عملية "يافا" خلقت حالة صدمة وذهول كبيرة لدى الأوساط السياسية والأمنية والإعلامية في "إسرائيل"
الحديث عن مستقبل الكيان ووجوده، لم يعد خيالا وأمنيات، بل طرحا واقعيا يدعمه تطورات المواجهة على الأرض
المسيرة "يافا" ضربت عصب وعمق الكيان المتمثل بتل ابيب التي كان الاحتلال يقدمها انها العاصمة الأكثر امانا في العالم
وحدة الساحات فرضت تحديات استراتيجية على إسرائيل وحلفائها
وحدة الساحات مشروع يتعاظم ويكبر ويؤسس لمشروع تحرري نهضوي له علاقة بمستقبل الامة، وسينعكس على اسرائيل وأنظمة عربية
رام الله – وطن للأنباء: وصف الزميل معمر عرابي، العملية التي تبنتها القوات المسلحة اليمنية، واستهدفت من خلالها بطائرة مسيرة وسط "تل أبيب" بالطوفان الاستراتيجي الجديد، الذي ستقف عنده دولة الاحتلال طويلا.
ولفت عرابي ان العملية خلقت حالة صدمة وذهول كبيرة لدى الأوساط السياسية والأمنية والإعلامية في "إسرائيل"، لأنهم يدركون ان ما جرى يعد فصلا جديدا من التغيرات والردع الاستراتيجي
وأشار عرابي خلال مقابلة له مع قناة الميادين ان الامن والعمق الإسرائيلي انتهى برمته جراء مسيرة "يافا"، فقد خلقت هذه العملية شعورا عاما في "إسرائيل" بفقدان الامن والأمان في كل الكيان، ودفعت المستوطنين لوصف ما جرى بـ"العار" و "الإفلاس"، مع مطالبات عديدة من صحافيين ومسؤولين لاستقالة وزراء ومسؤولين منهم بن غفير، كما ان العملية خلقت أسئلة صعبة لحكومة نتنياهو، إزاء الوهم والغرور الذي حاول بيعه لهم خلال الشهور الماضية.
واكد عرابي ان ما جرى يمثل "طوفان استراتيجي جديد"، وتحد بالمعنى الاستراتيجي، بدلالة ان هذا الكيان وبعد 76 عاما على تأسيسه أصبح بكل جغرافيته وقوته ساقط امنيا، وهذا ما عززه، المواجهة على جبهة الشمال وما فعلته المقاومة وحزب الله، وكذلك جبهة قطاع غزة، ليمثل الرد من اليمن وعملية "يافا" تحد ونقلة استراتيجية لها ما بعدها، كونها خلقت حدود وجغرافية سياسية وعسكرية جديدة على لكيان.
ولفت عرابي ان الحديث عن مستقبل الكيان ووجودة، لم يعد خيالا او أمنيات، بل سؤال واقعي يفرض على الطاولة، ولذلك من يقول اليوم ان مستقبل الكيان في خطر، لم يعد ذلك حلما بل واقعا وفق معطيات عديدة.
واستعرض عرابي العديد من المؤشرات التي ترجح ذلك الأمر وتجعله واقعا ممكنا، قائلا ان طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، تمثل النقطة الكبرى في التحول الاستراتيجي بمستقبل الكيان، الذي باعنا الوهم خلال العقود الماضية، بأنه المنظومة الاستخبارية القوية والجيش الذي لا يقهر، والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي ستحمي العرب من الخطر الإيراني، عبر اتفاقيات التطبيع، وهذا يمثل كي وعي عاشته الجماهير العربية لسنوات طويلة، حتى جاء طوفان الأقصى، وطوفان جنوب لبنان، وجبهات الاسناد لتكشف الاحتلال وتشكل تحديات استراتيجية عميقة له.
وتابع عرابي ان "حيفا وتل أبيب اللتين كانتا آمنتين منذ احتلال فلسطين، تحولت الى وجهة للنيران، وفق قواعد الاشتباك وقوة الردع الذي تغير من 7 أكتوبر، وكل ذلك يطرح تساؤلات حول مستقبل الكيان".
واكد عرابي ان اليوم التالي لغزة، سيكون أصعب على الإسرائيلي أكثر من الفلسطيني، على ضوء التحديات الاستراتيجية التي عليها مواجهتها، ومنها تعرض تل أبيب وإيلات للقصف من اليمن، ووقوع حيفا وخليجها تحت مرمى صواريخ المقاومة في جنوب لبنان، وعدم القدرة على هزيمة المقاومة في غزة، اذ تثير كل تلك التحديات اسئلة لدى الأمريكي والإسرائيلي تتعلق بالمعنى الوجودي للكيان.
وأضاف عرابي في استعراضه للتحولات الجارية ان الاحتلال ومنذ 7 أكتوبر، وهو غير قادر على حماية نفسه، ولذلك نراه قد استعان بالحلفاء من أمريكا وغيرها والذي فتحوا جسورا جوية لمدة بكل الذخيرة، في مواجهة وحدة الساحات، الذي أثبت انه مشروع كبير ينمو كل يوم وبات يشكل تحديا استراتيجيا له.
وأشار عرابي الى ان أهمية مسيرة "يافا" تكمن في الدلالة الاستراتيجية التي تحملها، اذ انها نجحت في ضرب عصب وعمق الكيان المتمثل بتل ابيب العاصمة الإدارية والسياسية للاحتلال، الذي كان يقدمها للعالم انها العاصمة الأكثر امانا في العالم، وهي تعد بمثابة طوفان وجديد فرضت وستفرض تحديات استراتيجية على مستقبل الكيان، الى جانب ما فرضته جبهة جنوب لبنان، حيث سقط شمال فلسطين المحتلة، بالمعنى الاستراتيجي، ولم يعد أمام مقاتلو المقاومة سوى الدخول الى فلسطين.
ولفت عرابي ان عملية يافا سوف تعقد موقف حكومة نتنياهو، الذي سيحاول شراء المزيد من الوقت لبيع الوهم لمجتمعه، لإدراكه انه لا يستطيع تقديم إجابات كافية، في وقت بدأ بعض الاعلام العبري يتحدث عن احتمالية تأجيل زيارته الى واشنطن، عقب عملية "يافا".
ونفى عرابي ان يكون الحديث عن مستقبل الكيان هو تقليل بالترسانة والقوة لدى الاحتلال وحلفائه، لكن نتحدث عن فشله الاستراتيجي أمام المقاومة التي صمدت لتسعة شهور، بإمكانيات ضئيلة وبسيطة، بينما فشل هو في القضاء عليها، ولجأ الى إبادة السكان، رغم جسر الإمداد العسكري من واشنطن وغيرها.
وأشار عرابي ان طوفان الأقصى في 7 أكتوبر نجح في إحداث تغيير في الإرادة العربية في اليمن مرورا بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين، بعد ان عانينا لعقود من أنظمة بائسة كانت تشكل غطاء للكيان، وجزء منه تآمر معه وساهم في ضياع فلسطين، ولذلك باتت الجبهات الجديدة في العالم العربي والمنطقة تقلق اسرائيل والغرب بالمعنى الاستراتيجي.
وتوقع عرابي ان يزداد في الأيام المقبلة الحصار على اليمن ولبنان وغزة، عقب التصعيد الحاصل، ولكن في النهاية سيقتنع الاسرائيلي ان لا مجال أمامه سوى الحل السياسي، وان أي صفقة لن تكون الا بشروط المقاومة.
ولفت عرابي ان وحدة الساحات فرضت تحديات استراتيجية على إسرائيل، ومنها على سبيل المثال جبهة لبنان، اذ يرى البعض انه لأسباب استراتيجية لا تستطيع إسرائيل الذهاب الى حرب ومواجهة مع لبنان لان قوة المقاومة اليوم ليست كما كانت قبل 20 عاما، بينما البعض الآخر يرى ان تآكل قوة الردع الإسرائيلي، والبناء الذي ستراكمه خلال السنوات المقبلة يتطلب ذلك الذهاب لحرب الآن.
ولفت عرابي ان المنطقة تشهد ولادة مشروع وطني تحرري نهضوي، يمتد من اليمن الى العراق وفلسطين ولبنان وسوريا، كما ان وحدة الساحات مشروع يتعاظم ويكبر ويؤسس لمشروع تحرري نهضوي له علاقة بمستقبل الامة، وانعكاساته ليست على اسرائيل فقط وانما ستكون على أنظمة عربية كانت على مدار سنوات ماضية جزء من الوهم الذي سوق لنا للتطبيع مع الكيان.