عساف يلقي السلام على مصر وبيروت

24.06.2013 04:54 AM
وطن- جهاد قاسم: لم يمنع لقب محبوب العرب محمد عساف أن يسجد صامتاً لربه، فحنى ظهره ولمس جبينه الأرض، ثم صدحت الزغاريد في ملايين البيوت العربية، فالفرحة كانت كبيرة بالانتصار (انتصار الحنجرة، وانتصار الأوف والميجانا).

الفرحة المنتظرة جففت العروق إلا أن ماء بيروت يمكن أن يكون ذا طيبٍ مؤقت لعطش الانتصار، فماء خانيونس هو ماء زمزم بالنسبة لعساف، ينزل ساخناً نعم ، لكن بركة القضية تؤتي خيراتها.

لم تكن الأرقام مجرد صدفة في التصويت، فالإصرار على نقل القضية وتذكير العالم، الذي يغفو في بحر نومه جاء جلياً في التصويت، فكان رقماً كما نكسة عام 67، عله يحقق صوت فلسطيني أو عربي أو ربما مليون صوت لكلمة الوحدة.

67 مليوناً صوت ما حصل عليه محمد عساف ليكون بذلك أعلى رئيس غنائي يحصل على تأييد من استفتاء شعبي أراد به أن يقول لمعارضيه أنني سأخرج عن نطاق جفرا في بلدي وأن اختبر العرب كلهم, فحاز على لقب المحبوب في زمن لم يعد فيه أي رئيس محبوب.

67 مليوناً خرجوا هاتفين بمجد منتظر منذ زمن, وحتى لو لم يكن المجد المطلوب, عازفين له أغنية النصر، ومئات الملايين يحرسون ساحة التجمع دون أن تراق قطرة دم واحدة، في زمن خرج فيه ثلاثة متظاهرين حتى قتل الأول وجرح الآخر وزج بالأخير في السجون، لتبعث رسالة السلام من جديد.

ما لم يتحقق على الأرض تحقق على شاشة لم تتجاوز المتر المربع، فكانت فلسطين التاريخية في سهرة تاريخية من زمن فتوحات الغناء العربي, والذي جاء فاتحاً للعقول قائلاً لشعبه" فكروا، وإن رفضتم التفكير فسأقول مرة أخرى فكروا، فقد وحدتكم يوماً وغيظَ منكم العالم مرات في يومكم هذا، ففلسطين بحلاوة لم الشم؛ الشمل الذي تمزق منذ سنوات حيث يرقد في غرفة عناية غير مركزة، لكن الجرح لم يمنع ساحة الكتيبة ولا ساحة الأمة ولا الناصر ولا حتى باب العامود أن يسهر ليلة خوفاً على قدر المحبوب".

خرج محمد عساف من غزة فمر على أم الدنيا مصر فألقى السلام فيها وقال لأهلها أن المنافسة، منافسة ساعة لا أكثر، لكن القضية هي قضية القدس وقضية اللاجئين وقضية المعابر المغلقة والحصار، كلها قضايا تعيش المنافسة منذ سنوات كثيرة، فأن لم أشارك فيها كوني الضحية، لكن الضحية تذهب إلى بيروت لتؤكد أن الفدائي المنسي لم ينس بيروت أبداً، فدافعنا عنها بالسلاح، واليوم نقف بها نغني اسم بيروت بأصواتنا غير ناكري الجميل.

وكأن في كل خطة سلامة أو نجاح رضىً يخرج غير مكترث بكل العقبات، يخرج مسكاً عندما خاطب والديه بكلمات الغزي البسيط "يما ويابا", وكأنها مرارة ملايين اللاجئين والشهداء الذين حرموا من هذه الكلمة, يا لبساطة الكلمة و يا لعظمة المعنى!.
فالشعب المسالم والشعب المنتفض إن طلب نواياه الحسنة لم تمنع طيبة القلب أن تظهر جلياً ليعين العساف سفيرا للأونروا، وفي ذلك ليس فقط لقب المحبوب وإنما لقب ناقل الهم الموجوع.

فاق العالم على صوت صاروخ يزأر يجوب سماء العالم العربي والإسلامي بمنصة إطلاق متينة, وإن كانت ضيقة المساحة، لكنها واسعة الأمل , ليقول للأمة اشهدوا علي اليوم, بأن الصوت صوت حق يراد به حق في زمن كثر فيه البطلان والخذلان, فأنا عساف رصاصة البندقية وأنت زناد ها في كل شهادة ومشهد وشاهد.
تصميم وتطوير