عدنان الصباح يكتب لوطن: الحرب القادمة في صدر البيت

12/07/2024

كثيرون أولئك الذين يتساءلون فيما اذا كانت حماس ستتنازل باسم المقاومة عن بعض الشروط وخصوصا شرط الوقف التام للحرب والبعض يرى أن أي تنازل لحماس عن هذا الشرط أو ذاك لن يكون في محله وأن عليها أن تتمسك بشروطها حتى النهاية ولكن واقع الحال أبدا لا علاقة له في الرغبات خصوصا لمن هم مثلي خارج صورة القرار وأسبابه ومبرراته وعلى قاعدة أن لا حرب الى الأبد وأن حماس ليست كائنا فضائيا معزولا عن واقع شعبها بل هي تمثل إرادة شعب واحتياجاته وتدرك واقع الحال والرؤية للغد وما ينبغي عليها ومالا ينبغي عليها ثم أن حماس لا تمثل نفسها فقط وبالتالي فإن قراراتها لا يمكن أن تكون إلا بإرادة جمعية وأن تعبر عن مصالح الشعب والقضية وكذا ستأخذ بعين الاعتبار عديد المسائل التي تخص الشركاء في محور المقاومة وهي من الواضح أنها تحظى بدعم مطلق من قبل قوى المقاومة الفلسطينية أولا والتي التقت قيادة حماس بقياداتها جميعا هذه الأيام وتحظى بدعم قوى ودول محور المقاومة وليس أدل على ذلك من تصريحات سماحة السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير والذي أوضح فيه أن محور المقاومة بلا استثناء مع قرار حماس أيا كان هذا القرار وهذا يعني ثقة مطلقة أولا من الصعب أن يحظى بها أحد ويعني قرارا مسبقا أن ما ستقرره سيكون عين الصواب ويبدو ذلك أيضا في رسائل السيد عبد الملك الحوثي الأسبوعية وفي رسالة الرئيس الإيراني المنتخب لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
هل ستتنازل حماس عن شرط الوقف المطلق للحرب وعن شرط الضامنين وإذا فعلت فهل هذا سببه الضعف أم القوة وبين الحالتين تناقض لا حدود له ومن سيذهب لأي من الحالتين عليه أن يدرك جيدا سبب اختياره لأي منهما ولذا أرى ان المقاومة ممثلة بحركة حماس ستذهب لأي تنازل عن هذا الشرط او ذاك دون ان يفقدها ذلك دورها وما حققته من إنجازات وذلك للأسباب التالية:
- أن لا مفاوضات بدون تبادلية فكما قد تتنازل المقاومة بهذا البند أو ذاك فان الاحتلال وسيده تنازلوا أولا عن أهدافهم سيتنازلون عن بعض شروطهم وتفاصيلها
- أن شعبنا في قطاع غزة بحاجة لالتقاط الانفاس والمقاومة تدرك ذلك جيدا
- أن العودة للحرب على مبدا المرحلة الثالثة كما يروج الاحتلال سيجعل من المعركة بين المقاومة والاحتلال ويجنب الشعب بعض الويلات وهو ما يهم المقاومة
- أن إدارة حرب كر وفر وفي أكثر من جبهة سيشكل ضربة موجعة للاحتلال ولن تكون المرحلة الثالثة مرحلة نجاة للاحتلال بل العكس أداة توريط لا نهاية لها
- أن استخدام أسلحة جديدة شكلا ونوعا وتأثيرا سيدفع بالصراعات الداخلية لدى الاحتلال الى العمق لا الى السطح
- أن الوقف الرسمي للحرب سيفتح جروح الاحتلال بما يخص السابع من أكتوبر وما بعده للريح والماء
- أن انكفاء الاحتلال على ذاته سيدفع بالجميع الى الإجابة على اعقد الأسئلة وفي المقدمة هل يمكن ان يواصل الاحتلال وجوده بالحرب الى الابد ام ان عليه ان يبحث عن سبيل مختلف ان أراد البقاء
- أن الاحتلال لن يتوقف عن حربه وان الحرب ان انتهت في غزة فان جبهاتها الفلسطينية الأخرى (الضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948) لن تتوقف ابدا عن كفاحها لان الحرب لن تتوقف عليها
- أن الذي يملك الجبهات الأخرى ليس الاحتلال بل المقاومة ولذا فان الانتقال من موقع الى موقع لا يعني نهاية المطاف بل مواصلته
- أن الوصول الى وقف إطلاق النار مع حماس والمقاومة يعني اعترافا علنيا من الاحتلال وسيده ان الأهداف المعلنة للحرب انتهت دون تحقق وان ما انجزه الاحتلال فقط هو شلالات الدم الفلسطيني
- أن طول امد الحرب صنع حلفا حقيقيا للمقاومة لن ينفرط عقده على الاطلاق وخصوصا في اليمن ولبنان
- أن مكانة محور المقاومة تجاوزت الإقليم والمنطقة
- أن عودة القضية الفلسطينية للظل بات امرا مستحيلا
- أن عودة الاحتلال للحرب ستكون محدودة وان المقاومة اهل لمثل هذه الحرب
- أن المقاومة لا زالت قادرة ليس فقط على الصمود في غزة بل وفتح جبهات أخرى أشد اشتعالا واستخدام أسلحة أخرى أشد فتكا
- أن مبدأ الردع الذي كان الاحتلال يتباهى به قد انقلب عليه وان المقاومة غادرت والى الابد خندق رد الفعل الى ساحة الفعل وهو ما يعني أن العودة الى القتال لن يكون ملكا للاحتلال وحده وقد يكون هذا هو السبب الذي ثد يجعل المقاومة تقبل بعدم الحصول على ضمانات مكتوبة للوقف المطلق للحرب
- المقاومة لم ولن تعلن عن تنازلها عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وبالتالي تبقى المقاومة حق مطلق لا يجوز التنازل عنه ولا بأي حال من الأحوال
الاحتلال والولايات المتحدة معنيتان بالتوصل لاتفاق ينهي الأزمة التي يعيشها جيش الاحتلال في قطاع غزة بعد أن بات واضحا أن تحقيق الأهداف المعلنة للحرب أمر مستحيل وأن الممكن الوحيد هو الانتقال من الغرق في رمال غزة الى ورطة التيه في جبال ووديان لبنان وهو ما لا يبدو ان أحدا راغب به لا الاحتلال ولا سيدته ( الولايات المتحدة ) كما أن الضفة والقدس ستكون أقل خطرا في حال الانتقال بالأزمة والمواجهة الى والأراضي العربية المحتلة 1948 بعد أن بات الوضع هناك بالنسبة للفلسطيني لا يطاق والاستحقاقات على الاحتلال أكبر مما يحتملها عقله العنصري الذي لا يريد تقديم تنازلات حتى لمن يخدمون في جيشه مما يعني أن أزمته ستكون ليس مع الأقليات العربية بل والأقلية اليهودية " الحريديم " واذا ما تعمقت أزماته فقد تنشأ تحالفات لم يحسب لها احد حساب ويدرك الاحتلال أن انتفاض الفلسطينيين والحريديم وتمرد جماعة الصهيونية الدينية في الضفة الغربية وغضب القوميين والعلمانيين من المتدينين قد يشعل كل الجهات ويهدد بغياب دولة الاحتلال للأسباب الموضوعية والذاتية مما يعني أن الحرب القادة هي في صدر بيتنا حتما كما يريدها الفاشيين في حكومة نتيناهو ولكنها أيضا قد تنقلب عليهم لتطال صدر مأمنهم كما يعتقدون.