نسبة الإعاقة الذهنية "أكثر من 2%" وحزيران يسجل 250 حالة بعيدًا عن مراكز التأهيل

01.07.2014 10:03 AM

وطن – خاص – مي زيادة: قال اختصاصي أمراض الدماغ وأعصاب الأطفال في مستشفى جمعية المقاصد الخيرية في القدس، مطيع الأشهب، إن نسبة الإعاقة الذهنية تصل إلى (1-2)% في المجتمعات، ولها أربع درجات، (70- 80)% من حجمها تقع ضمن الدرجة البسيطة.

وأوضح أن الأطفال الذين يعانون  الدرجة بسيطة، يمكنهم الانخراط في مدارس حكومية أو مدارس خاصة، ولديهم قدرة في بعض الأحيان على متابعة تعليمهم، لكن تحصيلهم العلمي من الدرجة المقبولة، وفي المجتمع يمكن أن يقومو ببعض المهام البسيطة.
وقال الأشهب إن ما يميز الحالات ليس فقط تفاوت درجة المرض ولكن الأسباب أيضًا، فهناك أسباب لها علاقة بالطفل قبل ولادته وأخرى بعدها.
وجاء حديث الأشهب خلال حلقة خاصة، ضمن سلسلة حلقات لمناصرة الحق في التعليم لذوي الإعاقة الذهنية، وتنفذها المؤسسة السويدية للإغاثة الفردية من أجل تعميم مفهوم التعليم الجامع والإسهام في إصدار مجموعة من السياسات والإجراءات التي من شأنها منح المزيد من الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية حقهم في التعليم.

ويقول الأشهب، إن مؤشرات عديدة يستطيع الأهل من خلالها التمييز فيما إذا كان الطفل يعاني من الإعاقة الذهنية أو لا، بعضها حركية، أو سلوكيات نمطية غريبة، أو تأخر بالكلام، ثم يتم تحديد إذا ما كانت صعوبات تعلم أو توحد أو ضمور العضلات أو إعاقة ذهنية.
مؤكدًا أن "الكشف المبكر عن الإعاقة الذهنية للطفل أثناء الحمل مهم، والمشكلة تكمن في أن الأمهات لا يقمن بفحص الأعضاء أو فحص الفيروسات، وهذا يكون نتيجة عدم وعي وغياب الثقافة، وبعد الولادة، تكون متابعة الأطفال فقط عبر التطعيم، بالتالي هناك نقص في الفحوصات والمتابعة في مراكز الأمومة والطفولة".

إلى جانب الأشهب، استضافت الحلقة مسؤولة برامج التربية وتنمية القدرات في المؤسسة السويدية للإغاثة الفردية، ديانا حمدان، التي تحدثت عن المؤسسة، قائلة إنها "غير ربحية، وتأسست في فلسطين والأردن عام 1966. وبدأت عملها كبيت آمن لرعاية الإعاقة الذهنية افتتح في القدس وصويلح في عمان، وبعد ذلك وبسبب الاحتياجات تم تأسيس مراكز نهارية في القدس ورام الله والبيرة، تركز في عملها على تطوير القدرات الذهنية. لذا تم توفير خدمات كعلاج النطق والعلاج الطبيعي، ثم تطور العمل وبدأت مشاريع مع التربية والتعليم، وبعدها عملت على دمج ذوي الإعاقة الذهنية في المجتمع والعمل للحصول على الحق في التعليم والصحة والحياة في المجتمع المدني، وتعتبر تجربة المؤسسة الأولى التي عملت في مجال الإعاقة الذهنية".
وأشارت إلى أن الوضع كان "سيئًا فيما يتعلق بذوي الإعاقة الذهنية بسبب الجهل نوعا ما، إذ كان الأهل يخفون أبناءهم الذين يعانون إعاقة ذهنية، ولكن مع الوقت ازداد الوعي لهذا الأمر، ما خلا بعض الحالات المخفية بسبب قلة وعي لدى الأهل والمجتمع وغياب الخطة الوطنية التي تضعها الوزارات للوصول إلى هؤلاء الأطفال لإعطائهم الرعاية المناسبة، ورفع الوعي".

وعن أهم التجارب والمشاكل التي واجهتها المؤسسة السويدية، قالت حمدان إن "برامج التدخل المبكرة غير موجودة في وزارة الصحة، فمنذ ولادة الطفل إذا ما تبين أنه يعاني من إعاقة، لا يوجد له برنامج عمل محدد من ناحية صحية تربوية نفسية، والأهل يعانون مشاكل كالاكتئاب والفقدان وعدم القدرة على التواصل والتفاعل مع المجتمع من منطلق الخجل والخوف، ما يؤدي لعديد المشاكل، بالإضافة إلى عدم وجود مراكز تأهيلية تدريبية كافية تساعد على رفع قدرات ذوي الإعاقة الذهنية واكتسابهم مهارات ليكونوا فاعلين، كما نعاني من عدم وجود تقارير طبية تشخيصية دقيقة تساعد التربوين والأخصائيين في تحديد نسبة الإعاقة ونوعها".
في ذات السياق، قال مدير عام جمعية النهضة النسائية جورج رنتيسي: مازالت عمليات التدخل في حقوق ذوي الإعاقة "خجولة ومتواضعة، إذ توجد حالات عزل تام للأطفال ونظرة سلبية للمجتمع، رغم ظهور النظرة الحقوقية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، خاصة أننا نتكلم عن اتفاقيات دولية، مثل اتفاقيات حقوق الطفل، واتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة 2006، ما يؤكد على وجود إلزام لتطبيق حقوق ذوي الإعاقة الذهنية في كافة المجالات.
وعن أنواع الإعاقة الذهنية، قال الأشهب: هما نوعان، متلازمية وغير متلازمية، والأولى تعني أن مجموعة من العلامات تشترك بين الأطفال الذين لديهم نفس المرض بين كل دول العالم، كملامح (الداون سندرون) وهي حجم الرأس صغير، والوجه تحديدا يكون مسطحًا، والفم والعينين واليدين والقدمين صغير نوعا ما، والخطوط في كف اليد تكون خطًا واحدًا، بنسبة 50% يكون لديهم عيوب في القلب، وبعض الرخاوة، ومع الوقت نجد أن الطفل لديه تأخر في الوعي والإدراك والمشي، وهذا سريع التشخيص، ليس كباقي الأمراض التي تحتاج طبيبًا وراثيًا، لكن هناك حالات يصعب تحديدها، ما يتطلب فحوصات متعددة.

وقالت حمدان إن نسبة الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية وحسب سجلات التسجيلات الخارجية للمؤسسة السويدية وباقي المؤسسات الأخرى أكثر من 2% (وهي النسبة التي ذكرها الإحصاء المركزي)، مضيفة "تم تسجيل 250 حالة هذا الشهر (حزيران) لا توجد في مراكز ذوي إعاقة، والنسبة أعلى في الواقع الفلسطيني بسبب توافد الأهالي لتسجيل أطفالهم وعدم وجود مقاعد لهم، ما يدل على وجود عديد الحالات، خاصة في القرى البعيدة عن التجمعات المدنية، وفي المناطق التي يوجد فيها زواج أقارب حيث ترتفع النسبة".

أما الرنتيسي، فقال إن النسبة المذكورة "غير حقيقية وغير صحيحة، بسبب وجود قضية الإنكار والتهرب من وجود طفل معاق داخل الأسرة وهذا له تبعات اجتماعية، فالنسبة أكبر من ذلك وعملية التدخل في المؤسسات تتمركز في المدن ولا توجد في المناطق المهمشة، حتى الذي يريد توفير الخدمات لابنه لا يستطيع تحمل مصاريف المواصلات أو الخدمات التي ستقدم له، وإن وجدت نسبة فهي لا تعطينا تفاصيل عن كل منطقة وحجم التمركز فيها".

لافتًا إلى أن "مناطق الشمال ترتفع فيها نسبة الإعاقة الذهنية، جنين منها خاصة. وفي الجنوب ترتفع النسبة بمحافظة الخليل، بسبب انتشار زواج الأقارب، فالانتهاك بحقهم مازال موجودًا داخل بيوتهم، حيث يتوجه الأطفال في البيت الواحد للمدرسة، بينما يبقى الطفل ذو الإعاقة الذهنية في البيت، وهذه قضية مهمة لوزارة التربية والتعليم، التي من الضرورة أن تؤمن وجود هؤلاء الأطفال داخل المدارس".

ودعا الرنتيسي إلى توثيق التعاون بين الأسرة والمعلم ودوائر الشؤون الاجتماعية، المسؤولة عن توفير سلة خدمات لهؤلاء الأطفال، حتى تستطيع الأسرة المطالبة بهذه الحقوق..

وعن لجنة مناصرة التعليم، قال الرنتيسي، إنها "لجنة قامت بدعم من المؤسسة السويدية للإغاثة الفردية ومجموعة من المؤسسات العامة العاملة في قطاع الإعاقة الذهنية، ضمت مناطق الشمال والوسط وضمت أهالي الأطفال ذوي الأعاقة الذهنية وهف هذا التجمع هو إبراز قضية ذوي الإعاقة الذهنية وإثارة قضية الحق في لتعليم"، مردفًا "تقوم هذه اللجنة بالضغط على الجهات المسؤولة لوضع إستراتيجيات وخطط تنفيذية حتى تساعد الأسر والمؤسسات العاملة مع الإعاقة الذهنية بتوفير حق التعليم لهم، وحق التعليم لا يعني أن ندمجهم في المدرسة أو نجد لهم مقاعد دراسية فقط في المدارس".

وقالت حمدان في ذات الشأن، إن المؤسسة السويدية تتعامل مع الأطفال من عمر سنتين ونصف حتى ما بعد الثلاثين عامًا، ويتبقون فيها مختلف التدريبات التربوية والإدراكية والعقلية والحسية وعلاج اللغة والعلاج الطبيعي. مشيرة إلى أن "العديد من الأطفال كانوا لا يتسطيعون التكلم أو الحركة أو التعبير عن احتياجاتهم واستطاعوا القيام بكافة هذه الأمور فيما بعد".

تصميم وتطوير