ابو جحيشة يعود شهيدا الى اهله
الخليل - دعاء الاطرس - وطن: ثماني رصاصات كانت على موعد معه، تربصت بخطواته وانطلقت حتى أفرغت سمها في جسده الهش، لتغير بذلك مسار 19 ربيعا من درب الحياة إلى الموت، محمود أبو جحيشة حكاية أخرى تضاف اليوم إلى وطن لطالما تفاضلت فيه الأسماء وصولاً إلى الشهادة .
بعد ليلة قضاها وحيدا في برد "الثلاجة" داخل مستشفى الخليل الحكومي، دون ان يتعرف احد على هويته، استلموه في إذنا جثمانا ، ولم تكن تهمته إلا ادعاء إسرائيلي بمحاولة طعن جندي قرب الحرم الإبراهيمي، ساروا به على وقع مزيج من الحزن والهتافات، فالموت الذي يغيب الأحياء عن أحبائهم قاس ومع محمود بدا المشهد مبالغا في قسوته حيث تجلى واضحا في وجه أبيه خاصة مع بقاء جثة ابنه ليلا كاملا دون التعرف إليها .
مشى محمود اليوم في شوارع بلدته وأزقتها ، لكن ليس وحيدا أو مع أصدقائه وعائلته، كان محمولا وسط المئات من أهالي إذنا الذين هتفوا جميعا بضرورة إغلاق الجرح الفلسطيني المثخن بالنزيف منذ عقود .
بدايات صغيرة لكل حدث كبير ، أبو غنام في القدس أمس ، وأبو جحيشة شهيدا آخر في إذنا اليوم ، لكن عندما يمضي الشهداء إلى الأبد ، لا يتبقى أي شيء ليقال أو يفعل لأنهم قد لخصوا كل القصة بلون بدمائهم ففي فلسطين يسقط الشهداء بأجسادهم لكن فكرة الأرض تبقى خالدة .