وطن تناقش سبل مواجهة الوباء والاحتلال سياسيا واقتصاديا

خبراء لـوطن: أزمة كورونا كشفت هشاشة الاقتصاد الفلسطيني ونحن غير مستعدين لمعركة سياسية مع الاحتلال

27.05.2020 01:13 PM

وطن- وفاء عاروري: أكد الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن أزمة كورونا كشفت هشاشة الاقتصاد الفلسطيني وعدم قدرته على تحمل الأزمات، مشيرا إلى أن الخسائر الاقتصادية نتيجة حالة الطوارئ تقدر بمليارين إلى مليارين ونصف المليار دولار، وهي القيمة المضافة لفترة التعطل بنسبة 100% في الأعمال، والتي استمرت نحو شهر ونصف.

وأوضح عبد الكريم خلال برنامج شد حيلك يا وطن، الذي تنتجه وتبثه شبكة وطن الإعلامية وتقدمه الزميلة ريم العمري أن ازمة كورونا خلفت تحديات اقتصادية بالغة في فلسطين والعالم اجمع، بعضها ستدوم لفترة طويلة من الزمن.

وحول الـ 467 مليون شيكل التي خصصت لتوفير مستلزمات طبية وغيرها لتجاوز الوباء، يتوقع عبد الكريم ألا تكون الحكومة صرفت  50 مليون شيكل، لأن كل المصابين لم يحتاجوا الى تدخلات طبية كبيرة وإنما اقتصر الامر على الرعاية الطبية للمصابين في الفنادق، بأدوية بسيطة وأغذية فقط لا غير، لافتا إلى أنه كان هناك تبرعات طبية كبيرة.

وتابع: "ما قلص الأضرار هو العودة للحياة الطبيعية في العالم ومحاولة التعايش مع هذا الوباء، لأن الحكومات فاضلت ما بين الصحة والاقتصاد وفي النهاية فضلت الاقتصاد على الصحة."، مضيفاً " أن الأضرار لم تتوزع بشكل عادل على الجميع، وهناك قطاعات وصلت حد الانهيار وقطاعات لم تتأثر بتاتا."

واضاف " هناك أضرار يسهل تعويضها بمجرد العودة إلى العمل، وهناك أضرار لا يمكن تعوضيها، فقد لحق بها جرح عميق، وهذا يجب أن تتم معالجته، وهو التحدي الأبرز ومرتبط بالاحتلال أكثر من وباء كورونا."

وأكد عبد الكريم أن البطالة زادت وتضاعفت في ظل أزمة الكورونا، مشيرا الى أن البطالة الموسمية انتهت بمجرد عودة العمال إلى العمل، ولكن حالة الطوارئ خلقت بطالة دائمة سببها خروج بعض المنشآت عن العمل، وفقدان بعض العمال مصادر رزقهم في الداخل المحتل نتيجة عدم التحاقهم بالعمل.
وأوضح عبد الكريم أن نسب البطالة ستكون حادة حتى عام على الأقل قبل العودة إلى سابق عهدها، مشيرا أن الوباء كان له ضحايا كثر غالبيتهم عمال المياومة، الكسبة صغار، موظفو الروضات والحضانات، أصحاب مطاعم ومقاهي صغيرة، والعاملون في القطاع السياحي والخدماتي.
وقال عبد الكريم إن بعض تداعيات الوباء يجب معالجتها سريعا قبل أن تتحول لمشاكل اجتماعية، كموضوع الشيكات المرتجعة، مشيرا إلى أنه بالوضع الطبيعي فإن نسبة الشيكات المرتجعة تتراوح بين 8-9% من إجمالي المقاصة السنوية التي تبلغ قيمتها نحو 15 مليار، اما في ظلت كورونا فقد وصلت إلى 44% من المقاصة، مؤكدا أنه كان هناك تراجعا أيضا بإجمالي عدد الشيكات التي تم تقديمها للصرف، نتيجة عزوف الكثير من التجار وغيرهم عن التعامل مع الشيكات الفترة الماضية.
واضاف عبد الكريم  "جزء من الشيكات المرتجعة لا تعبر عن حالة عدم القدرة على السداد، وهذه يسهل تسويتها ولكن المشكلة الشيكات التي رجعت بسبب عدم قدرة أصحابها فعلا على السداد،" مشيرا أن هذا الوقت المثالي لـ 300 مليون دولار التي هي قروض ميسرة تحدثت عنها الحكومة من أجل اسناد أصحاب المشاريع الصغيرة والصغيرة جدا."
وقال: يمكن للحكومة أيضا تأجيل دفع جزء من الرواتب العليا حتى بداية الشهر المقبل، من أجل الدفع للمقاولين والموردين وإنقاذهم من الأزمة المالية التي تعصف بالقطاع.
واكد عبد الكريم أن الازمة أثبتت الهشاشة في الاقتصاد الفلسطيني، وأننا غير قادرين على التعاطي مع أزمات اقتصادية كبرى، وان شرايين الاقتصاد الفلسطيني مرتبطة بالاحتلال، متسائلا هل حضرنا أنفسنا من اجل الدفاع عن خياراتنا السياسية، هل تفككنا عن الاحتلال؟ هل لدينا خطط اقتصادية واضحة ترسم لنا ملامح العامين القادمين؟ في اشارة منه الى توجه الاحتلال لضم الاغوار مطلع الشهر المقبل.
وقال عبد الكريم ان الشعب الفلسطيني على استعداد من اجل ان يضحي اقتصاديا وقد فعلها سابقا إذا كان على ثقة بالانتصار في المعركة السياسية، ولكن هل نحن مستعدون فعلا لهذه المعركة سياسيا واقتصاديا وسنسير بخطوات واثقة؟
من جهته اكد هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، "أننا غير مستعدين اقتصاديا وسياسيا لهذه المعركة" في اشارة الى المعركة التي تحدث عنها عبد الكريم.
وقال المصري خلال مشاركته في البرنامج: "لا يوجد أي تحضير مسبق لهذه الخطوة التي تشكل "جديتها" معركة حقيقية وليس رد فعل لحظي، أو تعبير عن غضب أو غيره،" مؤكدا أن "الاحتلال استعد جيدا لهذه المرحلة ودرس  تداعيات هذا القرار ورد الفعل عليه من قبل الفلسطينيين والعرب ودول العالم."
وأضاف: "أكبر دليل على عدم الجهوزية السياسية هو عدم فتح ملف الوحدة الوطنية حتى الان، وعدم الذهاب إلى ترتيب الصفوف الداخلية حتى لحركة فتح نفسها، أو مع بقية الفصائل الفلسطينية".
وتابع : "يجب اعداد خطة تعزيز صمود وخطة مقاومة عقلانية مثمرة، ونحن في مسارات قدمنا حلول واقتراحات كثيرة على السلطة من أجل القيام بها، ولكنها حتى اليوم تريد عملا دبلوماسيا، وتشعر أنه لا يزال هناك أمل بان تعقد اللجنة الرباعية لقاءا من أجل هذا الامر وغيره."
وأكد "على القيادة اليوم نقل مهمات وزارة الخارجية إلى الدائرة السياسية في منظمة التحرير، او تحويل وزارة الخارجية إلى مؤسسة تعاون دولي، وتحويل موازنة الامن للصحة والتعليم، وإذا سرنا ابتداء من اليوم بخطوات صحيحة، وبرؤيا وإرادة واضحة سنستطيع التحلل فعليا من هذه الاتفاقيات بعد سنوات."
وتابع " بالنسبة للأجهزة الأمنية، ما نحتاجه هي فقط الشرطة في الفترة الحالية والمقبلة، إذن لماذا لا يتم تحويل موازنات بقية الأجهزة إلى التعليم والصحة، وان نذهب لانتخابات عامة."
اما بالنسبة لقرار الاحتلال ضم الأغوار، أكد المصري أن إسرائيل فرضت الحقائق على الأرض وضمت الكثير من الأراضي الفلسطينية وحاليا فقط تقوم بجعل هذه الإجراءات قانونية عبر قراراتها، مضيفا " إسرائيل لا يمكن أن تعتبر انها انتصرت طالما الشعب الفلسطيني موجود، بالتالي أهدافهم لم تتحقق بعد، ووجود الفلسطينيين دليل على أنهم لم يستكملوا أهدافهم."
واكد المصري أن القيادة عندما اختارت مصطلح "حل من الاتفاقيات"، لم يكن ذلك مصادفة وإنما للتأكيد على انها ليس إلغاء للاتفاقيات، وإنما هي جزء من الإلغاء او الغاء جزئي، مضيفاً إن "إسرائيل" انتقلت الآن للضم القانوني، وصحيح ان هذا ليس كل شيء لأنه بالأساس يسيطر على هذه الأراضي ولكن هذا تطور نوعي، وهذا اعلان من "إسرائيل" انه هذه الأرض لم تعد متنازع عليها.
وتعقيبا على ذلك قال عبد الكريم " إذا أردنا تجديد الاقتصاد الفلسطيني وتقوية مناعته فإن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بدفعة سياسية وتجديد سياسي، لأن الوضع القائم اقتصاديا هو مريح ولكن إذا كنا فلسطينيا نريد فعلا تغيير العلاقة مع الاحتلال فيجب علينا أن نعطي دفعة سياسية." متسائلا: ولكن هل فعلا نحن نريد مغادرة محطة قطار أوسلو؟ أم اننا نريد تجميل أوسلو ووضع شروط للتفاوض مع الاحتلال فقط؟"
وقال: أخشى ما اخشاه أننا ذهبنا لهذه الإجراءات فقط كي تتدخل الدول كما حصل معنا سابقا!
واكد عبد الكريم انه إذا كانت السلطة فعلا تريد الذهاب إلى عمل كفاحي فإنه من غير المنطقي ان تبقي على هذا الكم من العمل المؤسسي في السلطة، والمفروض أن تتخذ خطوات كبرى لضم ودمج الوزارات والمؤسسات وشد هذا الجسم البيروقراطي الكبير.
وأوضح عبد الكريم "سنكون بحاجة الى 5 سنوات على الأقل من اجل عمل جملة من الإجراءات التي من شانها تقوية مناعة الاقتصاد والخروج من عباءة الاحتلال، وتعزيز الزراعة والصناعة وغيرها."
وقال: نحن نطالب بإصلاحات مالية في السلطة منذ 20 عاما، ولكن مع الأسف اولويات الحكومات المتعاقبة لدينا غير واضحة، وتكتفي بالمحافظة على إنجازها الدائم وهو دفع الرواتب، وكأنه شركة همها الأكبر دفع رواتب موظفيها وليس دولة لديها واجبات ومهمات وطنية كبرى.
وأضاف: نحن منذ 25 عاما نراوح مكاننا، ولم نغادر التفكير المرحلي، ولا يوجد لدينا تفكير استراتيجي واضح، ولا استراتيجية وطنية لمواجهة الفترة المقبلة، والمشروع الوطني برمته بات على المحك.

 

تصميم وتطوير