الطفل رشيد.. ضرب وتعرية وتحقيق انتهى بحبس منزلي وحرمان من المدرسة

07/05/2014

وطن للأنباء: يمكث الطفل رشيد (14 عاما) في منزله الكائن بالبلدة القديمة في القدس بشكل قسري، بانتظار محاكمته من قبل سلطة الاحتلال، التي تأجلت لثلاث مرات حتى الآن.

الطفل رشيد كانت اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في التاسع من شباط/ فبراير الماضي، أثناء تواجده في شارع الواد في طريقه لشراء بعض الحاجيات، وخلال اعتقاله تعرض للضرب المبرح على كافة أنحاء جسده، وفق إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.

وقال رشيد: دون أن أفعل أي شيء، أول ما شافوني هجموا عليّ حوالي 10 من الشرطة والجنود الإسرائيليين، وأمسكوا بي وبدؤوا ضربي على كافة أنحاء جسدي.

اقتاد أفراد الشرطة الإسرائيلية الطفل وهو مقيد اليدين بواسطة مركبة عسكرية إلى مركز شرطة "القشلة" وخلال نقله تعرض للضرب على وجهه من قبل الشرطي الذي كان يجلس معه.

أدخل رشيد إلى مركز الشرطة، وهناك وضع في غرفة فارغة إلا من مكيف هواء وكرسي بلاستيكي وفكت القيود عن يديه وطلب منه أفراد الشرطة خلع ملابسه.

وهنا يوضح رشيد: خلعت كافة ملابسي وبعدها طلب مني أحد الشرطيين الجلوس على الكرسي، ففعلت وكنت خائفا وخجلا وحاولت أن أستر عورتي بيدي، وبقيت على هذه الحالة حوالي ساعتين دون أن يكلمني أحد، وكنت أرتجف من البرد لأن المكيف كان يخرج الهواء البارد.

وأضاف أن شرطيا ضخما دخل عليه بعد ذلك، وبيده حقيبة جلدية سوداء، وكذلك ملابسه، وطلب منه أن يرتديها، ففعل الطفل والشرطي ينظر إليه، من ثم فحص يديه ليتأكد إن كان ألقى "زجاجة حارقة" أم لا، وقال الطفل رشيد "وضع يدي في كيسي بلاستيك شفافين وبين أصابعي وضع ورقا أسود صغيرا، وطلب مني مد يدي وضمهما... وبعد حوالي ساعتين أخذ الكيسين والورق الأسود وغادر الغرفة وتركني لوحدي".

اقتيد الطفل رشيد بعدها إلى غرفة ثانية حافيا وفيها كان يوجد شخص عرف على نفسه بأن اسمه "شلومي"، وأنه يعمل محققا في المخابرات الإسرائيلية، وخلال التحقيق معه عن إلقاء "زجاجة حارقة" على مستوطن، صفعه المحقق مرتين على وجهه لأنه أنكر التهمة، وقال له إن كاميرات المراقبة صورته وهو يضرب "الزجاجة الحارقة"، وهدده بتحويله لـ"المسكوبية" وبسجنه لمدة سنة.

نقل الطفل إلى المسكوبية بواسطة مركبة شرطة إسرائيلية وهو مكبل اليدين، ودون حذاء، وقال:  كان كل تفكيري بالسيارة ماذا سيحدث معي في المسكوبية، لأني كنت أسمع من والدي وأصدقائه أن المسكوبية مكان للتعذيب.

وضع رشيد في زنزانة داخل المسكوبية فيها فرشة رقيقة وبطانية ومرحاض وضوء لونه أصفر، وصباح اليوم التالي اقتيد للتحقيق.

ويضيف الطفل: فترة التحقيق كانت صعبة كثيرا، بحيث أمضيت حوالي تسعة أيام، أربعة منها في زنزانة انفرادية، وكان التحقيق يبدأ يوميا من الساعة الثامنة صباحا تقريبا حتى الساعة العاشرة مساءً دون توقف، وفي كل جولات التحقيق أكون مكبل اليدين.

وتابع: خضعت للتحقيق من قبل خمسة محققين على الأقل بشكل منفصل، وكنت أتعرض للضرب خلال التحقيق معي، وتمكنت من إحصاء 22 صفعة على وجهي على الأقل، خلال فترة التحقيق التي استمرت حوالي تسعة أيام كما ذكرت.

وأشار رشيد إلى أن أصعب جولة تحقيق معه كانت في اليوم الثامن، عندما دخل عليه خمسة محققين مع بعضهم وأخذوا يصرخون عليه لمدة 10 دقائق تقريبا.

وقال "وقف واحد أمامي وواحد خلفي وواحد قرب أذني اليسرى واثنان قرب أذني اليمنى، وبدؤوا يصرخون، وأنا لم أفهم ماذا كانوا يقولون ولم أستطع إغلاق أذني لأني كنت مكبلا، فقمت بخفض رأسي في محاولة للتخفيف من أصواتهم".

خلال التحقيق مع الطفل رشيد، سواء الأولي أو الذي استمر تسعة أيام، لم يكن يتواجد معه محام أو أحد من أهله، وقابل "محامي دولة" لحوالي عشر دقائق يوم اعتقاله، الذي أخذ منه معلومات أولية فقط، كما نزل خلال فترة التحقيق أربع مرات للمحكمة.

بعد انتهاء التحقيق مع الطفل رشيد، نقل إلى سجن "هشارون" بعد أن مكث شهرا تقريبا في "المسكوبية"، بواسطة "البوسطة" وهو مقيد اليدين والقدمين بكلبشات حديدية، وقال "كانت مقاعد البوسطة حديدية، بتكسر الظهر، ومكثت عملية النقل حوالي ثلاث ساعات".

مكث الطفل رشيد في سجن "هشارون" حوالي شهر، وفي آخر جلسة محكمة له بتاريخ 25/3/2014 أخبره محامي نادي الأسير الذي استلم ملفه بعد حوالي 10 أيام من اعتقاله، أنه سيفرج عنه بشرط الإقامة الجبرية في المنزل، حتى أنه ممنوع من الذهاب للمدرسة لغاية موعد محاكمته في 25/4/2014، إضافة إلى كفالة مالية قيمتها ألف شيقل، لتتأجل المحكمة حتى الأول من أيار/ مايو، ثم تأجلت حتى الثاني عشر من الشهر ذاته، وبالشروط نفسها.

لم ير الطفل رشيد أهله إلا في آخر محاكمة له، بحجة المنع الأمني، ويقول: كنت دائما أدخل على المحكمة مكبل القدمين بكلبشات حديدية، وممنوع أحكي مع أحد.

ويضيف: أنا ممنوع حتى من الذهاب للمدرسة، المدرسون طمأنوني أنهم سيدرسونني في المنزل، لكنني أخشى الحصول على علامات متدنية، كذلك أخشى أن يتم سجني سنة كما هددني المحققون.

وفي تعقيبه على ما حدث للطفل رشيد، قال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش، إن الطريقة القاسية والمهينة التي تم التعامل بها مع الطفل والتي تمثلت بالاعتداء الجسدي عليه وتعريته بشكل كامل تشكل انتهاكا لحقوقه ما يستدعي مساءلة المقترفين لهذه الانتهاكات.