صحفيون ونشطاء من غزة لـوطن .. العيدُ في غزة يغيب تحت ركام المدينة

17.06.2024 11:41 AM

وطن: لا تتسع أيام عيد الأضحى المبارك لأي من طقوسه وفعالياته الاعتيادية في غزة، في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، الأطفال منخرطون في مساندة عائلاتهم، يتشاركون مع بقية أفراد الأسرة بتنفيذ المهمات الحياتية الأساسية، التي بالكاد تُبقيهم على قيد الحياة، بينما يشتعل الشوق في صدور أسرى الأفران البيضاء لديار، كانت قبل السابع من أكتوبر ديارا.

طفلٌ يحمل غالونات المياه والجرادل لتعبئتها بمياه تصلح للشرب، وطفلٌ آخر يستند إلى جدار أنهكته أشعة الشمس الحارقة، ولم يستطع بيع ما تبقى من "مُحليات" على بسطته الصغيرة، وثالثٌ شاحب ونحيل يستخدم دراجة هوائية "بسكليت" مُتهالكة، في رحلته كل صباح إلى المخبز لشراء لخبز لعائلته.

تبدلت الأيام على أطفال غزة ومزقت حرب "إسرائيل" نسيج المُجتمع
"تبدلت الأيام على أطفال غزة، واختفت أيام العيد التي كانت عيداً في الماضي القريب تحت الركام"، يقول الصحفي عبد القاد صباح النازح قسراً من تل الزعتر إلى مدينة غزة، في وصف حال أطفال القطاع في أيام العيد.

ويحل عيد الأضحى المبارك على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في خضم حرب الإبادة الجماعية التي دخلت شهرها التاسع على التوالي.

ورغم تنفيذ عدد من الأنشطة والفعاليات الفردية، لتوزيع ما تيسر من الألعاب أو الكسوة "الملابس الجديدة"، أو الشوكولاتة على الاطفال في مدينة غزة، خلال أيام العيد، إلّا أن هذه المحاولات الفردية، لن تستطيع إعادة طعم العيد إلى طفل فاقد نازح جائع في شمال قطاع غزة، يقول صباح.

ويتابع في حديثه لموجة "لستم وحدكم"، وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية: "لأن الأضاحي لم تكن يوماً "لحمة" بقدر ما كانت فرحة ومحبة ولُحمة اجتماعية، ولأن صلة الأرحام لم تكن يوماً عادات اجتماعية وتقاليد، بقدر ما كانت تعبيراً مكثفاً عن نسيج اجتماعي متماسك، فتكت به ومزقته حرب الإبادة الجماعية، لأجل ذلك كله غاب العيد تحت ركام المدينة، لم يلتفت إليه أحدٌ من سُكانها أو النازحين إليها قسراً".

وفي ختام حديثه يقول: "انتهى الكلام، وماتت كلماتي رغم التغطية الصحفية المُستمرة لواقع ومجريات الإبادة الجماعية في غزة"، ويؤكد أن نحو مليوني مواطن فلسطيني في قطاع غزة، اجتمعت قلوبهم على أمنية واحدة فقط في أيام العيد، هي وقف العدوان على حاضرهم ومستقبلهم.

في دير البلح .. نحو مليون نازح يواجهون كارثة النزوح القسري دون أدنى مقومات

بدورها تقول الصحافية والناشطة الشبابية سلمى القدومي، إن نحو 900 ألف نازح في دير البلح وسط القطاع، يواجهون كارثة النزوح القسري دون أدنى مقومات، وتؤكد أن الاكتظاظ الشديد في المحافظة الوسطى يتسبب بكوارث صحية واجتماعية، لا يمكن الإحاطة بها كما يجب في ظل القتل المباشر والشتريد والتدمير، حيث إن دير البلح لا تتسع لموطأ قدم وليس إلى مكان لنصب خيمة نزوح جديدة.  

وتواصل القدومي التغطية الصحفية من خيمة الصحفيين في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، ويواجه المستشفى نقصاً حاداً في المُستلزمات الطبية والأدوية والوقود، بسبب استمرار إغلاق معابر القطاع، ومنع إدخال الوقود والمساعدات الطبية اللازمة، حيث أجرى الطاقم الطبي عمليات بتر لعديد المرضى دون تخدير، وأجريت عمليات جراحية مختلفة باستخدام كشاف الموبايل، بينما ارتقى عددٌ غير قليل من المرضى في انتظار العلاج الذي لم يصل، بسبب تعنت الاحتلال، كما تؤكد القدومي من عين الحدث.

وتشدد على أن النازحين في دير البلح يضرُهم من خذلهم، ويطالبون بقلب واحد بوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل للشهر التاسع على الشعب الفلسطيني في غزة. 

في العيد .. نريد للحرب أن تنتهي، ونريدكم إلى جانبنا في مطلبنا

ومن مخيم جباليا شمال القطاع يتحدث الناشط الشبابي والمُجتمعي أمين عابد لموجة "لستم وحدكم"، وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية، ويقول إن الشعب الفلسطيني يُضحي منذ 9 أشهر، هذا وتشتد المجاعة في مناطق شمال قطاع غزة، ولا يجد الاهالي إلا المُعلبات القميئة المليئة بالمواد الحافظة والديدان، التي تسببت بانتشار مرض الكبد الوبائي.

ويضيف: بينما يحتفل المسلمون في كل أنحاء العالم بعيد الأضحى، يموت الأهالي في شمال القطاع جوعاً وعطشاً وقهراً، فلا يؤلم الجرحُ إلا من به ألم.

ويدعو جميع الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم للكف عن أسطرة الانسان الفلسطيني في غزة، ويقول: "نريد للحرب أن تنتهي، ونريدكم إلى جانبنا في مطلبنا، ونريد لأصواتكم أن تنتصر لمظلوميتنا".

عن أوجاع غزة والأهوال في مخيم جباليا
ويتحدث عن أوجاع غزة ويقول: من لم يعش الحرب في مخيم جباليا لم يعرف الأهوال، إنها أهوال يوم القيامة، حيث الكلاب تنهش أجساد الشهداء، وأشعة الشمس تحرق جلودهم، حيث يرتقي الجرحى دون أن يتمكن أحد من إجلائهم ونقلهم لتلقي العلاج تحت غطاء النار الكثيف.

ويقول: "عند عودتي إلى المُخيم من نزوحي الأخير رأيت الدموع تمشي، من هول الفقد والفجيعة وحجم الدمار".

وفي ختام حديثه يشدد على ضرورة مشاغلة الاحتلال ومواصلة النضال، بما يضمن الحفاظ على ما تبقى من المُجتمع الذي فتكت به حرب "إسرائيل" الوحشية، وبوسائل مُختلفة من شأنها أن تقوض مُخططات الترانسفير التي تُحاك ضد الشعب الفلسطيني.

ولليوم 255 على التوالي يواصل جيش الاحتلال، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 37 ألفا و 337 شهيدا، وإصابة 85 ألفا و 299 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

تصميم وتطوير