ابن سلمان: "مربيتي يهودية".. وعلى الفلسطينيين استنساخ "إسرائيل"!

بالفيديو: ابن سلمان وابن زايد الصهاينة الجدد

20.06.2019 03:50 PM

رام الله-وطن: كأنه في حفل صاخب، أو بين جمهور للمصارعة الحرّة، وقف مؤسس "مركز التراث الصهيوني" مايك إيفانز على المسرح، وصاح بالحضور: "أخبرني وليا عهد الرياض وأبو ظبي إنهما داعمان لإسرائيل أكثر من بعض اليهود". وأضاف بحماس "ستطير عقولكم لو تعلمون كيف يفكر محمد بن سلمان". وبدأت تصفيقات الحضور في المؤتمر الثامن لصحيفة "جيروزاليم بوست" بمدينة نيويورك.

الصهيوني مايك إيفانز استخدم الكود المتداول غربياً لوليا عهد الإمارات والسعودية، MBS و MBZ, وبذات الوزن والإيقاع المتداول غربياً عن الصراف الآلي (ATM). لما يحمله هذا الوصف المالي من إبهار ومقاربة، تُسحر مادية السياسيين الغربيين. المصريون سبقوا ذلك الاختصار الغربي بتشبيه الحاكم الخليجي بـ"شوال الرز"، عندما كان ابن زايد وابن سلمان يصنعان نفوذهما الإعلامي والسياسي والرياضي داخل مصر.

فالحديث دائماً يدور حول تأثير المال، الشابان الصاعدان، واللذان يمسكان بزمام أغنى دولتين عربيتن، شعرا لوهلة أن ملكمها مهدد، بعد تورطهما بصناعة المجازر بحق الشعب اليمني ودعم الإرهاب في سوريا وليبيا والعراق، وقتل الصحفي جمال خاشقجي، وبالمال تفاديا دفع ثمن جرائمهما من حصتهما في المُلك، فوضعا الأولوية للتأثير خارجياً وصناعة النفوذ داخل الولايات المتحدة، بشراء اللوبيات الصهيونية فيها، ليس بهدف خدمة المصالح العربية، كما قد يخطر ببال أي عربي أن يفعل، بل لتقوية تلك اللوبيات مقابل تغطيتهما إعلامياً وسياسياً للنجاة من أي قرار دولي قد يضع حداً لتلك المجازر التي أججت الرأي العام الأمريكي والدولي ضدهما، فهما مستعدان للتضحية بأي ثمن للخلاص.. الصحافة الغربية سربت في 2018 أن ابن سلمان حاول إقناع نتنياهو بشن حرب على غزة لصرف أنظار العالم عن قضية خاشقجي.

وبلغ بابن سلمان أن يروج لنفسه أمام "إيفانز" إلى أن مربيته التي هي بمثابة أمه "يهودية"، ربما يكون كاذباً، ولكنه كرجل وضع كل مبادءه لخدمة الصهيونية، من غير المستبعد عنه أن يتاجر حتى بأمه! لأخذ تقييم جيد من قلم إيفانز وفريقه الصهيوني. فليس بالضرورة أن يكون التصهين مرتبطاً بالديانة اليهودية، هناك يهود معادون لدولة الاحتلال مثل حركة "ناطوري كارتا"، مثلما أن هناك عرباً متصهينين مثل ابن سلمان وابن زايد وحلفائهما من الأنظمة.

اللوبيات اليهودية في أمريكا ليست شركات ربحية، إنما جماعات مؤدلجة صهيونياً، تريد أن تَسمع من حكام الخليج ما تحاول هي أن تشرحه للمؤسسة والشعب الأمريكي، ونجحت بحسب تعبير مايك إيفانز -عندما سمعت من ابن سلمان ما قد يجعل عقول الصهاينة في مؤتمر نيويورك "تطير". فبعد استهلاك الرجلان لسلاح المال في التأثير، بدأا باستخدام ورقة السياسة والجغرافيا من أجل تشويه التاريخ، ولحساب ما تريده "إسرائيل"، والأخيرة تريد كامل فلسطين، وتريد شعوباً عربية تُفكر بعقلية ابن سلمان وابن زايد باعتبارهم نموذجان نالا رضاها بجدارة.

تكمن خطورة الرجلان -بما لديهما من إمكانيات ونفوذ- في أنهما عرابا "التصهين العربي"، قادا الثورات المضادة في الوطن العربي، وحولا الحراك الديمقراطي الوليد إلى حكم استبدادي يأتمر بإشارة منهما، أي انهما استنسخا الأنظمة العربية المتحالفة معمها، إلى صورة طبق الأصل لنظام الحكم القبلي الذي يقودانه في الخليج، هذه الأنظمة الاستبدادية التابعة، خائفة هي أيضاً من دفع فاتورة قيامها بثورات مضادة، التجأت إلى "MBS" و "MBZ".. التجأت إلى الـ ATM الخليجي وبدأت تنمو في ظله معتمدة على "رزه" والصورة التي يسوقها لها في الغرب. متشاركين ذات الرؤية الصهوينية في تصنيف معسكر الأعداء والأصدقاء؛ الفلسطينيون أعداء، حركات المقاومة عدوة، سوريا عدو، بينما "إسرائيل" هي الصديق القوي واليد الطويلة لذلك الحلف، والذي يجب على الفلسطينيين "استنساخها" بحسب ما أسرّ ابن سلمان لمايك إيفانز.

فتكوّن في الوطن العربي سلسلة مترابطة/متنسخة من الأنظمة التقليدية القبلية؛ أنظمة غير شرعية وليدة الثورات المضادة، صنعتها أنظمة قبلية وغنية، وما يجمعهم ليس فقط الخوف، إنما الاعتماد الكامل على التقييم الغربي (اللوبي الصهيوني وشركات الأسلحة واليمين الأمريكي والقواعد العسكرية). ولذلك تُساق جميع تلك الأنظمة إلى "ورشة المنامة" سوقاً، فأعلن البيت الأبيض عن حضورها لورشة المنامة، قبل أن تُعلن القصور الحاكمة قبولها الحضور.

فالاستنساخ بمعناه العلمي: إنتاج كائن له نسخة طبق الأصل من المادة الوراثية لكائن آخر. ولكن العلم لا زال يسقط في احتمالات استنساخ كائن مشوّه، منافي للطبيعة، فهل المال الخليجي وحده، بعقلية الصراف الآلي قادر على استنساخ كائن طبيعي أو فلسطين طبيعية؟!

بمعنى أن الرجل -حتى لو أراد- لا يقدر على صناعة دولة فلسطينية متقدمة مثل إسرائيل، إنما يسعى لصناعة دولة "إسرائيلية" للفلسطيين، تحمل جيناتها الوراثية، نظرتها العدائية تجاه العرب والوجود الفلسطيني وتاريخه، وبمعنى آخر، يريد أن يصنع للفلسطينيين دولة معادية للفسطينيين ومشروعهم الوطني، ولذلك لا مبالغة في وصف الفلسطينيين لتحضيرات حكام الخليج لصفقة القرن عبر "ورشة البحرين" الاقتصادية، بأنها خطة "لتنصيب العملاء على الشعب الفلسطيني".

قد تكون عقول الصهاينة قد "طارت" فعلاً، وهم يستمعون لمقدار الولاء الذي يكنه وليا عهد السعودية وأبو ظبي لدولة الاحتلال، ولكن الفلسطينيون والعرب اعتادوا على انحرافات التاريخ ومطباته ومراحله، ويعلمون أنّ التاريخ الذي يجري مندفعاً كالنهر، قادرٌ على حمل بن سلمان وبن زايد وأفكرهما المستنسخة، وجرفها إلى المصب.. ومن ثم يكمل اندفاعه المستمر.

تصميم وتطوير