سامي مشعشع يكتب لوطن: الأونروا .. منظمة إرهابية!

23/07/2024

إقرار الهيئة العامة لبرلمان دولة الكيان ،وبالقراءة الأولى، لمشروع قانون يرسم الاونروا كمنظمة إرهابية (وهو مشروع قانون يدمج داخله مشاريع  قوانين من كتل نيابية لذات الغرض) هو بداهة خطوة إضافية خطيرة للغاية في مسار شيطنة الوكالة ووصمها بالإرهاب وبهدف انهاء عملها في فلسطين والتأكد من ان "لا دور"  لها في مرحلة اعدة أعمار غزة وترهيب متبرعيها وتجفيف مواردها المالية وإعلان كبار موظفيها ومفوضها العام "أشخاصا غير مرغوب بهم" وتحويلها لمؤسسة تنموية الطابع توطينية الهدف لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في كل من الأردن ولبنان وسوريا.

صوت ٥٨ نائباً برلمانيا إسرائيليا مع مشروع القانون الجامع ومن أطياف الائتلاف الحكومي والمعارضة (وسطها ويمينها ويمين يمينها) وعهد للجنة الشؤون الخارجية والأمن التحضير للقراءة الثانية والثالثة (والتي عادة تتم في ذات اليوم) قبل ان يصبح القانون نافذا وبرسم التنفيذ والأغلب ان يتم ذلك بعد عودة برلمانهم من عطلته الصيفية! مشروع القانون يحمل تحت مظلته مشاريع قوانين متفرعة ذات طابع عملياتي وتنفيذي.

مشروع القانون سيمنع الأونروا من العمل ضمن دولة الكيان والحديث هنا عن تواجد ومنشآت ومقار وأصول الأونروا في القدس وليس في الضفة وغزة كما كان مطروحا سابقا في القراءة التمهيدية لذات مشروع القانون. ولا غرابة ان يشمل هذا القانون حال تمريره مخيم شعفاط للاجئين والذي يقع ضمن حدود القدس جغرافيا وتدير داخله الأونروا برامج تعليمية وصحية وغيرها.
ومشروع القانون الفرعى الاخر الخطير والذى حاز أيضا على أغلبية برلمانية عندما تم التصويت عليه يهدف لتجريد الأونروا من الامتيازات والحصانات والإعفاءات الضريبية والجمارك والمخصصة للمؤسسات الدولية والبعثات الديبلوماسية والذي شمل الأونروا ارتكازا على اتفاقية كوماي-مكليمور للعام ١٩٦٧ بين دولة الكيان والأونروا. ان مشروع القانون هذا سيشكل ضربة موجعة لجهود الوكالة الخدماتية والإغاثية. الهجوم المباشر والفظ قبل عدة ايام لرئيس وزراء الكيان ضد شخص المفوض العام وبانه داعم للارهاب (وهو هجوم يشكل تهديدا مباشرا على سلامة كبير مسؤلي ألأمم المتحدة في فلسطين) هو ترجمة مباشرة من رأس هرمهم للجهد الديبلوماسي والبرلماني والسياسي والإعلامي لربط الاونروا "بالإرهاب" وان عملها وموظفيها ومقارها ومواقفها داعمة له!

الرأي الاستشاري العام لمحكمة العدل الدولية الأسبوع المنصرم والذي أعاد التأكيد على حقيقة ان التواجد الإسرائيلي الإحلالي في القدس والضفة وغزة هو كذلك : احتلالا غير قانوني وغير شرعي سيدفع ، بتقديري، دولة الكيان ومسئولي بلدية القدس لدى دولة الكيان ووزارات الاختصاص بتسريع التصويت على مشروع القانون واعتماده قانونا نافذا والبدء بطرد الوكالة من مقرها الرئيس في الشيخ جراح وإغلاق مدارسها وعيادتها ومقارها في القدس ومن البلدة القديمة كرد مباشر على ما ورد من محكمة العدل الدولية حول مكانة ووضعية القدس.

الهدف الإسرائيلي ومنذ سنوات طوال هو انهاء عمل الوكالة في فلسطين كمدخل أساسي للقضاء على حقوق اللاجئين الفلسطينين ومنها حق العودة.ولم يبقى امامها الا الاعلان ان حق العودة ومن يطالب به لهو شكل من اشكال معادة السامية!!!

بعد السابع من أكتوبر الماضي تبني الاحتلال هدفا مزدوجا: القضاء التام على المقاومة والقضاء على الأونروا ومن عبرها على حق العودة. هذا المخطط الواضح يجب ان يقابله خطة شاملة وفعالة لتمتين الأونروا وحمايتها وتوفير الدعم المالي والسياسي لها. هكذا خطة غير موجودة عندنا. الأونروا تواجه عجزا ماليا قاتلا وللدلالة على ذلك أسوق مثالا واحداً. لقد طالبت الوكالة بمبلغ ١،٢ مليار دولار لإدارة دفة خدماتها الطارئة في فلسطين لهذا العام ولم تحصل حتى اللحظة إلا على ١٦٪؜ من هذا المبلغ بالإضافة للعجز المالى الكبير في ميزانيتها التشغيلية العادية.

الديبلوماسية الفلسطينية (الشعبية قبل الرسمية!) مطالبة ردا على كل هذه القوانين والإجراءات وردا على قصف مقار الوكالة وقتل النازحين اليها وقتل عامليها وسيلا جارفا من الخروقات الإنسانية الأخرى السعي لتجميد عضوية الكيان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ان لم يكن طردها طردا، كما عمدت الجمعية قبل عقود بتجميد عضوية دولة جنوب أفريقيا العنصرية البيضاء.

"سامي مشعشع الخبير في شؤون الأونروا".