الرئاسة أفضل من يتعاون مع القضاء

المستشار أبو شرار لـوطن: السلطة التنفيذية لا تتفهم احتياجات القضاء ما يؤخر عملية الإصلاح

20.01.2020 06:42 PM

رام الله – وطن: قال رئيس مجلس القضاء الاعلى الانتقالي، رئيس المحكمة العليا، عيسى ابو شرار انه بعد مرور 6  اشهر على تشكيل المجلس الاعلى الانتقالي، استطاع انجاز العديد من المهمات الملقاة على عاتقه والمحددة بالقرار بقانون رقم 17، لافتا الى ان المهمة الاساسية لعمل المجلس هي اصلاح القضاء ومنظومة التشريعات الناظمة للعمل القضائي.

وقال ابو شرار إن مجلس قضاء الاعلى الانتقالي تسلم مهامه مع بداية العطلة القضائية، وبالتالي عمل على اعداد الارضية الملائمة لتشكيل المحاكم مع بداية السنة القضائية، بداية ايلول/سبتمبر حتى ينتظم عمل القضاء، وكي يضع المجلس الخطط قصيرة وطويلة المدى.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "عدل" الذي يبث عبر شبكة وطن الاعلامية بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، ويقدمه المحامي أنس الكسواني.

وحول ما تم إنجازه، قال أبو شرار خلال مشاركته في برنامج "عدل" الذي يقدمه المحامي أنس الكسواني عبر شبكة وطن، إن المجلس الانتقالي استطاع اعادة تشكيل المحاكم، ومنذ بداية السنة القضائية مطلع ايلول/سبتمبر، وحتى نهاية العام 2019، انجز مهمات عدة، ابرزها انضباط القضاة وانتظام عمل ودوام القضاة والعمل بجدية في القضايا المنظورة.

واوضح ابو شرار انه طرأ تحسن طفيف على انجاز القضايا امام المحاكم، وان لم يكن التحسن المأمول من قبل المجلس، لكنه يبقى افضل من السابق، وتحديدا في سرعة البت بالقضايا خاصة محاكم الدرجة الاولى والثانية باستثناء محكمة العدل العليا حيث لم يحدث بها اختراق بسبب النقص في قضاة المحكمة .

ولفت ابو شرار الى وجود زيادة مضطردة في القضايا الوارد لمحكمة العدل العليا والنقض حتى كانون اول/ديسمبر 2019، لافتا الى ان القضايا الواردة لمحكمة النقض زادت على 300 قضية بينما القضايا التي جرى الفصل بها لم يتجاوز 140 قضية.

واكد ابو شرار ان نظرة المواطنين للقضاء بدأت تتغير، بدليل زيادة عدد القضايا الواردة للمحاكم خلال الشهور الثلاثة الاخيرة من عام 2019 ، والتي ارتفعت بنسبة 13.8 %.

وحول النقص في عدد القضاة في المحاكم، قال ابو شرار إن المجلس عين 25 قاضيا جديدا لكن ذلك ليس العدد الذي نحتاج اليه، في ظل النقص الشديد في عدد القضاة، حيث ووفق الدراسات فإننا بحاجة لاكثر من 315 قاضيا، بعد دراسة عدد القضايا المنظورة ، والزيادة فيها.

واوضح ابو شرار " لدينا الآن 196 قاضيا، وجرى تعيين 25 قاضيا، لكن العدد لا يتفق مع عدد القضايا المنظورة في المحاكم والتي تتجاوز 69 الف قضية، ما عدا القضايا التنفيذية المنظورة امام التنفيذ".

ولفت ابو شرار الى أن ما انجزه مجلس القضاء الاعلى يعتبر انجازات مهمة، نظرا لأن الخلل والضرر اللاحق بالقضاء كان كبيرا جدا، مشيرا الى ان المجلس وضع خطة للتغلب على النقص الكبير في عدد الكَتَبة والطابعين ومدخلي البيانات، ولكن للاسف لا يمكن اجراء تعيين الموظفين لاسباب خارجة عن ارادتنا بسبب الحكومة، وقرارها بعدم تعيين اي موظف في هذه الفترة بسبب الاوضاع المالية الصعبة.

وقال ابو شرار " ما جرى تحقيقه انجازات لكنها لا تلبي طموحنا، لكنه لا يوجد امكانية للمجلس الانتقالي الاعلى التغلب على المشاكل والخلل الموجود نظرا لانه كان كبيرا"، مضيفاً "مجلس القضاء لا يتمكن من التغلب على الخلل في عدد القضاة القليل، خاصة ان الرافد للقضاة هم المحامون، فعلى سبيل المثال فقد تقدم 200 محام لكي يشغروا منصب قاض،  لكن 6 محامين فقط استطاعوا اجتياز الامتحان المخصص لذلك".

واضاف " لقد جرى تفعيل المعهد القضائي الذي كان معطلا من قبل".

واوضح ابو شرار ان "العمل الذي يقوم به المجلس الاعلى، ستظهر انجازاته بعد فترة طويلة"، مضيفأ " نحن غير راضين، لكن العوائق اكبر من طاقة المجلس الانتقالي والخلل الموجود كبير، وليس من السهل التغلب عليها في 6 شهور او سنة".

وحول ان كان سبب ضعف اقبال المحامين على التقدم للوظيفة القضائية، هو انخفاض رواتب القضاة، قال أبو شرار "نحن في طور المفاوضات مع الحكومة ووزارة المالية حول رواتب القضاة، وامتيازاتهم وما هي الاغراءات التي يمكن ان نقدمها للمحامي المؤهل كي يقبل بالوظيفة القضائية".

اما عن تعاون السلطة التنفيذية مع السلطة القضائية، فقال ابو شرار بأن عدم تعاون السلطة التنفيذية كان احد اسباب بطء عملية الاصلاح القضائي، مضيفاً " نظرا لاغلاق التوظيف لدى الحكومة، قدمنا مذكرة للرئيس عباس على ان يستثني القضاء من ذلك القرار، وقد اشار الرئيس عليها في 15 ايلول/سبتمبر، وحولها في نفس اليوم الى رئيس ديوان الموظفين، والى رئيس الوزراء ، وحتى الان ما زلنا ندور في حلقة مفرغة، ونجري مراسلات مع ديوان الموظفين، ووزارة المالية ورئاسة الوزراء"، مشيرا الى انه جرت الموافقة على تعيين 25 موظفا اداريا، وحتى الآن لم يتم اتخاذ اجراء تنفيذي بذلك، بسبب الاجراءات البيروقراطية لدى الحكومة.

وحول النقص في قضاة المحكمة العليا، قال أبو شرار من غير اللائق الاعلان عن مسابقات واجراء فحوص لقاضي محكمة عليا، فهذا الامر لا يليق به، ولذلك فإن رؤية المجلس هي استقطاب عدد من القضاة او المحامين المؤهلين لهذا المنصب، كما فعلنا عام 2006 حين استقطبنا عددا من القضاة لمحكمة البداية وكان اجراءا جيدا.

واضاف ابو شرار ان تدني رواتب القضاة هو سبب عدم استقطاب قضاة جدد لمحكمة العدل العليا، مردفا  "للتغلب على هذا الامر، طلبنا في اجتماعات مع وزارة المالية تحديد درجات القضاة ورواتبهم، وبعد ذلك نحدد الزيادة التي يجب ادخالها على رواتب القضاة، ونحن نصر ان لا تقل الزيادة عن 50 % على الرواتب التي يتقاضاها القضاة في هذه المرحلة، وهي زيادة مجزية، لكن لم يتم الاتفاق مع الحكومة ووزارة المالية على ذلك".

ومن اجل تشجيع المحامين على التقدم للوظيفة القضائية، قال ابو شرار "لقد ادخلنا على قانون السلطة القضائية بعض التعديلات التشريعية المتعلقة باحتساب ثلثي مدة ممارسة المحامي لمهنة المحاماة خدمة مقبولة لغايات التقاعد، وهذا عامل تشجيعي، كما ادخلنا تعديلا تشريعيا في عمل صناديق تكافل للقضاة والعاملين في القضاء، واذا ما تم العمل بهذه الصناديق فإنها ستحسن دخل القاضي وتشجع المحامي للقبول بالوظيفة القضائية.

وحول تقييم مجلس القضاء الاعلى الانتقالي لعمل الجهات التنفيذية وتعاونها مع المجلس وتحديدا وزارة المالية وديوان الموظفين، قال ابو شرار " يجب ان لا يكون لديوان الموظفين اي ولاية بشأن  ترقية القاضي لان هذه سلطة قضائية وليست وظيفة، ولأن القضاة سلطة مستقلة يتوجب ان نعمل على رفع يد ديوان الموظفين بما يتعلق بعمل القضاة وتوظيفهم وترقيتهم وبكل شأن متصل بهم، ونحن بصدد الدخول الى تنفيذ ذلك".

وحول موازنة السلطة القضائية قال ابو شرار " قانون السلطة القضائية ينص على ان موازنة السلطة القضائية مقطوعة من موازنة الحكومة، لكن ذلك غير منفذ، اي انه لا ترصد او تنقل اي موازنة للسلطة القضائية، ولذلك نجد ان ايجارات مباني المحاكم لم تدفع منذ عام 2018، وحين نريد استئجار مبنى نكون تحت رحمة وزارة المالية".

واضاف " منذ شهرين لم يستطع الفريق الاداري من المجلس الاعلى ان يجتمع مع مسؤول لجنة الايجارات في وزارة المالية، وحين اجتمعوا معه، قال للفريق ان هناك عوائق وسنتوجه للرئيس للموافقة على الاستثناء".

وعن مجمل العلاقة مع السلطة التنفيذية، قال ابو شرار " انا ارى ان السلطة التنفيذية لا تقدر مدى اهمية القضاء لكل مواطن في فلسطين وان يكون لديه قضاء عادل او  قادر على تحقيق العادلة ، ولم تولي من تاريخ تسلم السلطة الوطنية ملف القضاء من الاسرائيليين، اهمية هذه السلطة، ولم تتعامل معها كسلطة مستقلة، ولم اجد تقدير من اي مسؤول لهذه السلطة. اسلطة قضائية شانها شأن السلطات الأخرى كالسلطة التنفيذية ومن اهم السلطات بالنسبة للمواطن".

واشاد ابو شرار بتعاون مؤسسة الرئاسة قائلاً " مؤسسة الرئاسة، افضل من يتعاون مع القضاء، فحين نطلب فتح التعيينات فإن الرئيس يوافق على ذلك،  لكن التنفيذ يبقى من صلاحية الحكومة، فالرئيس يوافق ويصدر المراسيم حول تعيين القضاة، لكن العائق عدم وجود أشخاص مؤهلين للقبول بالوظيفة القضائية،  فلو تقدم 50 قاضيا لمحاكم الصلح والبداية والاستئناف والعدل العليا، فإن الرئيس لن يرفض اصدار المراسيم بتعيينهم."

اما عن علاقة مجلس القضاء الاعلى مع المجتمع المدني، فقال ابو شرار "ان مؤسسات المجتمع المدني تعمل على ايصال المعلومات للجمهور بالطريقة التي تؤمن بها والتي تتناسب مع اهدافها، لكن هي غير قادرة على دفع الجهات التنفيذية للتعامل مع مجلس القضاء الاعلى الانتقالي لتلبية متطلباته"، مضيفاً "التعاون قائم بيننا ويتم التواصل باستمرار، لكن لا نتائج ملموسة بتشكيل لوبي ضاغط على الجهات التنفيذية لتفهم احتياجات القضاء".

وعن الانطباع الموجود لدى المواطنين حول تدخل الاجهزة الامنية في القضاء، قال ابو شرار "انا لا المس اي تدخلات مباشرة من قبل الاجهزة الامنية في عمل القضاة، واذا كان هناك تدخلات فنحن نرفضها".

واضاف "اذا ثبت لنا ان قاضيا له علاقة مع الامن، فنحن لا نصمت عليه بل نحيله للتحقيق والتفتيش بتهمة مس هيبة القضاء وانه لا يليق به ان يكون قاضيا".

اما عن شكاوى المواطنين بشأن مباني المحاكم، قال أبو شرار " نحن بحثنا عن مانحين، لا يوجد امكانية لبناء ابنية للمحاكم الان"، مضيفاً "هناك اخطاء تاريخية بهذا الامر، فبعد عام 2007 وحين بدأ المانحون يتعاونون مع مجلس القضاء الاعلى كان منوطا بالكنديين بناء ابنية المحاكم، وقد وضعنا المخططات  لتلك الابنية واستملكنا قطعة ارض لبناء محكمة وحددنا كيفية البناء، وبعد ان تقاعدت تم التنازل من مجلس القضاء الاعلى عن قطعة الارض التي تم استملاكها، والكنديون رأوا انهم غير قادرين على تنفيذ الابنية في وقت واحد، بعد ان بدأوا بالبناء في طولكرم ومدن اخرى، كما جرى استملاك قطعة اخرى وبعد ذلك التنازل عنها".

واضاف ابو شرار انه جرى بحث هذا الملف مع وزارة المالية، حيث وعدت المالية بوضع البناء في خطة الحكومة المستقبلية، مضيفاً "سنناقش هذا الملف مع رئيس الوزراء ونتمنى من كل الجهات والاعلام والمجتمع المدني تسليط الضوء على ابنية المحاكم حتى تتحرك الحكومة او تضع خطة فيما يتعلق ببناء مجمع محاكم في رام الله."

وعن وضع التشريعات في فلسطين، اعرب ابو شرار عن امله باجراء الانتخابات قائلاً " نحن بحاجة الى تشريعات جديدة، لكن لا يجب ان نربط احتياجاتنا التشريعية بالانتخابات، خاصة ان المجلس التشريعي الذي حلته المحكمة الدستورية، ولد ميتا ولم يعمل، ولم يشرع ولو لمرة واحدة، كما ان التشريعات المعدلة وضعت في عهد المجلس التشريعي الاول ولذلك نحن بحاجة لمواكبة التحديثات والتطورات". 

وحول القضايا العالقة في المحاكم المتعلقة بتسوية الاراضي، والتي بدأت بالظهور مع عمل هيئة تسوية الاراضي، قال أبو شرار ان المشكلة الاساسية في ذلك هو غياب التنسيق بين هيئة تسوية الاراضي ومجلس القضاء الاعلى .

وقال ابو شرار " في رام الله هناك محكمة تسوية وامامها 4 الاف قضية تسوية، وهناك 4 الاف قضية ستدخل للنظام، ولذلك ونتيجة الخلل، طلبت من مسؤولي هيئة التسوية ان يأخذوا موافقة على اعتمادات مالية لتعيين 40 قاضيا للتسوية وبعد انتهاء التسوية سنقوم بتعيين القضاة".

واوضح ابو شرار ان هيئة تسوية الاراضي تتوسع في عملها كل يوم، لكن لا يوجد فائض في قضاة التسوية، ولا يوجد تنسيق بين مؤسسات السلطة الفلسطينية وهو ما يخلق الخلل.

وفي تعليقه حول حق القضاة بالحرية والتعبير عن رأيهم ومواقفهم، وتحديدا إحالة القاضي احمد الاشقر لمجلس تأديبي على خلفية نشره مقالا في وكالة وطن في الأول من نيسان الماضي ، قال ابو شرار " ان حرية الراي والتعبير نقطة خلافية حتى في دول العالم ، فهناك فقهاء قانون يمنعون القاضي من التواصل مع الاعلام".

واضاف ابو شرار "اما في فلسطين، فنحن لدينا مقياس ومعيار وهي مدونة السلوك القضائي، وبالتالي فإن كل تعبير عن الرأي نجد انه لا يتفق مع المدونة، نرى ان القاضي ارتكب مخالفة يجب مساءلته عليها، وبالتالي نحيله الى قاض للتحقيق معه وفق قانون السلطة القضائية، وحسب توصيات القاضي، اما ان نحيله لمجلس التأديب والذي يمارس صلاحياته وفقا لاحكام القانون، وبالتالي  إن رأى أن هذا الفعل لا يشكل مخالفة بالتالي لا يجوز مساءلته ، يحفظ القضية، وان رأى ان القاضي تجاوز الحدود واساء لهيبة القضاء ممكن ينبهه".

واضاف "انا من جانبي ارى ان الوظيفة القضائية لها جلال ويجب ان يكون سلوك القاضي مع جلال هذه الوظيفة وان يحافظ عليها"، مضيفاً " حين يهاجم هذا القاضي (الاشقر) الحكومة ويتهم وزيرا بالفساد، وتأتي هيئة مكافحة الفساد وتحقق مع هذا الوزير السابق وتحيله للمحكمة، وكان القاضي عضوا بالمحكمة، فهل يكون القاضي صالحا في النظر بالقضية وهو الذي اصدر رأيا مسبقا بهذا الوزير او الحكومة؟".

واضاف ابو شرار ان "القاضي يجب ان يقطع صلته بكل حزب سياسي حين يتبوأ منصبه"، فمن يقبل بوظيفة القضاء عليه ان يدفع ثمن تلك الوظيفة وضريبتها .

وحول ما يقال عن تنسيب مجلس القضاء الاعلى لبعض القضاة للعزل او احالتهم لوظائف اخرى قال ابو شرار " لم يطرح المجلس الانتقالي الاعلى ذلك، لكن المجلس لن يتردد بذلك والتنسيب للرئيس اذا ما تأكد ان هناك قضاة لا يجوز استمرارهم في الوظيفة القضائية".

واضاف " حتى الآن لم يطرح اسم اي قاض على المجلس، وان الذي  ينسب لمجلس القضاء هو رئيس المجلس، ولكن رئيس المجلس لم يطرح على المجلس اسم اي قاض محدد من القضاة للاستغناء عنه، وما يدور الحديث عنه يقع في دائرة الاشاعات".

تصميم وتطوير