نقص مقلق في المعرفة لدى الخريجين الجدد!

سام بحور يكتب لوطن : تخرجت من الجامعة؟ تهانينا، بس شو يعني!

23.06.2021 02:01 PM

أجلس هنا أهز رأسي محبطًا مرة أخرى، بعد أن قرأت مجموعة من السير الذاتية لخريجين جدد. بدأ هذا الإحباط منذ زمن بعيد عندما عدت من الولايات المتحدة الأمريكية إلى فلسطين للمساعدة في تأسيس شركة الاتصالات الفلسطينية في منتصف التسعينات. حينها، وجدنا بأنفسنا أعذاراً لعدد كبير من المتقدمين في ذلك الوقت، حيث كانت الشركات تؤسس بسرعة، نظراً لأن القطاع الخاص بأكمله كان يتحول من نمط التشغيل التقليدي إلى نمط تشغيل حديث. كان من المتوقع أن يجد الخريجون الجدد مع مرور الوقت حلولاً لنقاط ضعفهم الواضحة، خاصةً في ظل سعي الجامعات لتطوير طرق وبرامج جديدة معدة لتأهيل الخريجين الجدد، ناهيك عن مستوى الوعي الذي يفترض أن يكون الخريج نفسه قد حققه من خلال متابعة مستجدات سوق العمل والتعلم الذاتي.  وإن قامت الجامعات بتطوير مهارات البحث عن عمل  من خلال هذه البرامج فلم نلمس أثر ذلك ولم يرتقي الخريجون إلى المستوى المطلوب، بالطبع ليس جميعهم، ولكن ما يكفي لأنكب على كتابة هذا المقال!

لقد مضى وقت طويل منذ أن شاركت في توظيف خريجين جدد، ولكني منخرط الآن في ذلك مع شركة خدمات إدارية رائدة متوسطة الحجم كجزء من الاستشارات الموجهة لقطاع الأعمال، حيث سنحت لي فرصة الاطلاع على حال الخريجين الجدد عن كثب، الأمر الذي كان محبطاً.

دعوني أشارككم عشرة أمثلة لسير ذاتية وصلتني عسى أن تكونوا على دراية بما رأيت. بداية، لن أتطرق إلى ضعف اللغة سواء العربية أو الإنجليزية، ولن أذكر الأخطاء الإملائية بما في ذلك كتابة اسم جامعتهم بشكل غير صحيح، وسوء التنسيق...وغيرها من الأمور. أنصح الخريجين الجدد بالانتباه جيداً لتدوين ملاحظات في صميم احتياجاتهم، وليعتبروا مقالي هذا نصيحة مجانية تقدم على طبق من ذهب.

1. المرشح الفائز ممن تقدموا هو من أرسل 31 ملف مرفق عبر البريد الإلكتروني وهو عبارة عن ملف السيرة الذاتية و30 صورة -حرفيًا- لشهادات وما شابهها، مع العلم أن أي من تلك الشهادات كانت مطلوبة في الإعلان الوظيفي.

2. أبقى غالبية من راسلونا عبر البريد الإلكتروني نص الرسالة فارغاً، وفي بعض الأحيان، لم يكلفوا أنفسهم عناء كتابةً عنوان للرسالة أيضا. من الواضح، أن الجيل بأكمله لا يعرف كيفية إرسال بريد إلكتروني بسيط.

3. أرسل عدد كبير من الأشخاص سيرهم الذاتية ردّا على الوظيفة المعلنة بالرغم من أن متطلبات الوظيفة لا تمت لمؤهلاتهم أو تخصصهم الأكاديمي بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد يا لمضيعة وقت المرسل والقارئ في آن واحد!

4. أرسلت شابة سيرتها الذاتية بملفPowerPoint، ولكن لماذا؟ لم أعثر على إجابة منطقية لهذا السؤال.
5. في حين رأى بعضهم أنه من الأفضل إرسال رابط لسيرهم الذاتية الموجودة على مساحة التخزين السحابي (Google Drive). إن سبب اعتقادهم أن قيامهم بذلك سيمنحهم ميزة خاصة غير مفهوم بتاتا. ربما كنت سأتفهم ذلك لو أن السيرة الذاتية كانت تتضمن خصائص الوسائط المتعددة Multimedia  وتحتوي على ملفات كبيرة الحجم، لكن عندما لا يتعدى حجم السيرة الذاتية نصف صفحة بالمضمون الذي سبق ذكره، فإن قيامهم بإرسالها بهذه الصيغة لهو أمر غير منطقي على الإطلاق.

6. سمى الغالبية ممن أرسلوا سيرهم الذاتية بأسماء مثل "سيرة ذاتية"، "سيرتي الذاتية"، "سيرة ذاتية جديدة"، "سيرة ذاتية رقم 2" وما شابهها من الأسماء. ولعلّ آباءهم فرحين بتخرج أبنائهم وحصولهم على شهادات في التسويق أو إدارة الأعمال. يا لهم من مساكين.

7. تلقى عدد كبير من المتقدمين تدريباً لدى شركات كبيرة مثل بالتل وجوال وفي البنوك أيضا، ومن الملاحظ أنهم يبالغون بالخبرة التي اكتسبوها خلال التدريب لدرجة توحي بأنها فاقت عشرات السنين، ما يخلق انطباع بأن كون أحدهم قد تدرب لأسابيع قليلة في شركة كبيرة يمكنه بدء حياته العملية بمنصب مدير.

8. أما الشخص الذي أرسل سيرته الذاتية بصيغة صورة، بمستوى جودة متدني بدون أي رسالة، فإنه قد جعلني أعتقد أن قطه الأليف كان يلهو بهاتفه وأنه هو من أرسلها عن طريق الخطأ. وعلى رأي عادل إمام، ما هو المنطق؟!

9. وصلني الكثير من السير الذاتية بصورة شخصية لأصحابها، وكانت السيرة الذاتية الأبرز لشابة احتلت صورتها الشخصية الصفحة الأولى بالكامل ، إذ فزعت للوهلة الأولى عندما فتحت الملف، ما جعلني أتساءل باستغراب فيما إذا كان الهدف من وراء ذلك هو الحصول على وظيفة أم أن هناك غرض آخر غير مفهوم، لا سيما أنها أرسلت صورتها وهي جالسة في سيارة.

10. أحترم الخريجين الذين يرسلون سيرهم الذاتية مكتوبة باللغة العربية لأنها لغتهم الأم، ولكن عندما أرى سيرة ذاتية باللغة العربية مرسلة بنص يفتقر إلى التنسيق لدرجة أن النص مائل للجهة اليسرى من الصفحة، دون فراغات بين السطور أو الكلمات يجعلني أرى بأن المشكلة ليست في اللغة المستخدمة بذاتها، وإنما في كاتب السيرة الذاتية نفسه.

الأمثلة العشرة السابقة هي فقط عينة لما رأيت، وسوف أترك انطباعي عن المقابلات لمقال آخر.

إن تدني مستوى المهارات والمعرفة لدى الخريجين غير مقبول على الإطلاق.

نعم، غير مقبول. لن أكون متساهلا هذه المرة وأقول إنها  بداية جيدة وأنك سوف تتحسن، ومن الرائع أنك تحاول...وغيرها. إذا كنت تبحث عن وظيفة بالطرق المذكورة أعلاه، فإنك لا تبلي بلاء حسنًا وعليك اكتساب المزيد من المعرفة. إن عالم المعرفة على بعد "كبسة زر" على الهاتف المحمول الذي أصبح بمثابة جزء لا يتجزأ منكم، لماذا لا تستخدموا هواتفكم لتتعلموا بشكل أفضل!

لا يوجد عذر لهذه العشوائية في بحث الخريجين عن وظيفة، ناهيك عن تدني مستوى تقديم الخريجين لأنفسهم.

--

سام بحور مستشار أعمال من البيرة. يقوم بالتدوين على موقع ePalestine.ps والتغريد باسم SamBahour على تويتر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير