زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: أحلام الناس في قطاع غزة تتركز في البقاء أحياء وبالعودة لأراضيهم

02/08/2024

الأيام الحادي والثاني والثالث والرابع والتسعون بعد المائتين لحرب الإبادة على غزة، 23 - 26 يوليو 2024

كالعادة ولأيّامٍ عديدة، ينشغل الناس في قطاع غزة على امتداده بتوقعاتٍ تجاه ما يمكن أن يحدث غدًا أو بعد غد، نتيجةً لتوالي أخبار التوافق الوطني الفلسطيني في الصين، وفي إطار زيارة النازي نتنياهو لأمريكا، حيث يتوقّع الناس وقف العدوان الصهيوني، أو حدوث تهدئةٍ على الأقل كي يستطيعوا تنفّس الصعداء قليلاً. وفي نفس الوقت، هناك شكوكٌ حول إطالة أمد هذا العدوان في ظلّ الواقع المعاش، والذي أصبح حرب استنزافٍ غير مُحدّدة الأمد، ولكن هدف العدو واضحًا وضوح الشمس، فهو يُراهن على المزيد من الوقت، وإيقاع المزيد من الخسائر البشرية والتي حتى الآن فاقت ما حدث في كُلّ العدوانات السابقة، فعددُ الشهداء والشهيدات والمفقودين زاد عن خمسين ألفًا، فيما وصل عدد الجريحات والجرحى لأكثر من تسعين ألفًا.

وبالرغم من ذلك يستمر الناس في بناء أحلامهم على احتمالات إنهاء العدوان، قال صديقٌ أثناء زيارته لمكتبي "هل تعتقدي أن الحرب راح تخلص عن قريب؟ الواحد عم بيشوف الموت بعينيه كُل يوم"، فأجبته "عن قريب؟ لا أظن، لكن أول عن آخر راح تخلص"، ثمّ قال زميله النازح من الشمال لمدينة غزة "مبيّن قصّتنا مالها آخر وطويلة بس يا ريت نضل عايشين ونقدر نرجع على أرضنا، صحيح بيوتنا تدمرت بس بنقدر نحط خيمة ونعيش فيها"، ولكن للأسف أحد التكتيكات في هذا العدوان هو قصف الخيام وحرقها، وبالتالي لن يتوانَ العدو عن ملاحقة الناس حتى ولو في الخيام.

يبحث الناس عن الحاجات الأساسية اللازمة في سبيل البقاء أحياءً وأيضًا أصحاء، ففي مدينة غزة تختلف الأمور بعض الشيء عنها في الجنوب، حيث في مدينة غزّة وشمالها يشكو الناس جميعًا من قلّة الطعام، إذ أنّ الخضروات والفاكهة واللحوم والحليب والبيض والشكولاتة والبسكويت، كُلّها غير متوفرة، إلى جانب نقص أشياءٍ أخرى وغلاء الكثير من الأشياء أيضًا، بالإضافة لنقص الدواء والماء.

زميلتي التي فُجعت بموت شقيقتها المريضة بسبب عدم توفّر الدواء، قالت وهي تبكي بمرارة "ليش يا أستاذة بنموت مش بس من القصف والبيوت اللي بتوقع على رؤوس أصحابها، لكن كمان من قلّة الدواء؟ طيب لإيمتى بدنا نركض بس عشان نضل عايشين؟ طيب وينها ها العيشة؟" وكانت أختها مُحاصرة مع عائلتها في حي تلّ الهوى لمدة ثلاثة اسابيع -أثناء الاجتياح البرّي الأخير- ولم يتمكّنوا من الخروج للبحث على دواءٍ لها مما أدّى إلى جفاف أوردتها وماتت بسبب ذلك.

أمّا في الجنوب، فقد انتشرت أمراضٌ وحساسيّات جلديةٌ عدّة في مخيّمات النزوح، وذلك بسبب قلّة توفّر المياه ومواد النظافة الشخصية والمنزلية، بالإضافة إلى الغلاء الفاحش في أثمان بعض المواد الضرورية أيضًا.

ينام الناس في قطاع غزة على أمل أن يأتي الصباح وهم أحياء، ولم يعودوا يراهنون على وقف هذا العدوان الغادر لأنهم يعلمون جيدًا أنّ العدوّ في سبيل تحقيق أهدافه، يقوم بكُلّ عمليات القتل الوحشية ولن يرضخ لأيّ اتفاقٍ سوى بالقوة، ويؤمنون أيضًا أنه سيأتي اليوم الذي يتوقف فيه هذا العدوان.

زينب الغنيمي، من مدينة غزة تحت القصف والحصار