أكّدوا أهمية دور المنظمات الحقوقية بالتوثيق وطالبوا أطراف "اتفاقية جنيف" بالتحرك

حقوقيّون لوطن: الشرعية الدولية والقانون الدولي سلاح ويجب التوجه للجمعية العامة لتعويض الضحايا

08.08.2022 08:37 PM

وطن: ناقش برنامج "عدل" الذي تنتجه شبكة وطن الإعلامية بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، في حلقته، اليوم الإثنين، واقع حقوق الإنسان جراء جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال ضد قطاع غزة وكيفية التصدي لها قانونيًا.

وقال مدير مركز الدفاع عن الحقوق المدنية "حريات" حلمي الأعرج لوطن إنّ العالم والصحافة ومؤسسات حقوق الإنسان وثّقوا خلال العام الماضي جرائم ترتقي إلى جرائم الحرب وضد الإنسانية، وتحرك العالم على المستوى الشعبي والرأي العام العالمي في وجه الاحتلال، وأدان الجرائم، بما في ذلك الأمم المتحدة.

وأشار إلى أنّ ذك تمثّل بالقتل بدم بارد آلاف المواطنين الفلسطينيين غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، إلى جانب تدمير دمر البنية التحتية، والبيوت، بهدمها على رؤوس ساكنيها، خلال الحروب على قطاع غزة، والعدوان المتواصل، إضافة إلى الحصار المتواصل الذي يفرضه الاحتلال منذ سنوات طويلة، "ما يؤكد أن مسؤولية الاحتلال عن القطاع بصفته الدولة القائمة بالاحتلال لم تنته بخروجه من القطاع وتفكيك المستوطنات، فهو ما زال على الأبواب ويفرض الحصار وعند دخول النفط أو أي من مستلزمات الحياة فهذا لا يفهم بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنسان من باب التسهيلات أو المنة، بل بموجب اتفاقيات جنيف فالاحتلال ملزم بذلك".

وأضاف الأعرج أنّ الشعب الفلسطيني يتصدى للجرائم المتواصلة مع دولة فلسطين ومؤسسات حقوقية، "وحققنا نجاحات، ولكنها ليست باهرة، ولم يتوقف الاحتلال لانتهاكاته لأن أمريكا وعدد من الدول الأوروبية توفر له الحماية، في ظل عدم محاسبته".

وقال إنّ المؤسسات الحقوقية الدولية وعدد من الدول تنظر الآن إلى "إسرائيل" كاحتلال عنصري يمارس التمييز العنصري والاضطهاد بحق الشعب الفلسطيني في الداخل والضفة وغزة، واصفًا هذه "الوصمة" بالنصر الحقيقي في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

وأوضح أنّ الاحتلال ما زال يمارس سياسة العقاب الجماعي المحرمة دوليًا، حتى عندما يتوقف العدوان، مضيفًا أنّ "الحصار يرتقي لجريمة حرب، لأنه يعاقب مليوني إنسان بشكل جماعي لكونهم فلسطينيين، ليس لأي سبب آخر، مشيرًا إلى أن "هناك جندي محتجز للمقاومة، وعند إجراء صفقة التبادل هناك جنود أخرون وينسى الاحتلال أن هناك 6 آلاف فلسطيني ينتمون للقضية الفلسطينية خلف القضبان بعضهم أكثر من 40 عامًا".

وأردف الأعرج قائلًا إنّ القانون يخضع لموازين القوى، والسياسة تعبير عن موازينها، إلى جانب أنّ دولة الاحتلال استعمار يمثّل عدة إمبرياليات؛ بريطانية وأمريكية وفرنسية، "وهؤلاء لا يدعمون الاحتلال فحسب، بل هم دولة الاحتلال، إذ وجدوا في "إسرائيل" أداة لتفتيت المنطقة والسيطرة عليها، بدلًا من قيام هذه الدول بحروب، في ظل وجود كل الإمكانيات المطلقة لجيش الاحتلال الذي يستخدم تكنولوجيا متقدمة".

إلى جانب ذلك، قال إنّ الإمكانيات الأمريكية تسخر لخدمة الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يختلف عن الأمريكي، ووجود أنظمة عربية من صناعة الأمريكان والاستعمار، وفوق ذلك التطبيع المذل، مضيفًا "هذا قدرنا، ولكن بسالة الشعب الفلسطيني واضحة في مقاتلة كل ذلك دون انكسار، وغزة تتحدى جبروت أقوى احتلال في التاريخ".

وأكّد ضرورة الانطلاق من الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني، واصفًا إياها بالقوة للشعوب الضعيفة، "لأنه بيد القوى العظمى، فيجب الاستفادة منه، واللجوء إليه، وهو سلاح للشعب الفلسطيني يجب أن لا يتركه، رغم ضعفه في تحقيق أهدافه".

واستشهد بصفقة القرن مبيّنًا "عندما تصدى لها الشعب الفلسطيني وقاتل ترامب والإدارة الأمريكية التي اعترفت بما ليس لها، سواء بخصوص القدس أو الضفة، فإنه تمسّك بالشرعية الدولية ووقفت إلى جانبه العديد من الدول الكبرى مثل روسيا ودول أوروبية، والعالم يشير بوضوح إلى دولة الاحتلال ويسميها كما هي، ولكن في سنوات سابقة كان لا يجرؤ على ذلك، ولترسيخ ذلك علينا النضال والضغط، في ظل وقوف العديد من شعوب العالم إلى جانب فلسطين، لتبقى القناعة لدينا رغم ضعف الأداة والنتيجة، وعلينا عدم خسران هذا السلاح الماضي والهام".

من جانبه أكّد منسق التوعية والتدريب في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة بهجت الحلو لوطن ضرورة الاستفادة من الارتقاء بالشخصية القانونية لفلسطين من سلطة إلى دولة، بقيام دولة فلسطين بخطوات على المستوى الدولي من أجل المساءلة والمحاسبة والتعويض للضحايا، "فما زال هناك أشخاص ينزفون وبيوت عزاء مفتوحة، والمشهد في غاية الألم، ولكن مطلوب من الدولة الفلسطينية التي انضمت إلى اتفاقيات حقوق الإنسان توظيف الآليات الدولية".

وشدّد على أهميّة الطلب من الجمعية العامة لحقوق الإنسان جبر الضرر والتعويض، في ظل رفض "إسرائيل" لأي دعوى يتقدم بها أي فلسطيني لدى "القضاء الإسرائيلي" من أجل المحاسبة والتعويض، مقترحًا، من منظور حقوقي، أن تتوجه فلسطين إلى الجمعية العامة لإنشاء صندوق لتعويض ضحايا العدوان "الإسرائيلي" في فلسطين، مضيفًا "هذه ليست مكافأة، وإنما كما هبت دول العالم بصناديق خيالية من أجل الضحايا في أوكرانيا، وعلى العالم عدم الكيل بمكيالين"، مؤكدًا أيضًا على ضرورة توظيف دولة فلسطين للدبلوماسية من خلال سفاراتها المنتشرة في العالم، وقواعد القانون الدولي العام لفضح جرائم الاحتلال وحشد الدعم للشعب الفلسطيني والرواية والضحايا.

وقال إنّ ما حدث خلال عدوان الاحتلال الأخير على قطاع غزة توافرت فيه كلّ أركان جرائم الحرب وضد الإنسانية، "إذ مارس الاحتلال الجرائم واسعة النطاق واستهدف المدنيين بعلم وإرادة قادته، وهذه الأركان جميعها تنعقد لأجلها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".

وبيّن دور الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بتوثيق ومتابعة انتهاكات الاحتلال في غزة، "إذ أنها مؤسسة وطنية تعمل في ظل وجود الاحتلال، وتمارس دورها الرقابي حول التزام السلطات الفلسطينية بالقانون الأساسي الفلسطيني والقوانين والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية" مضيفًا "هذه الحرب تتكرر كل عام، في ظل غياب أدوات المساءلة والمحاسبة بسبب ازدواجية المعايير، ونكران دولة الاحتلال لقواعد القانون الدولي في فلسطين وتحديدًا في غزة".

وطالب الحلو الحقوقيين والمؤسسات الحقوقية بالعمل على توظيف الآليات الدولية ذات الصلة بحماية المدنيين في أوقات الحرب، من آليات وقائية وقضائية، مشيرًا إلى أنّ الهيئة تعتبر أن الآلية الوطنية الأولى لحماية حقوق الإنسان في العالم مجلس حقوق الإنسان الذي يرعى آليات تحت مظلته، مؤكدًا على ضرورة تحركه لانعقاد جلسة خاصة لمناقشة التطورات في ملف حقوق الإنسان والجرائم الخطيرة لقواعد القانون الدولي والإنساني.

وأشار إلى هناك انعقاد جلسة لمجلس الأمن المعني بمتابعة أوضاع السلم والأمن الدوليين، مؤكدًا أهمية أن يتحرك المجلس ويرفد الدول الأعضاء المجتمعة حول نتائج التوصيات التي خلصت إليها لجنة التحقيق الدائمة التي شكلتها الأمم المتحدة عقب عدوان مايو 2021، وذلك لمحاسبة القادة والمسؤولين في دولة الاحتلال وضمان عدم إفلات أي منهم من العقاب.

وشدّد على أهمية رفد مجلس الأمن بأبرز التوصيات التي خلص إليها المقررون الخاصون لمجلس حقوق الإنسان، خصوصًا المقررة الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام عام 1967 "فرانشسكا لابيز" التي اعتبرت أن العدوان "الإسرائيلي" غير قانوني وغير أخلاقي وغير مسؤول، وأن ما حدث لم يكن دفاعًا عن النفس وغير مبرر، بل كان قائمًا على العدوان والهمجية، ما يتوجب عليه المساءلة والمحاسبة، مضيفًا "هذه الآلية الدولية في غاية الأهمية وينبغي النظر إليها باهتمام على المستوى الدولي كي لا تصبح تقارير وتصريحات ومهام المقررين الخاصين مجرد عناوين إعلامية، بل توظيفها لدى صناع القرار لمحاسبة ومساءلة دولة الاحتلال".

وطالب الأطراف السامية الغائبة المتعاقدة حول اتفاقية جنيف الرابعة، بالتحرك من موقع العمل على احترام نصوص وقواعد القانون الدولي الإنساني، وضمان إعماله، "ما يتوجب على سويسرا أن تنظم مؤتمرًا لهذه الدول الأطراف لتطلب بالضغط على دولة الاحتلال للاعتراف بتطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني على الأراضي الفلسطينية".

وقال "طالما أننا نتحدث عن عدوان متكرر، وفي ظل وجود تقارير ولجان تقصي حقائق، فهذا يمهد ويؤسس للاعتقاد لدى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بوجوب الشروع بالتحقيق في إزاء الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، ومجلس الأمن بموجب المادة 13 لديه اختصاص، إذ أن لديه سلطة وفق ميثاق روما بإحالة المدعي العام أوضاعًا يتم فيها انتهاك القانون الدولي الإنساني، ويهدد الأمن والسلم الدوليين".

وأوضح أنّ الحقوقيين ليس لديهم إلا الاستناد لقواعد القانون والآليات الدولية، التي هي مجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، والجمعية العامة للأمم المتحدة، معبرًا عن أمله بموجب قرار رقم 377 بخصوص الاتحاد من أجل السلم بالطلب من مجلس الأمن أن يقوم بدوره إزاء تمرد دولة طرف في الجمعية العامة من الوفاء بالتزامها لحماية الأمن والسلم الدوليين.

وبيّن وجود مجموعة من الآليات والتدابير التي ينبغي على الحقوقيين ممارستها، مضيفًا "العالم تطور وأصبح الإنسان محور الحماية وأهداف التنمية وأدوات المساءلة والمحاسبة؛ فقد أتاح القانون الدولي بموجب الولاية القضائية الدولية الشاملة لكل دولة من دول العالم وفي محاكمها الوطنية أن تنظم محاكمات لمجرمي الحرب في أي مكان ضد أي شخص، فمن الجدير بالدول التي تعنى بالإنسان وحقوق الإنسان والدول المتقدمة أن تفعل ذلك، وأن تأمر بالقبض على مجرمي الحرب من القادة والمسؤولين "الإسرائيليين" الذين اقترفوا جرائم خطيرة".

وقال نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقّوت لوطن إنّ موقف مركزه واضح ومعلن، "فيوميًا خلال العدوان كنا نصدر بيانًا يحدد ويستعرض أبرز الأحداث، وأعمال الرصد والتوثيق خلال العدوان هي أعمال رصد وتوثيق أولية، ولا يوجد فيها تحقيقًا جديًا لأن الظروف المحيطة لا تسمح بذلك، ولا تسمح بإجراء مقابلات وإفادات بالقسم وتجري التحقيق الميداني وتقاطع المعلومات".

وبحسب إحصائيات وزارة الصحة الأخيرة فإنّ هناك 44 شهيدًا، فيما تجاوزت أعداد الجرحى 200 جريحًا، من بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والنساء، وفقًا لما ذكر زقّوت الذي أضاف أنّ ما يجري هو عدوان واضح وغاشم ترتكب فيه قوات الاحتلال انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، إذ تتجاوز كل القواعد، بما في ذلك القواعد الأساسية كالتناسب والتمييز والضرورة الحربية والإنسانية وغير ذلك.

وقال إنّ دولة الاحتلال عندما تفاخر باغتيال قائد، التي هي بالأساس جريمة لأنها عملية قتل خارج نطاق القانون والقضاء، فهي تفاخر بذلك رغم وجود ضحايا كثر يسقطون من أطفال ونساء وآمنين، منازلهم تنهار على رؤوسهم جرّاء القصف، "فهذه جرائم واضحة وموصوفة وفق القانون الدولي، وكل خبراء القانون الدولي كانوا يشيرون إلى ارتكاب دولة الاحتلال جرائم حرب وضد الإنسانية، إلى جانب الحصار والفصل والتمييز العنصري ضد أهالي قطاع غزة".

وأضاف أنّ كل لجان التحقيق التي قدمت في كل عدوان شنته دولة الاحتلال على قطاع غزة كانت تخلص إلى ارتكاب جرائم حرب، "ولكن العالم لم يحرك ساكنًا، حتى المحكمة الجنائية الدولية التي أعلنت فتح تحقيق، فيما تحركت في حالة أوكرانيا، وكان هناك ضغطًا كبيرًا، إذ ضغطت نحو 40 دولة أوروبية باتجاه التحرك، وأرسلت مبعوثين ومحققين إلى أوكرانيا للعمل على الأرض".

وأكّد ضرورة أن تستند الجنائية الدولية لما خلصت إليه لجان التحقيق على مدى سنوات كمرجع، "ومع ذلك لم تحرك ساكنًا لأن هناك إرادة غربية بتحصين وحماية دولة الاحتلال، وهذا يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم، وهم لا يكترثون بل يصدرون بيانات وتصريحات يساوون فيه بين الضحية والجلاد".

وأكّد أيضًا أهمية عمل منظمات حقوق الإنسان بالرصد والتوثيق وإجراء التحقيقات الميدانية وكتابة التقارير ورفعها والاشتباك مع آليات الأمم المتحدة المختلفة، والجنائية الدولية؛ "لأن معركتنا معركة نقاط، ولا يمكن أن نسجل نصرًا بالضربة القاضية، بل إنّ كل هذا العمل تتوقف أهميته وفعاليته بالأداء السياسي".

وقال "في السابق كنا نلجأ كمنظمات حقوق إنسان إلى المحاكم في الدول التي يسمح سلطانها القضائي أو التي لديها ولاية قضائية عالمية استنادًا إلى القانون الدولي الإنساني، ولكن الذي حدث أن عشرات القضايا بما في ذلك قضية "تسيبي ليفني" التي تم تهريبها من بريطانيا وجدنا أن هذه الدول أمام ضغوط اللوبي الصهيوني ودولة الاحتلال والولايات المتحدة بدلًا من أن تحترم نفسها وأن تؤمن بسيادة القانون وتفي بالتزاماتها، ونجدها تغير القانون ليحول دون قدرة الفلسطيني للوصول إلى العدالة، ودون إعمال المساءلة والمحاسبة".

وطالب بالسعي بشكل أكبر لتجنيد كل القوى المحبة للحرية والعدالة والسلام حول العالم، وأن يكون هناك موقفًا عربيًا وإسلاميًا حاضرًا وواضحًا، يتجاوز البيان الصحفي، "للضغط على الدول الحامية لدولة الاحتلال، سياسيًا واقتصاديًا، وليس فقط بالقانون، لأن القانون من السهل على أي لجنة تحقيق مهنية أن تخلص أن "إسرائيل" ترتكب جرائم حرب، ولكن المهم تفعيل الآليات للمحاسبة والمساءلة، لمعاقبة كل من ارتكب أو أمر بارتكاب جريمة حرب".

وأوضح أنّ المسار الضروري واللازم الذي تأخرنا فيه كثيرًا هو في مجالي السياسة والاقتصاد، وذلك بشكيل حاضنة تضغط على الولايات المتحدة، مضيفًا "بالمحصلة النهائية نحن لا نطالب بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية بل بإعمال قرارات الشرعية الدولية، وتوصيات لجان التحقيق، والسلام ليس بأي ثمن، بل يجب أن يأتي في سياق ضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وضمان تحقيق العدالة حول العالم، ودون ذلك نحن لا نتحدث عن سلام بل استسلام".

تصميم وتطوير