في ظل اتهامات متبادلة بين وزارة الاشغال والمقاولين

منذ عام ونصف.. أكثر من 100 ألف مواطن يسددون فاتورة تعثر تأهيل شارع يخدم 29 قرية غرب رام الله

06.06.2022 11:49 AM

وطن: قبل نحو أسبوعين انتهت المدة التعاقدية لاستكمال تأهيل الشارع الحيوي الذي يخدم أكثر من 100 ألف مواطن هم سكان 29 قرية من قرى غرب رام الله، لكن لم ينجز من هذا المشروع سوى نصفه فقط، ما تسبب بخسائر جسيمة ومعاناة ممتدة للمواطنين، سيما وأن المباشرة بالمشروع بدأت قبل عام ونصف.

ويكشف تعثر هذا المشروع الحيوي، جملة من الإشكاليات التي تعتري إحالة العطاءات وعمليات التنفيذ وفي مقدمتها إرساء العطاءات على الأسعار الأدنى الذي يتسبب بتعثر 65% من المشاريع (كما أكد نقيب المقاولين)، فضلا عن غياب او ضعف التنسيق بين الجهات ذات الصلة (وزارة الاشغال والبلديات او المجالس الملحية والشركة المنفذة) الذي كان السبب الأهم في تأخير وتعثر مشروع شارع قرى غرب رام الله.

شبكة وطن الإعلامية، بادرت عبر برنامج "شد حيلك يا وطن" الذي تقدمه الزميلة ريم العمري لفتح ملف هذا الشارع الحيوي، في محاولة لمعرفة أين يكمن الخلل والجهة المسؤولة عن تأخير تأهيل الشارع، ودور وزارة الاشغال (الجهة الرسمية المسؤولة)، وما تقوله شركة المقاولات المنفذة واتحاد المقاولين الذي تنضوي ضمن صفوفه، وقبل ذلك نقل صوت عشرات آلاف المواطنين الذين عانوا طوال هذه المدة من تبعات ذلك، ما دفعهم مؤخرا لتشكيل حراك لإتمام مشروع يفترض ان يكون قد استكمل.

وأكد أحمد القاضي نقيب المقاولين في محافظات الضفة الغربية لبرنامج "شد حيلك يا وطن"، بأن تأخر تأهيل الشارع المذكور يمس حياة أكثر من 100 ألف مواطن، لافتا الى ان المشروع قائم منذ سنة ونصف، وما أنجز حتى الان يبلغ 56% منه بعد انتهاء المدة التعاقدية بتاريخ 14/5/2022.

وأشار القاضي الى تبادل للاتهامات والمسؤولية بين وزارة الاشغال والشركة المنفذة وقال: منذ اليوم الأول الذي علمنا فيه بوجود مشاكل واشكاليات في هذا المشروع، توجهنا الى الموقع وقابلنا أكثر من رئيس بلدية ومجلس قروي، وجلسنا أكثر من مرة مع المقاول ووزارة الأشغال، وكانت هناك مجموعة من الادعاءات تقدم بها المقاول على انها هي السبب في تأخير إنجاز المشروع، وبالمقابل قالت الوزارة بأن المقاول هو من أخفق في إنجاز المشروع، الذي بدأ بتاريخ 14 فبراير 2021 على أن يتم إنجازه خلال سنة واحدة.

وأوضح انه وبعد نحو عام من بدء تنفيذ المشروع، (تحديدا بتاريخ 16 شباط 2022) تقدمت وزارة الاشغال العامة بأمر موقع من الوزير لإجراء تغيير بقيمة 250 ألف دولار، يتعلق بجعل الشارع في مقطع منه بطول كليو ونصف الكيلو متر بمسربين بدل مسرب واحد (من جانب قرية عين عريك باتجاه منطقة بيتونيا)، وبناء على التعديل منح وزير الاشغال المقاول 90 يوما إضافيا لإتمام مشروع الشارع.

ونوه الى ان العمل توقف في المشروع لمدة شهر في تلك الفترة (من 14 فبراير 2021 حتى 14 مارس 2022) الى حين الحصول على التمويل اللازم.
ويرى نقيب المقاولين ان "الإخفاق كان مشتركاً بين الجهة التي قامت بشراء الخدمة والجهة المتعاقدة، حيث ان إعداد المخططات لم يتم وفق كل ما يحتاجه المشروع من وقت للتنفيذ، بالإضافة للمعيقات التي تتمثل بخطوط الانترنت الفايبر والماء".

وتابع: بحسب المقاول فقد تم من طرفه مراسلة وزرارة الأشغال، وان بعض ردودها كانت إيجابية وتحمل وعودا بالمتابعة، وانه لم يتلق ردودا على قسم آخر منها، ولكنه (المقاول) "كان يستطيع اتخاذ اجراءات بطريقة أفضل".

وأشار الى ان المقاول دخل العطاء (هذا المشروع) بخسارة تبلغ نحو 20%، وبالتالي فانه يتوجب على الوزارة ان ترفض منح أي عطاء يقل عن الكلفة الأساسية للمشروع.

وأكد ان 65% من المشاريع تتعثر بسبب إحالة العطاءات للأسعار الأدنى التي تقدم ضمن المنافسة بين الشركات.

وتابع" تقع مسؤولية كل ما حدث على وزارة الأشغال والشركة المتعاقدة، حيث كان يجب التنسيق مع كافة الجهات، ووضع آلية عمل واضحة، والتعرف على المعيقات التي يمكن أن تواجه المقاولين أثناء تنفيذهم المشروع، كما وكان من الأولى إدارة المشروع وعدم ترسية العطاء على أقل الأسعار.

وفي ذات السياق قال المحامي علاء مظلوم، المتحدث باسم "حراك قرى غرب رام الله": الطريق هذا يخدم بشكل أساسي 29 قرية، بالإضافة لوجود معبر للأهل في الداخل المحتل، ومخرج لشمال الضفة الغربية عند إغلاق بعض الطرق احياناً، وبالتالي فان هذا الشارع حيويا جداً.

وأضاف: "المشكلة الرئيسية هي عدم الاهتمام بإكمال العمل في الشارع بالإضافة لغياب الجودة المفقودة في تنفيذ هذا الطريق".

وتابع: "نتمنى أن نحصل على ردود سريعة حول ما حدث في المشروع وأن يتم إنجازه بأسرع وقت ممكن".

وقال سعيد أبو زيد وهو القائم بأعمال مدير العطاءات المركزية في وزارة الاشغال المركزية تعقيبا على إرساء العطاءات على الشركات التي تقدم أسعارا قليلة جداً، تقل في بعض الاحيان عن الكلفة التقديرية لإنجاز المشروع: "هذا الأمر يحكمه قانون الشراء العام، وهناك شروط فنية ومالية في العطاء ويُقيم المقاول بناء على مجموعة من الشروط، وفي حال حققها المقاول فإنه يتم أخذ عرض السعر بعين الاعتبار، والشروط هي الخبرات المشابهة، والتسهيلات، والقدرات المالية والطواقم الفنية، وهي شروط يجب أن توجد في وثيقة العطاء”.

وتابع: "يتم وضع كلفة تقديرية، ولكنها لا تكون أحيانا دقيقة 100%، والمهندس الذي يقوم بحساب الكلفة لا يضعها بنفس الطريقة التي يقوم بها المقاول من ناحية أخذ التفاصيل كاملة بعين الاعتبار، وهناك نقطة إضافية، وهي أنه في حال قدم المقاول سعراً منخفضاً يتم طلب اعطاء تعزيز سعر، ويقدم معززات واتفاقيات مع الموردين كإثبات على قدرته على تنفيذ المشروع، وهذا الحل وُضع كمهرب للمقاول عندما يُخطئ بتقديم عرض سعر في عطاء.

وأوضح ان "المشكلة الأساسية في هذه الجزئية هي تسعيرة المقاول، لأنه هو الذي سيحصل على الدخل، وفي حال جاء المقاول بما يثبت قدرته على تنفيذ المشروع بهذه التسعيرة فإن ارساء العطاء على سعر أعلى يعني إمكانية توجه المقاول للقضاء واتهام الوزارة بهدر المال العام".

وقال محمد الأسمر، مدير عام شركة الأسمر للبناء وهي الشركة المنفذة لهذا المشروع بأن "الشركات تقوم بوضع الكلفة التقديرية لأي عطاء قبل فترة زمنية طويلة، وعند تنفيذ المشروع قد يكون حدث ارتفاع أو هبوط في الأسعار، فمثلاً سعر طن الزفتة كان في 2021 تقريباً 180 شيكل أما الآن فقد أصبح 285 شيكل".

وأضاف الأسمر" بالنسبة للمعدات المستخدمة فإن المقاول هو من يقرر جدوى نقل المعدات التي يستخدمها في مشاريع أخرى أو استئجار معدات من المنطقة التي يعمل فيها، بالإضافة لوجود أوامر تغيرية قبل تسليم المشروع، حيث تم إيقاف المشروع بعد 13 شهر من بدء العمل به".

تصميم وتطوير