مجزرة عائلة السلك.. 7 أطفال خرجوا للشمس وقت الهدنة ليرحلوا شهداء في حضن جدهم

18.12.2014 03:15 PM

غزة- وطن- محمد عثمان: لم تكن تعلم أم عبدالهادي السلك، أن مشهد ابنتها الوسطى "علا" سيكون الأخير في حياتها، وتختصره طفلتها وهي تحتضر في بعض النظرات الخاطفة و"الآهات" الخارجة باختناق.

كانت تلك اللحظات إيذانًا بموعد رحيل علا، التي كانت على بعد أيام قليلة للاحتفال بعيدها العاشر، ومعها شقيقتها ملاك التي بلغت حينها ثمانية أعوام.

ولم تصحُ أم عبدالهادي من وجع تلك المجزرة التي ارتكبتها طائرات ودبابات الاحتلال الإسرائيلي بالعديد من قذائفها في منطقة حي الزيتون شرق مدينة غزة، بتاريخ 30 تموز/ يوليو، ثالث أيام عيد الفطر.

تقول أم عبدالهادي لـ وطن "بأي قانون قتلونا؟ وبأي قانون دمروا بيتنا؟ إنه قانون القوي، فما ذنب هؤلاء الأطفال الذي قتلوا بدم بارد، فهم لم يصنعوا أي شيء ضد الاحتلال الإسرائيلي".

المجزرة التي وقعت في منتصف الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، راح ضحيتها عشرات الأطفال والرجال والنساء، بينهم سبعة أطفال من عائلة السلك وثلاثة رجال، بينهم جدهم، استشهدوا جميعًا على سطح منزلهم في ساعة لهو اقتنصوها بعد إعلان الاحتلال هدنة لمدة ساعات.

بعيون دامعة، تقول أم عبدالهادي، إن "الاحتلال حرمها من طفلتيها ملاك وعلا أثناء لعبهما فوق سطح المنزل، فيما استشهدتا وهما تحتضنا بعضهما"، مضيفة "أتمنى أن يعود بي الزمن لأتمكنّ من احتضان ابنتيّ، وأقول لهما إني أحبهما كثيرًا".

وطال القصف العديد من سكان الحي،  بينهم عبدالهادي (17 عامًا)، الشقيق الأكبر لعلا وملاك، حيث أصيب بقَطع في عصب القدم اليمنى وشرايينها، ونجا من موت محقق بأعجوبة، إذ دخل في عداد الشهداء للحظات، حتى أنقذته العناية الإلهية وتنبّه البعض لحالته.

ويوضح عبد الهادي لـ وطن: حين حُملت إلى مستشفى الشفاء بغزة، وبعد نزفي الكثير من الدماء، أرادوا تحويلي إلى ثلاجات الموتى، وكتبوا اسمي على صدري كأحد شهداء المجزرة، إلا أنني كنت واعيًا على ما يجري حولي، لكنني لا أقوى على الكلام أو تحريك أطرافي، فما كان مني إلا أن استجمعت كل قواي وفتحت عينيّ لابن عمي، وهو الذي أوعز للأطباء بأنني ما زلتُ على قيد الحياة".

ويسير عبد الهادي على قدميه بصعوبة بالغة، وفي ذلك يقول إن "رحلة علاجه بدأت من قطاع غزة، ثم حُوّل إلى مستشفى المقاصد لإجراء بعض العمليات، ثم عاد إلى قطاع غزة، لينتظر مجددًا إجراء عمليات جراحية أخرى داخل المستشفيات الإسرائيلية، غير أنه لم يخرج حتى اللحظة بحجة عدم وجود تحويلات طبية".

وتابع: من المفترض أن أُجري العديد من العمليات، لكن وزارة الصحة في غزة تقول إنه لا يوجد تمويل للتحويلات الطبية في الوقت الراهن، وعرضوا عليّ إجراء عملياتي الجراحية الدقيقة في غزة، إلا أنني لم أوافق؛ نظرًا لوجود العديد من التجارب في مثل هذه العمليات التي انتهت بالفشل.

ويقع عبد الهادي، اليوم، تحت وطأة الانتظار، رغم تحذير المختصين بأن الانتظار الطويل سيحوّله إلى مُقعَد بعد ضمور نموّ قدميه.

 

تصميم وتطوير