صديقهم يروي لوطن حكايات من حياتهم

أحمد وزكريا ومحمود .. شهداء تقاسموا حب الوطن وارادة الصمود وشغف الحياة ومحبة الناس

27.09.2021 09:30 AM

رام الله - وطن: "كانوا ثلاثة رجال" تعاهدوا على المضي قدما في طريق المقاومة، وحين دقت ساعة الصفر، كانت جبال القدس ساحة معركتهم، وشاهدة على فعلهم ورباطة جأشهم وصلابتهم.

أحمد زهران، ومحمود حميدان، وزكريا بدوان، ارتقوا يوم أمس شهداء، رووا بدمهم جبال القدس، وهم يتصدون لمئات الجنود المدعومين  بالطائرات وفرق المستعربين بعد محاصرتهم، فخاضوا اشتباكا، ولم يستسلموا حتى ارتقوا شهداء مقبلين غير مدبرين.

ثلاثة اقمار اضاءت سماء القدس وفلسطين، رحلوا يوم أمس وخلفهم عائلات وأطفال واصدقاء،سيستمروا طيلة حياتهم في سرد حياتهم ومواقفهم وصمودهم وبطولاتهم .

ابراهيم الشيخ من قرية بدو، صديق الشهداء الثلاثة روى لبرنامج  " شد حيلك يا وطن" الذي تقدمه ريم العمري ويبث عبر شبكة وطن الاعلامية، بعض من سيرة الشهداء، مؤكدا ان الاحتلال اغتال الشهداء الثلاث عن قصد، فقد كانوا شباناً مليئين بالطموح والأحلام والحيوية والنشاط رغم ما مروا به سابقا من تنكيل بهم وفي عائلاتهم.

وقال الشيخ " ان الشهيد أحمد زهران  كان معروفاً في محيطه وبلدته وفي معتقلات الاحتلال، وهو الشاب المبتسم الضحوك، صاحب النكتة والطموح الذي لاينتهي، وصاحب النخوة والكرامة، تراه ليّنًا على اخوانه، وكل من رافقه وعرفه من كل أنحاء فلسطين وحتى من خارجها من الاسرى العرب ممن التقى بهم، يعلم صفات ومآثر الشهيد أحمد زهران".

ولفت الشيخ الى ان أحمد، هو ابن عائلة الشهيد زهران زهران المناضلة، فجده وعمه وشقيقه شهداء، كما ان أفراد عائلته جميعا تعرضوا للاعتقال وبعضهم لا يزال في سجون الاحتلال.

وأكد أن الاحتلال كان يتعمد التنكيل بأحمد على وجه التحديد لانه يعرف انه لايخضع لأحد، رغم ان احمد في داخله طفل صغير، فهو متزوج ومحب للحياة، ويحب ركوب الخيل، وهذا يدل على نفسية إنسان يحب الحياة.

الشهيد محمود حميدان، ذلك الشاب الأسمر الجميل، الذي ارتقى شهيدا وهو لم يمض على تحرره من سجون الاحتلال سوى شهرين، بعد اعتقال دام 6 سنوات ونصف، فهو معروف عنه بانه صاحب الابتسامة والنكتة دائما.

وعن قوة الإرادة لدى محمود وعزمه وشغفه بالتعليم، قال الشيخ ان محمود وبعد التحقيق معه في سجن عوفر، التقى بأحد الشباب الاسرى، الذي كان ينوي التقدم لامتحان رياضيات، فأخذ يشجعه ويحثه على ذلك حتى النجاح، وان هذه الأسلاك الشائكة والقيود يجب ان لا تكون حاجزا ومانعا.

ولفت ان محمود  كان طالب دبلوم في المحاسبة في الكلية العصرية، وقد التقيت به بعد تحرره حين كان ينوي تقديم امتحان الشامل، بعد ان انتزع من بين أنياب الاحتلال شهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، وقد تخرج من الجامعة بفوج تحرير الاسرى وتم تكريمه من قبل محافظ رام الله البيرة في احتفال كان سعيدا جدا به بعد سنوات من المنع والحرمان.

ولفت الشيخ الى ان محمود كان مصراً على مواصلة تعليمه الجامعي، مضيفا "كنت أسأله ماذا تريد ان تعمل؟ فكان يجيبني بأنه يرغب بالعمل بالشهادات التي حصل عليها وأن يخدم الناس بما تعلم، كنت أرى اصراره وعنفوانه، علما ان محمود يحفظ القرآن الكريم غيبا".

وتابع الشيخ " كان محمود خادما لاخوانه واصحابه، كل من يلتقيه كان يخدمه دون ان يعرف من هو، الإيثار الموجود لديه لم يكن موجوداً لدى احد."

اما الشهيد زكريا بدوان، فهو الابن البار لأمه، فلا يمضي يوم  عليه دون أن يذهب لرؤية والدته وحتى ان كان في ذروة عمله، ولا يمكنه ان ينام دون ان يراها، كان يقول لي: "انظر اليها وهي نائمة حتى اشبع من رؤيتها"، فزكريا كان صاحب نكتة ويلاطف أمه وكأنها طفلة صغيرة.

ولفت الشيخ الى أن زكريا ينحدر من عائلة مناضلة، فوالده هو الشهيد ابراهيم بدوان، الذي اعتقل لسنوات عديدة وتوفي بمرض عضال.

وعن حديث والدته بالامس عقب اعلان استشهاده، يقول: "فقد الام صعب جدا، فهي لا تتخيل ان لاترى قرة عينها وفلذة الكبد بسبب عنجهية الاحتلال، الذي قتله بدم بارد، رغم انه كان يستطيع ان اعتقاله فهم لم يكونوا مطلوبين".

وأكد الشيخ أن زكريا ومحمود لم يكونا مطلوبين للاحتلال، بينما أحمد زهران كان مطلوباً على تهم واهية، فهؤلاء الشاب كانوا رفاق في بلدتهم ثم في سجنهم، وان رواية الاحتلال بأن محمود وزكريا كانا يذهبان لأحمد ليساعداه هي رواية لتبرير جرائم الاحتلال السادية التي يتلذذ بها وبعذابات هذا الشعب.

ولفت الى أن أحمد زهران  لم يكن يعرف ماهية التهمة الموجه اليه غفي الاعتقالات السابقة، وكان يقدم التماسات الى المحاكم لمعرفة تلك التهم، بينما يتعمد ضابط المنطقة وجهاز الشاباك التنكيل به وبعائلته وهذا يعود الى حقد تاريخي قديم، ويعتبره حساب مفتوح.
وقال الشيخ ان الاحتلال تعمد اغتيال أحمد،وليس اعتقاله، وقد أعد خطة مدبرة مسبقا لاغتياله، ليضيف لسجل العائلة معاناة والم كبير.

وقال الشيخ ان أحمد كان يمني نفسه ان يرزقه الله الاولاد، فهو لم ينجب من زوجته الاطفال سبب الاعتقالات المتكررة، وكان يكنّي نفسه بأبي حمزة.

وقال الشيخ ان  الاحتلال والإعلام العبري تغنى بأنه اغتال خلايا لحماس وانها كانت تعد لتنفيذ عمليات وهذا عار عن الصحة ورواية يريد الاحتلال ترويجها ليغطي على فشله الذريع في عملية "نفق الحرية" في سجن جلبوع، فهو يريد ان يعوض امام اليمين الصهيوني الإخفاق الذي منيت به المؤسسة الامنية على صعيد السجون.

تصميم وتطوير