حقوق العمال في زمن الكورونا ما بين الضياع والحماية القانونية

18.05.2020 08:55 PM

 

دويك لوطن: يجب توقيع اتفاق ثلاثي ثاني لحماية حقوق العمال وعلى الحكومة دعم العمال وأصحاب العمل مالياً

وزارة العمل لـوطن: آن الأوان لمراجعة قانون العمل وادخال التعديلات الاساسية عليه

المحامي شكري العابودي لـوطن: قانون العمل يحتوي على ثغرات كبيرة ونقص في أدوات تطبيقه

وطن: سلط برنامج عدل الذي يقدمه المحامي أنس الكسواني، ويبث عبر شبكة وطن الإعلامية، بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، الضوء حقوق العمال وكيفية الحفاظ عليها من الضياع في ظل استمرار حالة الطوارئ لمنع تفشي فيروس كورونا في فلسطين.

و قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د. عمار دويك إن الأولويات التي يجب التركيز عليها بعد انتهاء أزمة كورونا هي تلبية الاحتياجات الفورية، بالإضافة إلى فتح النقاش مباشرة في عدة قضايا تخص العمل، منها تعديل قانون العمل وتقوية التفتيش العمالي، الذي يعاني من نقص حيث يوجد 80 مفتشا لـ150 الف منشآة ولا يوجد لديهم مركبات بشكل كاف ولا اجر يراعي المخاطر التي يتعرضون لها ولا حوافز كافية لها، لذلك نطالب بدعمهم وتقويتهم وزيادة عددهم.

وأضاف يجب أقرار قانون التنظيم النقابي الذي طالبنا فيها منذ زمن وتعطلت مسودته، بسبب مصالح قوى واتحادات تختبئ تحت مظلة منظمة التحرير للهروب من الاستحقاق الديمقراطي وتقوم بتعطل اي عملية تنظيم نقابي، بالتالي هذا يجب ان يكون اولوية لحماية صفوف القوى العاملة.

وتابع: يجب زيادة موازنة وزارة العمل ، ويجب النظر بشكل عاجل بتصنيف المنشآت الى 4 انواع، اولها: منشآت استفادت من الجائحة وزادت ارباحها بشكل كبير جدا، ثانيا: منشآت لم تتأثر ، ثالثا: منشآت تأثرت بشكل كبير لكن تستطيع الاستمرار، ورابعا: منشآت تدمرت وتواجه الافلاس، وهذه التصنيف تساعد في اي عملية تشريعية قادمة، وتساعد في تفصيل قانون ضريبة مؤقت لشهرين لفرض ضرائب على الفئات التي استفادت والتي لم تتأثر من اجل اعادة التوزيع من خلال الضرائب.

وأوضح دويك أن التبرع والتكافل الاجتماعي الطوعي غير كافٍ، بل نحن بحاجة لتدخل تشريعي للأخذ من الفئات التي زادت ارباحها ولم تضرر ومنحها للفئات التي تدمرت وخسرت بشكل كبير. كما انه يمكن الحصول على تبرع لمرة واحدة من الرواتب التي استمرت في المؤسسات وتوزيعها بشكل عادل على الفئات المتضررة دون تمييز او محاباة.

وحول تطبيق قانون العمل، أكد دويك أن قانون العمل لم يكن مطبقاً قبل جائحة كورونا في كثير من المنشآت، حيث وفق مسح القوى العاملة للاحصاء الفلسطيني 2019، اظهر ان لدينا 345 ألف عاطل عن العمل، وأن 50% من العمال ليس لديهم عقود عمل موقعة، و30% من القوى العاملة يحصلون على رواتب اقل من الحد الأدنى للأجور، عدا الى افتقاد بعض المنشآت لشروط الصحة والسلامة مما ادى لاصابات في صفوف العمال.

بعض الشركات التي تتعاقد مع الحكومة لا تلتزم بقانون العمل

وكشف دويك أن بعض الشركات التي تتعاقد مع الحكومة لا تلتزم بقانون العمل مثل شركات التنظيف التي تقوم بتنظيف المستشفيات تعطي عمال المياومة اقل من الحد الادنى للأجور.

وقال إنه عندما جاءت الجائحة كشفت عن غياب الحماية الاجتماعية لاغلب العاملين في قطاعات العمل الفلسطيني ، وكشفت ضعف الاقتصاد وهشاشته، بالتالي ذلك بحاجة لتدخل من الحكومة لإنقاذ العمال وأصحاب العمل، لانه حسب مسح 2017، لدينا 90% من المنشآت صغيرة ومتناهية الصغر، أي أنها تشغل اقل من 4 أشخاص، بالتالي بحاجة لدعم من الحكومة.

وفيما يتعلق بالاتفاق الثلاثي الذي وقعته اطراف العمل، قال دويك أنه كان اتفاقا مهما ويمكن الاستناد اليه بالقضاء، حيث حفظ حقوق العمال وارشد اصحاب العمل واعطى قيمة ادبية بعدم تسريح العمل. أما الاتفاق الثلاثي الثاني الذي كان من المقرر توقيعه، يعطي العمال حقوق بشكل كبير لدرجة ان اصحاب العمل يرفضون اغلب بنوده.

وأوضح أن الاجتماع الذي عقد في وزارة الاقتصاد بتاريخ 16/4/2020، تم افشاله من قبل ممثلي العمال، حيث حدثت مشادة وتخوين بينهم، مما ادى لافشال الاجتماع، وهو ما فوت فرصة مهمة لتوقيعه، حتى لا يصبح العمال مكشوفين.

وقال إن "ملاحظتنا الاساسية على مسودة الاتفاق، هي أن دور الدولة ما زال ضعيفا وغير واضح، لذلك المطلوب منها أولا: دعم مالي لانقاذ القطاعات الاقتصادية التي تم تعطيلها، ودعم العمال بما يحفظ كرامتهم ، ثانيا: تدخل تشريعي على غرار أمر دفاعي رقم 6 في الأردن، والذي جاء لانقاذ الاقتصاد الوطني والعمال، بحيث يمنع تسريح العمال ويعطي صاحب العمل الخيار بتعليق عمل العامل او ان يعمل العامل بدوام جزئي او تغيير مسماه الوظيفي وذلك ضمن فترة الجائحة.

وأضاف: المطلوب من وزارة العمل عدم الاستسلام حتى لو فشل الاجتماع، لان عليها مسؤولية اخلاقية في حماية العامل وسوق العمل. مضيفاً: حتى لو ان اطرف العمل لا تريد الاجتماع، يمكن للدولة بما لديها من قرارات وسيادة تستطيع ان توصي للرئيس بأن يصدر قرارات بقوانين تكون متزانة وتأخذ بعين الاعتبار المصالح المختلفة.

وزارة العمل: آن الأوان لمراجعة قانون العمل وادخال التعديلات الاساسية عليه

من جانبها، قالت المستشار القانوني لوزارة العمل بثينة سالم بانتهاء ازمة كورونا يجب اعادة النظر في كل التدخلات التشريعية الناظمة لقطاع العمل، وكوزارة العمل بادرنا منذ سنتين بمراجعة القانون وتم تشكيل لجان لمراجعته.

وأضافت: اتفق مع الضيوف أنه بعد مرور 19 عاما على قانون العمل آن الأوان لمراجعته وادخال التعديلات الاساسية عليه.

وحول تأثر سوق العمل باجراءات الطوارئ، قالت سالم إن قطاع العمل في فلسطين له خصوصية لان المشاكل تراكمت فيه، إضافة إلى أنه احد من القطاعات الحيوية التي تعبر عن لقمة عيش المواطنين، خاصة أنه اجراءات الطوارئ مست بلقمة المواطنين حماية لهم وحفاظا على سلامتهم.

وأضافت: قطاع المنشآت لم يكن قادرا على استيعاب هكذا ضربة او ظرف استثنائي، وكان يتطلب من الجميع (العامل ، صاحب العمل، الحكومة) العمل معا، لكن لا نستطيع محاكمة قانون العمل الآن لأننا في ظرف استثنائي وبالتالي القوانين القائمة لن تكون كافية لتجاوز المشاكل والتداعيات التي تركها الوباء.

وتابعت في حديثها: كان لدينا بعد نظر بأن العزل الصحي سوف يؤثر على الحقوق الناتجة عن علاقة العمل لذلك جاء الاتفاق الثلاثي حماية لحقوق العمال خلال فترة الطوارئ، ونجحنا كأطراف ثلاثة بالوصول لاتفاق نحمي فيه حقوق صاحب العمل، والعمال.

وأكدت أن قانون العمل انه غير كافٍ، وهو واحد مجموعة من القوانين التي يفترض ان تحمي سوق العمل، منها وجود محاكم عمالية، وضمان اجتماعي، ونقابات عمال دستورية شرعية، وهي اذرع لانجاح قانون العمل وبدونها سيكون قانون العمل غير كافٍ.

وقالت إن دور وزارة العمل دور اشرافي من خلال المفتشين، وقد تجاوزنا نقص عدد المتفشين من خلال التطورات التي طرأت على الخطط الميدانية في عمل الوزارة، منها الشكوى والخطوط الساخنة، واللجان الثلاثية في المحافظات، والتي تهدف للكشف عن اي تحايلات على تطبيق قانون العمل.

وحول مسودة الاتفاق الثلاثي الثاني الذي لم يوقع، أوضحت سالم  أن دور الحكومة رئيسي في وضع الحد الادنى من الحماية، وقد أدى ذلك للتشارك في الوصول إلى الاتفاق الثلاثي والذي تم تطبيقه لمدة شهرين فائتين، كما أن استمرار حالة الطوارئ يتطلب من الاطراف ان تقوم بتمديد الاتفاق، وقد بادرنا في الوزارة لذلك من خلال مسودة الاتفاق الثلاثي الثاني.

وقالت: اصبح هناك تسهيلات ، حيث غالبية المنشآت عادت للعمل بنسب متفاوتة، لذلك كنا نتمنى بفرصة ثانية من الاجتماعات الثلاثية، خاصة أن الحوار لم يفشل بعد وما زال بين اطراف الانتاج، ونتوقع ان يكون هناك تجاوب، اذا اخذ دور الدولة لدعم القطاعات الاقتصادية التي ما زالت مغلقة.

وأهابت بمثلي العمال واصحاب العمل ان يطرحوا خطة لانقاذ العامل والعمل.

وأضافت: لدينا سيناريوهات في الحكومة بدعم الأجور من خلال توفير مبالغ مالية لاصحاب العمل وبموجبها تدفع أجور العمال او نسبة منها، حتى نضمن الحد الادنى من الحماية للعمال، وهناك خيارات اخرى تدرسها الحكومة من خلال الامكانيات المتاحة .

وأكدت أن الاتفاق قابل للنقاش وقابل لاعادته للحوار والمفاوضة مجددا، خاصة أن رئيس الوزراء صرح بأنه سيكون هناك مراجعة شاملة للتدابير الاحترازية وقد يتم انهائها، لذلك نتمنى ان ينجح الحوار في دفع رواتب شهر مايو الحالي.

العابودي: قانون العمل يحتوي على ثغرات كبيرة ونقص في أدوات تطبيقه

من جهته، أكد المحامي المختص بالقضايا العمالية شكري العابودي أن قانون العمل يحتوي على ثغرات كبيرة، ونقص في ادوات تطبيقه، مثل نقص في عدد المفتشين، لكن ازمة كورونا اثبتت الخلل التشريعي والنقص التشريعي، مثل المادة 41 من قانون العمل التي لا اعتقد أنها تعفي اصحاب العمل من التزاماته عند انهائه خدمات العاملين لديه

وبحسب المادة 41 من قانون العمل، يجوز لاصحاب العمل انهاء عقد العمل بشكل فردي لاسباب ادارية او فنية اواقتصادية او خسارة مؤكدة، منها تغيير المسمى الوظيفي للعمال او انهاء عقود العمل بدون دفع بدل فصل تعسفي.

وأوضح العابودي أن هذه المادة وضعت لحالة طبيعية ولم توضع لحالة الكورونا، بالتالي قانون العمل بحاجة لتعديل خاصة انه قد مضى عليه 20 عاما من التطبيق.

وقال إن هذه المادة (41) تنطبق في حالة الطبيعية وليس في الحالات الاستثنائية مثل كورونا، اما في الحالة الاستثنائية حتى لو لجأ اصحاب العمل لتطبيقها ارى انه هناك امكانية جدية للطعن فيها.

وحمل العابودي الحكومة مسؤولية عدم دعم المحامين والفئات التي تضررت من وباء كورونا ولم يشملها الاتفاق الثلاثي، قائلاً:هناك 10 آلاف محامي عاطل عن العمل في ازمة كورونا، وهنا احمل المسؤولية للحكومة، حتى على الاتفاق الثلاثي هو اقالة لدور الحكومة، وعلى الحكومة دعم المحامين المتعطلين او الذين يعملون في المنشآت الصغيرة.

وفيما يتعلق بتعديل قانون العمل اقترح العابودي، إدخال تعديل فيما يخص إصابة العمل حتى تكون المعاملة مع الحادث وفق حوادث السير بدفعة مستعجلة، وأن يتم ربط الاحكام بفائدة قانونية، حتى يتم انهاء القضايا العمالية بأسرع وقت.

تصميم وتطوير