مؤسسات حقوقية لوطن: جاهزون للتعاون مع محكمة الجنايات الدولية حال بدء التحقيقات بجرائم الاحتلال

23.12.2019 07:32 PM

 

"الحق": قرار الجنائية الدولية بفتح تحقيق بجرائم الاحتلال تأخر 5 سنوات

رام الله - وطن: استغرق الادعاء لدى محكمة الجنايات الدولية مدة خمس سنوات، من تاريخ تقديم أول بلاغ للإعلان عن فتح تحقيق في جرائم الاحتلال في فلسطين، وهو ما اعتبره مدير عام مؤسسة الحق، شعوان جبارين، وقتا زمنيا طويلا، في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون مختصراً، وذلك لأكثر من سبب؛ إحداها وضوح الجرائم وتوثيقها الواضح من قبل لجان التحقيق الدولية التي شُكلت من قبل مجلس حقوق الإنسان، معتبرا أن استغراق كل هذا الوقت لم يكن مبررا، ولكن المدعية العامة لا يوجد عليها سلطة، ومستقلة بالكامل، ولها اعتبارات وحساباتها في هذا الشأن، وأن هناك اربع مراحل في هذا المجال يجب أن تمر بها العملية وهي الاختصاص والمقبولية والتكاملية ومصلحة العدالة.

وأضاف جبارين خلال استضافته في برنامج "عدل"، الذي يقدمه المحامي أنس الكسواني، "ليس لدينا أي سلطة سوى الحث والدفع والتعاون مع مكتب المدعية العامة كمؤسسات حقوق إنسان، فقد شكلت المؤسسات طواقم موحدة واستراتيجة موحدة وقدّمت بلاغاتها مكتملة الجوانب في  هذا الشأن، ومجيبة على الأسئلة القانونية في هذا المجال و بالمعطيات الأساسية التي تثبت وقوع هذه الجرائم، لدرجة أن المدعية العامة أشادت بالبلاغات المقدمة من قبلنا".

والمؤسسات الحقوقية الأربعة هي: مؤسسة الحق، المركز الفسلطيني لحقوق الانسان، ومركز الميزان في غزة، ومؤسسة الضمير في غزة.

بحسب جبارين، فإن قرار الجنائية مهم، كونه يأتي في مسيرة قد تطول ولكن القرار وضع حدا لموضوع الفحص الابتدائي الذي كان ممكن ان يطول اكثر.

وقال: دولة فلسطين في شهر مايو/أيار 2018، أحالتْ الوضع في فلسطين، أي بمعنى أنها استاءت من أداء مكتب الادعاء العام وقدمت له مسألتين مهمتين وهما: الأولى بأن اعطته دفعة تقول إننا ماضون للنهاية، ولن يوقفنا أي ضغط سياسي أو تهديدات، والأمر الآخر اعطته نقطة قانونية، وهي انه غير مطلوب من الادعاء العام طلب الضوء الأخضر من الغرفة الابتدائية في المحكمة، لأنه وبحسب الأصول إذا لم يجرِ احالة من الدولة الطرف صاحبة القضية فإنها يجب أن تأخذ موافقة الغرفة الابتدائية كي تنتقل للتحقيق، وفي الحالة الفسلطينية فإنّ الإحالة أعفتها من التوجه للمحكمة، إلى أن وصلنا للقرار بأنه "وقع وتقع جرائم الحرب" وقالت إن فيه اختصاص مكاني وحددت الجغرافيا التي تقع فيها الجرائم.

وأشار جبارين إلى أن من تقدم بالبلاغات للمحكمة هي المؤسسات (المركز الفسلطيني والميزان والحق)، واستعنا بأصدقاء وقدرات من الخارج والداخل لوضع الأمور في سياق سليم وبشكل احترافي ومهني.

 

"الحق": مرحلة التحقيق بجرائم الحرب تختلف واكثر جدية عن مرحلة الفحص الأولي

وشدد جبارين على أن مرحلة التحقيق تختلف عن مرحلة الفحص الأولي، سواء من ناحية عمق الوصول للمعلومة ووضع الأمور في نصابها من حيث الأدلة وربطها بالجاني والمجرم. ومرحلة التحقيق أكثر جدية وعمقا وأكثر تفصيلية، ونحن جاهزون في هذا الاتجاه، وعند البدء بهذه المرحلة على كل الدول الأطراف ذات العلاقة أن تتعاون مع المحكمة وتقدم معلوماتها.

وأوضح جبارين مفهوم الضحية، بالقول: هي من تتعرض لانتهاك مباشر ووقع عليها فعل يمكن تكييفه على أنه جريمة حرب، ليس كل شهيد يمكن أن تتوافر فيه اأركان جريمة الحرب، موضوع التوثيق المهني والعلمي والدقيق المبني على أصول قانونية أمر مهم، وتوثيق المؤسسات هي مسألة مهمة، يلامس بدرجة كبيرة جدا معايير التوثيق الدولي، وموضوع الضحايا أوسع من الموضوع المباشر العيني.

وقال جبارين إن "جريمة الفصل العنصري كانت جزءاً مما قدمناه، ولكن خصصنا لها بلاغا خاصا ويجري العمل عليه، أما نهب الموراد الطبيعية فهي جزء من جريمة النهب، التي تقع ضمن إطار اختصاص المحكمة ومنصوص عليها، وقد حاولنا تكييف ما يحصل في الأرض المحتلة بأنه جزء من عملية النهب، ومن المسؤول عنها؟، هناك مجموعة متورطة وهي المؤسسة الرسمية للاحتلال، منها القائد العسكري للمنطقة الذي أتاح وأباح النهب. أما موضوع قطاع غزة والحصار المفروض عليه منذ12 عاما  والذي يرقى لجريمة ضد الإنسانية فيتم التركيز عليه، ونحن ذاهبون لتقديم بلاغات في كل الجرائم، ونحاول أن يُحاكم الاحتلال وقادته على كل الجرائم، لكن واقعيا هل سيجري هذا لكل قضية وجريمة بعينها؟".

مؤكداً أنه من مصلحة المحكمة ملاحقة هذه الجرائم للدفاع عن شكلها وسمعتها واستقلاليتها ومهنيتها وفرض وجودها.

 

الهيئة المستقلة لحقوق الانسان: قرار الجنائية مهم كونه ينهي مرحلة.. ويؤكد على أنه هناك ما يستوجب التحقيق فيما ارتكبه الاحتلال من جرائم

من جانبه رأى الدكتور عصام يونس مفوض عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والذي تحدث خلال برنامج "عدل" عبر سكايب من قطاع غزة، أن قرار الجنائية الدولية بالغ الأهمية وينضوي على قضيتين أساسيتين: الأولى أنه يعلن انتهاء مرحلة والبدء بمرحلة أخرى.. إيذاناً بالشروع في التحقيق، ومن ناحية أخرى، فإن الادعاء العام خلص إلى نتيجة مفادها أن هذه الجرائم قد ارتكتب، وفي نهاية الأمر هو يؤكد على أن ما ذهبنا إليه كفلسطينيين سواء على المستوى الرسمي أو الحقوقي بأن هناك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قد ارتكتب وتستوجب ملاحقة من اقترفها.

وعن بعض الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة، قال يونس: الحصار هو شكل من أشكال العقاب الجماعي المجرّم وفق القانون الدولي، فعندما تقيّد حركة الأفراد والبضائع، وعندما يُحرم المواطنون من السفر إلى خارج قطاع غزة، وعدوان 2014 حيث قصفت منازل ودمرت ومرافق حيوية ومساجد وكنائس واستهدفت مراكز صحية وأجبر المواطنون على ترك منازلهم، هي جرائم حرب بامتياز.

وكشف يونس عن كم كبير من التوثيق والمعلومات المنوي تقديمها تباعا للمحكمة "كلما اقتربت مرحلة التحقيق سنزوّد المحكمة بما لدينا من وثائق، ولدينا الجهوزية العالية للتعاون معها".

وأوضح يونس أن مسألة توقيع فلسطين ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولي، له وجه آخر، عبر إمكانية وقوعنا في موقع الخطر من أن تتم ملاحقة المقاوميين الفلسطينين وقادة الفصائل الفسلطينية بادعاء ان ما يقومون به هي جرائم حرب ترتكب من الفصائل مثل اطلاق الصواريخ على "التجمعات السكانية السلمية!" في الداخل المحتل.

وقال يونس "دولة فلسطين عندما وقعت هناك نوع من التوافق الوطني على التوجه للمحكمة، بمعنى أن هناك غطاء سياسي لهذه الخطوة، ومن الوارد أن يتم ذلك وهناك جهوزية في الرد على هذه الخطوة والمزاعم، ولكن في النهاية المحكمة سيدة نفسها، يجب إعادة الأمور إلى أصولها وخطاب المحكمة يجب عقلنته ووضعه في إطاره الصحيح".

 

الهيئة المستقلة لحقوق الانسان: المرحلة القادمة تشترط عملا احترافيا وتستوجب الاستعانة بخبراء دوليين وبالحكومات الصديقة لاسناد الكل الفسلطيني

وأكد يونس، أنه مهما كانت الأثمان التي ستدفع، فإن الكل الفسلطيني جاهز ولدينا ما نقوله، المرحلة القادمة تشترط عملا احترافيا من مستوى عالي، وهو ما يستوجب الاستعانة بخبراء دوليين وبحكومات صديقة لإسناد الكل الفسلطيني لان الشرعية وحدها لا تصنع العدالة، الشرعية بحاجة إلى من يوظفها توظيفا فاعلا ويقدم لها كل أسباب النجاح، من جهة اخرى هناك ضغوط تمارس في ظل الاختلال في موازين القوى، والمحكمة بلا شك تتعرض لضغوط في العلن والخفاء.

وأضاف أن المحكمة هي مكان للاشتباك القانوني، وقد لا تتحقق العدالة من خلالها، لكن علينا السير في هذا الطريق ذو الاتجاه الواحد مهما كانت الكلفة في ذلك، ولا يمكن تحقيق العدالة من خلال القضاء الإسرائيلي، فالقضاء الاسرائيلي هو القضاء الوحيد في العالم الذي يقاطع الضحايا في غالب الأحيان، الضحايا عادةً هم من يقاطعون القضاء بادعاء أنه غير مستقل، لكن دولة الاحتلال هي التي تقاطع الضحايا، والقضاء الدولي قضاء تكميلي.

 

تصميم وتطوير