الشعيبي:غياب التشريعي وتفرد الرئيس بالسلطات الثلاث بيئة ساعدت على ظهور بعض أنواع الفساد
رام الله - وطن:
عدم اعتماد خطة وطنية شاملة و تشاركية لمكافحة الفساد.
توقف المالية عن نشر الموازنات والبيانات.
ارتفاع مستمر في رواتب المسؤولين في المؤسسات الرسمية غير الوزارية.
تراجع في نشر تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية الفلسطيني وإضعاف استقلاليته.
الواسطة واساءة استخدام السلطة والمساس بالاموال العامة بنسبة 50% مجتمعة اكثر البلاغات التي وصلت هيئة مكافحة الفساد.
بقيت البلاغات حول الرشوة في حدودها الدنيا وهي 5%.
انطباعات المواطنين " 61% منهم " الواسطة هي الهم الاكبر، في التوظيف و الخدمات والترقيات.
فساد الأغذية والأدوية والتهرب الضريبي وتهريب السولار، جرائم في ازدياد وسط معالجات غير مجدية .
جرى تعيين 16 وظيفة عليا عام 2014 ، وسط غياب التنافس الحر وتكافؤ الفرص في التعيين، وهناك حوالي 1000 وظيفة من الوظائف العليا في الخدمة المدنية.
أطلق الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، اليوم الاثنين، في رام الله، "تقرير الفساد ومكافحته لعام 2014" خلال أعمال مؤتمره السنوي الحادي عشر، تحت شعار "السلطة المطلقة ..مفسدة مطلقة"، بحضور رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ، وممثلين عن الحكومة والمنظمات الأهلية ووسائل ، والمهتمين بقضايا مكافحة الفساد في فلسطين.
وجاء في التقرير ان العام 2014 شهد تحسن في المنظومة الوطنية للنزاهة لبعض المؤسسات الحكومية وغير الحكومية (الإعلام والقطاع الخاص)، بفعل جهود مكافحة الفساد؛ فتحسّنت ثقة المواطنين بالإجراءات التي تمّت، لاسيّما المتعلقة برفع الوعي العام بأسباب الفساد وأشكاله، وطرق مكافحته، وأظهرت هيئة مكافحة الفساد نشاطًا واضحًا في ملاحقة الفاسدين الفارين من وجه العدالة المتهمين بقضايا فساد، حيث تم تقديم طلبات استرجاع الأموال والموجودات، تنفيذًا لأحكام القضاء الفلسطيني.
لكن المنحى العام الذي أظهرته الدراسات التي قامت بها (أمان)، واستطلاعات الرأي المحلية والدولية أكدت أن ظاهرة الفساد ما زالت تشكل واحدة من أهم المشكلات والهموم والتحديات في الواقع الفلسطيني، إلى جانب تردّي الأوضاع الاقتصادية، والإشكالات المتعلقة بقضايا الحكم.
رئيس مجلس إدارة (أمان) عبد القادر الحسيني، قال في الكلمة الافتتاحية لأعمال المؤتمر بعد ترحيبة بالحضور جميعا ان العام 2014 شهد تصعيداً إسرائيلياً، بلغ ذروته بالعدوان على قطاع غزة، والذي ولد تحديات جديدة خاصة بإدارة عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، ما تطلب مواجهة أشكال جديدة من الفساد. برزت مع شكاوى عن غياب العدالة في توزيع المساعدات في قطاع غزة، فأطلقت أمان حملة الأيادي النظيفة تحت شعار "إيصال المساعدات لمستحقيها مسؤوليتنا جمعياً".
وطالب الحسيني، أطراف المصالحة الفلسطينية بسرعة تفعيل المجلس التشريعي واستئناف عقد جلساته، قائلا ان غياب دور التشريعي سيبقي منظومة مكافحة الفساد عرجاء في فلسطين، لان السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة.
من جانبه رئيس الوزراء رامي الحمد الله الجدية في حوكمة المؤسسات، ومكافحة الفساد واجتثاثه، والمضي في تعزيز قيم النزاهة والشفافية، وانفتاح الحكومة على الجهات الرقابية المختلفة، مشددا على أن المؤسسات الحكومية، الوزارية وغير الوزارية، ستبقى مفتوحة للمساءلة والرقابة، وهو ما يجب أن يطبق على المؤسسات الفلسطينية جميعها، بما فيها مؤسسات العمل الرقابي نفسها، لتكريس ثقافة وقيم الشفافية، ولتغدو البنية المؤسساتية أكثر فعالية وتطورا وقدرة على خدمة مواطني الدولة الفلسطينية.
واشار الحمد الله الى ان تفشي الفساد واستمرار الاحتلال يؤديان، إلى المزيد من سلب أموال ومقدرات الشعب، وتعطيل جهود بناء الدولة المستقلة القادرة على الحياة والاستمرار.
وقال الحمد الله: "إن الفساد وما ينتجه من عوامل هدم وإضعاف وتقويض، هو الخطر الأكبر الذي يتهدد جهود بناء ومأسسة وإقامة الدولة، ولهذا، فقد تم السعي إلى تكريس نظام نزاهة وطني شامل، يحاصر الفساد ويوقف تغلغله في البنية المؤسساتية والمجتمعية".
واضاف رئيس الوزراء: "نتائج التقرير السنوي السابع حول واقع النزاهة ومكافحة الفساد للعام 2014، والذي يعد مكوناً هاماً في تسليط الضوء ليس فقط على الإنجازات التي تحققت في إطار جهود إجتثاث الفساد والفوضى، بل وفي وضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية في تصويب وضبط الأداء لتعزيز الشفافية وقيم النزاهة والحفاظ على أموال ومقدرات شعبنا وصون المال العام".
وشدد رئيس الوزراء على انه تم الاعتماد على الوقاية من الفساد ومنع حدوثه، من خلال تفعيل التشريعات والقوانين الناظمة لعمل الحكومة، وإعمال مبادئ حوكمة المؤسسات لضبط أدائها وإدارتها، وقد تم إقرار وتعديل رزمة من التشريعات المتعلقة بإدارة المال العام، والمشتريات العمومية، وتم العمل على تكريس منظومة محاسبة ومساءلة لمرتكبي الفساد، بإنشاء مؤسسات تساهم في محاربة الفساد الماليّ والإداريّ، ومن أهمها هيئة مكافحة الفساد التي تَمكنا مِن خلالِ عملِها الدؤوب من إعادةِ أحدِ الفارينَ مِنْ العدالة، وإسترجاع مُتحصلات جُرمية تجاوزت قيمتها سبعين مِليون دولار، كما تمَ إنشاء ديوانُ الرقابة المالية والإدارية،ِ ولِجان الرقابة الداخلية إضافةً إلى دَوائر الشكاوى التي نَسعى إلى تَفعيلِها في كافةِ وزارات ومؤسسات الدولة ، لتُشكلَ أداةً رئيسية لِقياس رضا المواطنين، وتعزيزِ مشاركتِهِم في مُساءلة المسؤولين.
وأضاف الحمد الله : "عملنا ايضا على تَعزيزِ دَورِ ديوان الموظفين العام، كَجِهة إشرافية رقابية، تَنهضُ بالوظيفة العمومية بَعيداً عَن الواسطة واستغلالِ النفوذ. وَقَدْ أنجزَ الديوانُ مُدونةَ السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة، التي تُشكلُ مُكونا ًرَئيسياً في تطويرِ مَنظومةِ القيمِ والأخلاق في قِطاعِ الخِدمةِ المدنية، ونَعملُ حالياً على تعزيزِ الوَعي والتثقيفِ والتدريبِ حَولَها لضمان إلتزامِ كافةِ المؤسساتِ بِها. كما عَمِلنا أيضاً على إرساءِ أُسسِ الحُكومةِ الإلكترونيةِ، خاصةً في الدوائرِ الخدماتيةِ، لتسهيلِ وتبسيطِ الإجراءاتِ وضَمانِ كَفائتِها وشفافيتِها".
وأوضح رئيس الوزراء انه تم العمل على أكثر من مسار لتكريس قيم النزاهة والشفافية في إطار المجتمع والدولة، من اجل تنظيم وضبط السوق الفلسطينية، لتكون آمنة وخالية من أشكال الإحتكار، وانه قد إعتمدت الحكومة، بالتنسيق مع مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدنيّ، وبإلتفاف شعبيّ واسع النطاق، مبادرات تشجيع المنتجات المحلية لزيادة حصتها السوقية ومنحها الأفضلية في العطاءات والمشتريات الحكومية، بالتركيز على الجودة والمواصفات والمقاييس.
وقال رئيس الوزراء: "على صعيد الإدارة الرشيدة لما هوَ متاح من موارد، تم إنشاء مجلس تنظيم قطاع المياه بتبعية مُستقلة عن سُلطة المياه، لتكونَ نُقطة تَحول هامة على طريق حوكمة قِطاع المياه والصرف الصِحي بفصلِ المهام السياسية عن الوظائف التنظيمية فيها، وَلِيُصبِح المجلس الجهة المسؤولة عنْ مُراقبة النشاط التشغيلي لمقدمي خدمات المياه من إنتاج ونقل وتوزيع وإستهلاك وإدارة الصَرف الصِحيّ، وضَمان جودة وكفاءة الخدمات وبأسعار مُناسبة. بينما يواصل مجلس تنظيم قطاع الكهرباء، دورَه الرقابي الهام في الحِفاظ على المال العام، مِن خِلال مراقبةِ شركات توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، وضمان المُنافسة المشروعة التي تِمنع الإحتكار، وتَضمن حُقوق المُستهلك وجودة وإستدامة الخَدمات المُقدمة لَه."
وفي سياق متصل، أكد الحمد الله ان حكومة الوفاق الوطني وبناءً على توجيهات الرئيس محمود عباس، تعمل بشكل حثيث على حل جميع الملفات والقضايا العالقة لتكريس المصالحة والوحدة الوطنية، مشيرا إلى انه طرح شخصيا خلال زيارته الأخيرة لقطاع غزة، خطة وطنية شاملة لحل قضية الموظفين والمعابر، بناء على إتفاق القاهرة وإعلان الشاطئ، الأمر الذي سيمكن من توحيد العمل المؤسسي والوطني، لترسيخ بنية مؤسساتية واحدة موحدة، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في ضخ المشاريع اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة ونجدة أهلنا فيه وإنتشالهم من الموت والدمار.
وتخلل الجلسة الأولى عرض قدمه مفوض "أمان" لمكافحة الفساد الدكتور عزمي الشعبي ومديرة وحدة البحث عبير مصلح نتائج وتوصيات تقرير الفساد لعام 2014، الذي بين أن ابرز التحديات التي تواجه جهود مكافحة الفساد تكمن في ان الاحتلال يسرق اموالنا وسط غياب الشفافية في واردات السلطة التي يشرف على إدارة جبايتها، ويحمي بعض الفاسدين أو الفارين من المتهمين بالجرائم الخاصة بالفساد، وان كلفة شراء الخدمة الصحية تهدر موازنة الصحة، ومن التحديات ايضا استمرار التجاوزات في استخدام المركبات الحكومية وهدر المال العام، امام ضعف إجراءات الرقابة والمساءلة في الإدارة العامة للتراخيص.
وتم التركيز في العرض على ان استمرار تعطل أعمال المجلس التشريعي يعرقل جهود مكافحة الفساد، ويعزّز من سلطة الرئيس، ويضعف من مساءلة الحكومة.
وأشار الشعيبي خلال عرضه للتقرير إلى أن عدم اعتماد خطة وطنية شاملة و تشاركية لمكافحة الفساد، وتوقف وزارة المالية بحسب التقرير بممارسة الشفافية في الموازنة العامة عن نشر بياناتها على الموقع الالكتروني للوزارة، مع الارتفاع المستمر في رواتب المسؤولين في الهيئات والمؤسسات الرسمية غير الوزارية، وتراجع في نشر تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية الفلسطيني وإضعاف استقلاليته، تعتبر من المعيقات الجدية في طريق مكافحة الفساد.
وقال الشعيبي إن غياب دور المجلس التشريعي وعدم إجراء الانتخابات أدى إلى تفرد الرئيس بالسلطات الثلاث ،حيث قام بتعيين مجلس القضاء الأعلى وأصبحت المؤسسات الرسمية تعتبر نفسها مسؤولة أمامه ،وبالتالي غابت عملية الفصل بين السلطات، مما أدى إلى تمركز شديد للسلطة وغياب الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية .
وأضاف " هذه البيئة ساعدت على ظهور بعض حالات الفساد ".
وتطرق العرض الذي قدمته مدير وحدة البحث الى ان اكثر أشكال الفساد وفقًا للبلاغات التي وصلت هيئة مكافحة الفساد، عام 2014، كانت الواسطة واساءة استخدام السلطة والمساس بالاموال العامة بنسبة 50% مجتمعة ، فيما بقيت الرشوة في حدودها الدنيا وهي 5%.
اما أشكال الفساد وفقًا للقضايا الواردة إلى محكمة جرائم الفساد، عام 2014 (بالنسبة لمجموع القضايا البالغة 34 قضية) فقد كانت جريمة قبول الواسطة هي من اقل الجرائم التي تصل الى المحكمة بواقع جريمة واحدة فقط، في حين كانت جريمة الكسب غير المشروع من اعلى الارقام فقد وردت الى المحكمة 6 جرائم كسب غير مشروع. يليها التزوير واساءة الائتمان بواقع 5 جرائم لكل منها .
ولا زالت حسب تقرير امان السنوي حول الفساد انطباعات المواطنين تشير الى ان الواسطة هي الهم الاكبر الذي يستحوذ على مواقفهم تجاه انتشار شبهات الفساد. فقد اشار 61% منهم الى اعتقادهم بانتشار الواسطة والمحاباة في التوظيف و الخدمات والترقيات، وما يتبع هي جملة من القراءات في تقرير الفساد الذي تم اطلاقه .
استمرار الاحتلال يعيق فرص الاستقرار والتنمية والحد من الفساد
وذكر تقرير (أمان) أن استمرار الاحتلال والانقسام والخلافات الداخلية يؤثر سلبيا على النظام الوطني للنزاهة وجهود مكافحة الفساد، وكان أبرزها في العام 2014 الذي شهد تصعيداً إسرائيلياً، بلغ ذروته بالعدوان على قطاع غزة، حيث ولّد تحديات جديدة خاصة بإدارة عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، ما تطلب مواجهة أشكال جديدة من الفساد، كما اصرار الجانب الإسرائيلي على رفض تقديم البيانات المالية بشفافية التي تقوم بجبايتها لصالح السلطة (ضرائب وجمارك). وكذلك برز في عام 2014 دوره الاحتلال في حماية بعض المتهمين بقضايا فساد.
استمرار تعطل عمل التشريعي عزز من التفرد بالسلطة
التقرير بيّن ان أبرز مظاهر الخلل في عام 2014 هو الغياب المستمرّ للسلطة التشريعية ما أدى إلى عدم الرقابة على مدى الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وإلى تمركز السلطات بيد رئيس التنفيذية، وقد تعزز بعد أن تولى السيد الرئيس كامل دور المجلس التشريعي، إضافة إلى تعيينه رئيس مجلس القضاء الأعلى دون تنسيب من الاخير، وإحالة رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية إلى التقاعد، ووقف اونقل بعض من كبار المسؤولين دون إعلان المسوّغات؛ مما أثر في توازن النظام السياسي، وأضعف من تطور نظام وطني فعّال للنزاهة.
مظاهر تحسن ام محاولات مجزوءة
فيما أوضح التقرير أن هناك تحسن في الإرادة السياسية، وذلك على إثر التوقيع على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، فقد جرى تحسن ملحوظ على صعيد تطبيق قانون الخدمة المدنية، وتحسن في مجال تطوير معايير معلنة لإجراءات التعيينات، وفي مجال نشر المعلومات من قبل عدد من مراكز المسؤولين، واستعدادها للمساءلة المجتمعية. إلا أن الجهود بقيت مبعثرة؛ بسبب عدم تبني خطة وطنية شاملة وتشاركية وملزمة لمكافحة الفساد.
وأشارت نتائج المقياس إلى أن التشريعات الفلسطينية ما زالت قاصرة في تحصين نظام النزاهة الوطني في فلسطين، مثل القواعد الناظمة لحالات تعارض المصالح، إذ حصل مقياس النزاهة للعام 2014 على علامة 538، بانخفاض 16 نقطةمقارنة بـ 554 في العام 2013؛ ما يشير الى أن نظام النزاهة في فلسطين ما زال غير مانع للفساد، وأنه يراوح مكانه.
تطوير الانظمة والربط الالكتروني
ووفقا لتقرير (أمان )فقد شهد العام 2014 بعض الخطوات البطيئة باتجاه الحكومة الإلكترونية، كإطلاق سلطة النقد نظام التقاص الآلي "Perago Clear"؛ من أجل أتمتة عمليات تقاص الشيكات وأدوات الدفع بالتجزئة، من خلال توفير آليات ربط مباشرة للأعضاء فيه. وكذلك توقيع مذكرة تفاهم ما بين مجلس القضاء الأعلى وسلطة النقد، لتطوير الأنظمة الآلية في مجلس القضاء الأعلى وتجهيزها، وتقديم طلبات التوظيف في الخدمة العامة إلكترونيا، عبر البوابة الالكترونية لديوان الموظفين العام، وبدأت الحكومة بتطبيق نظام الربط الإلكتروني بين عدد من الوزارات.
وأصدرت هيئة مكافحة الفساد تقريرها السنوي المتضمن معلومات عن عملها ونشاطاتها، ونشرته على صفحة الهيئة الإلكترونية.
الاعلام والجامعات والمنظمات الاهلية
ذكر التقرير انه جرى تحسن في دور الإعلام في الرقابة، من خلال تطور مستوى نشر المؤسسات الإعلامية لتقارير استقصائية لملاحقة ظواهر فساد.على صعيد المجتمع المدني حصل تطور واضح، من حيث اتساع دور الجامعات ومؤسسات الإعلام والمنظمات الأهلية، في جهود رفع الوعي وإشاعة مفاهيم الشفافية والمساءلة. وبشكل خاص قامت مؤسسة (أمان) بعدد من التدخلات في مجالات مختلفة تناولت مجالات تعزيز مفاهيم النزاهة والشفافية في عدد من المؤسسات الرسمية، مثل قطاع الأمن، والهيئات المحلية، إضافة إلى العديد من النشاطات ذات العلاقة بالمساءلة المجتمعية وتحفيز المواطنين على مكافحة الفساد والإبلاغ عنه.
احالة مسؤولين الى محكمة جرائم الفساد
وأفاد التقرير أن نيابة مكافحة الفساد أحالت عدد من المسؤولين المتورطين إلى محكمة جرائم الفساد التي أصدرت أحكامًا خلال العام بإدانة ثلاثة منهم، وكان من بينهم بعض المدراء العامّين، وموظفين عاديين في الوزارات أو المجالس البلدية، أو في هيئات أو منظمات أهلية. وتنوعت جرائمهم ما بين الواسطة والمحسوبية،إساءة استخدام السلطة، المساس بالأموال العامة، الاستثمار الوظيفي، الكسب غير المشروع، الاختلاس، الرشوة..... وأظهر استطلاع أعدته منظمة الشفافية الدولية بواسطة مؤسسة فلسطينية بحثية عام 2014 أن 6% من المواطنين في الضفة دفعوا رشوة للحصول على خدمة عامة، بينما في قطاع غزة أشار 19% من المواطنين المستطلعة آراؤهم أنهم دفعوا رشوة مالية.
فساد الأغذية والأدوية والتهرب والتهريب.. جرائم في ازدياد ومعالجات غير مجدية .
وكشف التقرير عن تحويل 34 قضية مخالفة لقانون حماية المستهلك إلى نيابة الجرائم الاقتصادية خلال العام 2014. لكن هذا لا يعكس الواقع على الأرض من حيث انتشار هذه الجريمة. ولضمان فعالية سياسة الردع، طالبت (أمان) بنشر أسماء الأشخاص أو الشركات التي قامت بهذه الجرائم، ونوع الجريمة والسلعة، حال إحالتها إلى المحكمة المختصة، أما فيما يتعلق بجريمة التهرب الضريبي فقد سجلت لدى النيابة الكلية في المحافظات خلال عامي 2013 و2014 ما مجموعه 97 قضية.
وأضاف أن تعيين 16 وظيفة عليا وسط غياب التنافس الحر، هناك حوالي 1000 وظيفة من الوظائف العليا في الخدمة المدنية.
على الرغم من التطورات الإيجابية في مجال التعيينات في الوظيفة العامة، إلا أن ديوان الموظفين لم ينجز بطاقة الوصف الوظيفي للوظائف العليا في السلطة؛ الأمر الذي غيّب المعايير الشفافة في تعيين بعض كبار الموظفين "الفئة الخاصة والعليا" لغياب مبدأ المنافسة؛ حيث لم يتم الإعلان عن الشواغر الوظيفية لهذه الوظائف بحسب التقرير .
10 الاف دولار رواتب بعض المسئولين
بين تقرير امان أن بعض المؤسسات الحكومية غير الوزارية ما زالت خارج المساءلة الرسمية عمليًّا، وهدد هذا الوضع بإمكانية تحوّل بعض هذه المؤسسات إلى ممالك خاصة، يتحكم بقراراتها أشخاص محددون، حيث اتّضح أن بعضها تم فيه تخصيص رواتب وامتيازات للمسؤولين فيها، لا تنسجم مع الواقع المالي للسلطة، فقد تلقّى بعض المسؤولين فيها راتبًا تجاوز ال 10 آلاف دولار شهريًّا، إضافة إلى امتيازات ومكافآت خاصة.
قطاع الطاقة ... استنزاف للمال العام
و أظهر بند صافي الإقراض في الموازنة العامة ارتفاعًا في الإنفاق الفعلي بمقدار النصف عما هو مقدر في الموازنة (من 600 مليون إلى 956 مليونًا)؛ مما شكّل استنزافًا للموازنة العامة، حيث تم دفع أموال عامة، عِوَضَاَ عن التزامات مالية عن بعض البلديات، لتسديد فواتير الكهرباء وخدمات أخرى من أموال المقاصّة، رغم قيام معظم البلديات بالجباية المسبقة من المواطنين، ولاسيّما لرسوم الكهرباء.
تعيينات عشوائية مسيسة تبتلع 60% من الموازنة
ورأت أمان في تقريرها أن تسييس الوظيفة العامة يهدد حسن إدارة المال العام: سياسة التعيين على خلفية سياسية أدت إلى تعيينات عشوائية دون الاحتياج؛ فزاد عدد الموظفين في المؤسسات المدنية والأمنية. مما يُثقل كاهل الموازنة العامة بدفع الرواتب، وتبلغ حاليا ما يقارب 60% من إجمالي الموازنة التشغيلية للسلطة الفلسطينية للعام، وتبلغ في العديد من الوزارات 85% من مجموع النفقات التشغيلية، دون احتساب موظفي قطاع غزة الذين تلقّوا رواتبهم من حكومة حماس؛ الأمر الذي أدى إلى عدم قدرة السلطة الفلسطينية على الإيفاء بالتزاماتها اتجاه الخدمات العامة الأساسية، كالصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي.
موازنة عامة ليست للعامة
وأوضح التقرير أن وزارة المالية توقفت عن إصدار موازنة المواطن للعام 2014. كما لم يستجيب وزير المالية لدعوة الفريق الأهلي وممثلي المجتمع المدني في حضور الجلسة الخاصة للاستماع إلى أهداف الموازنة وخطتها للعام 2014 ومسوّغاتها، و الاستماع إلى وجهة نظر المجتمع المدني في هذا المجال. وقد أظهر مسح قياس مدى شفافية الموازنة العامة الفلسطينية، ضعف شفافية الموازنة العامة الفلسطينية، حيث تبيّن خلال عشرة شهور من تنفيذ المسح والفحص بشكل شهري أنه تم في عام 2014 توفير ثلاثة وثائق مالية للعامّة من أصل ثمانٍ يجب توفيرها لهم.
لانها هم وطني ..حق المشاركة في خطط مكافحة الفساد
وفي نهاية التقرير طالبت (أمان) الحكومة الفلسطينية ووزارة التخطيط وهيئة مكافحة الفساد بضرورة وضع خطة وطنية شاملة لمكافحة الفساد، تشارك في وضعها القطاعات المختلفة، وفقًا لجدول زمني مقرّ، وينخرط في تنفيذها جميع الأطراف الحكومية والأهلية والخاصة، وتقودها هيئة تمثيلية ومهنية، وتقدِّم تقاريرها عن سير التنفيذ بها بشكل دوري للنقاش وبحضور جميع الأطراف، ويتم تأمين موازنة خاصة لها من الخزينة العامة.