نحو 40% يدفعها المواطن "المؤمَّن صحيًا".. ومطالبات بتأمين خارج إطار الحكومة

"الهيئة المستقلة" و"المرصد" لوطن: نحو مليون فلسطيني بلا تأمين صحي والموجود غير عادل

30.05.2022 09:15 PM

وطن: قالت مديرة دائرة الرقابة على السياسات والتشريعات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، المحامية خديجة زهران لوطن، إنّ الهيئة أطلقت حملة مناصرة بالشراكة مع مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية "المرصد"، وذلك لوجود إشكاليات عديدة يعاني منها المواطن في حقه بالتأمين الصحي، الذي يعتبر بوابة الدخول للحصول على الخدمة الصحية في فلسطين.

وأوضحت لبرنامج "عدل" الذي تقدمه شبكة وطن الإعلامية بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، أن الإشكاليات تتمثل بأن التأمين الصحي الموجود غير عادل، وغير شامل، بمعنى أن نحو مليون فلسطيني، خارج منظومة التأمين الصحي، ولا يحصلون على رعاية صحية، إلى جانب عدم شموليته لكافة الخدمات الصحية المتاحة للجمهور، رغم وجود عدد من أنواع التأمينات الصحية؛ الحكومي، والتعاوني، والخاص أو التجاري، وتأمين "الأونروا"، كما أنّه لا يراعي قضية التكافل الاجتماعي، أو منطقية وجود صندوق واحد.

وأضافت أنّ موارد التأمين الصحي لا تلبي كافة التغطية الصحية التي تقدمها الدولة، أي أن موارده تقدم نحو ربع ما تتكبده الدولة مما تنفقه على الرعاية الصحية، ويتحمل المواطن 40% من تكلفة التأمين، أو الرعاية الصحية المقدمة له، وبذلك تصبح الدولة خاسرة، والمواطن خاسر، "الكل خسران في ظل هذه المعادلة".

ولفتت إلى وجود فئات اجتماعية ومناطق لا تحصل على التأمين، سواء كانت محاذية للجدار أو في تجمّعات بدوية وشرائح أخرى بسبب أنها "غير عاملة أو غير منتجة أو فقيرة وغير مشمولة في سجلات وزارة التنمية الاجتماعية".

وبيّنت أنّه غير عادل "لأن ليس كل المشتركين بالتأمين تدفع نفس الاشتراك للحصول على الخدمة الصحية؛ بمعنى أن من دخله السنوي مليون شيكل أو دولار يدفع نفس قيمة الذي دخله ألف شيكل شهريًا، ولا يحصلون على نفس الخدمة".

وأضافت "هذا كله إلى جانب وجود فكرة "الانسحاب العكسي"، التي تجعل المواطن يشترك عندما يريد الخدمة الصحية، ولا داعي لذلك في حال تلقيها، ثم يعود إلى الاشتراك في حال حدوث مرض أو مشكلة صحية، وهذا موجود لعدم إجبارية التأمين الصحي، فهو اختياري، والإجباري فقط للموظفين العموميين".

وقالت زهران "أجرينا تحقيقًا بالتعاون مع المرصد ومؤسسة بيسان والجهاز المركزي للإحصاء ولجان العمل الصحي ومنظمة الصحة الدولية ومعهد الصحة العامة، استمر 3 سنوات؛ ووجدنا خلاله العديد من الفجوات التفصيلية داخل كل إطار"، مضيفة "عرضنا نتائجه ووجهناها إلى الدولة، وأرسلنا كتابًا لمجلس الوزراء، واجتمعنا مع وزيرة الصحة، ووجدنا أن الجهود غير كافية لتنفيذ التوصيات".

وبيّنت وجود مشكلة بالنظام الصحي فيما يتعلق بالتحويلات، "ولا يمكن الحديث عن منظومة صحية شاملة في ظل ضعف وترهل النظام الصحي، فلدينا مستشفيات خاصة نتيجة غياب منظومة التأمين الصحي، وهناك ازدواجية في التخصصات الموجودة في الحكومة والمستشفيات الخاصة، رغم أنها تقدّم نفس الخدمة، وهناك ثقة لدى المواطنين في موضوع العمليات بالمستشفيات الحكومية، وتضطر السلطة إلى تحويل المرضى سواء في الداخل المحتل أو خارج الوطن".

وقالت إن الحكومة تلجأ إلى التحويلات الصحية لأن "بناء المستشفيات بحاجة إلى مبالغ باهظة، وأن يتم تشغيلها"، إلى جانب أنها بحاجة إلى أدوات ومواد مساعدة، وليس لديها هذه الحزمة لتضعها دفعة واحدة وتستثمر بها"، مشيرة إلى ذلك يعود إلى الرؤية الرسمية تجاه الحق في الرعاية الصحية.

وأكدت حاجة فلسطين إلى قانون صحي؛ "لا يمكن أن يقوم الجسم الحكومي الذي يقدم الرعاية الصحية على القدرة على تقديمها، بل يجب أن يكون بالتعاون مع القطاع الخاص، والأونروا، والتأمين التعاوني، فنحدد بذلك الفجوات، ولذلك طالبنا أن يكون التأمين الصحي خارج إطار الحكومة، لوجود مكونات أخرى يجب أن تنضم لتوفير نظام صحي كامل، وليس لأن الحكومة غير قادرة على ذلك".

وقالت إنّ جائحة كورونا كشفت العجز في النظام الصحي، مشيرة إلى عدم استطاعة الحكومة بمفردها بإنجاز نظام تأمين صحي عادل وشامل، مؤكدة ضرورة وجود قانون ينظّم الخدمة الصحية بين الأجسام المقدّمة لها، والعمل على تطويرها.

وقالت إنّ هناك إرادة حكومية بموضوع التأمين الصحي، مضيفة "في كل الخطط الحكومية هناك هدف بالوصول إلى تأمين صحي شامل وعادل، وهذا يتقاطع مع عنوان حملتنا، ولكن الإرادة حتى الآن لم تبلور وجهة نظر حول ذلك، وفي وزارات سابقة كان هناك قانون تأمين صحي شامل وعادل، وكان يهدف لوجود مؤسسة مستقلة للتأمين، لكن دون وضوح بدء الخطوات".

وأكّدت وجود خطوات عملية على أكثر من مستوى؛ "إذ نتشارك مع "المرصد" بحملة إعلامية للمناصرة والتأثير لإيصال الأفكار، والكشف عن الواقع الصحي في فلسطين بالأرقام والصور، بالإضافة إلى استمرار اللقاءات مع صنّاع القرار، ونحن نحاول خلال الفترة القادمة عقد اجتماع مع رئيس الوزراء، ونلتقي باستمرار بوزيرة الصحة وهي في صورة الموضوع، ولكننا بحاجة إلى قرار من مجلس الوزراء لتشكيل لجنة، من مختصين وخبراء وممثلين عن القطاع الحكومي الصحي والخاص لبلورة رؤية للتأمين الصحي والأدوار، إلى جانب الاستفادة من الخبرات الدولية عن طريق منظمة الصحة العالمية".

وأضافت زهران "إلى جانب اللقاءات مع صنّاع القرار، فإننا نجري أوراق عمل وأبحاث، وخطوات أخرى غير مقيّدة، وجزء من حملتنا بحاجة إلى التمويل، وسنستمر في حملتنا".

من جانبها بيّنت الباحثة والمدربة في مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية إيمان زيّاد، صعوبة تطوير المنظومة الصحية الفلسطينية بالموارد الموجودة حاليًا، مشيرة إلى ضرورة وضع خطة لتطوير النظام الصحي، لينعكس على جودة الخدمات، وإلزامية الاشتراك والتكافل للانضمام، مطالبة بنظام يلبي الخدمات لكافة فئات المجتمع ويوفر الخدمات للجميع، ويوفر الموارد من مستشفيات وأطباء وممرضين للحصول على الخدمة.

وأشارت إلى أن بعض المواطنين لا يتوجهون للحصول على الخدمة الصحية في ظل التأمين الصحي الحكومي الحالي؛ "لأنهم بحاجة إلى الانتظار لأشهر، أو حتى عام، أو أكثر، لإجراء عملية مستعجلة، فيدفعهم ذلك إلى تلقي الخدمة من القطاع الخاص ودفع التكاليف المترتبة على ذلك، أو قد يلجأون إلى أنواع أخرى من التأمينات الصحية الخاصة".

وقالت زيّاد، إنّ إلزام المواطنين بخدمة التأمين الصحي يأتي بتوفير كافة الموارد والاحتياجات لتغطي الخدمات الصحية، مشيرة إلى حاجة ذلك إلى إرادة سياسية، وتخصيص الموارد والمصادر المادية لذلك، مع مراعاة الفروق والتفاوت بين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين.

وأكّدت ضرورة فصل نظام التأمين الصحي عن وزارة الصحة والحكومة، بما في ذلك إدارته المالية، "وهذا بحاجة إلى مؤسسة ومنظومة كاملة تديره، ولكن بوجود لوائح وقوانين تحدد الأدوار والمواد القانونية التي يتم الالتزام بها".

ولفتت زيّاد إلى وجوب جلوس جميع الأطرافعلى طاولة واحدة، للبحث في تكلفة التأمين على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، مضيفة "بناء على تقريرنا فحصنا أكثر من جهة تقدّم التأمين الصحي، والجدوى الاقتصادية، وقد يرفض القطاع الخاص تقديم هذه الخدمة لأنه قد يخسر".

وأكّدت ضرورة تعديل القانون الذي يشير إلى وجوب تقديم "خدمة صحية وليس حق"، مبينة أن الخدمة مرتبطة بالموارد المتاحة، والموارد تتذبذب بحسب الأوضاع، ويتم وضع التصورات لصرف الموارد وكيفية التصرف بها بناء على وجهة نظر القائمين عليها، وليس الاحتياجات، التي تتغير وتتوسع، خصوصًا الصحية، بحكم الظروف في فلسطين.

وقالت إنّ الحكومة أعلنت توقّف التحويلات الطبية إلى الداخل، لكن ما زال هناك كثير من الحالات التي يتم تحويلها، ومنها إلى مستشفيات خاصة في فلسطين، مطالبة الحكومة ببناء مستشفيات وتوفير الاحتياجات لجميع المواطنين بدلًا من التحويلات إلى المستشفيات الخاصة، والإلزامية بالقانون وتطبيقه، وربط التأمين بكيفية تصنيف شرائح المواطنين المختلفة وفقًا لآليات معينة، وبناء على الضرائب التي يقومون بدفعها.

وشدّدت على ضرورة توعية المواطنين باهمية المطالبة بتوفير تأمين صحي، "لأنه حق للجميع، وإظهار النسبة التي يتم دفعها بشكل دوري وهي 40%، التي ترتفع عامًا بعد عام، ليتم توفير الخدمات الصحية للأسرة".

وختمت قائلة إنه عند وجود قانون واضح لدور صندوق التأمين الصحي أو الهيئة التي ستكون لذلك، بإجراءات عملية واضحة، فإن هذا يقنع الناس بالانضمام، "ولكن نحن في المرحلة الأولى ندفع الناس نحو المطالبة بتوفير نظام تأمين صحي شامل وعادل، والتركيز على مواصفاته، وبجودة عالية ويحفظ كرامة المواطنين، وهذا يعتمد على مدى الشفافية والتصريح بكافة إجراءات النظام، وان تكون الخبرات من الأطباء في مستشفياتنا".

تصميم وتطوير