تحقيق استقصائي لوطن: "الحمامات العامة .. قضاءُ الحاجة أمرٌ صعب المنال"
**مواطنون لوطن : معظم الحمامات العامة بحاجة لإعادة تأهيل إن وجدت، ونضطر احيانا للذهاب الى حمامات المساجد والمحال التجارية لقضاء الحاجة.
**بلديتا حوارة والعيزرية لوطن : الأوضاع المالية التي تعاني منها البلديات سببا رئيسيا في عدم وجود حماماتٍ عامة لدينا.
**بلدية الخليل : 14 حماما عاما في المدينة، ونعمل حاليا على اقامة حماماتٍ متنقلة للوصول الى كافة المواقع في المدينة
**بلدية نابلس: الحمامات العامة على اجندة البلدية، والمطلوب من المواطنين التعامل بايجابية مع المرافق العامة
وطن للانباء - تحقيق فارس المالكي : ما أن تفكر بالتوجة للسفر الى شمال الضفة الغربية منطقلا من رام الله ، يكون هدفك بالأساس أن تقصد وجهتك سالماً معافاً لاسيما في ظل ظروف غير طبيعية يعيشها الفلسينيون باستمرار اثناء تنقلهم بين المدن والبلدات في الضفة الغربية وهو أمرٌ قد يغير مسار طريقٍ في أية لحظة.ننطق بمركبتنا منطلقين من مدينة رام الله قاصدين في وجهتنا مدينة نابلس ، مسافة قد لا تجتاز حاجز الثمانين كيلو متراً ، وفي الوضع الطبيعي قد نحتاج الى ساعة من السفر ، لكن!!
حادث سير قد يقع هنا أو هناك ، أو حاجز للجيش الإسرائيلي قد يُأخرك ساعة إضافية ما يعني مزيداً من التعب والجهد والوقت.
لكن ماذا لو احتجت وانت في طريقك الى قضاء حاجتك ، نقصد هنا بأن تريد ان تذهب الى حمامٍ عامٍر وانت تمر في البلدات الفلسطينية .
هنا في بلدة حوارة جنوب نابلس حاولنا جاهدين البحث عن حمامٍ عامٍ تابع للبلدية ، لكن كل محاولتنا باءت بالفشل ، لايوجد حمامٌ عام ، اذا كيف يقضي المسافرون حاجتهم ، سألنا أكثر من شخص، فقال البعض، عليك التوجه لأقرب مسجد والبعض الأخر نصحنا ان نتوجه لأقرب محطة محروقات.
لكن الأمر المفاجئ بأننا وجدنا حماما عاما على حافة الطريق، أقامه أحد المواطنين، بحثنا لنتعرف على من أخذ هذه الخطوة على عاتقه، لنلتقي بالمواطن عبد الفتاح الضميدي الذي وافق أن نجري مقابلة معها بعد اصرارنا على ذلك.
يقول الضميدي لوطن إن ما دفعه لاقامة حمامٍ عامٍ على نفقته الخاصة بالقرب من منزله، شعوره بالمسؤولية اتجاه المواطنين الذين كانوا يضطرون للنزول الى هذا الوادي لقضاء حاجتهم.
ويضيف قائلا : " أحاول جاهدا منذ سنوات الإبقاء على هذا الحمام صالحاً للاستخدام لاسيما بانه يقع على شارع رئيسي يضج بحركة المسافرين اليومية "، مؤكدا بأنه حان الوقت للبلدية بالمبادرة لاقامة حمامات عامة للمواطنين في هذه المنطقة الهامة.
لماذا لايوجد حماماتٌ عامة في بلدة حوارة وهي البلدة التي يمر منها يوميا مئات الالاف من المواطنين المتوجهين الى شمال الضفة الغربية او بالعكس؟
رئيس البلدية معين الضميدي اكد في حوار مع "وطن" بان ملف الحمامات العامة على جدول اعمال البلدية وان مخططات المرافق الصحية حاضرة ، لكن الازمة المالية الصعبة التي تعاني منها البلدية دفعتها لوضع هذه الملفات في الأدراج.
اصطحبنا رئيس البلدية في جولة قصيرة بالبلدة ، وخلال حديثنا معه اكد أن اقامة حماماتٍ عامة على الشارع الرئيسي في بلدة حوارة مكلف ماليا بخاصة اذا ما اضطرت البلدية لشراء مخزنٍ على الشارع الرئيسي او شراء قطعة ارضٍ لبناء حمامات عامة عليها ، الامر الذي دفع البلدية لطلب المساعدة من اصحاب المحال التجارية ومحطات المحروقات، لتوفير حماماتٍ للمسافرين المضطرين لقضاء الحاجة ، و فتح حمامات المسجد لذات السبب.
المشهد ذاته لم يختلف في بلدات جنوب الضفة الغربية ، ففي بلدة العيزرية التي تضج بالحياة وحركة المركبات المزدحمة على مدار الساعة ، لا مكانٍ للحمامات العامة فيها، وانت يا مواطن وكما يقولونها بالعامية " دبّر حالك "
رد رئيس بلدية العيزرية خليل ابو الريش كان مفاجئا لنا ، حيث أكد لنا بأن إقامة حماماتٍ عامة ليس من أولويات عمل البلدية في ظل ازدحام جدول اعمالها بالاولويات والمشاريع الأخرى.
كما أكد ابو الريش بأن بلدية العيزرية حالها حال كل البلديات في الضفة الغربية تعاني من أزمة مالية خانقة بسبب تراكم ديون المواطنين لصالح البلدية وعدم ايفاء الحكومة بتحويل الاموال المستحقة للبلديات .
توجهنا الى الشارع ، ماذا يقول في ذلك ، قصدنا سائقي المركبات العمومية ولمسنا مدى معاناتهم عن قرب وهم الذين يعملون على مدار الساعة ، ويشهدون يوميا مواقفا صعبة للمركبات بخاصة طلبة الجامعات والموظفين .
ولا يقتصر الحديث عن الحمامات العامة على وجودها في البلدات الواقعة خارج المدن الرئيسية ، طاقم وطن كان حاضرا في مدينة الخليل ، التي يوجد فيها نحو اثني عشر حماما عاما ، لكن هذا العدد غير كافٍ بالنسبة للبلدية التي وضعت مخططا تطويريا لها السنة القادمة .
وأكد مدير الادارة الهندسية في بلدية الخليل المهندس أمجد عبيدو لوطن بأن ملف " الحمامات العامة" دائما حاضرا في عمل طواقم وادارة البلدية ، ميشرا في الوقت ذاته إلى أن البلدية تكف حاليا على اضافة وحداتٍ صحية جديدة في بعض المناطق في الخليل ، وقد تكون هذه الوحدات على شكل " مراكز متنقلة" بهدف الوصول الى كل المناطق التي تحتاج لها من أجل توفير الراحة للمواطنين وكذلك الزائرين لمدينة الخليل .
تنقلنا أيضا من جنوب الضفة الغربية الى شمالها وتحديدا الى مدينة نابلس ، تجولنا في ازقتها واسواقها ، البلدية هنا وكما أكد لنا مسؤول الوحدات الصحية في بلدية نابلس فيصل عاشور تعتمد على شركاتٍ خاصة لادارة الحمامات العامة .
وأكد عاشور أن البلدية تعكف حاليا على زيادة عددها ، لكنها في المقابل اشتكت من ثقافة المجتمع في التعامل مع المرافق العامة بشكلٍ عام ومع الحمامات العامة بشكل خاص.
كما اثنى عاشور على دور " وطن " في تسليط الضوء على قضية لا تلقى اهتماما كبيرا في وسائل الاعلام ، مؤكدا ان ملف " الحمامات العامة " هو ملف حيوي ويمس كافة شرائح المجتمع.
وتلزم القوانين والتشريعات المعمول فيها بدولة فلسطين البلديات بإقامة الحمامات العامة ضمن حدود البلدية ، أي بمعنى آخر إقامة وانشاء هذه الحمامت ليس اختياريا بل اجباريا وفقا لنص القانون الى جانب الأنظمة التي خصت عمل الهيئات المحلية.
فهنا نستعرض المادة رقم " 10" من قرار مجلس الوزراء رقم (6) لسنة 2011م بنظام الأبنية والتنظيم للهيئات المحلية
يجب تأمين وحدة مراحيض لكل مخزن أو معرض أو تأمين وحدة مراحيض عامة مزدوجة للرجال والنساء لكل (200م²) من مساحة المخازن والمعارض.
والى حين تطبيق القوانين ، فإن إقامة حمامات عامة يمثل أولوية لا تقل أهمية عن أية مشاريع أخرى تقوم بها البلديات وفقا لما سمعناه من المواطنين الذين فضل بعضهم عدم الظهور أمام الكاميرا ، مؤكدين ان هذا الامر يمثل كابوساً لهم عن التفكير بالتنقل بالسفر على الطرقات الخارجية في الضفة الغربية.