وطن للأنباء: يوما وراء يوم ، يتضح لكل عقل تحليلي مادي ، أن الخرق الأمني في حزب الله ، ليس خرقا بشريا ، بمعنى أنه ليس"جاسوسا" مزروعا في أروقة الحزب ، او في هيئاته القيادية ، ما أشار اليه الأمين العام في خطابه الأخير قبل أيام من استشهاده ، حين قال ان قرارات الحزب ستتخذ في أقل عدد من المسؤولين القياديين ، الأمر الذي يعني انه اقصى من حوله معظم مقربيه ، و مع ذلك نجحت إسرائيل في اغتياله .
يقودنا هذا الاستنتاج الأول الى استنتاج ثان ، أن الخرق ليس بيروتيا ، و ليس لبنانيا ، بل إيرانيا و ربما طهرانيا ، فبعد اغتيال شكر في الضاحية الجنوبية قبل شهرين ، بساعات ، اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية في طهران ، كضيف علني بدعوة رسمية للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان ، ما عدّه حسن نصر الله اعتداء على "شرف ايران" ، و كان بإمكانها اغتيال زياد نخالة امين عام حركة الجهاد و أي ضيف آخر في تلك المضافة الرئاسية .
يعيدنا الاستنتاج الثاني هذا الى استنتاج ثالث ، هو المتعلق بتحطم مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي و معه وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان ، في أيار الماضي ، أي بعد نحو شهر من عملية قصف إسرائيل بنحو ثلاثمائة صاروخ و طائرة مسيّرة . ، نتيجة التحقيق انها سقطت و تحطمت "بسبب الأحوال الجوية ، و الحمولة الزائدة" ، الأحوال الجوية لم تؤثر على المروحيتين المرافقتين لحراسة مروحية الرئيس ، واحدة من الامام و الثانية من الخلف ، و قد وصلتا بسلام ، أما المروحية المحروسة ، فقد أصبحت أشلاء . تبرير الحمولة الزائدة ، لا يقل غرابة عن التبرير الأول ، الا التبرير الثالث المتعلق بالفهم الديني "قدر الله و ما شاء فعل" ، و معه المأثور السائد : لا حذر في قدر .
أي مقارنة سريعة ، او مقاربة منطقية ، بين "حادثة" تحطم مروحية رئيسي ، و بين ما يحدث الآن من عمليات الاغتيال التي ابتدأت بشكر و هنية ، و تواصلت بتفخيخ خمسة الاف جهاز النداء "البيجر" و لم تنته على ما يبدو باغتيال الأمين العام للحزب ، أي مقاربة هي مختلة لصالح ان المروحية لم تسقط ، بل اسقطت .
يقودنا هذا الى استنتاج رابع ، ان الخرق يضرب مساحات شاسعة من التي على تماس بساحة القتال و محور المقاومة التي تتزعمه طهران ، و هي مساحة ممتدة الى لبنان و سوريا و العراق و فلسطين و اليمن ، بل الى ما هو ابعد ، الى دول الخليج و مصر و الأردن ، بل الى ما هو ابعد ، أذربيجان و تركيا و اثيوبيا و الصومال و أربيل الكردية . و هنا يأتي الاستنتاج الخامس من ان الخرق الأمني التقني الأمريكي لا الإسرائيلي ، قد طال على ما يبدو القمر الصناعي التجسسي الإيراني "نور" .
لقد عارض حسن نصر الله الموروث الديني "لا حذر في قدر" ، و أخذ حذره و احتياطاته الأمنية ، و مع ذلك لم تشفع له ، ربما كان يجب ان تكون أكثر ، كأن ينتقل الى خارج الضاحية و خارج بيروت و خارج لبنان الى دمشق مثلا او طهران . و ها هي التقارير ، حتى ساعة كتابة هذا المقال تفيد باستهداف الأمين العام المفترض هاشم صفي الدين .