعيس لوطن "النيابة العامة مختصة بالتحقيق في الجرائم، وحتى في حال وجود لجان إدارية وأمام الرأي العام، أو أصدرت توصياتها بشان قضية ما"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى عدم وجود أي إشكالية لوجود لجنة تحقيق داخلية لمعرفة أي إشكال حصل، من ناحية إجرائية.

وبرأيه فإنّ لجان التحقيق تشكّل ويصدر توصيات عنها لغايات التنفيس، "ودليل ذلك عدم الالتزام بما يصدر عنها"، مضيفًا يجب مشاركة كل الناس بإبداء وجهات نظرهم تجاه قضايا عديدة، سواء قضايا عامة أو خاصة، ونحن نلجأ للجان التحقيق لعدم وجود التشريعي، المختص بذلك، سواء في التشريع والمساءلة".

وأشار إلى أنّ القاسم المشترك لدى لجان التحقيق هو عدم تنفيذ توصياتها أو الأخض بها، متسائلًا حول كيفية توجيه المتهم الاتهام لنفسه في ظلّ وجود "سلطة واحد؛ هي من تسائل وتشرّع وتقاضي، وتضع العقوبة، وتوجه الاتهام".

وقال إنّه لا مانع لأخذ أي تقرير صادر عن أي مؤسسة ورفعه للنيابة العامة وإبلاغهم بتوصيات لجنة أو مؤسسة بشأن أي موضوع، "ولكن لا أثر إلزامي لذلك، فاللجنة من الأساس ليس لها أساس قانوني، ولو كان هناك قانون ينظم هذه المسألة يعني ذلك أن كل الجهات المكلفة بإنفاذ القانون هي مكلفة بأخذ توصيات اللجنة ولكن هذا غير موجود".

وأوضح أنّ فتح لجان التحقيق سببها عدم وجود مجلس تشريعي منذ عام 2007، "ولا مبرر لذلك، فهذا مجال للضحك على الناس بتشكيل اللجان ودفن القضايا"، مطالبًا بالدفع باتجاه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، "فهي خطوة باتجاه إنفاذ القضايا".

من جانبها، قالت الصحفية أنصار اطميزي وهي معدّة تحقيق وطن الاستقصائي "متهمون يحققون مع أنفسهم والنتائج على قياس المسؤولين"، لوطن، إنّ تحقيقها استغرق عدة أشهر من البحث والتقصي والتوثيق، مشيرة إلى أنّ اللجان التي تم تشكيلها في عهد رئيسي الوزراء رامي الحمد الله ومحمد اشتية هي بلا إطار قانوني ناظم، مضيفة "لا شرعية أو إلزامية لتوصياتها أو نتائجها".

وقالت إنّ ذلك يتضح في العديد من القضايا مثل لجنة التحقيق في عهد الحمد الله حول أحداث المحاكم، "إذ لم يتم متابعة توصياتها أو الأخذ بها"، وأيضًا لجنة التحقيق المتعلقة بلقاح "فايزر" المنتهي الصلاحية في عهد اشتية أيضًا "لم تتم المتابعة الفعلية لها، أو وجود شفافية في الأخذ بتوصيات لجنتها، علمًا أنه كانت لجنة مستقلة، ولم يكن أي عضو في اللجنة التنفيذية فيها".

وبيّنت أنّ ديوان الرقابة المالية والإدارية أصدر ملاحظات حول "صفقة فايزر"، متسائلة حول أخذ إجراءات إدارية أو جزائية أو تأديبية بحق من تابعوا الموضوع.
وتابعت "يرى خبراء أن هذه اللجان عبارة عن خطوة لامتصاص غضب أو نقمة الشارع الفلسطيني، تجاه قضايا الرأي العام بالدرجة الأولى، أكثر من كونها نتائج فعلية، أو وجود مساعي لتنفيذ توصياتها، كما بين التحقيق الاستقصائي أن نقابة المحامين بمجلسها السابق لم تشارك بأي لجنة تحقيق شكّلتها الحكومة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وأوضح عضو النقابة أمجد الشلة خلال التحقيق الاستقصائي الذي أعدته اطميزي لوطن أن الحكومة عرضت عليها أن تكون شريكة ببعض القضايا، فردت النقابة استحالة أن تكون طرفًا في لجان تشكّل من جهة أصلًا متهمة، "هذا يخالف العقل والمنطق والطبيعة البشرية والمهنية والقانونية"، مضيفًا "الهدف من تشكيل اللجان هو سياسي محلي له علاقة بامتصاص حالة غضب أو سخط أثيرت في المجتمع للتخفيف من أثارها.

بينما قال المستشار القانوني لمؤسسة الحق أشرف أبو حية خلال ذات التحقيق "لا أساس قانوني للجان التحقيق، وهي مخالفة للقانون، وهي غير ملزمة، والدليل صدور الكثير من التوصيات عن اللجان ولم يتم تنفيذها" محذرًا من خطورة أن يتم التساوق مع واقع غير دستوري، "وكأننا نحاول تعزيز الواقع الدستوري في ظل غياب البرلمان، ونخلق أدوات تتساوق مع هذا الواقع، لكي نقبل بنتيجة عدم الحاجة لبرلمان".

ومن خلال التوثيق والرصد لمجموعة من لجان التحقيق، قالت معدّة التحقيق اطميزي إنّ لجنة التحقيق المشكّلة في فترة حكم الدكتور رامي الحمد الله فيما يخص مقتل المواطن أبو العز حلاوة في نابلس عام 2016، برئاسة وزير العدل علي أبو دياك، لم تصدر أي نتائج حتى الآن كما ولم يتم الإعلان عن الإنتهاء من أعمالها.

وأوضحت أنّ الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أصدرت تقريرًا للجنة تقصي حقائق حول الموضوع وأشارت خلاله إلى العديد من الانتهاكات الواردة في آلية اعتقال حلاوة والأحداث المرافقة، وفصلت فيه العديد من الامور، وأعلنت توصيات يفترض الأخذ بها من الحكومة، فللهيئة دور رقابي.

وتابعت "لجنة التحقيق الخاصة بمقتل الناشط نزار بنات لم تنشر أيًا من نتائجها أو توصياتها، وأعلنوا انتهاء اللجنة وإحالة الملف إلى القضاء ولكن تفاصيلها لم يتم الحديث حولها أو إبلاغ عائلة بنات أو أي من المؤسسات الحقوقية حول توصياتها أو نتائجها"، متسائلة حول جدوى هذه اللجان إذا لم يتم نشر تقاريرها وتوصياتها للرأي العام.

وبحسب المتابعة في التحقيق، ووفقًا للصحفية اطميزي، لم يتم تنفيذ توصيات أي من اللجان، مضيفة "الحكومة لا تتعامل بشفافية بمحاسبة الأشخاص المتورطين في القضايا التي شكلت فيها لجان تحقيق، ولم نسمع بأي إجراء تم اتخاذه فيما يتعلق بصفقة فايزر، وديوان الرقابة أشار إلى مجموعة من الملاحظات بخصوص ذلك تتوافق مع توصيات لجنة التحقيق".

وأكّدت ضرورة الإعلان عن أي نتائج للجان تحقيق في حال محاسبة أي متورط بقضية ما، وإعلام المواطنين فيها، مضيفة "غالبًا تكون لجان التحقيق فيها تضارب مصالح، أي أن الأشخاص المتهمين هم أطراف في لجنة التحقيق"، مستشهدة بلجنة التحقيق الخاصة بأحداث النبي موسى، "فوزارة السياحة كانت عضوًا وهي طرف ومسؤول عما حدث فيه، وهذا يؤثر على النزاهة والمصداقية".

وقالت إنّ الحكومة تكتفي بتشكيل لجنة تحقيق في أي قضية تهز الرأي العام، فإما أن تصدر نتائجها وتوصياتها أو لا، ولا أحد يسائلها في حال تابعت أعمالها بالشكل الصحيح ونزاهة وشفافية ذلك أو لا، مضيفة "نحن بحاجة إلى رأي عام أقوى ليكون محركًا للجان التحقيق ومتتبع لها ومراقب عليها، فالرقابة المجتمعية مهمة".

وذكرت أنّ وزارة الصحة أصدرت في شهر آب/ أغسطس الماضي خبرًا حول إغلاق ملف "صفقة اللقاحات" دون توضيح تفاصيل الإغلاق، المتعلقة بمحاسبة المسؤولين عنها، ومتابعة الفريق الفني ومدى الإجراءات الفعلية، مضيفة أنّ الوزارة قالت "أغلقنا الملف الذي أساء لسمعة الوزارة وكوادرها"، متسائلة حول معنى "الإساءة للسمعة" في إطار ذلك، في ظل وجود بعض التفاصيل المتعلقة بالصفقة، "هذه توصيات ونتائج وليست إساءة".

وختمت بالقول إنّ لجان التحقيق شكلية وليست فعلية، مؤكدة ضرورة وجود لجان تحقيق فعلية بإطار قانون ناظم وشرعية قانونية وإلزامية بتوصياتها، وأن تكون شفافة ونزيهة وفعلية، ولا يشوبها أي تضارب مصالح، أو يكون أحد أعضائها من المتهمين.

تصميم وتطوير