ايوجد ما يبعث على السرور- بقلم: الون بنكاس/ معاريف

23/09/2011

خمسة وثلاثون دقيقة وخمسون ثانية خطب الرئيس اوباما. تسع وعشرين دقيقة عن العالم بأكمله، السلام والحرب، القيم، الحرية، الديمقراطية، التعليم، العلاقات بين الامم واهمية الامم المتحدة وست دقائق وخمسون ثانية عن النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. الفجوة بين العالم وتقدمه وبين النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني وديمومته كان واضحا وكرره اوباما عدة مرات مع ذات عبارة البداية "قبل سنة...".

قبل سنة في تونس، قبل سنة في مصر، قبل سنة في ليبيا، قبل سنة في جنوب السودان، قبل سنة في العراق وفي افغانستات وربما ايضا في سوريا. الكثير من الامور، قال اوباما، تغيرت ايجابا رغم المصاعب. الكثير من الانجازات بعد سنوات طويلة من الاحباط. بؤرتا فشل فقط يوجد في العالم السياسي حسب اوباما: النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ورفض كوريا الشمالية وايران الالتزام بالقواعد، المعايير والمواثيق الدولية.

من يعتقد أنه عندما يشير اليك الرئيس الامريكي كفشل العالم، فشل الولايات المتحدة، فشل الفهم والعقل السياسي السليم هو انجاز وخطاب يجدر الترحيب به لا يفهم على نحو جذري التعب، الملل، انعدام الصبر وانعدام التسامح الذي يوجد تجاه اسرائيل والفلسطينيين. دعوة اوباما لاسرائيل والفلسطينيين التوجه فورا الى المفاوضات "... اذ لا يوجد اختصار للطريق... ولان الدولة لا تقام بالتصريحات والتصويتات"، كان من الشفة والى الخارج. فهو يعرف بان هناك سبب لعدم وجود مفاوضات وانه حقا لن تكون مفاوضات لانه لا يوجد على ماذا يمكن اجراء مفاوضات، وكل هذا لان الطرفين لا يريدان، لا يستطيعان  ولديهما حافز سياسي سلبي لاجراء المفاوضات. "المفاوضات" اصبحت مثابة هذر عديم المعنى كل موظف وكل سياسي أو زعيم يتلفظ به دون تفكير مسبق. ذات مرة كانت كلمة الشعار هي"المسيرة" اما الان فهي "عودة الى المفاوضات".

عندما يسمع اوباما خطابي رئيس الوزراء نتنياهو وابو مازن من المعقول ان يقتنع نهائيا بان الفجوة لا يمكن جسرها طالما كانا هذان هو الزعيمين وليس في رغبتهما ان يتغيرا أو ان يلطفا حدة مفهومها عن العدل والتاريخ ومواقفهما الاساسية.

المسار والخطوط الهيكلية للتسوية الاسرائيلية - الفلسطينية يعرفها كل انسان في العالم يعنى بالموضوع. وهي تقوم على اساس مبادىء كلينتون، خريطة طريق بوش وصيغة اوباما. هذه هي التسوية ولا يوجد غيرها. لا حاجة الى خطط جديدة ولا مبادرات أصيلة. وعليه فالفرحة التي تملكت الوفد الاسرائيلي واوساط حساسي السمع في وسائل الاعلام من امتناع الرئيس عن ذكر "خطوط 67" تثير السخرية والشفقة.

فهل غيرت الولايات المتحدة والعالم موقفهم؟ خطوط 1967 مع تبادل للاراضي متفق عليه لن تكون بعد اليوم الاساس للمفاوضات ولتسوية الحدود، بل حدود نهر الاردن.

فهل يعتقد احد ما حقا بان اوباما الذي عرض الصيغة في ايار تراجع عنها في ايلول بسبب السيدة غولدبرغ من ميامي او اعضاء الكونغرس الجمهوريين من "حفلة الشاي" الذين يرون في نتنياهو واحدا منهم؟ حتى المتهكمين السياسيين يعرفون بانه بصعوبة هذا هو التفسير. فقد عرضت الصيغة، والطرفان مدعوان لادارة محادثات حولها. اذا كانوا يريدون فليأكلوا، واذا كانوا لا يريدون فلا يأكلوا. معارضة الخطوة الفلسطينية تنبع من كونها احادية الجانب وتتعارض والصيغة وليس لاي سبب آخر. ولهذا فان الفلسطينيين ايضا سيكتفون برفع كتاب طلب الى مجلس الامن، ولكنهم لن يطالبوا بالتصويت. في احيان قليلة فقط تكون الخطابات السياسية في الامم المتحدة ذات قيمة، اهتمام، ابداع، بشرى او تتضمن خطة سياسية عملية. خطابات الرئيس الامريكي استثنائية سلبا بشكل عام لان الرئيس ملزم بان يطرح جملة واسعة من المواضيع والمسائل، المناطق والازمات التي تعكس خريطة المصالح الامريكية.

وعليه فان كل خطاب من حيث التعريف هو امتناع عن الخلافات والتوجه الى القاسم المشترك الادنى. في السياق الاسرائيلي – الفلسطيني، جاء اوباما ليس كي يوفر عناوين بل كي يعطل صخب مجلس الامن ويمتنع عن الحاجة الى استخدام الفيتو الامريكي. ينبغي الامل في أن ينجح، ولكن ان نستخلص من ذلك ان الولايات المتحدة غيرت مواقف اساس بالنسبة لحل هذا النزاع هو امنية ووهم بالكاد ستصمد اسبوعين.

اوباما كرر التزام الولايات المتحدة بامن اسرائيل والوضع الخاص لاسرائيل، الدولة التي ولدت إثر ظلم، اضطهاد وكارثة ومحوطة باعداء وحروب منذ قيامها. كل الذين اسرهم خطابه يجدر ان نذكرهم بان اوباما قال امورا مشابهة في 2008 قبل ان ينتخب، في 2009 وفي 2010 ومرة اخرى في 2011. اولئك الذين اختاروا عرضه لاسباب سياسية واخرى كمعادل لاسرائيل يثبتون فقط خلل حجتهم.