خلال برنامج "عين على الأمن"
شرط السلامة الأمنية شكلٌ من أشكال الفساد السياسي
وطن: ضمن مبادرة عين على الأمن التي تنفذها مؤسسة فلسطينينيات وبالشراكة مع المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن، عقدت شبكة وطن الإعلامية ثالث حلقات برنامج "عين على الأمن" بهدف تسليط الضوء على أوضاع النساء في مراكز التوقيف والاحتجاز، سعياً لتحسين أوضاعهن، وبهدف تسليط الضوء على قضايا العدالة والسلم الأهلي المرتبطة بأداء الأجهزة الأمنية، فيما يتعلق بفوضى السلاح والعدالة المتحققة للضحايا، وأوضاع النساء ضحايا الجرائم.
الحلقة الثالثة من البرنامج تناقش "شرط السلامة الأمنية" كشرط للحصول على وظيفة في القطاع العمومي، وتستضيف الصحفية أسماء هريش معدة تحقيق "نساء في الضفة ضحايا السلامة الأمنية"، والمحامي غاندي ربعي والسيدة أشواق العامر وقد حرمت من الوظيفة بسبب شرط السلامة الأمنية.
تقول هريش إنها رصدت عدداً من المخالفات القانونية التي ترتكبها الأجهزة الأمنية بحق المتقدمين والمتقدمات للوظيفة العمومية، ومنها "شرط السلامة الأمنية"، وتوضح بأن التركيز على الضحايا الرجال لشرط السلامة الأمنية، دفعها لدراسة ورصد الضحايا النساء لشرط السلامة الأمنية، اللواتي حرمن من الوظيفة العمومية، بسبب الانتماء السياسي.
من جهته يقول المحامي ربعي: تم استحداث شرط السلامة الأمنية في العام 2007 عقب الانقسام، ويضيف بأن شرط الحصول على وظيفة في القطاع العام وفقاً لقانون الخدمة المدنية هو شهادة عدم المحكومية وتصدر عن وزارة العدل، وليس شرط السلامة الأمنية، مشيراً إلى عدم وجود معايير واضحة ومحددة لشرط السلامة الأمنية، حيث إنه يحتكم لمزاج الأجهزة الأمنية خاصة جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي.
وأصدرت المحكمة العليا في العام 2012 قراراً بإلغاء العمل بشرط "السلامة الأمنية" للحصول على وظيفة عمومية، واستبداله بشهادة "عدم المحكومية" وهي من اختصاص وزارة العدل.
ويُعتبر شرط السلامة الأمنية شكلاً من أشكال الفساد السياسي وفقاً للصحفية هريش، وتقول: "شرط السلامة الأمنية رديف الواسطة التي عُرّفت في قانون مكافحة الفساد للعام 2005، وهذا يتعارض وفقاً للقانون مع المصلحة العامة، كما يتم استغلال هذا الشرط لتحقيق مصالح شخصية".
وتروي السيدة أشواق العامر وهي إحدى النساء اللواتي حرمن من التوظيف بسبب شرط السلامة الأمنية، أنها كانت تعمل في العام 2013 وفق مشروع تشغيلي لدى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وتم رفض تثبيتها في حينه وتثبيت بقية الزملاء والزميلات العاملين في المشروع ذاته، بسبب انتماء والدها السياسي، وهو أسير محرر ينتمي لحركة حماس، وهو الأمر الذي تسبب بحرمانها من فرصة التوظيف لدى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
ويشير ربعي إلى تغييب القانون فالسلطة التنفيذية حلت المجلس التشريعي الذي يسن القانون، وبالتالي أصبحت السلطات التشريعية والقضائية بيد الرئيس، وهو على رأس الهرم في السلطة التنفيذية، ما حول فلسطين لدولة أمنية تُنحي القانون جانباً، ويصف ربعي ما آلت إليه الأمور بعد حوالي 17 عاماً من الانقسام بـ"العار"، مؤكداً حق الشعب الفلسطيني بالعيش في فلسطين القانون.
ويخالف شرط السلامة الأمنية المادة رقم (9) من القانون الأساسي الفلسطيني إذ تنص على أن الفلسطينيين جميعهم سواء، ويأتي هذا الشرط ليميّز بينهم ويتنافى مع القانون، بحسب ما توضحه هريش.
والمادة السادسة من القانون الأساسي الفلسطيني تنص على أن سيادة القانون هي أساس الحكم في فلسطين، ولكن للأسف لم يعد القانون هو الأساس بل الفرد ومن يواليه، إذ يتفرد الرئيس بالتحكم بالقانون ولا يشاركه أحد بصنع واتخاذ القرار، وفقاً للمحامي ربعي.
ويشير ربعي إلى صعوبة محاسبة السلطة التنفيذية التي تفرض "شرط السلامة الأمنية" في ظل تداخل السلطات، وتفرد السلطة التنفيذية بها.
وتوضح المتضررة من شرط السلامة الأمنية أشواق العامر أن المؤسسات الحقوقية والأطراف ذوي العلاقة لم يبذلون جهوداً كافيةً لوقف شرط السلامة الأمنية شرطاً للتوظيف، وتقول استناداً لتجربتها: "عشت في دوامة بخصوص شرط السلامة الأمنية، وأعتقد أنني لن أتمكن من الحصول على فرصة بالوظيفة العمومية بسبب هذا الشرط".