ديوان قاضي القضاة لوطن : نحن في فلسطين وقعنا على "سيداو" ونعلم بأن بعض بنودها تخالف الشريعة الاسلامية، والرئيس أكد أننا لن تخالف الشريعة

26.12.2019 01:08 PM

 العشائر لـوطن : بيان الخليل ردة فعل للحفاظ على الأعراض، ولسنا سلطة بديلة

المحامي الأيوبي لـوطن: بيان الخليل اعتداء على سلطة الدولة "وسيداو" تنسجم مع الإعلان العالمي لحقوق الانسان

رام الله- وطن: أكد رئيس هيئة التفتيش القضائي في ديوان قاضي القضاة ،عبد الله حرب، أن فلسطين قد وقعت على اتفاقية "سيدوا" دون تحفظ "وهي على علم بأن بعض بنودها تخالف الشريعة الاسلامية. مضيفاً: الرئيس أكد أننا لن نخالف الشريعة الإسلامية.

وأكد أن تحذير بيان العشائر والوجهاء في الخليل القضاة من التعاطي مع اتفاقية "سيداو" لم يكن موفقاً . قائلاُ " لا سلطة على القضاة إلا القانون".

وقال القاضي حرب خلال برنامج "شد حيلك يا وطن" الذي تقدمه الإعلامية ريم العمري عبر شبكة وطن الإعلامية: " في البيان قد تم تحذير القضاة، ولا سلطان عليهم الا القانون، ولا أحد يستطيع أو يحذر القضاة".

وقد أعلن وجهاء وعشائر الخليل في بيان صادر عنهم مساء السبت الماضي رفضهم لتطبيق اتفاقية "سيداو" في فلسطين بعد حالة الجدل التي ثارت حولها في الفترة الأخيرة، وقد تضمن البيان تحذيرا لكل من : مدراء المدارس، ووسائل الاعلام. والقضاة، لقبولهم تحديد سن الزوج".

وعن اتفاقية" سيداو"، اشار بأن المرسوم الرئاسي الذي نشر في جريدة الوقائع بتاريخ (27/4/2009) قد صادق على اتفاقية "سيداو" قبل الاعتراف بدولة فلسطين بما نسجم مع أحكام القانون الاساسي الفلسطيني.

وقال القاضي عبد الله حرب : "نقول لا وألف لا لما يخالف الشريعة الاسلامية".

وأشار خلال حديثه إلى أن المادة الرابعة من القانون الأساسي تدلل بشكل واضح وصريح بأن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وقال : " هذه الاتفاقية بها بعض المخالفات للشريعة الاسلامية، وعلينا أن لا ننظر فقط بأن الرئيس عباس قد وقع على "سيداو" في عام 2014 دون تحفظ، و أن ننسى المرسوم الرئاسي الصادر في عام 2009 والذي قال بما ينسجم مع احكام القانون الأساسي .. أو الطعن الدستوري الصادر عن المحكمة الدستورية حيث بينت بأن سمو التشريعات لوثيقة اعلان الاستقلال، عام 1988، ثم للقانون الاساسي الفلسطيني، ثم للاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية، والقوانين الداخلية".

وأوضح أن المادتين (2،16) قد تحفظت عليها معظم الدول لما فيها لبُس ومساس بالشرع. فقال : " كيف أساوي المرأة بالرجل في عقد الزواج، وهل اسمح للمرأة ان تعدد الزواج،أو ان تتزوج بغير المسلم".

وقال : " أنا ضد من ينكر اتفاقية سيداو جملة وتفصيلاً، وضد من يقول بانها لا تمس الدين، لان بعض بنودها تمس ثوابت الدين".

ديوان قاضي القضاة :" طالبنا برفع سن الزواج منذ اكثر من 20 عاماً"

وبشأن تحديد سن الزواج، أكد القاضي حرب أن رفع سن الزواج هو ليس من مخرجات اتفاقية "سيداو" وانما هو احتياج فلسطيني. قائلا: " نحن في ديوان قاضي القضاة  طالبنا برفع سن الزواج، منذ أكثر من 20 عاماً حتى اليوم".

وأوضح بأن القناعة برفع سن الزواج قد تأصلت بشكل واضح في الوقت الراهن بما يصب في مصلحة الاسرة الفلسطينية، ولإتاحة الفرصة للطفل الفلسطيني بعيش طفولته الطبيعية، وأن ينضج صحياً وان ينال حقه من التعليم.

وقال : " كانت تأتينا الفتاة في سن السادسة عشرة وهي ترتدي مريول المدرسة، وهي مطلقة طلاق بائن بينونة كبرى وهي متزوجة للمرة الثانية، وهذا الأمر يدمي القلب" .

وأوضح بأن ديوان قاضي القضاة قد سعى وبكل قوة ألا يخرج قانون رفع سن الزواج الا باستنثاءات للحالات الخاصة " حتى لا نضيق واسعا ونرفع الحرج عن الشعب الفلسطيني".

وقال : " الاستثناء بالزواج دون سن الـ 18 يكون في حال ثبت تحقيق المصلحة أو المنفعة ما بين الطرفين المتعاقدين أو احدهما، واذا اقتنع القاضي بتلك المصلحة يتم رفعها الى قاضي القضاة، وهو من يبت بالامر".

العشائر : " الأعراض خط أحمر.. وحذرنا المؤسسات النسوية من دخول المدارس ...  ولم نحذر الاعلام"

من جانبه، شدد الشيخ عصام عميرة أحد وجهاء القدس ورئس إجتماع العشائر في ديوان آل تميمي بالخليل خلال حديثه لوطن أن اتفاقية "سيداو" تمس عصباً حساسا في المجتمع الفلسطيني وهو " عصب الاعراض" على حد تعبيره، مؤكداً بأن البيان الصادر عن عشائر ووجهاء الخليل الرافض لاتفاقية "سيداو" ليس ببيان "مقلق".

وقال الشيخ عميرة:" اتفاقية سيداو ليست من الشريعة الاسلامية، وما سيصدر من قوانين لاحقاً ستودي بحياة النساء الاجتماعية وتهتك اعراضهن، وسيتحول المجتمع الفلسطيني تدريجياً إلى مسرح للانتهاكات الجنسية والممارسات الخاطئة غير المعهودة".

وعن دور العشائر، قال عميرة : العشائر هم صمام الآمان باعتراض القاصي والداني وبمن فيهم السلطة والقائمين عليها، كما أنهم اكثر حرصاً من غيرهم على السلم الأهلي حتى أكثر من القانون الذي لا يطال الجميع، غير أن المجتمع يواجه تسيباً قانونيا بفعل التشتت الجغرافي والسياسي، والمسبب الرئيسي لعدم تفعيل القانون وخاصة التي تمس الانسان".

وقال واصفاً العشائر : " العشائر هي الايقونة التي تسد الفراغ في التسيب الاجتماعي، ولكنها ليست سلطة بديلة".

وأوضح الشيخ عميره خلال حديثه بأن البيان الذي صدر قبل عدة أيام عن وجهاء وعشائر الخليل الرافض لبنود اتفاقية "سيداو" جاء "كتعبير عن القلق على الأعراض". مشيراً إلى أن القلق من "سيداو" يجب أن يطال ليس فقط العشائر وإنما جميع المؤسسات الفلسطينية والذين يدافعون عن حقوق المرأة".

وقال : البيان هو ردة فعل وصيغته تتسم بالصرامة، وذلك من باب الحفاظ على الأعراض ..  والاعراض خط أحمر".

وعن صيغة البيان وما تضمنه من تحذير للقضاء ووسائل الاعلام،  وقال : "لم يوجه للاعلام أي تحذير وهذا افتراء على ما ورد في بيان العشائر، حيث افتقدنا وسائل الاعلام البارزة في التعاطي مع ما تم تداوله حول سيداو".

وأكد خلاله أن بيان العشائر تضمن تحذيراً لمدراء المدارس بعدم السماح لمندوبي الجمعيات النسوية من دخول المدارس . وقال : " لا يمكن أن أسمح لاخصائي أو اخصائية للدخول الى مدرسة البنات والحديث عن الواقي الذكري والاستخدام الآمن له، وهذا يعتبر ضربة للاعراض".

وأوضح بأن العشائر تخاطب السلطة ومن خلال ما صدر عنها من بيان ليس من باب "الندية" أو "الفوقية" وانما بتحميلها المسؤولية. وقال : " العشائر هيئة اجتماعية تشكل صمام الأمان للسلم الأهلي والمجتمعي وما تعجز عنه السلطة والأجهزة الأمنية ... ونحن لسنا فوق السلطة".

كما اشار أيضا إلى أن بيان العشائر قد تضمن تحذيراً للقضاة، ومفاده : " إن صمم القضاة على عدم اجراء عقد لفتاة مستعدة للزواج، وعمرها لا يتجاوز 17 سنة و 11 شهر و 8 ايام، ويقول لها عودي بعد أسبوع ... لماذا تعود ؟ يجب اجراء العقد ولا يوجد في الشريعة ما يمنع ذلك.. وما يحدث اعتداء على الشريعة".

وأشار إلى اللجنة الرباعية التي اجتمعت لبحث قانون رفع سن الزواج وبحضور قاضي القضاة ووزارة المرأة ووزير العدل: " قاضي القضاة تحفظ على القانون ولكن هذا التحفظ يثير الاستغراب، وجاء نصه كالتالي ( إلا في حالات استثنائية ويكون الزوجان قابلان للزواج، ويقتنع القاضي ويرفع القضية الى قاضي القضاة)".

وتابع حديثه : " القضية بيروقراطية غير مقبولة ".

من صاغ بيان العشائر؟

وقال رئيس هيئة التفتيش القضائي في ديوان قاضي القضاة ،عبد الله حرب بان الشيخ حجازي التميمي وهو مختار آل التميمي في الخليل قد ظهر البارحة في بث مباشر، وقال (لسنا مع البيان الصادر، وقد جاء من جهة أخرى ... واشار انه من القدس).

وفي معرض الرد، قال الشيخ عصام عميرة أحد وجهاء القدس ورئس إجتماع العشائر في ديوان آل تميمي بالخليل: هذا الكلام غير صحيح، والعشائر هي من قامت بصياغة البيان، وحجازي التميمي كان عنصرا مشاغبا في مؤتمر العشائر، وآل التميمي أصدوا بياناً تبرأوا من موقفه الذي وضع العصا في الدولاب".

وفي ذات السياق، أكد القاضي عبد الله حرب بأن بعض المشاركين في مؤتمر العشائر في الخليل وضد "سيداو" قد وقعوا على وثائق للمطالبة برفع سنة الزواج الى 18 عاماً في فلسطين.

الأيوبي: بيان الخليل يعتدي على سلطة الدولة

من جانبه، قال المحامي زيد الأيوبي إن اتفاقية سيداو، تنسجم مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وتنسجم مع ميثاق الامم المتحدة وتنسجم في كثير من بنودها مع الواقع العملي للحياة.

وأضاف: لايوجد فيها بنود مخالفة للشريعة الإسلامية، لكن هناك بعض التفسيرات اذا تم اخضاعها لبعض الاتجاهات الفكرية والدينية تصبح مخالفة للشريعة الاسلامية ، واذا تم اخضاعها لآراء وتفسيرات فقهية اخرى تصبح موافقة مع الشريعة الإسلامية.

واعتبر الأيوبي أن "تخويف الناس من ان سيداو جاءت لتحلل الزنا هذا غير منطقي، قد يكون هناك بعض الامور الخلافية، لكن اتفاقية سيداو تتحدث باتجاه حظر البغاء والاتجار بالنساء، وبالتالي غير صحيح انها تحلل الزنا" . مضيفا: مجتمعنا الفلسطيني محصن بالقيم والاخلاق .

وأشار الأيوبي إلى أن بيان العشائر يحذر مدراء المدارس من دخول الجمعيات النسوية للمدارس وتعلم الفتيات كيفية استخدام الواقي الذكري، وهذا تلفيق ولا يقبل من شخص يدعي انه من رجال العشائر، كما أن بيان العشائر يهدد القضاة وكأنهم سلطة داخل سلطة تعتدي على سلطة الدولة، وفق قوله.

وأكد أن المؤسسات النسوية تقودها نساء مناضلات في وجه الاحتلال، كما أن تلك المؤسسات تهتم برعاية الأسيرات في سجون الاحتلال، وتدافع عن النساء اللواتي يتعرضن لتغول الرجال.

تصميم وتطوير