لا احد مقتنع بالانتصار الذي تحدثت به السلطة بعد عودة العلاقات مع اسرائيل

نبيل عمرو لوطن: توجه السلطة لإعادة العلاقة مع اسرائيل سيؤخر الحوار الوطني والمصالحة وهناك مغالاة في الرهان على الموقف الأمريكي في إطلاق تسوية سياسية

19.11.2020 12:52 PM

لا يوجد لدينا مؤسسة تنتج القرارات، والقرارات التي تتخذ تتم بطريقة سريعة وارتجالية

هناك مغالاة في الرهان على الموقف الأمريكي في إطلاق تسوية سياسية

لا يمكن تقييم اسرائيل بما تقوله وتكتبه، وانما ما تفعله على الأرض

السلطة جزء من محور الاعتدال العربي والرئيس عباس حصل على بيعة شاملة خلال اجتماع الامناء العامين للفصائل

رام الله – وطن للانباء:  اثار إعلان السلطة الفلسطينية إعادة العمل بالعلاقات مع الاحتلال، ومن ثم إعادة سفيري فلسطين إلى دولتي الإمارات والبحرين، بعد التوقيع على اتفاق تطبيع مع الاحتلال، تساؤلات حول أسباب اتخاذ هذه القرارات، وحول الخيارات التي كانت مطروحة على طاولة السلطة الفلسطينية.

وقال عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير نبيل عمر، انه ليس صحيحا أنه لم يكن هناك خيارات أمام السلطة، بل كان هناك خيارات لكن تم اهمالها، وأهمها  ترتيب البيت الفلسطيني وتقوية دعائمه وإعادة الحياة الديمقراطية والمؤسسات للعمل، لافتا إلى ان هذا الخيار كان يجب ان يتوجه الجهد اليه دون انتظار ما سيحدث على الصعيد الإقليمي والدولي.

واضاف عمرو خلال حديثه لبرنامج شد حيلك يا وطن الذي تقدمه ريم العمري " من المفترض أنه حين تعود العلاقات مع اي احد، فيجب ان نعود اليها اقوياء وليس تحت  ضغط الأمر الواقع أو الحاجة.

واضاف " الجميع يعلم ان السبب الجوهري لعودة العلاقات مع إسرائيل هو المال المحتجز لدى اسرائيل، ودون حل هذه المشكلة فإن السلطة ستجد صعوبة في المضي قدما في كون تلك الأموال تمثل ثلثي المدخول المالي للسلطة، مضيفا " كان بالامكان اخراج الموقف السياسي، بشكل أفضل من الصورة التي ظهر بها هذا الموضوع

وعن العلاقات العربية، وإعادة السفراء إلى الإمارات والبحرين قال عمرو أنه كان يجب عدم اتخاذ هذا القرار من البدء، فهناك 400 الف فلسطيني يعيشون في الامارات، وكان يجب ابقاء السفير هناك لرعاية الفلسطينيين هناك، مع الإعلان بشكل رسمي وعلني عن رفض التطبيع مع اسرائيل، قبل حل القضية الفلسطينية وايصال ذلك الموقف الى القيادة الاماراتية.

واضاف "كان بإمكان السلطة اعلان موقفها السياسي الرافض للتطبيع وابقاء السفير الفلسطيني في الامارات والبحرين".

وعن هذا التخبط في اتخاذ القرار قال عمرو " لا يوجد لدينا مؤسسة تنتج قرار، والقرارات التي تتخذ يتم اتخاذها بطريقة سريعة وارتجالية وهي ردود فعل فورية".

واستدل عمرو بذلك قائلاً " إذا كانت القرارات المتعلقة بتعليق العلاقة مع إسرائيل قد صدرت باسم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لكن قرار العودة للعلاقة لم يكن كذلك لأن أعضاء اللجنة التنفيذية غير راضين ومعارضين وضد القرار الذي اتخذ بالامس، ما يعني انهم يتلقون المعلومات بعد اتخاذ القرارات ولا يشاركون في حيثيات اتخاذ القرارات وهذه احد مثالب العمل السياسي الفلسطيني الذي يجب تفاديه لان القضية الفلسطينية في بؤرة الأحداث ، وهناك تطورات يومية لا يصح الرد عليها بشكل تلقائي وسريع".

واعتبر الكثيرون ما أقدمت عليه السلطة نزولا عن الشجرة بطريقة مدوية، قال عمرو " هذا يحتم علينا ان نستفيد من الدروس، ففي مرات كثيرة صعدنا على الشجرة واصبحنا ننادي من ينزلنا عنها" واضاف أثناء ولاية أوباما قال الرئيس عباس مرة، أنه صعد مع أوباما إلى شجرة، لكن أوباما تركه عليها ونزل" موضحا " هذا ان الصعود الى الشجرة وإيجاد صعوبة في النزول بات جزء من التراث السياسي الفلسطيني" .

وحول دلالات ما جرى، والى أين ستقودنا تلك القرارات في ضوء المتغيرات السياسية، وهل هناك وعود امريكية من الادارة الجديدة للسلطة الفلسطينية قال عمرو  " ما قدمته الإدارة الأمريكية الجديدة هي وعود حول الهوامش، كاعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، تمويل الاونروا، افتتاح القنصلية الأمريكية المعنية بالفلسطينيين في القدس، واعادة الحديث حول حل الدولتين، وفقط الحديث دون العمل، وهذه وعودات طرحتها حملة بايدن الانتخابية."

وانتقد عمرو وجود مغالاة في الرهان على الموقف الأمريكي لإطلاق تسوية سياسية، مضيفا ان الموقف الامريكي واضح في هذا المسألة، فهم لديهم رغبة في انهاء التسوية وإنهاء الصداع المتمثل بالقضية الفلسطينية، لكن ليس شرطا ان من يرغب بشيء يستطيع فعله.

وتابع عمرو ان هذه القاعدة تعلمناها من الادارات الاميركية السابقة، حيث أطلق الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب الحوار الفلسطيني الامريكي، بينما نظم بيل كلينتون اجتماع كامب ديفيد، وجورج بوش الابن قال إن الله منحه الإلهام لإقامة الدولة الفلسطينية وجاء باراك أوباما وقال إنه سيقيم دولة فلسطينية ووقف الاستيطان، وهو كان راغبا في ذلك، لكن في النهاية قال إنه آسف لم يستطيع ذلك، وهذا يؤكد وجود ظاهرة أمريكية ان من يرغب بفعل شيء غالبا لا يستطيع ذلك، في ظل وجود تدخل صهيوني اسرائيلي في المؤسسات الأمريكية.

وقال عمرو إن الفلسطينيين سعداء بقدوم بايدن ليس لأنه يحمل أملا لهم، وتحقيق أهدافنا وانما لانه افضل من ترامب.

وعن مصير صفقة القرن مع انتهاء ولاية ترامب، قال عمرو إن "صفقة القرن ارتبطت بترامب، وأثناء إعلان الصفقة كان موقف الحزب الديمقراطي الذي انتخب بايدن لقيادة الحزب في الانتخابات ضد الصفقة، ليس لأنه معنا ومؤيد لنا، وانما لان الحزب لديه موقف واضح يخالف أي خطوات أحادية الجانب من أي طرف، وصفقة القرن هي جميعها خطوات احادية الجانب".

واضاف ان الديمقراطيين ليسوا مستعدين للسير والاستمرار في صفقة القرن، لكن المشكلة تكمن ليس في كيف تعامل بايدن معها وانما في كيف تعامل الإسرائيليين معها، خاصة ان نتنياهو سيبقى يتعامل مع الشأن الفلسطيني كما لو ان ترامب موجود في البيت الأبيض.

واضاف "صفقة القرن كما طرحها ترامب واعلنها نتنياهو وكما صاغها الخبراء الاسرائيليين والامريكيين لم تعد تعمل ولكن يجب النظر الى ماذا سيفعله بايدن بديلا عنها، فالموقف الأمريكي معروف فهم سيعودون للحديث عن حل الدولتين لكن دون فعل".

واضاف " امام الرئيس بايدن أجندة طويلة وكبيرة، قد تكون القضية الفلسطينة في آخر تلك الاهتمامات، حيث يوجد لديه مشاكل كبيرة اهمها الانقسام الكبير داخل امريكا والممارس على الارض بشكل سلبي، وعلاقات امريكا المدمرة مع الحلفاء والمنافسين التي يجب اعادة بناءها".

ولفت عمرو ان بايدن لن يفرض التطبيع مع اسرائيل على الدول العربية كما فعل ترامب، مضيفا بايدن قد يشجع على التطبيع، لكنه لن يفرضه شرطا على الدول كما فعل ترامب.

ولفت عمرو إلى ان الاسرائيليين يستغلون هذه الفترة لاعتصار الواقع حتى آخر قطرة والاستفادة منه في تطوير الاستيطان، فالى ان يستلم بايدن مقاليد الحكم بعد 3 شهور، وتشكيل إدارته الذي قد يستغرق 3 شهور إضافية تسعى إسرائيل للاستفادة من تلك الفترة لتطوير الاستيطان بشكل كبير.

وعن الجدل الذي أثير داخليا بشأن تسمية السلطة لعودة علاقاتها مع اسرائيل بالانتصار قال عمرو  ان كلمة انتصار مبالغ فيها كثيرا، مضيفاً "لا يوجد انجازات وانتصارات مخفية، والمواطن الفلسطيني ليس اعمى، بل هو أكثر مواطن في العالم مرتبط يومياته بالحياة السياسية، فحين يخرج من بيته يجد حاجز اسرائيلي، وحين يذهب ليستلم راتبه يجد نصه، ومن الخطأ الاعتقاد ان المواطن لا يعلم ما يجري".

واضاف عمرو كلمة انتصار كبيرة جدا  " كان يمكن للسلطة القول ان ما جرى هو خطوة املاها الأمر الوقع" فقد جربت السلطة ان تزعل 6 شهور من اجل الاموال وليس عيب قول ذلك، مضيفا "لكن حين تستعد فلوسك وتعيد التنسيق الأمني يجب القول للناس حجم الإنجاز ، حتى يحترمونك، لكن لا احد مقتنع انه انتصار، فلو قالوا اننا قمنا بعمل وحاولنا قدر الامكان لكن لم ننجح وسنحاول إنقاذ ما يمكن انقاذه، لاحترمت الناس ذلك، وكانت ردود الفعل أخف مما جرى".

وحول المصالحة الوطنية ومدى تأثرها بما جرى قال عمرو " كان هناك استثمار للانقسام الذي حصل، أدى اليوم إلى استثمار للمصالحة، ولقد كنت غير متفائل ان المصالحة ستتم، لأنه نشأ مصالح للكثير من الفئات بسبب الانقسام اكثر من المصالحة"

واضاف عمرو ان "توجه السلطة لإعادة العلاقة مع اسرائيل ستؤخر طويلا الحوار الداخلي وليس فقط انهاء الانقسام، خاصة ان مواقف تخوين صدرت، وبالتالي كيف يمكن إجراء حوار مع أشخاص يتهمونك بالخيانة".

واضاف عمرو " لقد نشأت ظروف شجعت الحوار مع حركة حماس، وهي ان ابو مازن اخذ موقف وعلق العمل باتفاقية أوسلو إنهاء التنسيق الأمني وسحب السفراء من الدول المطبعة، وبالتالي فإن حماس قرأت ذلك وكأنها رسالة في تغيير الرئيس عباس اتجاهه وتحوله".

واضاف " أبو مازن لم يكن كذلك وإنما كان يدير الموقف خلال 6 اشهر عصيبة فرضت عليه وعلى السلطة الفلسطينية فكان لا بد من توجيه إشارات معنية، وتم في ذلك من خلال علاقة جديدة مع الأمناء العامين، حصل بموجبها عباس على بيعة  شاملة ولكن في النهاية الرئيس عباس هو ضمن محور الاعتدال وهو الذي طرح شعار لابديل عنه ولم يتخلى عنه وهو بديل المفاوضات هو المفاوضات".

وعن مصير تفاهمات اجتماع الأمناء العامين للفصائل قال عمرو " هذا الامر ذهب لبعيد وقد يستغرق وقتا، حين تعود بعض الفصائل للرئيس عباس وتقول له أنت فعلت الصح، وبين البعض من يتهمه بالانحراف وتوجيه طعنة لتلك التفاهمات"

وشبه عمرو الحالة الفلسطينية بمن ينتظر طائرته التي لا يعرف مصيرها وموعدها، فالقيادة الفلسطينية تنتظر حاليا ماذا سيفعل بايدن، وقد صرح بذلك الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة حين قال نحن ننتظر ماذا سيفعل بايدن.

ولفت الى ان اسرائيل وقع في يدها كنز مجاني بعودة التنسيق الامني، خاصة ان اسرائيل تقول انها لم تقدم لنا شيء سوى اعادة الاموال، وعند التمعن برسالة منسق حكومة الاحتلال كميل أبو ركن، فإنها تخلو من أي تعهدات سياسية بل تحدثت عن الأموال فقط والإطار القانوني للعلاقة  الفلسطينية والاسرائيلية.

وقدم عمرو نصيحة للقيادة والطبقة السياسية الرسمية الفلسطينية قائلاً " لا يمكن تقييم اسرائيل بما تقوله وتكتبه، وانما ما تفعله على الأرض ، واسرائيل تفعل على الأرض بعد الاعلان عن عودة الاتفاقيات ما كانت تفعله قبل ذلك، وما قطعنا من اجله العمل بتلك الاتفاقيات".

وعن  الأسس التي يمكن ان تنطلق عليها المفاوضات في حال استئنافها قال عمرو " إن من يجيب على هذا السؤال هو المطبخ السياسي الرسمي"، مضيفا بصفتي كمطل فإن المتطلبات يجب ان تكون فلسطينية اولا ومن عربية ودولية، وهي متطلبات يجب ان تتصل ببعضها لبناء موقف تفاوضي.

واضاف ان السلطة الفلسطينية دعت إلى موقف مؤتمر دولي للسلام، وهناك مراسلات بذلك الأمر ، ولكن هذا لن يحدث لان اسرائيل وامريكا ستضع فيتو عليه، وقد حاول الرئيس الفرنسي عقد مثل ذلك المؤتمر ولم يستطع.

واضاف عمرو ان الحلقة الاولى في ذلك تتطلب ترتيب البيت الفلسطيني مؤسساتيا وشعبيا واقتصاديا وإداريا ، وترتيب وضع البلد وهذه مهمة ليست مستحيلة،  مضيفا ان التفاوض يحتاج الى  حاضنة عربية وإقليمية لدعمنا، ولذلك يجب معرفة علاقاتنا مع الحاضنة العربية المحيطة الأردن ومصر وكذلك تركيا والخليج وهذا يستوجب وهناك امكانية اقامة علاقة مع كل هذه الأطراف.

وحول الإشارات التي صدرت قبل أسابيع حول وجود تحول في علاقة السلطة نحو تركيا قال عمرو "أبو مازن لم يفكر يوما باستبدال الإطار العربي الاعتدالي والذي هو وجزء منه ويضم مصر، الاردن، السعودية بمحور تركي او محور ايراني، لكن اعطى اشارات قليلة نحو توجه لذلك، لكن دون جدية في ذلك".

واضاف ان عضو اللجنة المركزية لفتح جبريل الرجوب وأثناء انعقاد جولات المصالحة في تركيا، توجه الى القاهرة وقطر، لان لا احد يستغني عن ذلك المحور.

تصميم وتطوير