هل بات اجتياح رفح قاب قوسين أو أدنى، فى ظل ترقب فلسطيني و عربي ودولي ، أم مجرد مناورة تكتيكة إسرائيلية للضغط على حركة حماس بغية الموافقة على شروط صفقة التبادل وفقاً للمطالب والشروط الاسرائيلية، وما مدى تطابق ومصداقية تصريحات الساسة الاسرائيليين وجديتها حول إجتياح رفح بعد إعلانها الإنتهاء من العملية البرية العدوانية على محافظة خانيونس، سؤال يبقى دون إجابة فى ظل الانظار الشاخصة اتجاه غزة، وفشل مجلس الأمن في تبني مشروع قرار جزائري لوقف إطلاق النار في غزة بسبب الفيتو الأميركي.
المؤشرات والدلائل الواقعية وتحليلات لما يتم التصريح به، تشي بأن إسرائيل قد أتخذت القرار باجتياح رفح بالإضافة الى التحريض المستمر فى الإعلام الاسرائيلي حول وجود بعض الأنفاق الاستراتيجية على الحدود الفاصلة بين رفح ومصر، مما يُعطي الذرائع بإعادة احتلال محور فلادليفيا واعادة التموضع على معبر رفح المنفذ الجنوبي الوحيد لاهالي قطاع غزة.
والسؤال المعلق إجابته حول مصير قطاع غزة المجهول بعد العدوان الاسرائيلي الدائر بعد السابع من أكتوبر 2023 على القطاع، المصير الملبد بالغيوم لعدم وضوح رؤية الافق القادم لوضع اهالي قطاع غزة سواء المحاصرين فى شماله دون ادنى مقومات الحياة من مأكل ومشرب ومسكن وصحة، اى مجاعة تنهش المدنيين الذين لم يتركوا بيوتهم أثناء القصف والعدوان الاسرائيلى على شمال غزة، وبين النازحين الذين استقر بهم الحال بالعيش فى الخيام برفح جنوب القطاع والإنتظار على أمل ان ينتهي العدوان ويعودوا الى بيوتهم التى هجروا منها اذا بقى لهم بيوت ".
إذاً ما هو الحل لهذا المصير؟ وما الذى تريده اسرائيل فى نهاية العدوان على غزة، هل تريد القضاء على حماس عسكرياً والإبقاء عليها سياسياً؟ أم تريد تحرير الرهائن الاسرائيليين؟ أم أنها اتخذت مما ذكر ذريعة لإطالة أمد العدوان على قطاع غزة وتدمير ما تبقى من اى معلم من معالم الوجود الفلسطيني فى قطاع غزة؟!.
اسرائيل ممثلة بحكومتها المتطرفة لا تريد إلا الاستمرار بالعدوان، وقتل المزيد من أهالي قطاع غزة، وستبقى تناور بشكل تكتيكي محلياً وعربياً ودولياً الى أن تحقق الهدف غير المعلن وهو إعادة احتلال قطاع غزة، ونهب الغاز الذى تم اكتشافه قبالة شواطىء غزة مارينا (1) ومارينا (2) بالشراكة مع الدول الحليفة لها فى العدوان وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميريكية وفرنسا وإيطاليا واكرانيا وبريطانيا وبعض الدول غير المعلن اسماؤها لاخذ حصتها من الغاز، بعد التلويح والتهديد الروسي بقطع الغاز عن دول الاتحاد الاوروبي نتيجة الحرب الاوكرانية الروسية الدائرة، ليتكشف بأن العدوان على غزة له هدف غير معلن غير الاهداف التى تعلن عنها اسرائيل لوسائل الإعلام وللرأي العام العربي والغربي.
وبهذه المؤشرات يمكن التحليل والتنبؤ بأن القادم هو المزيد من التصعيد والاجتياح البري، وستبقى اسرائيل تناور بموضوع الهدنة وصفقة تبادل الاسرى كنوع من التخدير للمجتمع الاسرائيلي، حيث لم يعد لها اي اهتمام بالرهائن الموجودين لدى المقاومة فى غزة، وأصبح لسان حالها المهم هو القضاء على حركة حماس وستواصل عدوانها الى أن تحقق اهدافها غير المعلنة والخفية باستكمال القضاء على ما تبقى من الصامدين الابرياء الامنيين سواء بحصارهم ومنع الغذاء والدواء عنهم الى ان يقتلهم المرض، أو بتنفيذ مخطط التهجير اتجاه سيناء على الحدود المصرية الفلسطينية، وبذلك تكون اسرائيل قد حققت ما تريد واعادة وضع قطاع غزة الى ما بعد عام 2005 وفصل القطاع الى نصفين شمالاً وجنوباً، دون توفير ادني مقومات الحياة المعيشية كنوع من الضغط على أهالي قطاع غزة بالهجرة الطوعية أيضاً باتجاه اوروبا او دول اخرى.
دور السلطة الوطنية الفلسطينية
أصبح بشكل واضح بأن اسرائيل لا ترغب بعودة السلطة الوطنية الفلسطينية الى قطاع غزة لبسط سيطرتها الادارية والخدماتية بعد الانتهاء من العدوان، وتجسد ذلك بتصريحات رئيس حكومتها نتنياهيو برفضه ما اسماه بـ ( حمستان، وفتحستان)، وزيادة تشديد الخناق المالي على الحكومة الفلسطينية لكي تصبح عاجزة وغير قادرة على الوقوف على قدميها وتقديم خدماتها لابناء شعبها، وتخلل ذلك بمنع اسرائيل دخول اية مساعدات وإمدادات من رام الله الى غزة، وهذا ظاهراً بشكل علني "بأن اسرائيل تريد ان تزيل شعبية السلطة الوطنية الفلسطينية فى قطاع غزة وظهورها بالمقصرة اتجاه شعبها فى غزة، خافية الموانع التى تفرضها على المعابر التى تؤدي الى قطاع غزة من الجانب الاسرائيلي او المصري، وبالتالي هذا مؤشر بأن اسرائيل لا ترغب باي تمثيل فلسطيني رسمي فى غزة، سوى لمن تقوم بدعمه سواء عبر مؤسسات الامم المتحدة وجميعات الاغاثة الانسانية وبرنامج الغذاء العالمي بالاضافة الى تمكين بعض نفوذها التجارية.
فى ظل هذا المشهد القاتم لواقع الميدان، ومع تعثر التوصل لتهدئة وتبادل اسرى، وكذلك زيارة كبير مستشاري الشرق الاوسط في البيت الأبيض ماكغوريك لمصر وإسرائيل التى تعتبر هي الطلقة الاخيرة في جعبة أمريكا، يجب أن يكون هناك تحرك غير عادي فلسطينياً على المستوى الرسمي والفصائلي للخروج برؤية توافقية تشمل الكل الفلسطيني، وبمشاركة عربية وبعض الدول الغربية الصديقة والبناء على ما قامت به دولة جنوب افريقيا، وان لا يترك أهالي قطاع غزة لوحدهم، لأنه كما يبدو هذه هي المحاولة الأخيرة للتوصل لصفقة تهدئة وتبادل اسرى، قبل الذهاب نحو التصعيد المحتوم، والتاأكيد على محتوم لان واقع الميدان يشير لذلك وهو الذي سيفرض نفسه على الجميع .