صوّت كنيست الاحتلال، اليوم الخميس، بأغلبية ساحقة على مشروع قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية بتأييد كبير من أحزاب في ائتلاف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى جانب الأحزاب اليمينية من المعارضة، وحظي بدعم من حزب الوحدة الوطنية الوسطي بزعامة بيني غانتس.
وينص القرار على أن الكنيست يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية ويعتبر إقامتها سيشكل خطرًا وجوديًا على "إسرائيل" ومواطنيها وسيؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة.
وقال الدكتور أيمن يوسف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية خلال حديثة لبرنامج "وطن في الظهيرة" الذي يُبثُّ عبر شبكة وطن الإعلامية، إن من عارض التصويت هم الأعضاءالعرب فقط وهذا يشير إلى تبني أحزاب المعارضة نفس وجهة نظر اليمين المتطرف بفكرة الدولة وهويتها التي يقودها نتنياهو وسموتريش وبن غفير؛ لتمضي اسرائيل في حرب متكاملة من خلال اتخاذ القرارات وسن القوانين والتشريعات لمنع أي توجه فلسطيني للذهاب نحو السيادة والاستقلال.
وأردف يوسف أن حربًا مدمِّرة في غزة وآلاف الشهداء والجرحى، و"إسرائيل" مصرَّة على هذه الإبادة ومعركة الضفة التي حتّمتها من خلال الاستيطان بوجود أكثر من 700 ألف مستوطن بينهم 100 ألف مستوطن مسلح كجيش كامل يمارس الأعمال القذرة اتجاه الفلسطينيين وينفذ المهام الموكلة للجيش بالشراكة معه.
وأكد يوسف أن في هذه المرحلة ليست فقط حكومة اليمين التي تميل إلى التطرف بل المجتمع الإسرائيلي والجيش والمعارضة ويمين الوسط وهذا يدفعنا نحو سيناريوهات مستقبلية في تعاملنا مع النظام السياسي الإسرائيلي ومكوناته المختلفة.
وأضاف يوسف أن النظام السياسي الدولي هو نظام فوضوي ولعبة المصالح سيدة المشهد والقوة التي تفرض حقائقها مع غياب واضح للقانون الدولي والإنساني رغم عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن ومن مختلف المنظمات الدولية المطالبة للاحتلال بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية إلا أن الاحتلال فرض وقائع جديدة محاولا استغلال حرب الإبادة على قطاع غزة.
وأكَّد يوسف أن النظام السياسي العالمي غير حاضر تماما في الفكر الإسرائيلي ولا يكترث لكل هذه القرارات ولا حتى بالولايات المتحدة وتدرك اسرائيل أن هناك مساحات كبيرة للهرب من هذه المنظومة الدولية وما يمكنه فقط تغيير المسار السياسي في إسرائيل هو الرأي العام الإسرائيلي الذي ما زال مع الحرب فالكل يميل إلى اليمين ويصب في خانة حسم المعركة في غزة والضفة ولكنه في ذات الوقت يريد هدنات تكتيكية للوصول إلى المحتجزين.
وأشار يوسف إلى أن الاحتلال يحاول استباق الرأي الاستشاري القانوني في محكمة العدل الدولية الذي سيعلن غدا الجمعة بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 والذي سيؤكد أن حرب الابادة غير شرعية واحتلال الأراضي الفلسطينية غير شرعي واقامة المستوطنات غير شرعي فكل ذلك يشير إلى إظهار "إسرائيل" لامبالاتها وازدرائها من كل القرارات الدولية وتؤكد أنها قادرة على تطبيق كل سياساتها وهي محاولات لفرض أجندتها ليس على الفلسطينين فقط بل على العالم بأكمله.
واستطرد يوسف خلال حديثه بالقول إن رغم التوجه العالمي لدعم الفلسطينيين وأصبحت الرواية الفلسطينية تصدح في كل مكان من قبل الحكومات والشعوب ومنظمات المجتمع المدني ولكن الساحة الفلسطينية ما زالت ممزقة عبر الانقسام السياسي الذي يتعمق رغم عشرات جلسات الحوار فمن غير المنطقي استمرارها فنحن بحاجة إلى خطاب سياسي موحد اتجاه الاحتلال والاتفاق على أجندة المشروع الوطني والمفاوضات والمقاومة والإجماع على رسم خطوط التماس مع الاحتلال عبر نقاش يشترك فيه كل مكونات الشعب الفلسطيني؛ لأننا أمام حركة صهيوينة منظمة.
ووضَّح يوسف أن هذا القرار يمكن أن يصاعد الفعل المقاوم في الضفة ونحن أمام موجة من التصعيد الميداني ليس فقط في القطاع والتي يمكن التوصل فيها الى صفقة تعمل على تهدأتها ولكن ستبقى ساحة الضفة ملتهبة لأن هناك تماس مباشر مع جيش الاحتلال والمستوطنين وتأجيج إعلامي ضد الفلسطينين ويمكن الوصول الى حالة اشتعال أكبر في أكثر من مساحة فالاحتلال يهدد مخيمات شمال الضفة لقناعتها أنها مكامن لغرف عمليات المقاومة المشتركة ويمكن أن تكون استهدافات مباشرة لها لتتوسع إلى هبة أكبر ولكن كل هذا مرتبط بطبيعة العلاقة ما بين الاحتلال والمقاومة في قطاع غزة وهل ستستمر الإبادة وهل سيبقى المجتمع الدولي عاجزا عن رد الاحتلال.
وتابع يوسف أن القرار سيأخذ بُعدًا دوليًا من خلال المزيد من الاعترافات في الدولة الفلسطينية فنتائج الانتخابات البريطانية والفرنسية كانت أحد أسباب هذه التحولات والذهاب نحو الأحزاب الاشتراكية واليسارية الحرب على غزة والمتغيرات في الإعلام الدولي واتساع رقعة التضامن على عدة مستويات لذلك فردة الفعل ستكون بمزيد من الاعترافات ومع وجود توجهات داخل الاتحاد الأوروبي للاعتراف بفلسطين والتركيز على ضرورة نسف كل مخططات الاحتلال المرتبطة بتهجير الفلسطينيين ولذلك نحتاج إلى آلية دبلوماسية فلسطينية فاعلة.
وأوضح أن توقيت التصويت مقصودًا قبل ذهاب نتنياهو إلى الكونجرس الأمريكي وإلقاء كلمة له هناك فهو يحاول إيصال رسالة لأمريكا أنه مسلح برسالة ليس فقط من المشرّعين المنضويين لحكومة اليمين وإنما أيضا لمشرّعيين ينتمون إلى المعارضة الإسرائيلية وإلى الجهات الدينية والأحزاب الوسطية لإحرجج الإدارة الديمقراطية وتثبيت الرواية الإسرائيلية أن المقاومة وحماس إرهابيين وأن "إسرائيل" لن تتعايش مع المعادين لها، وأن السلطة وفتح غير قادرتين على إدارة الأمور، لا سيما وأن ردة فعل الديموقراطيين ستشكل حالة غضب وسط مزايدات واستقطاب من قِبل نتنياهو لليهود الأمريكيين للتصويت لصالح دونالد ترامب وكسب تأييدهم.