" يبدو أن الهدف من الانتخابات الحفاظ على الوضع الراهن، واعطائه شرعية للذهاب للمفاوضات"

هاني المصري لوطن: حوارات القاهرة أجلت قضايا جوهرية لا يمكن تأجيلها أو تجاهلها ما يجعل الوصول إلى الانتخابات غير مضمون

15.02.2021 12:39 PM

وطن -وفاء عاروري: قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري الذي شارك في حوار الفصائل في القاهرة، إن أجواء حميمية سادت الحوار الوطني إلى جانب الحرص على نجاحه سواء من الراعي المصري أو المشاركين الفلسطينيين، لافتا إلى ان التوصل إلى إتفاق بشأن الانتخابات والإستعداد لتوفير مستلزمات إجراء انتخابات حرة ونزيهة تُحترم نتائجها، خطوة بالاتجاه الصحيح، تستحق التقدير.

وأوضح المصري خلال برنامج شد حيلك يا وطن، الذي تقدمه ريم العمري، أن مشكلة الحوارات كانت تأجيل أو تجاهل العديد من القضايا المهمة، ما يجعل الوصول إلى المحطة الأولى من الانتخابات غير مضمونة. 

الانتخابات مسألة فنية لها بعد سياسي أهم بكثير وهو ما لم يتم الإتفاق عليه في القاهرة 

وأضاف المصري"أن المقاربة في هذا الموضوع قامت على أساس خاطئ، حيث تم التركيز أولا على كل ما يتعلق بالانتخابات، في حين أن الانتخابات هي مسألة فنية لها بعد سياسي أهم من المسالة الفنية بكثير، وهذا الأساس السياسي لم يتم الاتفاق عليه".

وتساءل المصري عن الهدف من الانتخابات، "هل نريد استمرار سلطة الحكم الذاتي، و تمديد المرحلة الانتقالية والتزامات اوسلو؟ أم نريد أن نضع الانتخابات في سياق عملية تؤدي الى تجسيد حقيقي للدولة الفلسطينية ودحر الاحتلال؟".

وأكد المصري أن "هذه ليست نقطة قابلة للتأجيل، لان عدم حسمها معناه أننا نريد الحفاظ على الأمر الواقع واستنساخه من جديد، وكذلك تكرار انتخاب القيادة القائمة والنخبة القائمة، ونحن نعرف جيدا أن الأمر الواقع الذي نعيشه والوضع الفلسطيني في حال سيء"، مشيرا "أننا بحاجة الى تغيير حقيقي في البرنامج السياسي وأساليب العمل والمقاربات، لنحقق ما عجزنا عن تحقيقه طوال السنين الماضية."

واوضح المصري أن المقاربة التي تتعلق بـ "الانتخابات أولا" أجلت النقطة المتعلقة بمنظمة التحرير والتي من المفترض أن تكون الكيان الجامع والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتمثل كل الفلسطينيين، ولذلك كان من المفترض ألا تؤجل وأن تكون ضمن رزمة واحدة وأن تكون بالمقدمة، وهذا كان محل انتقاد العديد من الفصائل والمشاركين خاصة الجهاد الاسلامي، والجبهة الشعبية وغيرهما.

وبين المصري أنه "تمت مراعاة هذه الدعوة بتأجيل موضوع منظمة التحرير إلى ما بعد شهر، رغم انه ليس لدينا الوقت الكافي للتحضير لملف منظمة التحرير، في ظل الاستعداد للانتخابات".

الحديث عن تنفيذ انتخابات خارج فلسطين غير جدي وتأجيلها شهر يصعب تنفيذها

وعن الحديث حول إمكانية اجراء انتخابات المجلس الوطني خارج فلسطين، وتمكين اللاجئين من المشاركة فيها، قال المصري إن هذا الحديث من وجهة نظره غير جدي، لأنه بحاجة إلى وقت كاف للتحضير، وبالتالي فإن تأجيل ملف انتخابات المجلس الوطني لشهر آذار يصعب تنفيذها أكثر وأكثر.

وأضاف "عند إجراء انتخابات بالخارج يجب أن يكون هناك استعدادات من تحضير سجل ناخبين، ووضع قانون انتخابات وتعيين لجنة انتخابات للخارج، والبحث مع الدول التي يقيم فيها الفلسطينيون للموافقة على إجراء الانتخابات في بلادهم"، مبينا ان تأجيل البحث فيها لما بعد شهر دليل أن الانتخابات لن تقام في الخارج.

وقال المصري" هناك بعض التعقيدات، مثل ان بعض المناطق لا يمكن أن تقام فيها الانتخابات، ولكن بعض المناطق يمكن فيها إجراء الانتخابات، مثل الأردن التي يوجد فيها مليون فلسطيني لا يحملون الجنسية الاردنية، بالتالي يمكن البحث مع الأردن في هذا الأمر، كما يمكن إجراء الانتخابات للفلسطينيين في لبنان وفي أوروبا".

وأضاف  " تأجيل بحث الموضوع يدل أنه لا يوجد نية للوصول إلى هذه المرحلة، أو أن هذا الأمر سيتم بالتعيينات والمحاصصة الفصائلية دون انتخابات أو معايير"، مبينا أنه اقترح على الفصائل أن تكون الانتخابات في الأماكن التي يتعذر إجراؤها فيها، على أساس معايير معينة، حيث يتم تمثيل الجاليات من خلال شخصيات وازنة في مجتمعاتهم، يتم اقتراحها من قبل الجالية نفسها، على أن يكونوا مسؤولي نقابات أو جامعات أو مؤسسات، أو كفاءات متميزة وأن يتم اختيارهم على أسس موضوعية للاختيار، وذلك في حال تعذر إجراء الانتخابات في منطقة من المناطق التي تتواجد فيها الجاليات الفلسطينيه بالخارج، مشيرا أن هناك حلول كثيرة ولكن من لا يريد ذلك سيتعذر بالظروف.

حوارات القاهرة ركزت على إجراء انتخابات وبقية القضايا تم تجاهلها أو تأجيلها

وأوضح المصري أنه جرى في حوارات القاهرة التوافق فقط على إجراء انتخابات،  وبقيت هناك مسائل خلافية بشأن الانتخابات لم تحسم وجرى تأجيلها، ومنها على سبيل المثال موضوع الحصانة للنواب، مشيرا أن هذا الموضوع تحديدا يجب أن يكون عليه اجماع من كل الفصائل، وهو ما يسمى بالقانون النرويجي الذي يتيح للكتل في حالة اعتقال النائب استبداله بنائب اخر، وهذا يصادر قدرة إسرائيل على الاعتقال، ويجبرها على احترام نتائج الانتخابات، لأن اعتقالها أحد النواب لن يعرقل شيئا.

وقال "نحن قادرون على إقرار هذا القانون وتطبيقه، بالتالي طمأنة الناس باحترام نتائج الانتخابات من الجميع، وهذه قضية لا يمكن تأجيلها".

وأوضح أن هناك قضايا تم تنسيبها للرئيس مثل تحديد سن الترشح، ونسبة تمثيل المراة، واستقالات المرشحين من وظائفهم  قبل ترشحهم للانتخابات، والكفالات التي تقدمها الفصائل من أجل ترشيح قوائمها".

وأشار المصري الى وجود  ثغرة كبيرة تتعلق بالقضاء، حيث جرى الاتفاق على تشكيل محكمة قضايا الانتخابات من خلال تسمية قضاة من الفصائل ومن ثم رفع أسماء القضاة الى مجلس القضاء الأعلى للموافقة عليهم، ومن ثم رفع الأسماء للرئيس.

وتساءل المصري، إذا كان  "مجلس القضاء الأعلى مطعون فيه من اكثر من طرف فلسطيني، فكيف نعطي شرعية لمؤسسة مطعون فيها؟ كما ان تسمية القضاة من الفصائل غير قانوني، لأن هذه قضية ليست سياسية بل قانونية."

وبين أنه كان الأولى تجميد القرارات التي صدرت عن الرئيس والتي تتعلق بالقضاء، والتي هناك خلاف كبير جدا عليها، وإحالة موضوعها للمجلس التشريعي القادم، والتعامل مع موضوع قضايا الانتخابات بشكل مطمئن في هذه الحالة.

تنفيذ الانتخابات في ظل تأجيل الحديث عن إنهاء الانقسام قد يمنحه الشرعية

وأشار المصري إلى مسالة أخرى هامة وهي ترسبات الانقسام وآثاره، وتأجيل بحثها إلى ما بعد الانتخابات، مشيرا أنه كان بالإمكان البدء بحل هذه المسألة بالتدريج وبشكل متزامن مع التحضير للانتخابات، فهناك موظفين قطعت رواتبهم ومنهم أسرى داخل السجون او محررين، واعضاء مجلس تشريعي قطعت رواتبهم ولم يتم صرف رواتب تقاعدية لهم أسوة بما حصل مع الآخرين.

وتابع المصري ان هذا موضوع حقوق لا يجب ان يؤجل وكذلك من تضرروا من الانقسام فقتلوا وجرحوا ، لذلك نستطيع ان نبدأ بحل هذه المسائل على الاقل ونعطي أجواء ثقة للمواطنين، ولكن ملف الانقسام برمته تم تأجيله إلى ما بعد الانتخابات، وهذا يثير الكثير من المخاوف والمحاذير.

وضرب المصري مثالا على ذلك قائلاً  " أن الفصائل اتفقت على  أن تؤمن شرطة غزة المقرات الانتخابية في غزة، وشرطة الضفة تؤمن المقرات الانتخابية في الضفة، في حين أن شرطة غزة تعتبر شرطة انقسامية غير شرعية، وبإمكان أي شخص الطعن في نتائج الانتخابات على أثر ذلك."

وقال المصري"ان الحل هو إعادة بناء جهاز الشرطة خلال شهرين إلى ثلاثة شهور، بدلا من تأجيل كل شيء وعدم دراسة الأمور بشكل جدي ومدروس وحل الإشكاليات"، مشيرا أن إجراء الانتخابات في ظل الانقسام يعطي شرعية للانقسام وهي مسألة في غاية الخطورة.  

 رفض إضافة قرارات الوطني والمركزي للبرنامج السياسي للانتخابات يعكس نية لاستئناف المفاوضات 

وعن البرنامج السياسي للانتخابات قال المصري " قالوا إن البرنامج السياسي للانتخابات سيكون وثيقة الوفاق الوطني وتفاهمات الأمناء العامين، ولكن هذه قضايا عامة، لذلك جرى تقديم اقتراح ان يضاف إليها قرارات المجلس الوطني والمركزي وهي قرارات أعلى سلطة مركزية، وتم رفض هذا المطلب"، مؤكدا أن هذا يعكس النوايا لاستئناف المفاوضات التي أثبتت فشلها ودفعنا ثمنها غاليا، وهذا أمر بمنتهى الخطورة.

وأكد المصري أننا قطعنا 50% من الطريق وتبقى لدينا 50% لم يقطع، وهذا خطير، مشيرا أن استكمال الطريق يتوقف على تنفيذ التوصيات والقرارات التي خرجت من حوار القاهرة، ومنه مثلا اطلاق سراح المعتقلين السياسيين،وتكافؤ الفرص في الإعلام الرسمي وغيرها من مستلزمات الإنتخابات.

كما أشار المصري إلى أن عدم قدرة فتح على خوض الانتخابات بقائمة واحدة، والحديث عن عدة قوائم،سيؤثر على الانتخابات، مشددا أن الحديث أيضا عن قائمة واحدة مشتركة بين الفصائل هو امر خطير جدا لأنه يصادر حق الشعب بالقرار، وستبدو الانتخابات وكأنها "تزكية".

وأوضح أن هذه القائمة المشتركة كانت الخيار الاول والافضل كما قال الفصيلين في القاهرة وتم الشروع بالحوار حولها مع بقية الفصائل، متسائلا إذا كان الجميع يشارك بقائمة واحدة إذا لماذا الانتخابات وما الهدف منها؟

وأكد المصري أن ضمان نجاح الانتخابات هي الارادة والوعي الفلسطيني، لهذا السبب طالبنا بالمستلزمات وهي البرنامج السياسي ووضع أسس للشراكة بين الفصائل وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والقانون النرويجي لحماية نتائج الانتخابات، أما تجاهل الانقسام والمضي قدما نحو الانتخابات فلن يجدي نفعا، وإذا تجاوزنا المرحلة الأولى قد لا نستطيع الذهاب للثانية وإذا تجاوزنا الثانية قد لا نستطيع الوصول للثالثة.

الهدف من الانتخابات الحفاظ على الوضع الراهن

وأكد أن الهدف من الانتخابات كما يبدو هو الحفاظ على الوضع الراهن، وإعطائه شرعية والذهاب للمفاوضات القادمة، في حين أن الشعب بحاجة للانتخابات من أجل التغيير الجذري والحقيقي.

وشدد المصري على انه ذا لم يتم العمل على إزالة العراقيل يمكن أن تؤجل الانتخابات، وهذا سيخيب آمال الشعب الفلسطيني ويحبطه، في وقت وصلت فيه نسبة المسجلين للانتخابات 90% ممن يحق لهم الانتخاب، وهذا يعكس مدى تعطش الشعب للعملية الانتخابية. 

تصميم وتطوير