في أولى حلقات برنامج "وطن تسائل" ... خبراء اقتصاد: قانون ضريبة الدخل في فلسطين لا يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة ويجب تعديله في أسرع وقتٍ ممكن

18.10.2021 03:07 PM

وطن: ناقشت الحلقة الأولى من برنامج "وطن تسائل" والذي تنتجه شبكة وطن الإعلامية ويقدمه الإعلامي فارس المالكي، "قانون ضريبة الدخل هل يحقق العدالة الاجتماعية، وهل يساعد في تحسين الظروف المعيشية للفئات الأكثر تهميشا".

وفي هذا السياق قال، د. عاطف علاونة، الخبير في المالية العامة، ووكيل وزارة المالية سابقاً انه قبل قدوم السلطة الفلسطينية عام 1993 كان القانون الساري في الأراضي الفلسطينية هو قانون 25/1964 وهو القانون الأردني مع بعض التعديلات البسيطة على "الشرائح المستهدفة" وكانت التعديلات تتم من قبل الحاكم العسكري بأوامر عسكرية بهدف التضييق على المكلف الفلسطيني ونزع سلطته على موارده الاقتصادية الى جانب ممارسة أهداف الاحتلال السياسية، حيث بقيت هذه القوانين سارية حتى العام 1994، حيث أيضا تم الاستمرار بالعمل في هذا القانون في ذات العام وحوّل تطبيقه وادارته الى السلطة الوطنية الفلسطينية.

كما اكد د. علاونة ان السلطة الفلسطينية اجرت بعض التعديلات على الشرائح والاعفاءات التي تأتي تحت مظلة "قانون ضريبة الدخل" خلال أعوام 1997-1998، وفي العام 2000 تم اعداد مشروع القانون وأقر قانون رقم 17 /2004 وبقي هذا القانون ساريا حتى عام 2011، ففي عام 2011 تم إصدار قرار بقانون رقم 8/2011 حيث يمكن القول ان هذا القانون وتعديلاته تلخصت في تغيير الشرائح الضريبية وقلل من عدد هذه الشرائح وكذلك قلل النسب الضريبية المفروضة عليها وزاد أيضا من بعض الإعفاءات لشرائح مختلفة "اجتماعية وعائلية" الى نحو36 الف شيقل سنويا وهكذا، ولازلنا لغاية يومنا هذا نعمل بذات القانون، وكان الهدف الأساسي من إقرار هذا القانون بتعديلاته عام 2011 هدف تمويلي أولا بمعنى زيادة الإيرادات من ضريبية الدخل من "190" مليون دولار سنويا في حينه الى "600" مليون دولار عام 2021 ولكن للأسف هذا لم يتحقق وكل ما تحقق هو زيادة الإيرادات الى نحو 300 مليون دولار سنويا، والهدف الثاني كان خلق عدالة اجتماعية ولكن أيضا هذه العدالة لم تتحقق لان الشرائح الضريبية الموجودة هي مصاغة بالدرجة الأولى لأصحاب الدخل المرتفع وليس لأصحاب الدخل المتدني بخاصة وان ضريبة الدخل طبيعتها تصاعدية وهي نسبة ضريبية تفرض على الدخل القادم في المنقطة الجغرافية المعينة ونحن في فلسطين نعتمد على "الضريبة المحلية" وهي الضريبة التي تتحقق في الحدود الجغرافية لفلسطين وبالتالي فقط الفلسطينيون الذين يعيشون ضمن الحدود الجغرافية للدولة الفلسطينية هم فقط من يدفعون ضريبة الدخل، وبمعنى آخر فإن ضريبة الدخل هي نسبة من الدخل المتحقق وذلك بعد تخفيض بعض الإعفاءات العائلية والاجتماعية فعلى سبيل المثال "الشخص غير المتزوج له نسبة اقتطاع فيما يتعلق بضريبة الدخل تختلف عن الشخص المتزوج، وما تبقى يمثل الدخل الخاضع للضريبة ويتم وضعه ضمن الشرائح الضريبية التالية:

من دخله يصل الى نحو "40" الف شيقل سنويا يتم اقتطاع نسبة 5% من دخله

ومن دخله يتراوح بين " 40" الف الى " 150 " الف شيقل سنويا يتم اقتطاع 10% من دخله

ومن يزيد دخله عن " 150 " الف شيقل سنويا يقتطع 15 % وهذا الامر يتعلق بالافراد وهناك أيضا نسب أخرى للشركات والمنشئات التجارية.

بدوره قال، د. رابح مرار، مدير دائرة الأبحاث في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس"، لوطن إن الهدف من قانون ضريبة الدخل هو رفع نسبة الضرائب المباشرة حوالي 30% عندما تم تبني القانون عام 2011 ولكن اذا نظرنا للأرقام اليوم نجد ان النسبة لم تتجاوز 10%، ونجد ان نسبة ما يتم جمعه من ضريبة الدخل لا يتجاوز 6% من قيمة الضرائب التي تجبيها الحكومة سنويا .

واكد د. رابح ان المشكلة الأساسية في نوع ضريبة الدخل سواءً على الافراد او الشركات، فعلى الافراد هي ضريبة تصاعدية حسب شريحة الدخل، وأشار إلى أن توزيع القاعدة الضريبية، أو الفئات الضريبية، تحقق عدالة أكثر، وكلما قلت عدد الفئات الضريبية الخاضعة للضريبة، كلما قلت العدالة الضريبية، ونفس الامر لدى الشركات، وفعليا فإن الضريبة المفروضة على الشريحة الثالثة التي دخلها اكثر من 175 الف شيقل سنويا هي مساوية لذات الضريبة المفروضة على الشركات بنسبة 15%، وبالتالي أين ستتحقق العدالة .

وأشار د. رابح الى نقطة مهمة أخرى عندما نتحدث عن الضريبة المباشرة نسبتها من 5% إلى 6% والضرائب غير المباشرة نسبتها 94%، وهي ضرائب عمياء، بمعنى أنها تفرض على الكل بالتساوي سواء كان غني أو فقير سواء ضريبة القيمة المضافة او الجمارك، والدول التي تتمتع بعدالة ضريبية أكثر تكون فيها نسبة الضرائب المباشرة أعلى بكثير من الضرائب غير المباشرة على سبيل المثال في مصر الضرائب المباشرة حوالي 37% وفي الأردن حوالي 16% من اجمالي الضرائب اما في فلسطين حوالي 6% فقط ، وفي الدول المتقدمة تصل الى نحو 70% نسبة الضرائب المباشرة وهنا يمكن تحقيق العدالة الضريبية .

وأوضح أنه لا يوجد وعي لدى المواطن، بتفاصيل ومعلومات عن الموازنة العامة وضريبة الدخل، وهذا تتحمله الجهات العامة، والاعلام بالدرجة الأولى، لافتاً إلى أنه يجب على المواطن أن يعرف إلى أين تذهب أمواله، وكيف يتم انفاقها؛ وغياب المجلس التشريعي، والمؤسسات التي تراقب آداء الحكومة، أدى إلى هذه الحالة التي نعيشها من عدم وعي المواطن بتفاصيل وطبيعة الضرائب.

وبين أن الدراسة التي تقوم بها، "ماس" بخصوص قانون ضريبة الدخل، أوضحت أنه عند توسيع الشرائح الضريبية من ثلاثة شرائح إلى أربعة أو خمسة شرائح، كل المؤشرات الاقتصادية تحسنت، من حيث النمو في الدخل القومي، والناتج القومي الاجمالي، وارتفاع دخل الأسر المحدود عندما تم تنويع الشرائح الضريبية المذكورة.

وقال إن معهد "ماس"، عقد جلسة، تم خلالها دعوة كافة الأطراف ذات العلاقة، في موضوع الضرائب، كنقابات واتحادات الغرف التجارية، ووزارة المالية، وتم عمل سيناريوهات، وكان هناك انتقادات على القانون الحالي " قانون ضريبة الدخل " المعمول به، وكان هناك حديث عن توسيع عدد الشرائح الضريبية للأفراد؛ حيث تم خلال الجلسة تبني سيناريوهات اضافية، واستخدام كل البيانات الاقتصادية على مختلف القطاعات الداخلية والخارجية، وهي البيانات التي يوفرها الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، وفي هذه المحاكاة تم تغيير نسب الضريبة وتغيير الشرائح، وتم دراسة تأثيرها على أبرز المؤشرات الاقتصادية.

وأضاف أن هذه المحاكاة بينت أن توسيع القاعدة الضريبية على الأفراد من شأنه أن يحسن معظم المؤشرات الاقتصادية، حيث إن الناتج القومي الاجمالي ينمو بمقدار 2.3%، مقارنةً بما هو معمول به حالياً، مشيراً أن نتائج هذه الدراسة ستعرض قريباً في ورشة عمل في معهد "ماس".

تصميم وتطوير