لسنا نحن ولا قوة أيدينا..بقلم: زئيف تسحور / يدعوت

29/11/2011
مكّنت ثلاثة أحداث تأسيسية من اقامة دولة اسرائيل. كان الأخير الحاسم هو النصر في الحرب التي ما تزال تسمى الى اليوم عند كثيرين حرب التحرير. وتحظى تلك الحرب الوجودية بانتباه واسع في الأدب والفن وأناشيد الشعب بالطبع. وفي كل سنة في يوم الاستقلال نجعلها في مقدمة أفراحنا. وحينما نأتي لنثير ذكرى أبناء جيل 1948 الذين سقطوا فيها نتذكر بأنهم هيأوا لنا الحياة.
يوجد حدثان تأسيسيان آخران سبقا الحرب وكانا شرطا سابقا ضروريا لانشاء الدولة. الاول هو تصريح بلفور في الثاني من تشرين الثاني 1917 وهو الوثيقة التي اعترفت لاول مرة في تاريخ العالم الحديث بمفهوم "حق تاريخي". وقد قبلت عصبة الامم تصريح بلفور بعد ذلك باعتباره أساسا شرعيا لحق اليهود في ان ينشئوا لأنفسهم وطنا قوميا في ارض اسرائيل. كان عدد اليهود في البلاد وقت صدور التصريح نحوا من 60 ألفا أي أقل من عُشر عدد العرب الذين عاشوا فيها. وكان الحديث الثاني قرار الامم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947، في مثل هذا اليوم قبل 64 سنة، على انشاء دولة يهودية في جزء من هذه البلاد.
منذ نشأت الدولة أصبح الحدث الاول وهو حرب الاستقلال المركز الرئيس لأعياد الدولة المدنية. ونُسي الحدثان الآخران أو أُنسوا اذا شئنا الدقة على يد المؤسسة. سيثبت لمن يخرج في هذه الايام الى البلدات التي يتركز فيها مواطنو الدولة من العرب أن لهما تعبيرا عنهما هناك. فهذان الحدثان يظهران في التقويم العربي ويُتذكران في المدارس. وهما الفقرتان اللتان تضافان الى النكبة أو الى حرب 1948 في الاصطلاح المستعمل عن العرب.
يجدر ان ننتبه الى ان مصطلح "حرب 1948" أدق من جهة تاريخية من مصطلح "حرب التحرير". فقد بدأت الحرب فورا بعد القرار في الامم المتحدة وانتهت في مطلع كانون الثاني 1949 (بعملية عوفداه لضم ايلات التي تمت بعد الحرب وجرت في الأساس باشتراك بين لواء النقب ولواء غولاني). وهذا برهان آخر على أن إدخال القصة التاريخية في الوعي العام ليس في أيدي المؤرخين بل هو واحد من أدوات سيطرة الساسة.
من شديد المفارقة ان تصريح بلفور في سنة 1917 وقرار الامم المتحدة بعد ثلاثين سنة من ذلك يبرزان في الخطاب العربي ويُقصيان عن الخطاب الصهيوني لنفس السبب. ويمكن ان نحدد السبب بالشعار الرائج بين الجماعتين القوميتين وهو "العالم كله ضدنا". فالعرب من مواطني اسرائيل يأتون بهذين الحدثين التأسيسيين برهانا على تفضيل الأقلية الصهيونية على الأكثرية الغالبة العربية. والصهاينة المحتاجون الى بلورة تضامن قومي إزاء التهديد الدائم من "العدو على الباب"، محوا ببساطة الدور المهم للشعوب في انشاء الاستقلال اليهودي.
ان التوجيه التربوي أشرب أنفسنا معرفة "أننا نحن"، البلماح أو الايتسل فعلنا هذا. طردنا البريطانيين وانتصرنا على سبع دول عربية غازية. قلة في مواجهة كثرة، بلا سلاح.
فلنتمهل. لقد استعنا بآخرين استعانة كبيرة. بعد 64 سنة من التاسع والعشرين من تشرين الثاني، حينما استقر رأي ثلثي دول العالم على ان تجند نفسها من أجلنا ومهدت الطريق للدولة، ما نزال نستعين بطالبي الخير لنا ونتابع إنكار مساعدتهم.