وطن للأنباء: الشاب ليث حمادي بن الثلاثين عاماً يُعاني من إعاقة حركية منذ صغره يدرس العلم السياسي في جامعة بيرزيت لكن تكمن مشكلته في عدم تمكنه من وصوله لمحاضراته على موعدها بسبب صعوبة تنقله بين المواصلات العامة وعدم موائمتها بما يناسب إعاقته وكرسيه المتحرك.
يقول غيث لوطن للأنباء، إنه يواجه مشاكل كثيرة في التنقل بالمواصلات العامة، حيث لا يستطيع الوصول إلى الجامعة في بعض الأحيان ويضطر للاعتذار عن دوامه، وأحيانا يستعمل كرسيين متحركين، واحد في المنزل وأخر في الجامعة. مضيفا أنه ليس كل الطلبة الذين يعانون من الإعاقة يستطيعون شراء كرسيين متحركين، واحد للمنزل والأخر للجامعة.
ويشير إلى أن سائق التكسي يضطر لحمله ومساعدته في التنقل من كرسي المنزل إلى السيارة ومن ثم من السيارة إلى الكرسي المتحرك في الجامعة.
تقول أخصائية العلاج الطبيعي في جمعية الياسمين الخيرية عزيزة خصيب لوطن للأنباء، إن نقل الطفل الذي يعاني من الإعاقة الحركية من المنزل الى المدرسة، مرهق كونه يأخذ وقتا وجهدا كبيرا ومكلف ماليا للأهالي.
وتضيف الخصيب إنه عند وجود وسيل نقل مواصلات عامة مخصصة لنقل الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، سوف يوفر ذلك جهدا ووقتا ومالا على الأهالي، لذلك يجب إيجاد حل لمعاناة ذوي الإعاقة والأهالي.
ذوو الإعاقة الحركية يقضون ساعات طويلة على الطرقات في انتظار أي مركبة تلائم احتياجاتهم دون فائدة ما يضطرهم لأخذ طلبات خاصة، ما ضاعف من معاناتهم الاقتصادية. توجهنا إلى الاتحاد العام لذوي الإعاقة في مدينة رام الله حتى نسألهم عن السبب الرئيس وراء عدم مواءمة المواصلات العامة.
يقول حمزة ناصر رئيس فرع رام الله في الاتحاد العام للأشخاص ذوي الإعاقة لوطن للأنباء، إن الاحتياج الكبير لوجود مركبات مواءمة لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية الذين يستخدمون كراسي متحركة، مهمة في تنقلهم، وبالتالي عدم وجود هذه المركبات المواءمة مع احتياجاتهم يضطرون إلى عدم الوصول إلى خدماتهم.
وحول عدم وجود مركبات مواءمة، وفق ما نص عليه القانون، يوضح ناصر أنه في فلسطين لا يوجد نقل عام، وإنما التكاسي والعمومي هي مركبات خاصة يملكها أفراد.
من الاتحاد العامل ذوي الإعاقة قصدنا وزارة النقل والمواصلات من أجل مساءلتها حول غياب المواءمة وماذا فعلت خلال السنوات الماضية من أجل ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهل هناك رقابة للوزارة على تطبيق الاتفاقيات على أرض الواقع؟
ويوضح الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات موسى رحال لوطن للأنباء، أن وزارة النقل المواصلات قامت بترخيص مركبات عمومي طلبات خاصة في مكاتب التكسي في محافظات الوطن ولدينا 90 مركبة مواءمة مخصصة لخدمة ذوي الإعاقة.
ويضيف أنه تم توفير حافلتين في استراحة أريحا مواءمة لنقل الأشخاص ذوي الإعاقة.
فيما يقول حمزة ناصر رئيس فرع رام الله في الاتحاد العام للأشخاص ذوي الإعاقة لوطن للأنباء، إن 90 مركبة مواءمة لا تكفي، أيضا التكاسي المواءمة أحيانا لا تستوعب الكرسي المتحرك من الأحجام الكبيرة، كما أنه ليس كل الأشخاص ذوي الإعاقة لديهم القدرة المالية التي تمكنهم من يستطيعون الطلبات، لذلك نطالب بمواءمة المركبات العمومية التي تعمل على الخطوط الرئيسية.
على موقع وزارة التنمية الاجتماعية هناك مجموعة من الأهداف المنشورة للرأي العام ومن المفترض أن تعمل الوزارة على تطبيقها ومن بينها النهوض بواقع الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف المجالات والتطوير السياسة والقوانين التي تضمن حقوقهم وتعزز دمجهم في المجتمع ودعم استقلاليتهم الاقتصادية ودمجهم في الحياة العملية بما يضمن شمول الأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتهم في تدخلاتها في بيئة صديقة ومرحبة بالجميع. وأمام ما سبق أين كل هذه الأهداف من التطبيق؟ والحد الأدنى غير متوفر في المواصلات العامة.
يوضح أكرم كعابنة مدير مركز مصادر العلائية لذوي الصعوبات البصرية لوطن للأنباء، إنه ما زال أمام الأشخاص ذوي الإعاقة شوط طويل من العمل لمواءمة كل المرافق مع احتياجاتهم.
ووفقاً لجهاز الإحصاء المركزي فإن نسبة الأفراد ذوي الإعاقة في فلسطين بلغت العام الماضي 2% من مجمل السكان فيما بلغت نسبة الأشخاص الذين لديهم إعاقة حركية 1.1% وهي تشكل الإعاقة الأكثر انتشاراً بين الإعاقات.
وكانت فلسطين قد وقّعت على مجموعة من الاتفاقية الدولية كان أبرزها التوقيع على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك في شهر نيسان عام 2014 حيث تنص بشكل واضح على إلزام الدولة الموقِعة بما يلي:
تشمل الحقوق المحددة في هذه الاتفاقية الحق في الأصول بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والحق في العيش المستقل والاندماج في المجتمع والتنقل الشخصي والتأهيل وإعادة التأهيل، والمشاركة في الحياة السياسية والعامة والحياة الثقافية، وأنشطة الترفيه والرياضة.
وأمام ما سبق، ستبقى هذه الحقوق حبرا على ورق طالما أنها غير مطبقة في فلسطين لغاية هذه اللحظة، في تقصير كبير من قبل الجهات المختصة بفئة هامة وعريضة من أبناء شعبنا الفلسطيني، لكن السؤال إلى متى سيبقى هذا التهميش سيد الموقف؟!