" الحليب الناشف " يهدد مستقبل مزارعي الأبقار وينذر بكارثةٍ حقيقية .

05.06.2021 01:47 PM

وطن: بحسرةٍ وألمٍ كبيرين، هكذا بدت ملامح مزارعي الأبقار في شمال الضمة الغربية حينما التقينا بهم. المزراع ماهر الأخرس يروي لـ"وطن" الحال الذي وصلت إليه مزارعه في ظل إغراق السوق المحلية بكميات هائلة من الحليب الناشف (البودرة) والتي دخلت عبر شاحنات كبيرة إلى الأسواق وتستخدم في تصنيع الأجبان، ما يعني تكدس مئات الاطنان من الحليب الطازج المنتج يوميًا، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية.

وخلال حديثه لـ"وطن" أكّد المزارع الأخرس أن وضع مزارعي الأبقار ومربّي المواشي كان كارثيًا، نتيجةً لأزمة وباء (كورونا) مضيفًا:"كانت هناك صعوبات مالية، وما زاد الطين بلة، أنّ هناك (كوتات) من الحليب البودرة المستورد تُعطى للتجّار، وهو مرخّص من قبل السلطة، وهذا الحليب أصبح بديلًا لمنتجاتنا وهو ما أثر على الاقتصاد الزراعي، والاقتصاد الوطني ككل".

واستكمل الاخرس حديثه قائلًا:"هذا الفعل سيؤدي إلى دمار شامل للاقتصاد الوطني، خصوصًا إذا كانت الزراعة تُحارب من قبل الفلسطينيين أنفسهم، والأخطاء الحكومية ساهمت في هذه الكارثة، كما أنّ الحكومة تعلم بمجريات الأمور، والدليل الفواتير الرسمية المروّسة، والأسوأ، أنّ هذا المصانع التي تصنع حليب البودرة تغلّف المنتجات بغلاف يدل على أنّها من مزارعنا وليست بودرة، لذلك، نطالب السلطة عبر جهاز الضابطة الجمركية بوضع حد نهائي لهذا الأمر".

وأضاف قائلًا:"وقعنا اتفاقيات مع المصانع التي نورّد لها الحليب بكميات تصل إلى 10 طن يوميًا، إلا أنّ هذه المصانع وجّهت رسائل لنا بأنها تريد تقليص الكمية إلى النصف، وذلك لأن حليب البودرة هو البديل، وهذه المصانع لا تفصح لنا عن هذا الأمر، وتدّعي فقط بأنّ هذا التقليص بسبب الظروف الاقتصادية، بالرغم من أن الحليب يعتبر مادةً أساسيةً تحتاجها الأسر الفلسطينية، ومن المهم ذكره، أنّ حليب البودرة لا يتطابق والمواصفات المطلوبة، ولو أنّه ذلك، لتم بيعه بسعر مرتفع".

"إذا لم يتم وضع حد لهذه الممارسات، فخلال سنتين لن يبقى ثروة حيوانية في الضفة الغربية" بهذه العبارة حذّر الاخرس من استمرار الوضع القائم، مؤكدًا بأنّ هنالك شركات وتجّار يجنون الملايين على حساب المزارع الفلسطيني البسيط.

ماهر الذي تلقى رسالة من أحد المصانع المتعاقدة معه طالبته بتخفيض كميات الحليب الموردة للمصنع هو واحد من عشرات المزارعين الذين باتت مزارعهم في مهب الريح، بخاصة وأن الكثير من المصانع المحلية ومحلات الحلويات بدأت تعتمد بشكلٍ كبير على الحليب الناشف المستورد رغم قلة جودته.

أمّا المزارع عادل الأخرس فقد بيّن خلال حديثه لـ"وطن" أنّ مربي المواشي والأبقار لا يستطيعون تسويق منتجاتهم، لأنّ حليب البودرة أصبح بديلًا عن هذه المنتجات ، مبينًا أن غياب المتابعة والرقابة من قبل الجهات المختصة سمح بوصول الأمور إلى ما وصلت إليه، مطالبًا وزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني بحماية المزارعين ومربي المواشي.

وفي الوقت الذي بدأ فيه مربو الابقار التعافي شيئا فشيئا من آثار جائحة (كورونا) فإن استمرار ادخال وتسويق الحليب الناشف في السوق المحلية، ما يعني إتلاف كميات كبيرة من الحليب الطازج المنتج يوميًا من المزارع الفلسطينية أو بيعه بثمنٍ بخسٍ لا يلبي الحد الأدنى من تكلفة إنتاجه، وهو ما يتطلب تدخلا سريعا من الجهات الرسمية لوضع حدٍ لهذه المعاناة.

ووفقا لمعطيات وزارة الزراعة فإن الفلسطينيين يتمتعون باكتفاء ذاتي بنسبة 100% من حليب الاغنام حيث يوجد نحو 900 الف رأس غنم ، واكتفاء بنسبة 55% من حاجة السوق من حليب الابقار وبالتالي نسبة الاكتفاء الذاتي من حاجة السوق الى الحليب تصل الى نحو 75 % لذا يعتبر هذا القطاع من اهم القطاعات التي هي بحاجة ووفقا للمراقبين لاهتمام وسياسات تحمي المزارع من اية تهديدات يواجهها.

وفي وقتٍ سابق حذر اتحاد جمعيات المزارعين عبر "وطن" من أزمة يواجهها منتجو الحليب نتيجة دخول كميات كبيرة من الحليب الناشف إلى السوق .

طالب عباس ملحم، المدير التنفيذي لاتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين، وزارتي الاقتصاد والزراعة والحكومة، بمنع إدخال الحليب الناشف إلى الأسواق، حتى يتمكن المزارعون من تسويق منتوجاتهم من الحليب البقري ، لمزيد من التفاصيل ، إضغط هنا 

تصميم وتطوير