خلال برنامج "عين على الأمن".. الصلح العشائري في قضايا قتل النساء لا يحقق العدالة لهن
وطن: ضمن مبادرة عين على الأمن التي تنفذها مؤسسة فلسطينينيات وبالشراكة مع المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن، عقدت شبكة وطن الإعلامية أولى حلقات "عين على الأمن" بهدف تسليط الضوء على أوضاع النساء في مراكز التوقيف والاحتجاز، سعياً لتحسين أوضاعهن، وبهدف تسليط الضوء على قضايا العدالة والسلم الأهلي المرتبطة بأداء الأجهزة الأمنية، فيما يتعلق بفوضى السلاح والعدالة المتحققة للضحايا، وأوضاع النساء ضحايا الجرائم.
وتم تخصيص الحلقة الأولى لمتابعة تحقيق صحفي بعنوان "جرائم قتل النساء صكوك عشائرية فقأت عين العدالة" الذي أعدته الصحفية عزيزة نوفل، حيث تتبع التحقيق حالات قتل نساء خلال الأعوام الأربعة الفائتة.
عوامل كثير وقفت حاجزاً أمام تحقيق العدالة للنساء في حالات القتل، مما تسبب في دفن العدالة مع أجساد الضحايا، وأبرزها الصلح العشائري وثغرات القوانين وعدم اقرار قانون حماية الأسرة من العنف .
وقالت مُعدة التحقيق الصحفية عزيزة نوفل إن الفجوة التي لاحظناها بين توثيق المؤسسات الحقوقية والنسوية والشرطة الفلسطينية لحالات قتل النساء دفعتها للتحقيق لمعرفة أسبابها، حيث إن مركز المرأة للارشاد القانوني والمؤسسات الأهلية تقوم بتوثيق حالات قتل النساء في ظروف غامضة، بينما توثق الشرطة الحالات معروفة السبب فقط، وبحسب توثيق مركز المرأة للارشاد القانوني تم رصد 114 حالة قتل للنساء خلال السنوات الأربع الماضيو، وفي المقابل وثقت الشرطة 33 حالة فقط.
وأوضحت نوفل أن هنالك حالات سُجلت انتحارا من قبل الشرطة دون النظر الى ُمسببات الانتحار والضغوط التي تتعرض لها للنساء المُنتحرات، بينما تستخدم المؤسسات النسوية مصطلح الاستنحار للتدليل على سبب الانتحار.
وأشارت إلى أن هناك الكثير من التحديات التي واجهتها أثناء إعداد التحقيق، منها محاولة التواصل مع عائلات الضحايا، حيث قوبلت بالرفض في غالب الأحيان، وهو الامر الذي شكل تحدياً حقيقياً بالوصول الى المعلومات والحقائق المطلوبة.
وأكدت نوفل الحاجة لتغيير المنظومة القانونية كاملة "قانون العقوبات"، وتعديل قوانين وسن قوانين جديدة، مثل قانون حماية الأسرة من العنف، مشيرة إلى ضرورة البدء بشكل جدي بتعديل قانون العقوبات لتحقيق العدالة في قضايا قتل النساء.
وأكدت ضرورة استحداث محاكم وقضاة متخصصين في قضايا قتل النساء، على أن يتمتعوا بعقلية متحررة بعيدة كل البعد عن الصلح العشائري.
وقالت: نحن بحاجة أيضاً الى حملات توعية للحد من حوادث قتل النساء، فالمطلوب هو إيجاد استراتيجية وطنية لمعالجة قضايا قتل النساء، إضافة إلى ضرورة التوعية من خلال المناهج الفلسطينية، لإحداث تغيير في الثقافة المجتمعية بشكل جذري.
وقالت منسقة منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة صباح سلامة، إن هناك أسبابا غيبت العدالة قسرياً، وأضافت: في بعض الحالات يكون القاتل من العائلة ما يضطر عائلة الضحية لإتمام إجراءات الصلح العشائري تحت ضغوط اجتماعية كبيرة، بهدف تحقيق السلم الأهلي والمجتمعي، ولكن ذلك لا يحقق العدالة للنساء الضحايا، ولا يساهم بإنصافهن بالمطلق.
وأضافت سلامة أن الهوة الكبيرة بين ما ترصده المؤسسات النسوية وما توثقه النيابة العامة وجهاز الشرطة، معربة عن قلقها إزاء ذلك، لا سيما وأن آليات الرصد والتوثيق مختلفة بين الجهتين.
وتابعت: عند متابعة توثيق النيابة العامة والشرطة لحالات قتل النساء، نجد أن الانتحار يشكل السبب الأكبر في رصدهما وتوثيقهما للحالات، وهذا يثير تساؤلاً جدياً حول آليات الرصد والتوثيق.
وناشدت سلامة الصحفيين ووسائل الإعلام للوقوف إلى جانب النساء ونصرتهن، وعدم ربط قضايا قتل النساء بما يسمى بـ"خلفية الشرف"، لما لها من تأثير كبير على الرأي العام.
وقالت: على الحكومة والمنظومة السياسية حماية النساء، ولكن غياب الإرادة السياسية سببٌ أساسيٌ في عدم تعديل القوانين أو سن قوانين جديدة لوقف حوادث قتل النساء.
مديرعام التخطيط والسياسات في وزارة شؤون المرأة أمين عاصي قال إن حوادث قتل النساء تُردُ لأسباب كثيرة، مشيرا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار منهجية احتساب الأرقام ورصد حالات قتل النساء لتأثيرها المباشر على النتائج، وبحسب نتائج وزارة شؤون المرأة لوحظ انخفاض كبير وملحوظ خلال العقدين الأخيرين فيما يتعلق بقتل النساء.
وتابع: "نعمل في وزارة شؤون المرأة بشكل مكثف لحماية النساء"، مشيراً إلى ما صدر عن الوزارة بتاريخ التاسع من آذار الماضي بخصوص الحقوق الإرثية للنساء، وتعد الحقوق الإرثية أحد الأسباب التي تقتل النساء على خلفيتها.
ولفت عاصي إلى أن التعديلات التي أُجريت قانون العقوبات دليل على توفر الإرادة السياسية من أجل حماية حقوق لنساء، مؤكداً أن تعديلات القانون الأخيرة سببٌ رئيسيٌ في انخفاض حوادث قتل النساء.
وأشار إلى أن وجود الاحتلال الإسرائيلي يعيق عمل الوزارات والمؤسسات الرسمية، إضافة إلى تعطيل المجلس التشريعي منذ سنوات طويلة.
وأكد ضرورة التركيز على الجانب التوعوي وتنفيذ مشاريع توعوية شاملة، داعيا النساء إلى التوجه للقضاء الشرعي في حالات التعسف.
وفي ختام الحلقة أكد عاصي ضرورة العمل على تطوير القوانين الأساسية لحماية المرأة الفلسطينية، الى جانب متابعة القضايا الخاصة مع تقديم كافة الخدمات اللازمة للنساء المُعنفات، والضغط الجاد لإقرار قانون حماية الاسرة من العنف، مع ضرورة دمج النساء بالمشاريع الصغيرة لتمكينهن اقتصادياً، وهو الأمر يتيح للنساء حق اتخاذ القرار في الاسرة وتحديد المصير.