نصر عبد الكريم لـ وطن: السلطة تمر بأزمة مالية عميقة ومن المستحيل أن تصرف رواتب الموظفين العموميين كاملة دون استلام أموال المقاصة

10.06.2020 02:06 PM

وطن- وفاء عاروري: أكد الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أنّ عدم صرف رواتب الموظفين العموميين حتى اليوم، وعدم الإعلان حتى عن أي نسب صرف للرواتب، تعكس بلا شك أزمة مالية عميقة تمر بها السلطة.

وقال: الأمر واضح وليس بحاجة إلى تحليل كبير لأن المقاصة تشكل 70% من إيرادات السلطة الفلسطينية، والجباية المحلية على الحركة التجارية لم تعد كانت عليه، فالضرائب الحالية والرسوم تراجع حجمها بشكل كبير، فقد كنا نجمع سابقا قرابة 100 مليون شهريا وحاليا في أحسن الأحوال لا نجمع 50 مليون شيكل.

وتابع خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "شد حيلك يا وطن"، الذي تقدمه ريم العمري عبر شبكة وطن الإعلامية، أن الحكومة أيضا استنزفت وسيلة الاقتراض من البنوك، واستخدمت جزءا من القروض المتاحة أمام الحكومة في فترة الطوارئ، من أجل تغطية النفقات، حيث كان ذلك ملاذا جيدا وقت الأزمة.

وأوضح أن الحكومة يبدو أنها استنفذت أيضا جزءا كبيرا من المساعدات، لأنها تأتي عادة مع بداية العام، وإذا لم يتم ذلك ربما نسمع عن مساعدات قريبة، في النصف الثاني من العام، ولكنها في أحسن الأحوال لن تتجاوز 50 مليون دولار شهريا.

وقال: ما حدث كان متوقعا تماما، مع وقف التنسيق الأمني ورفض استلام أموال المقاصة بالشروط التي يضعها الاحتلال، مضيفا: ولكن أعتقد أن الإشكالية هي عدم وجود معلومات كافية ودقيقة تصدر عن الجهات المختصة مثل وزارة المالية، لتوضح للناس ما الذي حدث منذ شهر 3 حتى اليوم؟ كم تبلغ قيمة الايرادات والنفقات وكيف تمت تغطية الفجوة التمويلية الفترة الماضية، وكيف تمت إدارة أزمة السيولة؟ 

ولفت عبد الكريم أيضا إلى أن الازمة الحالية هي أزمة مركبّة، نتيجة أزمة كورونا من ناحية ونتيجة وقف التنسيق الأمني من ناحية أخرى، وإذا عادت كورونا ستصبح الأزمة أعمق.

ودعا عبد الكريم الحكومة إلى الخروج بمؤتمر صحفي للإعلان عن إجابات كل الأسئلة السابقة الذكر، وعن التصورات الحكومية لمعالجة الأزمة، وإلى أين تؤول الأمور، خاصة وأنه لو لم يتم تنفيذ مخطط الضم في الموعد المحدد سيبقى هذا الخيار السيف المسلط على رقابنا من قبل الاحتلال، لأن الصراع طويل ومستمر.

وقال: الحكومة لن تسمح أن يمر الشهر دون دفع جزء من الراتب، ولكن هذا يعتمد على كمية المال الذي ستوفره السلطة لذلك، في ظل رفض استلام أموال المقاصة بالآلية السابقة وهي التوقيع على الحوالة، كي يثبت الاحتلال أن التنسيق لا زال قائما وان الفلسطينيين سيتخلون عن طموحاتهم السياسية ويقدمون تنازلات من أجل الحصول عليها.

وأضاف: ومن الواضح أن السلطة تريد الانتظار حتى بداية الشهر المقبل لترى إن كان قرار الضم ينفذ ام لا، وتريد توتير العلاقة مع الاحتلال ردا على هذه المخططات حتى لو كلفها ذلك اقتصاديا.

وأكد عبد الكريم أن الحكومة ستتمكن من خلال مصادرها المالية من جمع 120 مليون دولار بأحسن الأحوال، في حين أنّ الرواتب تكلف السلطة نحو 800 مليون شيكل مع التحويلات المالية للمتقاعدين وغيرها، ومع النفقات الأخرى ستكون بحاجة إلى 220 مليون دولار على الأقل.

وقال: حتى لو تسملت السلطة كل أموال المقاصة لن تستطيع سداد كل احتياجاتها، لان حجم المقاصة انخفض نتيجة الجائحة وما تبعها من آثار اقتصادية.

وانتقد عبد الكريم عدم توجه الحكومة لدراسة ووضع استراتيجيات وخيارات اقتصادية إلا عند الوقوع في الأزمات، مشيرا إلى أنها في كل مرة تبدأ بالبحث عن خيارات وبدائل، وعندما يتم ترحيل الأزمة لوقت آخر، يتم تأجيل الموضوع بأكمله.

وقال: هناك تخوف أيضا من أن تتراجع السلطة وتنزل عن الشجرة تماما كما فعلت عندما واجهت أزمة اقتطاع الاحتلال لمخصصات الأسرى العام الماضي، فلم يكن امامها أي خيارات في نهاية المطاف إلا استلام أموال المقاصة ناقصة، نتيجة الضغوطات الاقتصادية.

وأوضح أنه لو كانت الحكومة توفر بعض من إيراداتها وما يأتيها من مساعدات منذ سنوات لاستخدمتها في هكذا أزمة، ولكنها على الدوام كانت مهتمة فقط بتوفير الرواتب.

وأكد أن البدائل اليوم اضيق من السابق لأن السياق السياسي للقرار مختلف، فهذا صراع وجود وليس مسألة خلاف حول قضية فنية أو غيرها، وإسرائيل لديها تكتيكات وتعرف كيف تتعامل مع الأمور.

وقال: لذلك قلنا انه يجب أن نوفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة للموظفين والمواطنين على حدا سواء، وهذا لم يتم التفكير به ماليا قبل القرار السياسي، وحتى نتمكن من الدفاع عن خياراتنا السياسية.

وأضاف: مهم جدا أيضا الوضوح مع الناس حتى تلتف حول الحكومة بدلا من أن تنقض عليها، وتضغط عليها، مشيرا إلى أن الشعب  على استعداد دائم لتحمل الأزمات والدفاع عن طموحاته السياسية إذا أدرك أنه سيكون ثمنا سياسيا لذلك، ولكن هذا الصمت وعدم الوضوح يخلق بلبلة كبيرة.

وحول الرواتب أوضح أن الحكومة قد تكون بانتظار مساعدات من بعض الدول أو إبرام عقود مع بنوك من أجل الاقتراض منها، حتى تعرف كم ستدفع من الراتب، ولكن المؤكد تماما أن الرواتب لن تكون كاملة هذا الشهر. وقال: آمل أن يكون هناك تدرج في الخصم ويكون الخصم أكثر على الرواتب العليا.

ورجّح عبد الكريم أن تكون السلطة حصلت بالفعل على قرض 800 مليون دولار شيكل وتم استلامه قبل وقف التنسيق وقبل موضوع الضم، أي خلال فترة الطوارئ، كي تغطي النقص الذي حدث في الإيرادات نتيجة الازمة.

مؤكداً أن الحكومة ووزارة المالية ستكون ملزمة الأسبوع القادم بصرف جزء من الراتب للموظفين لأنه لا يمكن التأخر أكثر من ذلك.


 

تصميم وتطوير