"خضروات في منقطة الباذان تروى بالمياه العادمة.. وأمراض معوية وجلدية تنتشر بين المواطنين"

رئيس سلطة جودة البيئة لوطن: موازنتنا متواضعة ومواردنا محدودة.. لدينا 30 مفتشا فقط ونعمل حاليا على تعزيز الرقابة البيئية

20.08.2020 04:24 PM

وطن تسائل رئيس سلطة جودة البيئة

رام الله – وطن: ما زالت مشكلة المياه العادمة التي تنساب من مدينة نابلس تلقي بظلالها على المشهد البيئي في شمال الضفة الغربية، وتحديدا من "المنطقة الصناعية" لمدينة نابلس، حيث تسير المياه العادمة عبر الوديان باتجاه وادي الساجور، لتلتقي هناك مع الينابيع السطحية في منطقة الباذان ووادي الفارعه، ثم تتابع طريقها لتخترق الأودية، حيث تصب في نهاية المطاف مع كافة الملوثات التي تحملها في الأراضي الزراعية في النصارية والعقربانية، فتتحول الأراضي الزراعية إلى مصدر للوباء والأمراض المختلفة، وسط تأكيد المجالس المحلية وخبراء بيئيين بأن بعض المزارعين يقومون بري الخضروات بمياه الصرف الصحي في تلك المناطق.

وتعقيبا على ذلك، قال رئيس سلطة جودة البيئة جميل المطور خلال برنامج ساعة رمل الذي تنتجه وتبثه وطن ويعده ويقدمه الإعلامي نزار حبش، "إننا نعلم بأن هناك مشكلة بيئية كبيرة في هذه المنطقة وتحتاج الى حل سريع، لذلك ستنشأ محطة معالجة للمياه العادمة قبل نهاية هذا العام للجهة الشرقية من مدينة نابلس بتكلفة ملايين الدولارات، وأعطينا الموافقات البيئية المطلوبة للموقع والشروط المطلوبة لتشغيلها، وهي مسألة وقت، حيث ستقوم بلدية نابلس بطرح العطاءات كي تباشر العمل".

وأشار الى أن مشكلة التلوث الأخرى مصدرها عصارة محطة لترحيل النفايات شرق المدينة، ولا يوجد موافقة بيئية من قبل سلطة جودة البيئة على هذه المحطة، مردفا: بعض البلديات تجتهد وتقوم بعمل مكب عشوائي من تلقاء نفسها كي توفر عليها أموال الرسوم والنقل الى المكبات الصحية المعتمدة سواء في المنية أو زهرة الفنجان.

وتابع: الأصل نقل كل النفايات الصلبة في نابلس والمحافظات شمال الضفة الغربية الى مكب زهرة الفنجان، لكن بعض البلديات تتلكىء في تنفيذ هذا القرار وتحاول أن تجد حلولا مؤقتة هنا وهناك، وهذا أمر خاطىء، مشيرا الى تواصل سلطة جودة البيئة مع بلدية نابلس حول هذا الأمر ووعدت البلدية بتنظيم العمل وارسال المخلفات الى المكب القانوني.

وأكد أن سلطة جودة البيئة على تواصل مباشر مع وزارة الحكم المحلي لحل مشكلة المكب والنفايات الصلبة ومشكلة الصرف الصحي التي تلوث منطقة الباذان.

وردا على سؤال من يتحمل المسؤولية في تدمير البيئة الفلسطينية في واحدة من أهم المناطق الزراعية والخضراء في الضفة، رد مطور قائلا: الجميع شركاء في تحمل المسؤولية من بلديات ومواطنين ومجالس محلية ووزارات، لأننا نتحدث عن شراكة في إدارة هذا الملف من سلطة جودة بيئة ووزارة حكم محلي ومجالس خدمات مشتركة وسلطة مياه وجهات أخرى، لكن لا نستطيع أن نجد الحلول لكل المشكلات دفعة واحدة.

خضروات تروى بالمياه العادمة وانتشار للأمراض!!

وكان رئيس مجلس قروي عين شبلي محمود أبو حطب قد أكد لوطن أن تلوث الينابيع بمياه الصرف الصحي أكبر مشكلة يواجهها المواطنون في المنطقة، وسط انتشار كبير للأمراض كالأميبا وطفوح جلدية ومشاكل صحية أخرى ومتعددة.

وتابع أبو حطب: الأراضي الزراعية نالت نصيبا كبيرا من التلوث وللأسف يتم ري المزروعات بهذه المياه العادمة بسبب عدم توفر المياه النقية أصلا ما أثر سلبا على كل الزراعة.

وفي السياق ذاته، قال الخبير البيئي سعد داغر لبرنامج ساعة رمل،  إن واد الباذان تحول الى مكرهة صحية سواء من المخلفات الصلبة كالبلاستيك أو من أو من خلال عصارة مكب النفايات الموجود فوق وادي الباذان، ويضاف على ذلك مجاري نابلس الشرقية التي تصب في نفس المجرى الذي تسير فيه مياه وادي الباذان، مردفا: الزراعات في الوادي تروى بمياه الصرف الصحي الملوثة.

وطالب سلطة جودة البيئة أن يكون لها دور فعال أكثر على الارض، حيث قال:  لا نرى دورا مميزا للسلطة حتى الآن، كما لا نرى الدور المطلوب من الشرطة البيئية التي أسست قبل نحو عام لمكافحة المشكلات البيئية التي نواجهها.

30 مفتش فقط في الضفة..

وحول مدى قدرة سلطة جودة البيئة على الرقابة المحلية، قال مطور إن عدد مفتشي السلطة في جميع أنحاء الضفة الغربية يبلغ 30 مفتشا ونطمح بالمزيد من المفتشين، مردفا: لا نستطيع أن نصل الى كل المناطق الفلسطينية، وجزء كبير من عملنا يعتمد على بلاغات المواطنين سواء في تقطيع الاشجار أو الصيد الجائر أو حرق النفايات.

وأضاف: نتطلع للمزيد من الامكانات، لتفعيل التفتيش البيئي بصورة أكبر، لكن المشكلة الأولى التي تواجهنا، تتمثل في هامش حرية الحركة للمفتشين، وخصوصا في المناطق المسماه سي تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، حيث تحدث الكثير من الانتهاكات المحلية والاحتلالية فيها بحق البيئة، لكن هناك صعوبة كبيرة في الوصول اليها.

وكانت وحدة الصحافة الاستقصائية في وطن أعدت قبل نحو عامين تحقيقا استقصائيا في بلدة اذنا قضاء الخليل، حول حرق النفايات الالكترونية التي يتم تهريبها من داخل الخط الأخضر، حيث قامت وطن آنذاك بفحص مخبري لعينة من تربة اذنا قضاء الخليل في منطقة حرق النفايات الالكترونية، وقد أظهر الفحص تلوث كل 1 ملغم من التربة ب 13794 جزيء من الرصاص، والتي وفقا للمختصين تعتبر من أعلى نسب التلوث العالمية، علما أن الرصاص وفقا لمنظمة الصحة العالمية، عنصر سام ويؤثر سلبا على التربة وصحة الإنسان وخصوصا الأطفال.

وتعقيبا على ذلك قال مطور: سابقا عمليات الحرق كانت ظاهرة يومية وعلى مدار الساعة، وواجهنا ذلك بمضاعفة حملات الرقابة والتفتيش والمنع والاستدعاءات والاعتقال، وضبطنا في ذات الوقت أطنانا من النفايات الالكترونية القادمة من داخل الخط الأخضر وأعدناها الى مصدرها على حساب المورد، كما عملنا مع البلديات المحيطة لتنفيذ مشروع بتمويل ايطالي من أجل إقامة منشآة تعنى بفصل النفايات الالكترونية والأجهزة الكهربائية القادمة من الضفة فقط وتراخيص لمشغلين في المنطقة لتقشير الكابلات وطحنها بدلا من احراقها، والآن يتم تركيب البركسات وتجهيز المعدات اللازمة التي ستعمل على أرض الواقع خلال شهرين، وكل ما سبق ساهم في تخفيف ظاهرة الحرق بشكل كبير لكنها لم تنتهي بعد.

وأكد أن الجهد الوطني نجح في خفض عدد الحرائق بشكل كبير ما قلل من تلوث الهواء والتربة في منطقة اذنا والقرى والبلدات المحيطة.

وتابع: عملنا أيضا على منع تهريب النفايات الالكترونية، حيث نقوم بضبط الكثير من المواد المهربة الينا من داخل الخط الأخضر سواء أدوية منتهية الصلاحية أو مخلفات صلبة أو مواد مسرطنة وأعدناها للاحتلال، وقبل أيام ضبطنا كميات كبيرة في منطقة قلقيلية تحوي حاويات لبقايا مواد كيماوية اسرائيلية، ونعمل على هذه القضية في هذه اللحظة.

وأشار الى أن أكبر مشكلة تواجهها سلطة جودة البيئة في هذا الملف تتمثل في عدم سيطرتنا على المعابر أولا، والسماسرة والتجار الذين يسهلون دخول هذه المواد والمخلفات الخطرة الى الضفة ثانيا.

وشدد مطور على أنه سيعمل خلال فترة رئاسته لسلطة جودة البيئة على ثلاثة قضايا، أولا تعزيز حملات التوعية لتغير انماط السلوك للحد من نسب التلوث والقاء النفايات والحرق في الغابات، وثانيا تعزيز الرقابة والتفتيش لكل القضايا البيئية، وزيادة المتابعة للمنشآت والمواقع، لتقليص المشاكل البيئية قدر المستطاع، وثالثا تطبيق أكبر وأوسع للقوانين البيئية لردع المخالفين.

ميزانيتنا متواضعة ومواردنا محدودة..

وحول واقع سلطة جودة البيئة المالي، قال مطور: السلطة الفلسطينية مواردها محدودة ونحن جزء من هذه السلطة والوضع العام الذي تشهده فلسطين، لذلك نعتمد في التمويل على بعض المانحين الدوليين، وميزانية حكومية متواضعة، ونتطلع للمزيد من الدعم الحكومي خصوصا وأننا نعمل بامكانات وموارد محدودة.

تصميم وتطوير