غياب المجلس التشريعي.. "خلل" في بناء الدولة

27.01.2015 10:49 AM

وطن- خاص- إبراهيم عنقاوي: واكب التعطل المستمر للمجلس التشريعي منذ قرابة ثماني سنوات، إصدار عشرات القرارات بقانون من قبل الرئيس محمود عباس، الذي أصبح الجهة التشريعية والتنفيذية في آنٍ واحد، كما واكبه ارتفاع نسبة الاعتقال السياسي والتعسفي وانتهاك الحريات العامة بما فيها الإعلامية والنقابية، وإصدار عشرات القرارات الإدارية من الحكومة التي يعتقد أنها غير صحيحة، وفق تقارير المؤسسات الحقوقية.

ذلك التعطيل طال مهمات التشريع والرقابة والمساءلة للجهات التنفيذية، إلا أن نفقات المجلس ورواتب النواب لا تزال مستمرة، حيث يصل راتب النائب الواحد قرابة ثلاثة آلاف دولار، مع العلم أن عدد النواب الذين يتقاضون رواتبهم 114 نائبًا، إذ تم قطع رواتب 20 نائبًا من أصل 27 نائبًا من حماس في غزة، بينما بلغ حجم نفقات المجلس في الضفة فقط أكثر من 40 مليون شيقل سنويًا وتشمل نفقات تشغيلية وتطويرية وتحويلية ورواتب موظفين، حسب بيانات وزارة المالية عام 2012، بينما لا يُعرف حجم نفقات مقر المجلس التشريعي في غزة.

وقال مساعد أمين عام المجلس التشريعي لشؤون الجلسات واللجان نشأت القريوتي: بعد شهر تموز (يوليو) عام 2007، جرى تعطيل المجلس التشريعي، ولم يعقد بأعضائه كاملًا، ما دفع الكتل والقوائم البرلمانية لتشكيل هيئة عامة للمجلس ومجموعات عمل مختصة في الملفات المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاستيطان وغيرها.

ومن المفترض أن تعقد جلسة للمجلس التشريعي المكون من 132 نائبًا (84 نائبًا في الضفة 48 نائباً في غزة) كل أسبوعين، وتعقد اللجان البرلمانية المنبثقة عن المجلس جلساتها (14 لجنة) كل أسبوعين أيضًا.

وأضاف القريوتي لــ وطن للانباء، أن إدارة المجلس "لم تتعطل" وبقي دور الموظفين والطواقم مستمر في دعم النواب والكتل ومجموعات العمل والتعاطي مع البرلمانات الأخرى وتقديم الخدمات للجمهور مستمرًا.

وأوضح أنه في القرارات بقانون التي يصدرها الرئيس عباس، تم الاتفاق بين الكتل والقوائم البرلمانية، ومكتب الرئيس على أن يتم عرض تلك القرارات على المجلس حتى تأخذ كل جهة دورها في ذلك، لكنه ذلك "لا يتم بالشكل المطلوب" وفق تأكيده.

ويرى النائب في المجلس التشريعي قيس عبد الكريم، أنه رغم مشاورة المجلس أحيانًا في القرارات بقانون التي تصدر عن الرئيس عباس، إلا أنها "لا تكون بالدقة التي تعكس مصالح الشعب كما لو أنها صدرت عن المجلس التشريعي".

وقال إن "غياب الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية أدى إلى تغوّل الأخيرة في الضفة وغزة، وفق التقارير الصادرة عن المؤسسات الحقوقية، خاصة تقارير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.

وأوضح عبد الكريم لــ وطن، أن "الكتل والقوائم البرلمانية حاولت سد الفراغ القائم في التشريعي بسبب تعطله، لكن ذلك واجه نقصًا في القوة المعنوية والسياسية للمجلس".

من جانبه، اعتبر محامي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان غاندي الربعي، أن "القرارات التي لها قوة القانون أثرت وستؤثر على حياة المواطن، وتخلق مراكز قانونية جديدة في الواقع الفلسطيني".

وبيّن الربعي، أنه خلال العام الماضي أصدر الرئيس ثمانية قرارات بقانون تتعلق بالشأن القضائي، فمع غياب التشريعي "لا محاسبة للحكومة ولا رقابة على أعمالها ولا تمنح الثقة أو تنتزع منها، ولا يتم استجوابها".

وتابع: دون وجود سلطة تراقب وسلطة تشرّع، هناك خلل في عملية بناء الدولة، والدليل على ذلك مئات القضايا المرفوعة لدى محكمة العدل العليا، ما يعني أن الانتصاف في القضاء الإداري يدلل على الكثير من القرارات الإدارية التي يُعتقد أنها خاطئة.

وأكد الربعي أن "منظومة الحريات والحقوق تأثرت سلبًا، حيث سُجلت مئات الحالات من الاعتقال التعسفي وادعاءات بالتعذيب، خلال سنوات غياب التشريعي".

إصدار القرارات بقانون من قبل الرئيس انعكست آثاره بشكل سلبي على المجتمع، وفق ما يرى الخبير في الإعلام القضائي ماجد العاروري، مضيفًا "للأسف، فإن التشريعات أصبحت لا تحتاج إلا لجلسة واحدة في ساعة متأخرة وغالبًا ما تكون في عطلة نهاية الأسبوع، لنجد قوانين جديدة أو تعديلات على قوانين".

وقال العاروري إن "تلك القرارات تصدر دون مناقشتها في المجلس، ويتم التأثير على الرئيس من قبل الفئات القريبة منه، لإقرار التشريعات المختلفة".

وأوضح أن "الرقابة القضائية على هذه التشريعات، أصبحت غير موثوقة، وغير فاعلة، إذ أن جميع القضايا المتعلقة بالتشريعات التي تم التوجه بها إلى المحكمة الدستورية، رُدت لأسباب مختلفة، ما يعني فقدان الرقابة القضائية على التشريعات".

وتأسس المجلس التشريعي في 20 كانون ثان/ يناير 1996، حيث جرت أول انتخابات له في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة، وقاطعتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.

وفي 25 كانون ثان/ يناير 2006، جرت الانتخابات التشريعية الثانية للمجلس، وتم تنصيبه في 18 شباط/ فبراير 2006، بمشاركة كافة الأحزاب والفصائل الفلسطينية، باستثناء حركة الجهاد الإسلامي، حيث فازت حركة حماس بأغلبية 74 نائبًا، بينما فازت منافستها حركة فتح بـ45 نائبًا.

تصميم وتطوير