"عين على الأمن" يناقش..
"الجلوة العشائرية" في حالات القتل وآثارها الاقتصادية والاجتماعية ومخالفتها للقانون
وطن: ضمن مبادرة عين على الأمن التي تنفذها مؤسسة فلسطينينيات وبالشراكة مع المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن، عقدت شبكة وطن الإعلامية ثاني حلقات برنامج "عين على الأمن" بهدف تسليط الضوء على أوضاع النساء في مراكز التوقيف والاحتجاز، سعياً لتحسين أوضاعهن، وبهدف تسليط الضوء على قضايا العدالة والسلم الأهلي المرتبطة بأداء الأجهزة الأمنية، فيما يتعلق بفوضى السلاح والعدالة المتحققة للضحايا، وأوضاع النساء ضحايا الجرائم.
الحلقة الثانية ناقشت الجلوة العشائرية، حيث يتم ترحيل عائلات من منازلها وأماكن سكنها بأمر من وجوه العشائر، وتحدثت في هذه الحلقة الصحفية أنصار طميزة معدة تحقيق "الجلوة العشائرية.. الرحيل إلى الصفر"، والباحث القانوني في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار جاموس، وعضو اللجنة العشائرية العليا في محافظة الخليل نافذ الجعبري.
الصحافية طميزة، قالت إنها واجهت صعوبة في الحصول على المعلومات المتعلقة بالجلوة العشائرية، وتتوفر هذه الملعومات لدى دوائر السلم الأهلي في المحافظات، مشيرة إلى عدم توفر أرقام أو إحصائيات موثقة لحالات إجلاء عائلات ارتكب أحد افرادها جريمة قتل لدى الجهات المختصة.
ولفتت الى رصد التحقيق لصكوك العطوات العشائرية التي سجلت ما بين العاامين 2018 و 2021 في محافظتي الخليل وبيت لحم، مشيرة إلى رصد 20 حالة إجلاء لمئات الأشخاص، وتعدى الأمر إجلاء العائلات من محافظاتها الأصلية وإجبارها على الانتقال إلى محافظات أخرى وسط وشمال الضفة.
وعن الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية الواقعة على العائلات التي تتعرض للإجلاء أوضحت الصحافية طميزة أن العائلات تتحمل عبء الآثار النفسية والاجتماعية لسنوات طويلة بعد "الجلوة"، حيث تضطر العائلات لترك أراضيها ومنازلها وممتلكاتها والبدء من الصفر في مكان جديد، وأكثر ما تعاني منه العائلات بسبب قرار الجلوة هو الوصمة الاجتماعية.
وتمنع المادة رقم "15" من القانون الأساسي الفلسطيني العقوبات الجماعية، وتنص صراحة على أن العقوبة تقع على الشخص الجاني فقط، وفقاً للصحافية طميزة.
وقال الباحث القانوني في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار جاموس، إن "الجلوة" وبالإضافة إلى جوانب أُخرى في التعامل العشائري، مثل التسامح ضمن ما يُعرف بـ"فورة الدم"، غير قانونية ولا ينص عليها القانون، مضيفاً بأن وجوه العشائر أشخاص غير مخولين "قانونياً لفرض الإجلاء القسري على أفراد ليس لهم علاقة بالجريمة"، وأن "الجلوة" تُفرض قسراً على أفراد العائلات التي ارتكب واحدٌ من أبنائها جريمة قتل.
وأعرب جاموس عن أسفه من موقف السلطات الرسمية وأجهزة إنفاذ القانون (الشرطة والأجهزة الأمنية)، معتبرا موقفها سلبياً من "الجلوة" وأن الجلوة تتم بمباركة الأجهزة الأمنية والسلطات الرسمية.
من جانبه قال عضو اللجنة العشائرية العليا في محافظة الخليل نافذ الجعبري: "رجال العشائر يحاربون الجلوة، خاصة وأنها عادة قديمة، وغير منسجمة مع روح العصر"، موضحاً بأن الإجلاء كان سهلاً خلال العقود الماضية، ولا تتجاوز تكلفته سوى هدم الخيمة والرحيل إلى مكان آخر، مؤكداً بأن رجال العشائر لا يتخذون قراراً بإجلاء العائلات إلا في حالات خاصة.
ولفت الجعبري إلى أن حالات "الجلوة" تشمل العائلات المتجاورة، وأفراد عائلة الجاني ممن تقع منازلهم بجانب منازل عائلة المجني عليه، أو من تقع منشآتُهم ومصالحُهم التجارية بجانب منازل عائلة المجني عليه، وذلك لتجنب وقوع عمليات الثأر، مشيرا الى أن قرار الإجلاء لا يشمل النساء والأطفال.
بدوره حذر جاموس من خطورة مأسسة "الجلوة" أو تقنينها وفرض معايير لها، فهي غير قانونية بالأساس ويجب أن تتوقف، ويجب على المحافظين رفع الغطاء عن رجال الإصلاح الذين يقدمون أي صك عشائري يفضي إلى الجلوة، مؤكدا ضرورة قيام الدولة بواجبها استناداً للقانون، وحماية الناس وتحقيق العدالة والتسريع في الإجراءات التي تؤدي لها.
وتشير معدة التحقيق أنصار إطميزة إلى أن "الجلوة" لا تؤدي في كثير من الحالات لحقن الدماء وتفادي الثأر، إذ تم قتل بعض الأشخاص رغم إجلائهم وعائلاتهم عن أماكن سكنهم من محافظات جنوب الضفة إلى محافظات أخرى في أقصى الشمال.
ويرد عضو اللجنة العشائرية العليا نافذ الجعبري على ما سبق بأن رجال العشائر لا يتحملون كافة نتائج الجلوة، وبحسب الجعبري فإن غياب العدالة وتغييب القانون يدفع للجوء إلى "الجلوة".
وفي ختام الحلقة يؤكد الباحث القانوني في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار جاموس أن عوامل أخرى غير ما تفرضه العشائر تؤدي لـ"الجلوة"، أهمها تقصير السلطة في حماية الناس لأسباب ذاتية تتعلق بالسلطة الفلسطينية، وأخرى تتعلق بعدم سيطرة السلطة على بعض المناطق.