الحملة العربية للتعليم للجميع (آكيا): جائحة "العنصرية" تهدد بنسف قيم العدالة والمساواة في العالم

17.06.2020 07:50 AM

وطن: مع احتدام الأحداث الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الحملة العربية للتعليم للجميع – آكيا، تابعت وتتابع- بقلق بالغ ما تشهده الولايات المتحدة الأمريكية من قمع للصوت المُطالب بالانتصار لقيم العدالة، إذ إن ما يجري لا يتعلق فقط بشخص اسمه جورج فلويد، إنما يعبر عن حالة احتقان لتراكمات أوجدتها حالة تاريخية من الظلم والاضطهاد الناتج عن إشكالية اللاعدالة التي شهدتها عدّة أنظمة عالمية حققت قفزات تكنولوجية لكنها أغفلت توفير ضمانات صون الكرامة الإنسانية، وخير مثال على ذلك ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية وفي مناطق أخرى من العالم؛ ما يشير إلى خلل في المنظومتين التشريعية والتربوية وهو ما عزّز ثقافة عنصرية وجدت انعكاساتها في رد الفعل المبالغ فيه من رجال الأمن، وفي تصريحات رجال السياسة الذين عكست تصريحاتهم عدم احترام حقوق الجماعات العرقية والإثنية .

وتتابع الحملة العربية للتعليم للجميع – آكيا في بيان لها، "تأتي الأحداث في ظل وجود مواطنين من البلد ذاته يدفعون الضرائب نفسها؛ لكنهم يعيشون في حالتين مختلفتين، إذ تمتهن كرامة شريحة منهم بالتوازي مع التشكيك في أي صوت لهم مطالب بالعدالة واعتباره خرقا للقانون، وهنا وجب التنبيه إلى أننا حين نتحدث عن السلام؛ فالأمر لا يقتصر على غياب الحروب بل يشمل غياب العدالة والكرامة، ولذا فنحن أحوج ما نكون إلى إعادة النظر في الأنظمة التربوية من جديد، ومن منظور مدى قدرتها على تعزيز الحد من العنصرية، وسط معطيات برزت في الآونة الأخيرة حملت معها مؤشرات مقلقة حيال احترام حقوق من يلتزمون بالواجبات، فبروز ظاهرة التحريض يستوجب مراجعة المنظومة التربوية والقيمية والتشريعية لأن إرساء دعائم المواطنة بات على المحك في ظل الممارسات التي تتم على الأرض، فهل عززت الأنظمة التربوية والتشريعية منظومة الحقوق والقيم من منطلق كونها حالة تعاش لا مجرد تنظير عابر؟!".

وتضيف، في خضم ما يجري، باتت الأنظمة مسئولة عن –ومساءلة – عن المخرجات الاجتماعية لنظام التعليم ومدى إرسائه دعائم الديمقراطية من ناحية فعلا لا التعاطي معها شكليا ما يغيّب المضامين، فالمواطنة  والمسؤولية في صلب العملية الديمقراطية، وليست معطى طارئا أو هامشيا.

وتدرك الحملة العربية للتعليم للجميع – آكيا، أن توفير التعليم المنصف والعادل هو الكفيل باستحضار قيم العدالة، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، ومن هذا المنطلق تدعو الحملة إلى مراجعة جديّة ومعمقة المدخلات الأنظمة التعليمية؛ نظرا لما أبانت عنه الأحداث من خلل في المخرجات، ومن هذا المنطق فإن الأحداث الأخيرة التي تزامنت وجائحة كورونا التي تجتاح العالم؛ تعيدنا إلى مربع تحمل مسؤولياتنا تجاه الصحة النفسية والتنشئة السوية وهي جوانب لطالما اعتبرتها عديد الأنظمة التعليمية على الهامش.

وتعود قضية التمييز العنصري لتبرز أهمية الحاجة إلى تضمين المناهج التعليمية مادة معرفية تحقق التوازن المطلوب بين النظرية والتطبيق، فقد كشفت الأزمة الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وجود فجوة  عميقة بين النظرية والتطبيق، وهو ما يفرض علينا إعادة تقييم المنظومة التعليمية كلها.

وتقول: إن التلازم بين المخرجات الاجتماعية والعقد الاجتماعي يفرض على الجميع إعادة التأمل في جوهر ما ترسيه الأنظمة التعليمية من تركيز مبالغ فيه على المعرفة دون منح الاهتمام الكافي لجانبيْ الاتجاهات والقيم، وهو ما  يحول دون اكتمال دائرة المخرجات المنشودة، وهي مسؤولية لا تقتصر على التربويين بل تشمل أيضا السياسيين والقائمين على التشريعات، فالمستهدفات من أنظمة التعليم لن تتحقق دون وجود تناغم حقيقي بين الأطراف جميعها.

وتدرك الحملة العربية للتعليم للجميع – آكيا، أننا مطالبون بالانتقال من مربع " ماذا حدث؟" إلى مربع لماذا حدث؟ ، فالبحث في الأسباب والتحليل المعمّق هما الكفيلان بتقييم مدى إسهام الأنظمة التعليمية في تحقيق مخرجات اجتماعية تعزز حضور المواطن الفاعل، كما تؤكد الحملة أن ما يجري حتى وإن اقترن بحادثة فردية إلا أنه يحمل معه مؤشرات حيال وجود تراكمات تسببت في غياب العدالة أو تغييبها ما يفرض على الأنظمة السياسية منح التعليم مزيدا من الاهتمام دون الاكتفاء بتوفير متطلباته الشكلية.

وتؤكد الحملة العربية للتعليم للجميع – آكيا أن المطلوب حاليا وأكثر من أي وقت مضى تعزيز قدرة الأنظمة التعليمية على إرساء المساواة والعدالة لتجاوز الإشكاليات الناشئة عن التعامل مع الناس من منطلق لون بشرتهم أو دينهم، فمنظومة الحقوق وحدة واحدة لا تتجزأ، وعلى الجميع صون ما تتضمنه المواثيق الدولية وبما يحفظ حقوق الإنسان وكرامته.

من هنا؛ تأمل الحملة العربية للتعليم للجميع – آكيا بأن تكون هناك خطوات مدروسة وبما يضمن تكامل الجهود وتوجيهها، وصولا إلى أخذ النظام التعليمي دوره في صياغة المشهد، فقد بات الإنسان على الهامش مذ تم تهميش الاهتمام بالأنظمة التعليمية، وهو ما يتطلب حوارا عالميا جديّا يقود في النهاية إلى خطوات توجه نظامنا التربوي وخطابنا الإعلامي، ليكون جزءا لا يتجزأ من الرؤية التي تتبناها السلطتان التشريعية والتنفيذية.

 

تصميم وتطوير